عادي
التفاصيل الصغيرة تصنع حالة من التوازن

السعادة في العمل .. إتقان ونجاح

02:58 صباحا
قراءة 4 دقائق
تحقيق: زكية كردي
«السعادة» تلك المفردة البراقة التي تبدو بعيدة دوماً، وقريبة في آن معاً، قد تبدو غريبة عن مكان نقضي فيه معظم يومنا في الجري خلف المهام الكثيرة، أو في تنفيذ الأوامر، والالتزام بالقوانين، لكنها ليست عصيّة كما تبدو، فهي تنبع من الفكرة، ومن تلك الحالة الإيجابية والصورة الجميلة التي نكوّنها عن عملنا في أذهاننا، كما ترتبط بعوامل كثيرة نتعرف إليها في السطور التالية:
«عندما أذهب إلى مرسمي أضبط نفسي مراراً وخطواتي تتسارع للوصول إليه»، كانت هذه الكلمات التي سمعتها من صديق لها ملهمة لتمسك بمفتاح السعادة في العمل، وهو أن نجد طريقة لنحب ما نعمل، ونتفوق على ذاتنا كل يوم بتحقيق أهداف نضمرها بداخلنا»، هكذا تصف روان خالد، موظفة حكومية، مفهومها عن حب العمل.
وتضيف: «عندما كنت في المدرسة الثانوية كان أستاذ الفيزياء يكرر على مسامعنا عبارته الشهيرة: اتقن عملك تفتح لك الأبواب. وبالفعل كانت هذه المقولة أهم ما تعلمته وآمنت به، لأنها لا تجلب النجاح وحسب؛ بل تجلب تلك السعادة التي تختبئ خلف التفاصيل الصغيرة، وأهمها تقديرنا لذواتنا».

روح

عوامل كثيرة تساهم في خلق حالة من السعادة والتوازن في العمل، أهمها بالنسبة لفاطمة ناصر، موظفة حكومية، الروح الموجودة في العمل، والتي تتمثل في فريق الزملاء، و طريقة المدير في التعامل مع الموظفين، وعن العوامل الشخصية، تقول: «من المهم جداً أن نحب ما نعمل لنستمتع بما نقوم به. وأنا أؤمن أن هناك طريقة دائماً للاستمتاع بعملنا حتى وإن لم يكن في مجال تخصصنا ذاته، فالحوافز والطموح لهما دور، والاجتهاد والنظر للعمل نفسه كقيمة له دور أيضاً».

راحة وانسجام

يعتبر التعاون من الشروط الأساسية لخلق بيئة مريحة، فيكمّل كل شخص في فريق العمل بقية الأفراد، حسب شيخة النقبي، مسؤول وحدة الاتصال المجتمعي بكلية إدارة الأعمال بجامعة الشارقة، وتذكر أن بيئة العمل ترتبط بعدة عوامل، فالعامل المادي مهم أيضاً، كأن تكون المكاتب وبقية الأثاث مريحة جسدياً ونفسياً، كما تلعب ساعات الدوام المرنة دوراً كبيراً في تحقيق الراحة والانسجام في العمل، بعيداً عن التوتر، وعن أهم وأسعد لحظاتها في وظيفتها، تقول: «حصلت السنة الماضية على جائزة الموظف المتميز على مستوى الجامعة، وقتها شعرت بأهمية التقدير في تحقيق هذه السعادة، فقد كانت هذه المناسبة من أسعد الأوقات التي عشتها في العمل»، وتشير أخيراً إلى أن وجود الفرصة للتطور وتحقيق الذات، والارتقاء بالسلم الوظيفي تعتبر شرطاً أساسياً بالنسبة للكثيرين ليكونوا منتمين إلى عملهم.

الانتماء والمحبة

عن الانتماء للعمل لدرجة عدم القدرة على الانفصال عنه يخبرنا رواد دعبوس، مدير قسم الدراسات في شركة سوات للأبحاث التسويقية، عن طبيعته المحبة للعمل بشكل فطري، ويقول: «أعتقد أن شخصية الإنسان والفروقات الشخصية تلعب دوراً في تحديد شروط السعادة في العمل، فأنا كشخص بطبيعتي أحب العمل، وأجد سعادتي في الإنجاز والتقدم في وظيفتي، لهذا لا أدّخر جهداً في عملي، ولا أقبل بالفشل في أي مهمة، وهذا مرتبط بطبيعتي كشخص».

التفكير الإيجابي

«كثير من الناس اعتادوا أن يركزوا على الأمور السلبية في حياتهم وفي عملهم، وهذا يبعد عنهم الأمور الجيدة التي يمكن أن تحصل لهم» كما تقول زينب محمد، موظفة مبيعات، مشيرة إلى أن كل العوامل الخارجية قد تكون مهمة، لكن السعادة بكل أشكالها تنبع من الداخل. من الرضا والحب قبل كل شيء.
وتضيف: «لم يكن طموحي أن أعمل في هذه المهنة، لكني وجدت نفسي هنا ولو بشكل مؤقت قد يطول أو يقصر، فقررت أن أجد طريقة للاستمتاع بالعمل الذي أقوم به، وبدأت أنظم وقتي لأتعلم بسرعة، وأحرص على التحدي كل يوم بتحقيق رقم المبيعات الذي أطمح إليه، وأستمتع بالحصول عليه، وهو ما يساهم في خلق حالة ذهنية إيجابية تجعل الناس ينجذبون نحوي»، مؤكدة أن العلم والقراءة ينفعان صاحبهما حتى وإن لم يحصل على المهنة المرجوّة، فقط عليه أن يفكر بإيجابية.

عوامل العطاء

عن الانعكاسات التي تجعل الإنسان يشعر بالراحة والطمأنينة والقدرة على العطاء في عمله، يخبرنا د. جاسم المرزوقي، استشاري الإرشاد النفسي والتربوي في مستشفى الأمل، أن هناك عوامل عدة تتحكم في تحقيق هذه الحالة، أولها الالتقاء ما بين تطلعات الإنسان، وبين الوظيفة التي يشغلها، فيعمل في مجال تخصصه ويثبت قدراته وتطلعاته، وثانيها أجواء بيئة العمل؛ إذ تلعب دوراً مهماً. فروح الفريق التي تسود المكان، والتعامل بأريحية مع الزملاء تعتبر من العناصر المهمة. كما أن العلاقة بين الرئيس والمرؤوس، إذا بنيت على مبادئ الاحترام ومعرفة الحقوق والمشاورة تكون مصدراً للسعادة. التقدير كذلك يعتبر من العوامل المهمة جداً، سواء كان مادياً أو معنوياً، وترجع أهميته لأنه يتعلق بتقدير الإنسان لذاته ومفهومه لنفسه، ويأتي هذا التقدير من الإدارة والزملاء، أو من الناس الذين يتعامل معهم الموظف خصوصاً إذا كان في وظيفة تعتمد على التعامل المباشر مع الناس وتقديم الخدمات لهم، فالثناء والمديح يعتبران مصدراً مهماً للسعادة.
ويؤكد المرزوقي أن المنصب والراتب، وغيرهما من المفاهيم والتصورات التي يربطها الناس بالسعادة في العمل تعتبر ثانوية، مقارنة بهذه العوامل؛ لأن دوافع ومتطلبات كل شخص تختلف عن غيره فيما يتمنى الحصول عليه في بيئة عمله، ويؤكد أن من تتحقق له العوامل سابقة الذكر سيكون سعيداً في عمله من دون شك.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"