عادي

فخ الرواية

04:05 صباحا
قراءة دقيقتين
علاء الدين محمود

تجد الرواية، كجنس إبداعي، اهتماماً كبيراً في كل العالم، وهو الاهتمام الذي طغى على جميع الأجناس الإبداعية الأخرى، حيث إن أجيالاً جديدة من القراء الشباب قد اتجهوا نحو الرواية بشكل كبير، وأمام هذا الواقع خاض كثير من الشعراء في الآونة الأخيرة تجربة كتابة الرواية، وفيهم من تخلى عن الشعر، ونظمه داخل النص الروائي.
ربما لم يعد الشعر يجد الاهتمام السابق نفسه، خاصة في العالم العربي الذي اشتهر بالنظم وفنونه المختلفة، حتى لقب الشعر بديوان العرب، وعلى الرغم من أن الكثير من هؤلاء الشعراء الذين صاروا يكتبون الرواية لم يمارسوا غير كتابة الشعر، إلا أنهم انسجموا مع هذا الموجة الجديدة، ودخلوا إلى عالم السرد، حيث الشهرة، والأضواء، والمهرجانات، ومحافل معارض الكتب، وحفلات التواقيع.
غير أن انسحاب كثير من الشعراء من ساحة الشعر والقصيد، لم يكن بنيّة حقيقية لترك الشعر، إذ إن معظم إنتاجهم الروائي نراه محتشداً بلغة شاعرية، الأمر الذي أسهم في صنع واقع جديد للرواية العربية، وكذلك للشعر العربي.
ولعلنا نشير هنا إلى الرواية الشاعرة، أي تلك التي تجعل من الرواية نصاً شعرياً سردياً؛ فالشعراء الذي اتجهوا نحو الرواية مارسوا عشقهم للشعر في الرواية، وهنا يبدو الموقف كحالة من الاحتيال والتلاعب، لكنه في الوقت نفسه يتماهى وينسجم مع واقع تفوق الرواية، وقد نجح كثير منهم في صنع نصوص محكمة في بنيتها السردية، ولغتها المبدعة.
كما أن بعض الشعراء الذين ساروا في دروب السرد، لم يعبروا عن حالة هروب، أو تماشيا مع الموضة، بقدر ما أنهم عبروا عن لحظة خاصة تملكتهم في كتابة الرواية، وخوض تجربة السرد؛ فالمهم بالنسبة إليهم هو الكتابة الإبداعية، بغض النظر عن الجنس الأدبي المحدد، حيث وجدوا في الرواية مساحات وآفاقاً واسعة، تمكنهم من التعبير عن مواقفهم وأفكارهم من الحياة والواقع، وبناء فضاء جديد أكثر امتداداً وانفتاحاً، خاصة أن الرواية قادرة على استخدام المباشرة، والتخلي عن المجاز، واللغة المستترة التي هي من خصائص الشعر.
من خلال هذه التجارب في الانتقال من الشعر إلى السرد، فإن حقيقة تنشأ وتطرح نفسها بقوة، وهي أن تلك الحواجز بين الأجناس الأدبية تبدو مصطنعة، وغير حقيقية، كما أن اللحظة الشعرية تظل موجودة داخل النص الروائي باعتباره نصاً يحتمل جميع الأجناس الأدبية المختلفة، فكثير من الشعراء وجدوا أنفسهم داخل السرد، لكن من دون أن يتخلوا عن لحظتهم الشعرية.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"