عادي

سلطنة عمان تحتفي بيوم النهضة وسط إنجازات متلاحقة للسلطان قابوس

03:46 صباحا
قراءة 7 دقائق
العين: راشد النعيمي

تحتفل سلطنة عمان الشقيقة بيوم النهضة المباركة الموافق للثالث والعشرين من يوليو، وهو الذي شكل علامة تاريخية فارقة انطلقت معها عمان دولة وشعباً ومجتمعاً إلى آفاق العزة والانطلاق إلى بناء دولة عصرية قادرة على تحقيق التقدم والسعادة والرخاء لأبنائها، ومواكبة التطور الإنساني من حولها.
في هذا اليوم، تقف عمان شعباً ومجتمعاً ودولة فخورة ومعتزة بقيادتها ومجددة الولاء والعرفان لباني نهضتها الحديثة، ليس فقط لما تحقق من منجزات على امتداد السنوات الماضية. «فهي ماثلة للعيان ولا تحتاج لأي برهان»، لأنها تتحدث عن نفسها في جميع المجالات وعلى امتداد هذه الأرض الطيبة، ولكن أيضاً لأن السلطان قابوس بن سعيد يقود عمان على طريق التقدم والبناء والاستقرار، ولأنه بحبه لعمان أرضاً وشعباً أرسى أسساً قوية وراسخة في جميع المجالات داخلياً وخارجياً، تنطلق بها عمان بقوة وثقة وبخطى متتابعة لبناء حياة أفضل لأبنائها في الداخل، وبناء جسور المودة والصداقة مع كل الأشقاء والأصدقاء من حولها في المنطقة وعلى امتداد العالم.
انطلاقاً من ركائز صلبة وأرضية راسخة، تنطلق العلاقات بين دولة الإمارات العربية المتحدة، وشقيقتها سلطنة عمان بخطى حثيثة نحو آفاق أرحب، لتحقيق المصالح المشتركة والمتبادلة للدولتين والشعبين الشقيقين في مختلف المجالات، وعلى امتداد السنوات والعقود الماضية خطت الحكومتان والشعبان الشقيقان خطوات محسوسة لتعميق وتوسيع مجالات التعاون والتنسيق بين الدولتين والشعبين الشقيقين، سواء في إطار مجلس التعاون لدول الخليج العربية، أو على صعيد العلاقات الثنائية الطيبة والمتنامية في كل المجالات، وهو ما يستند أيضاً إلى دعم قوي ورغبة صادقة وبعد نظر عميق للقيادة الحكيمة لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، وأخيه السلطان قابوس بن سعيد، حفظهما الله.
وفي هذا الإطار فإن مما له دلالة عميقة، أنه قد مضى أكثر من ربع قرن على إنشاء اللجنة العليا المشتركة للتنسيق والتعاون بين دولة الإمارات العربية المتحدة والسلطنة الشقيقة، والتي أنشئت في مايو عام 1991م، من أجل دفع وتعزيز سبل ومجالات التعاون والتنسيق بين الدولتين في مختلف المجالات الاقتصادية والتجارية والثقافية والتربوية، والعمل على ربط شبكات الكهرباء، والاتصالات، وتنسيق خدمات النقل البري وإجراءات الانتقال بين الدولتين عبر مختلف المنافذ الحدودية، إلى جانب تعزيز فرص ومجالات الاستثمار المشترك، بما يعود بالخير على الشعبين الإماراتي والعماني الشقيقين في الحاضر والمستقبل. ومن ثم فإنه ليس مصادفة أن تكون دولة الإمارات العربية المتحدة والسلطنة أول دولتين من دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية تعتمدان البطاقة الشخصية كوثيقة لتنقل مواطني البلدين منذ عام 1993. وهو ما تم الأخذ به وتعميمه في إطار مجلس التعاون لدول الخليج العربية، فضلًا عن أن دولة الإمارات العربية المتحدة تعد الشريك التجاري الأول للسلطنة وفقاً لحجم الصادرات والواردات وتجارة إعادة التصدير بين البلدين الشقيقين.
وبينما سجلت العلاقات الإماراتية العمانية خطوات متتابعة لتوسيع وتعميق مجالات التعاون في كل المجالات، وذلك بدعم متواصل من القيادة الحكيمة في البلدين الشقيقين، وفي إطار التعاون والتقاء وجهات النظر حول كل ما يمكن أن يعزز فرص ومناخ السلام والاستقرار في المنطقة، وهو ما جعل العلاقات الإماراتية العمانية نموذجاً يحتذى به، فإن اللجنة المشتركة بين دولة الإمارات العربية المتحدة والسلطنة عقدت ثماني عشرة دورة من دورات اجتماعاتها.

فاتحة عهد

وشكل يوم الثالث والعشرين من يوليو 1970 فاتحة عهد مشرق للوطن والمواطن فإن العمانيين يحصدون ثمار سنوات البناء والتشييد ويقطفون من نجاحات السياسات التي أرسى دعائمها السلطان قابوس بن سعيد على المستويين الداخلي والخارجي، حيث رسخ منذ فجر اليوم الأول للنهضة المباركة بحكمة ونفاذ بصيرة ورؤية تستشرف المستقبل، وبأبوة حانية استوعبت كل أبناء الوطن أسس ودعائم الوحدة الوطنية باعتبارها ركيزة راسخة تنطلق منها وترتكز عليها جهود التنمية في شتى المجالات، وحرصه على إعلاء صروح العدالة وترسيخ قيم العدل وتدعيم أركان دولة القانون والمؤسسات التي ينعم فيها المواطن والمقيم بالأمن والأمان، وتتحقق فيها للجميع أجواء الطمأنينة وصون الحقوق في ظل سيادة القانون، كما وضع «سياسة خارجية تقوم على بناء جسور من التعاون والثقة والمصداقية المرتكزة على الصراحة والوضوح في التعامل مع كل الأشقاء والأصدقاء، وفي مختلف المواقف والتطورات تحت كل الظروف والالتزام بمبادئ محددة واضحة وثابتة ومعلنة في علاقاتها مع كافة الدول الشقيقة والصديقة.
وبِفضل نهج السلامِ الذي اعتمده السلطان قابوس بن سعيد، تمكنت السلطنة من إِقامة علاقات أخوة وصداقة وتعاون مع سائرِ دول العالم، وحرِصت على استمرارِ هذه العلاقات وتطوِيرِها في شتى المجالات لما فيه خير ومصلحة السلطنة والدول الأُخرى، كما أن السلطنة من الدول التي اعتمدت في سياساتها وعلاقاتها على مبدأ الحوارِ والمفاوضات لحل الخلافات وتسويتها بِالطرقِ السلمية، على أَساس الاحترام المتبادل ومبادئ القانون الدولي وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، والتعاون لتحقيق المصالح المشتركة وحسن الجوار.
وأكدت السلطنة دوماً، سواء على الصعيد المحلي أو في العديد من المحافل الدولية أنها تؤمن بِأنه ما من مشكلة إلا ولها حل، إِذا توافقت المصالح وتوفرت الإِرادة وتضافرت الجهود، حيث إن الشعوب تواقة للسلامِ، وميالة للتفاهمِ، ومحبة للتعايشِ السلمي الذي من شأْنه أَن يحافظ على مصالحِ جميع الأَطْراف علَى أَساس قاعدة «لا ضرر ولا ضرار».
وبفضل هذه السياسات والمواقف التي اتسمت دوماً بالمصداقية، حظي السلطان قابوس بتقدير قيادات المنطقة والعالم، وهو ما امتد إلى مختلف جوانب العلاقات العمانية مع الأشقاء والأصدقاء واستطاع مشروع (رسالة الإسلام) وخلال سنوات قليلة تكوين شراكة عالمية مع مؤسسات علمية وأكاديمية وجامعات ومعاهد ومتاحف في العديد من دول العالم، حيث إنه حتى يوليو 2017، يكون معرض (رسالة الإسلام) قد تجاوز (102) محطة حول العالم، وخاطب أكثر من (8) ملايين زائر.

منظومة التطوير

وفي المجال العسكري، قد أثبتت قوات السلطان المسلحة، والحرس السلطاني العماني، وشرطة عمان السلطانية، وأجهزة الأمن قدرتها وتفانيها في الحفاظ على كل شبر من تراب عمان والذود عن حياض هذا الوطن ومقدساته وحماية منجزاته، حيث تعد تلك القوات إحدى مفاخر مسيرة النهضة المباركة وركيزة أساسية في منظومة التطوير الشامل لعمان الحديثة.
وكان لتوجيهات السلطان قابوس بن سعيد القائد الأعلى للقوات المسلحة واهتمامه السامي الأثر البالغ في تطويرها وتحديثها للارتقاء بها لمواكبة الحديث في عالم التدريب والتسليح، حتى غدت قوة عصرية متكاملة تأخذ بأسباب العلم تطويراً وتدريباً وتسليحاً، وهو ما جعلها واحدة من القوات المشهود لها بالكفاءة العالية.
وفي هذا الإطار شهد هذا العام على سبيل المثال حفل تدشين المجموعة الأولى من طائرات «التايفون» المقاتلة وطائرات «الهوك» التدريبية، ضمن خطط التحديث والتطوير التي يشهدها سلاح الجو السلطاني العماني. كما احتفلت البحرية السلطانية العمانية بانضمام السفينة (خصب) والسفينة (الناصر) إلى أسطولها البحري والتي تعد آخر سفن مشروع (أفق).
وشكل الاهتمام السامي ب «الإنسان العماني» وتعزيز مكانته وحشد طاقاته وقدراته وجعله مشاركاً فعالاً في البناء والتنمية على أساس من المساواة وتكافؤ الفرص، وفي أولوية دائمة اهتمامات السلطان قابوس منذ فجر النهضة الحديثة، حيث حرص على التأكيد دوماً على ضرورة استنهاض إمكانات المواطن وخاصة الشباب والارتقاء بمستويات تأهيلهم وتثقيفهم وتدريبهم والاهتمام بهم، وتمكينهم من الاستفادة من الفرص المتاحة لهم للقيام بالدور المناط بهم في خدمة هذا الوطن مخلصين في حمل الأمانة والمسؤولية الواجبة عليهم.
وانطلاقاً من اهتمام السلطان قابوس بن سعيد بالإنجاز الفكري والمعرفي، وتأكيداً للدور التاريخي لسلطنة عُمان في ترسيخ الوعي الثقافي، باعتباره الحلقة الأهم في سلم الرقي الحضاري للبشرية، ودعماً منه للمثقفين والفنانين والأدباء المجيدين، ودعم المجالات الثقافية والفنية والأدبية باعتبارها سبيلاً لتعزيز التقدم الحضاري الإنساني في إنشاء جائزة السلطان قابوس للثقافة والفنون والآداب، والتي وصلت دورتها السادسة لهذا العام، وتم الإعلان لهذه الدورة، وفتح باب التسجيل والذي سيتنافس فيها هذا العام العمانيون إلى جانب إخوانهم العرب.

منجزات وثمار

وامتدت منجزات النهضة المباركة وثمارها المتلاحقة ومكاسبها المتعددة في مجالات التعليم والصحة والطرق والكهرباء والماء والاتصالات وغيرها من الخدمات إلى كل شبر في كافة محافظات السلطنة بدون استثناء، وأينما وجد المواطن على هذه الأرض الطيبة مستهدفة تحقيق الرفاه للمجتمع، حيث كانت العدالة والتوازن سمتين مميزتين لمسيرة النهضة الظافرة طوال السنوات الماضية. وأبدى السلطان قابوس بن سعيد في مايو الماضي خلال ترؤسه اجتماع مجلس الوزراء ارتياحه لما حققته مسيرة التنمية الشاملة في البلاد من معدلات نمو جيدة تراعي البعدين الاقتصادي والاجتماعي، وذلك في إطار الجهود التي تبذلها الحكومة مع مؤسسات الدولة حفاظاً على مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين.
وإدراكاً من الحكومة العمانية بوجود ثروات وموارد أخرى وفيرة كمصدر للدخل، تتمتع بها السلطنة في القطاعات السياحية والزراعية والسمكية والحيوانية والثروة المعدنية، من شأنها أن تشكل جميعها بنوداً مهمة في تنمية الاقتصاد العماني خلال الفترة المقبلة، فقد تبنت البرنامج الوطني لتعزيز التنويع الاقتصادي (تنفيذ)، حيث يعتبر واحداً من البرامج الوطنية التي تقوم عليها خطة التنمية الخمسية التاسعة، التي بدأت اعتباراً من بداية العام الماضي 2016، وحتى نهاية عام 2020م.
وستؤدي هذه الخطوات إلى تمكين السلطنة من زيادة نسبة الاستثمارات الموجهة إلى المشروعات ذات العائد الاقتصادي، وتوزيع الاستثمارات جغرافياً بحيث تعود المنفعة على مختلف المحافظات، كما أن نجاح برنامج (تنفيذ) سوف يضمن مضاعفة دخل الفرد، والتوازن بين الإيرادات والاستخدامات، ويهيئ الظروف الملائمة للانطلاق الاقتصادي بصورة جديدة.
وعلى رغم تراجع عوائد النفط، فإن الوضع المالي والاقتصادي للسلطنة مستقر بصفة عامة، حيث تستمر السلطنة في برامجها الإنمائية للحفاظ على الاستقرار الاقتصادي، ومراعاة البعد الاجتماعي وإيجاد مناخ جاذب للاستثمار والمستثمرين، وتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص ودعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"