عادي
شهادات في ذكرى الراحل بندوة الثقافة والعلوم

الصدق مفتاح القصيدة في تجربة الشاعر سلطان العويس

03:06 صباحا
قراءة 4 دقائق
دبي:محمد ولد محمد سالم
نظّمت ندوة الثقافة والعلوم في دبي مساء أمس الأول أمسية بعنوان «في ذكرى سلطان بن علي العويس»، بحضور محمد المر رئيس مجلس إدارة مؤسسة مكتبة محمد بن راشد آل مكتوم، والأديب عبد الغفار حسين وإبراهيم بوملحة مستشار صاحب السمو حاكم دبي للشؤون الثقافية والإنسانية، وسلطان صقر السويدي رئيس مجلس إدارة الندوة وعلي بن حميد العويس.
استهلت الأمسية بكلمة لسلطان السويدي قال فيها: «تحل هذه الأيام ذكرى رحيل رجل من خيرة رجال الإمارات، رجل قدّم لهذا الوطن الكثير والكثير، فالمرحوم سلطان العويس كان دائم العطاء، لا يبخل بماله وإبداعه على أحد، حيث توزّعت عطاياه على مجالات متعددة، وقد خص ندوة الثقافة والعلوم بجائزة تحمل اسمه منحها لأبناء الوطن الموهوبين في الإبداعات المختلفة.
وأضاف السويدي: كلكم يعرف أن قيادتنا الرشيدة قررت أن يكون عام 2017 هو عام الخير، وما قدمه الراحل سلطان العويس هو نموذج مشرق للأسلوب الذي يخدم به الإنسان وطنه.
وأكد السويدي أن الاحتفال بسلطان العويس يدخل ضمن أهداف الندوة في تكريم رجال أسهموا بنصيب في تعزيز حب الوطن والعمل على السمو به، هذا الحب الذي أرسى قواعده المؤسسون الأوائل لدولتنا الحبيبة، ويواصل تأكيده وترسيخه اليوم صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة ، حفظه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي ، رعاه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة.
الأمسية كانت مناسبة لأصدقاء سلطان العويس ومن عرفوه عن قرب للإدلاء بشهادات حول شخصيته وعطائه، حيث قال محمد المر: «إن سلطان العويس من القلائل الذين أدركوا المسؤولية المجتمعية لرجال الأعمال، وصرف أموالاً طائلة لتعليم أصحاب الإمكانات المادية المحدودة في مختلف إمارات الدولة، كما ساهم في مجالات عدة منها القضية الفلسطينية والمتعسرون وبناء المدارس في العالم العربي والسدود والمساجد التي شيدت في مختلف إمارات الدولة وخارجها».
وأضاف المر أن رعاية سلطان العويس لمؤسسة العويس الثقافية وجائزتها التي تكرّم المبدعين العرب، إضافة إلى تخصيصه جائزة العويس للإبداع التي خص بها أبناء الإمارات وتقوم على تنظيمها ندوة الثقافة والعلوم يعد بمثابة تتويج لعطائه.
وأكد محمد المر حرص الراحل على أن تكون مساهماته في إطار مؤسسي مثال ندوة الثقافة والعلوم ومؤسسة العويس الثقافية ، ليضمن الاستمرارية والديمومة لهذه المساهمات، وألمح إلى أن كثيراً من أثرياء الخليج ينفقون ويسهمون في أعمال خيرية عظيمة ، ولكنها لا تدخل ضمن الإطار المؤسسي ما يتسبب في كثير من الأحيان في عدم الاستمرارية والضعف.
وأكد عبد الغفار حسين أنه كان من أكثر الناس معرفة بالمرحوم سلطان العويس، كما واكب تأسيس جائزة سلطان العويس الثقافية التي انبثقت فكرتها من اتحاد كتّاب وأدباء الإمارات، وعرضت على كثير من رجال الأعمال وقتها، وبمجرد عرضها على سلطان العويس تبناها دون تردد، ورصد لها وقفاً خاصاً يدر عليها عائداً يضمن استمراريتها، وهي من الجوائز الكبرى على المستوى العربي، وقد انطلقت بنهج حيادي تماماً، فالعويس الذي أسسها، لم يحدث أن تدخّل في قرارات لجان التحكيم فيها، ولذا فهي تعد من الجوائز النادرة على مستوى الوطن العربي.
أما إبراهيم بوملحة فأكد أنه يعتبر نفسه من تلامذة المرحوم سلطان العويس، حيث كان يرتاد مجلسه العامر بالأدب والثقافة، وقال : «العويس هو أحد مؤسسي ندوة الثقافة والعلوم، وفوق ذلك قدّم فكره وماله وصحته من أجل الوطن».
بدوره ذكر عبد الإله عبد القادر ، مدير مؤسسة سلطان العويس الثقافية أن العويس كان -مع أنه رجل أعمال ثري- بسيطاً ومتواضعاً سمحاً، يجالس جميع طبقات المجتمع، ويستمع إليهم، وكان يعشق الشعر، ويسعى في كل ما يخدم وطنه.
وشهدت الأمسية تقديم مؤيد الشيباني ورقة عن «شعر سلطان العويس»، قال فيها : «إن مفتاح قصيدة العويس هو «الصدق» ، فهو يقول ما يقتنع به، وما يفعله، ولهذا فقصائده تتميز بالقصر، فليس فيها حشو ولا تعريجات لأنها تذهب مباشرة إلى موضوعها، وتعبر صراحة عن قناعة صاحبها، وانشغالاته، وما ينجزه من أفعال، وهذا ما سمّاه الشيباني «الصدق فنياً وموضوعياً»: وأضاف: هو مدى انسجام القصيدة مع حالة شاعرها، دون أن يستدين تجربة من غيره، أو يستعير لفترة ما مفردات شاعر آخر أو ممارس آخر من الحياة.
وضرب الشيباني أمثلة على ذلك، منها قصيدة «التحية» التي ألقاها في احتفالات الدورة الأولى لجائزة العويس الثقافية، مرحباً بالكتّاب والمفكرين العرب المشاركين فيها.
وأضاف الشيباني أن أصدق ما يكون عليه الشاعر هو أن تشبهه قصيدته، أي أن تكون ابنة تجربته الروحية النابعة من أعماق ممارساته المقتنع بها، وقد شغل العويس بالحرية كثيراً، وكان ينطلق دائماً من فكرة أن الشاعر والكاتب والمبدع هو المعني الأول بالحرية فيقول:
وما قلمُ الأحرار إلا مشاعلٌ
بليلٍ تضيءُ الدربَ في المسلك الوعْرِ
وتناول الشيباني علاقة سلطان العويس بالبحر كتاجر لؤلؤ، كما تجلت في شعره، فقال: «لأول مرة في تاريخ حقيقة البحر، والافتراضات المجازية في مهن البحر، أن يكون الغواص هو الطواش (تاجر اللؤلؤ) في آن واحد.. سلطان العويس كان كذلك! فهو يغوص عميقاً في تأملاته ومعرفته الفطرية والمكتسبة، ويخرج بلؤلؤة حقيقية ثم يشتريها من نفسه ليقسمها نصفين: نصف للفعل ورؤيته البعيدة، ونصف للقصيدة.. الغواص يرى الرعب من أجل أن يخرج اللؤلؤة من العمق إلى السطح، والطواش يكافح أن تبقى تلك اللؤلؤة في الأعلى ولا تضيع ثانية في المجهول، وهنا يأتي الشعر بحرارة مشاعر الغواص وبمستوى رؤية التاجر لصفات الجمال في اللؤلؤة».
ويضيف الشيباني ،»إننا أمام تجربة فريدة وذات مواصفات نادرة، لا تتكرر كثيراً في المحيط الجغرافي أو الأبعد منه.. حتى الصورة تكاد تكون نصاً شعرياً ناطقاً بكل معنى اللغة وإيحاءاتها المبدعة، ونقصد تلك الصورة التي تبين سلطان العويس وهو يفترش الأرض وأمامه كتلة اللؤلؤ على قماش أحمر، بينما نظراته تمطر عليها حرصاً وإعجاباً وانتماء لذاكرة وأحاديث كثيرة متشعبة يود أن يقولها كلها في آن واحد. تخلل الأمسية مقطوعات طربية لحن فيها الفنان ماجد شهاب قصائد وغنى قصائد لسلطان العويس،
كما ألقى الشاعر محمود نور عدة قصائد للراحل العويس من بينها قصيدة «سمراء الجزيرة» و«تحية مصر» و«نداء طيف»، وسبقت الأمسية بتدشين معرض للرسم والخط تمحور حول صور وشعر العويس.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"