عادي
رغم محاولات الجامعات والمدارس تجسير الهوة

اختيار الدراسة الجامعية المناسبة معضلة الطلاب الكبرى

05:24 صباحا
قراءة 8 دقائق
قضية قديمة جديدة ما زال الواقع التعليمي يعاني منها وتحديدا شريحة الطلاب في مرحلتهم الثانوية وصولاً إلى المرحلة الجامعية ألا وهي الهوة ما بين المرحلتين وصعوبة الانتقال من الأولى إلى الثانية، لأسباب كثيرة يأتي في مقدمتها عدم تدريب الطالب في المرحلة الثانوية على الانتقال إلى المرحلة التالية . وماهية الخلاف ما بين المجتمعين . والسبب الآخر هو عدم تمكن الطالب المدرسي من اللغة الإنجليزية وإجادتها بطلاقة مما يوسع الفجوة كثيراً بدلاً من تجسيرها . وبالتالي قد تكون الإشكالية موجودة في معظم المدارس الثانوية الرسمية التي لا تمهد الطريق للطالب ليدخل مرتاحا إلى مجتمعه الجديد، على عكس المدارس الخاصة التي تخصص قسما للإرشاد الاكاديمي إضافة إلى عدم إجادة طلبتها للغة الإنجليزية .

كيف يمكن تجاوز هذه الاشكاليات وتجسير الهوة ما بين العالمين بحيث يدخل طالب الثانوية بارتياح وقبول إلى المرحلة الجامعية؟ وإلى أي مدى تسهم المعارض التي تعرف الطالب الثانوي إلى التخصصات الموجودة فيها في رسم وجهته الأكاديمية المناسبة لطموحه؟ لا بد من إعادة توجيه ورسم ثقافة جديدة للطلاب كي يتبينوا في وقت مبكر هذه الإشكاليات، ويعملوا على حلها قبل ان تطأ اقدامهم الجامعات والاكاديميات .

فرح عدنان طالبة في الثانوية العامة في مدرسة النور الخاصة في الشارقة، أكدت أن هناك فجوة بين المرحلة الثانوية وبين المرحلة الجامعية، وقالت: بالنسبة للمناهج وأسلوب التعلم وخاصة بالنسبة للغة الإنجليزية، لا يمكن المقارنة بين المرحلتين الثانوية والجامعية، فقد كان من الأفضل أن نتهيأ للدراسة الجامعية، خاصة بالنسبة للغة، منذ عامنا الدراسي الأول، وقد حرصت خلال إجازة الصيف على الالتحاق بدورات لتقوية لغتي الإنجليزية وأخطط كذلك للالتحاق خلال إجازة نصف العام بدورة أخرى في محاولة لتطوير لغتي الانكليزية، كي اتجنب صعوبة اللغة في المرحلة الجامعية .

وبالنسبة للمعارض التي تنظم لتعريف الطلبة على الجامعات أكدت فرح أنها لا تعطي الصورة الكاملة للطالب فما زالت الكثير من الأمور غامضة بالنسبة لها شخصياً وما زال لديها الكثير من التساؤلات حول طبيعة الحياة الجامعية .

تطوير المناهج

مارية ابراهيم بن كرم الطالبة في مدرسة واسط النموذجية في الثانوية العامة، شاركت فرح عدنان الرأي حيث قالت: أعتقد أنني سأواجه صعوبات في العام القادم حين ألتحق بالجامعة خاصة فيما يخص اللغة، ورغم أني في مدرسة نموذجية فإنني أعتقد أن المناهج يجب أن تتطور أكثر ومنذ الصف الأول الابتدائي في جميع المواد،وفي اللغة الانكليزية على وجه الخصوص .

وترى أن المعارض التي تنظم لا تقدم المعلومات الكافية التي يحتاجها الطالب، ولا تعطيه الصورة الكاملة عن جميع التخصصات ليتمكن من اختيار ما يناسبه، ولا بد من تطويرها بشكل أكبر .

صعوبات أقل

أما زهراء جلال علي، طالبة في الثانوية العامة، فتشاركهما الرأي وتتحدث من واقع تجربة عاشتها، حيث قالت: لديّ أخوات أكبر مني، كن في مدارس خاصة وقد واجهن صعوبات أقل في اللغة عند التحاقهن بالجامعة من اللواتي كن في مدارس حكومية، لذا أعتقد أن مدارسنا لا تقدم لنا المستوى الذي نحتاجه . والمشكلة قديمة فأختي تخرجت قبل أربع سنوات وحتى اليوم ورغم تزايد الشكاوى إلا أن المشكلة لم تحل والمناهج لم تتغير، وبالنسبة للمعارض فأرى أنها تطورت عن السنوات السابقة كما أكدت أخواتي لي ولكن الطلبة بحاجة للمزيد من التفاعل والشرح والتوضيح والتوجيه من قبل متخصصين نحو التخصصات المناسبة لهم .

نظام الإعداد

عبدالله الجروان رئيس مجلس الطلاب بجامعة الشارقة لخص المشكلة بأنه لا يوجد عندنا نظام إعداد للطالب كي ينتقل من المرحلة الثانوية إلى الجامعية . كما هو متوفر في نظام التعليم الثانوي بالكويت . ويفضل أن يبني الطالب اختياراته بناء على درجاته في المواد والتي من شأنها تحديد مستوى الطالب وإلى أي توجه يفضل (علمي أم أدبي) . وتأخذ المدرسة هذا الأمر بعين الإعتبار بحيث تساعد الطالب وتدعمه على اختياره ويكون مهيأ للتخصص الذي يرغب الالتحاق فيه .

ويشيد ببعض المؤسسات التعليمية مثل المعاهد التكنولوجية والتي تسهل عملية تحديد التخصص على الطالب فيخرج منها إلى الجامعة وهو مرتاح لا تلفه الحيرة وتضطره إلى الاستعانة بأهله ليساعدوه على الاختيار فيصبح الخيار خيارهم وليس خياره، مشيراً إلى أنه واجه صعوبات كثيرة قبل الانتقال إلى المرحلة الجامعية بسبب عدم وجود الجهة الموجهة والمختصة بهذا الشأن في حين أن شقيقه الأصغر منه لم يواجه هذه المشكلة كونه درس في معهد التكنولوجيا التطبيقية ومن ثم أكمل دراسته في جامعة خليفة، فالرؤية لديه كانت واضحة كونه مارس التخصص الذي يريده قبل دخوله الجامعة . وحول المعارض التي تقيمها الجامعات لطلبة الثانوية يرى أنها ليست أكثر من بهرجة إعلامية . ويعتب على الهيئات المسؤولة مثل وزارة التربية والمناطق التعليمية لكونها لم تأخذ المبادرة بالعمل لتهيئة الطلبة للانتقال براحة إلى المرحلة الجامعية وهو ما يجب أن يكون مقرراً في المنهاج كمادة أو كنشاط . . إلخ .

ضيّعت سنة

الطالبة ورود الظاهري سنة رابعة إعلام بجامعة الشارقة أكدت أنها إحدى ضحايا هذه المشكلة حيث ضاعت منها سنة دراسية كاملة عندما بادرت إلى التسجيل بالجامعة وأسوة بغيرها التحقت بكلية الطب كزميلاتها، عكس ميولها التي كانت باتجاه تخصص الإعلام .

وتقول ورود: لقد أثر هذا الأمر فيّ كثيراً وآسفة لضياع هذه المدة عليّ، ولكني أعود فأقول إن عاماً ونيفاً أفضل من ضياع مستقبلي في مهنة لا أحبها . وتضيف قائلة: أعتقد أن الأوضاع بدأت تتحسن اليوم وصار الوضع أفضل مما كان عليه، والمدارس بدأت تعي هذه الاشكالية وتوعي الطلبة، وهناك زيارات من أقسام التوجيه بالجامعات إلى المدارس طوال العام الدراسي، تلتقي بالطلبة وتسألهم وتساعدهم بعملية اتخاذ القرار، ولكن نحن بحاجة إلى بذل جهود أكبر من ذلك، لأن المشكلة مازالت قائمة ولم تحل بشكل نهائي . وفيما يتعلق باللغة الإنجليزية تقول: عندما كنت بالمدرسة كانت معلمة اللغة الإنجليزية تراها مادة غير مهمة، وعندما دخلت إلى الجامعة واجهتني صعوبة كبيرة حيث وجدت أن اللغة الإنجليزية مطلوبة وأساسية بنسبة كبيرة جداً، وبالتالي فأنا أعتبر أن دراستي لها بدأت جدياً بالجامعة وليس بالمدرسة .

وحتى الآن مازالت المشكلة قائمة بالرغم من انتسابي إلى عدة دورات بتقوية الإنجليزية غير أن الأمر يجب أن يبدأ من الصفوف الأولى وليس بالصفوف الأخيرة .

زيارات للمدارس

سالم القصير نائب مدير الجامعة الأمريكية بالشارقة نائب مدير الجامعة للشؤون العامة أشار إلى ان الجامعة لديها سنة تأسيسية لتقوية اللغة الانكليزية وأيضاً لتأهيله للدراسة عموما إلى جانب بعض المهارات كالحاسوب والمادة التي يريد التخصص بها لكافة الطلبة المنتسبين باستثناء الطلاب الذين حصلوا على شهادة التوفل . ان الانتساب والقبول بالجامعة له شروط، فالطالب ينجح بالثانوية ويحصل على معدل مقبول، ولكنه لم يستوفِ التوفل، وهنا لا بد له من الحصول على هذه الشهادة ليتم قبوله، ويستطيع أن يكثف دراسته ليجري هذا الامتحان كل ثلاثة أشهر .

وبالنسبة لنا فإن المعارض مستمرة طوال السنة، بل قمنا بخطوة أوسع ألا وهي توقيع اتفاقيات شراكة مع كثير من المدارس، بحيث تسهم من البداية بالتواصل ما بين المدارس والجامعات التي تعمل على تدريب المدرسين، وتقديم مساعدة ودراسة حالة الطلاب مثلاً أو تبني الطلبة المبدعين بالمرحلة الثانوية عن طريق قسم القبول والاستقطاب في الجامعة، وبالفعل تم توقيع أربع اتفاقيات مع أربع مدارس على مستوى الدولة إن كان على المستوى الحكومي أو الخاص .

ويلخص سالم القصير المسألة قائلاً: إن طلاب الثانوية يعانون من إشكاليتين، الأولى خلال مرحلة انتقالهم من المدرسة للجامعة بسبب عدم وجود تحضير وتهيئة بالنسبة للمناهج، والثانية تتعلق بمستوى اللغة الإنجليزية بالمدارس الحكومية، وهذا ما يستدعي اعادة النظر بهذا المنهاج على مستوى وزارة التربية، ويساعد على تجسير الفجوة ما بين المدرسة والجامعة .

دور تحضيري

الدكتور نبيل كلاس عميد الخدمات المساندة بجامعة الشارقة قال: أتصور أنه يجب على المدارس أن تقوم بدور تحضيري أكبر للطلبة الذين سينتقلون إلى الجامعة أسوة ببعض المدارس الخاصة التي تقوم بدور رائع في هذه القضية وهي متجاوبة معنا كثيراً وتضع خططاً لجاهزية الطالب للدخول بسلاسة إلى هذه الحياة الجامعية الجديدة عليه، وأيضاً تتضمن هذه البرامج تعويده على تحمل المسؤولية والاعتماد على النفس من خلال تعويد الطالب على إجراء البحوث والدراسات وغيرها ما يجعله واثقاً بنفسه وبكفاءته، ومن هذه الخطط أيضاً تعريف الطالب إلى واجباته وحقوقه في الجامعة .

إن عمادة شؤون الطلبة تقوم بتنظيم دورات ارشادية لجميع الطلبة وتستمر الدورة على مدى يومين، ونلاحظ أن عدداً لا بأس به ينضم إلى هذه الدورات حيث يتم خلالها تعلم الأساسيات وأماكن وجود المعلومات التي يبحث عنها وبمن يتصل عند الحاجة للاستشارة إضافة إلى وجود مرشدين نفسيين لكافة الطلبة البنات والأولاد لمساعدتهم على تجاوز إعاقات التعلم، وتجاوز صعوبة الانتقال من المدارس إلى الجامعات .

ويضيف: على الموقع الإلكتروني للجامعة وجد صفحة تساعد طالب الثانوية على اختيار تخصصه، من خلال إجاباته على الأسئلة المحددة، ويأتيه التحليل لهذه الاجابات بالاختيار الأنسب الذي يناسب إمكاناته وطموحه .

وبالنسبة للحل يرى أنه يبدأ بأن يباشر الأهل الحديث مع أولادهم عند نضوجهم كي يتعرفوا إلى ميولهم ويساعدوهم على اكتشافها والتأكيد عليها . وكذلك يدعو المدارس إلى نشر التوعية بوقت مبكر عن ضرورة التفكير بالاختيار الأنسب لهم، إضافة إلى ضرورة أن يبادر الطلبة إلى تقوية لغتهم الإنجليزية قبل وصولهم إلى المرحلة الجامعية، ليكونوا مؤهلين لاجتياز امتحان التوفل والسيبا .

اختصاصيون ومرشدون للمساعدة

باسم سيف مساعد مدير جامعة زايد فرع دبي، يشير إلى ان طلبة الثانوية الذين يتم اختيارهم للانضمام إلى جامعة زايد يجب أن يكونوا تخطوا امتحان السيبا لتحديد مستوياتهم، وعلى ضوء النتائج نقوم بتصنيفهم بمستويات متعددة . من ثم يدخلون لمستوى واحد وهو المرحلة التأسيسية . وفي حين يكون الطالب حاصلاً على شهادة الآيلس فهو يدخل مباشرة إلى التعليم العام ومن ثم التخصص، أما الطلبة العاديون فيدخلون سنة تأسيسية ويدرسون ما يسمى بالمستويات، والتي يحصلون في نهايتها على شهادة التوفل .

ويضيف: لمساعدة الطلبة الجدد يوجد في قسم التسجيل والقبول اخصائيون ومرشدون أكاديميون، دورهم مواكبة الطالب منذ بداية الدراسة الجامعية وحتى نهايتها يساعدون الطلبة على اجتياز مرحلة الانتقال من المدرسة إلى الجامعة بسلاسة ومن دون مشكلات .

ويستطرد قائلاً: لدينا كذلك نوادٍ داخل الجامعة تساعد الطلبة على اكتشاف مواهبهم وكيفية تنميتها، إضافة إلى وجود مجلس طلبة يتم من خلاله رفع مشكلة الطالب إلى مجلس الإدارة لحلها .

وفيما يتعلق بالمعارض يقول: نحن وغيرنا من المؤسسات قمنا بزيارات الأكاديمية إلى المدارس لشرح التخصصات الموجودة والتعريف بها للطلبة، ومثل هذه الأمور من شأنها تجسير الهوة ما بين المدرسة والجامعة .

المسؤولية على الجامعات

خلفان الرويمة مدير مدرسة الخليج العربي المشتركة للتعليم الثانوي للبنين، عبر عن تفاؤله بأن هذه المشكلة قد قلت حدتها عن السابق إلى حد ما، خاصة بعدما عمدت الجامعات والاكاديميات وغيرها إلى افتتاح قسم ارشادي فيها وعمل زيارات من شؤون الطلبة إلى المدارس، إلا أن المشكلة التي نقع بها هي اللغة الإنجليزية والتشديد عليها بهذا الشكل والتي تثقل كاهل الطالب، إضافة إلى أننا بلد عربي يجب المحافظة على لغتنا وليس التفريط بها والتحدث بلغة أجنبية أخرى من هنا فالخطورة ليست فقط من الناحية التعليمية بل من الناحية الوطنية والحفاظ على هويتنا ولغتنا .

ورأى خلفان الرويمة أنه وعلى الرغم من أن وزارة التربية والتعليم تقوم اليوم بإعادة النظر في تطوير وتقوية مناهج اللغة الإنجليزية إلا أنه وفي الوقت نفسه فإن مسؤولية كبيرة تقع على عاتق مؤسسات التعليم العالي لحل هذه المشكلة عبر خطط تتناسب مع مستويات الطلبة من ناحية والحفاظ على هويتنا العربية من ناحية ثانية .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"