عادي

عبدالله بن زايد: رسالة الإمارات: «السلام» والاستقرار لجميع دول المنطقة

19:52 مساء
قراءة 4 دقائق
نشر سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي، مقالاً في صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية، تحدث فيه عن أولويات السلام، تزامناً مع توقيع الإمارات وإسرائيل معاهدة للسلام، والبحرين وإسرائيل اتفاقية تأييد السلام، في البيت الأبيض، الثلاثاء.


وقال سمو الشيخ عبدالله بن زايد في مقاله: إن الأولوية الأولى للسلام هي تقليل التوترات في المنطقة، والثانية توسيع مجتمع التعايش السلمي، أما الثالثة فهي تعزيز التبادل الاقتصادي والثقافي، فضلاً عن أن الهدف المركزي للسلام هو تحقيق تقدم على طريق إقامة الدولة الفلسطينية، مشيراً إلى أن معاهدة السلام الإسرائيلية الإماراتية قد أوقفت خطط ضم أراض فلسطينية..
وفي ما يلي نص مقال سمو الشيخ عبدالله بن زايد:

قبل أسبوعين، هبطت أول رحلة تجارية إسرائيلية في أبوظبي قادمة من تل أبيب. وقد حملت الرحلة جنباً إلى جنب مع وفد كبير من المسؤولين الإسرائيليين ووسائل الإعلام الإسرائيلية، رسالة أكبر، مكتوبة بأحرف كل حرف منها بارتفاع قدمين، وبثلاث لغات على جانب طائرة «إلعال» تقول: «بيس». «شالوم». «سلام».
ولا شك أن تطبيع العلاقات بين الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل هو اختراق دبلوماسي تاريخي وعلامة مفعمة بالأمل تؤكد أن التقدم في الشرق الأوسط ممكن. وفي الأسبوع الماضي جاء إعلان البحرين عن تطبيع العلاقات مع إسرائيل. هذه فرصة لمقاربة جديدة لمواجهة تحديات المنطقة. ففي بيئة جغرافية مليئة بالأخبار غير السارة وفي زمن صعب، ترجح الاتفاقية الفرص الإيجابية والشعور بالتفاؤل على روح الصراع والانهزامية.
لا شك أن التغلب على هذه القوى التي تحرض على الصراع سيكون صعباً. هناك دول غير عربية وقوى فاعلة غير حكومية في محور ملتو للمقاومة الدائمة. إنهم يدافعون عن شكل ما من أشكال التطرف. إنهم يشعرون بالحنين إلى الإمبراطوريات المفقودة أو الهوس بخلافة جديدة. إنهم يبنون ويزدهرون على الصراع والفوضى وعدم الاستقرار. إنهم يهاجمون أمريكا وإسرائيل والإمارات. لقد كانوا أشد منتقدي التطبيع.
إن التوقيع على اتفاق السلام هذا الأسبوع هو الرد المناسب. إنه التذكير البناء بأن الإماراتيين والإسرائيليين، وجميع شعوب الشرق الأوسط، قد سئموا الصراع. والأولوية الآن هي مواصلة تحديث مجتمعاتنا وتحقيق الاستقرار في المنطقة على النطاق الأوسع. لاشك أن العلاقات الأفضل بين الدول العربية وإسرائيل سوف تساعد على تحقيق ذلك، لكن يجب أن نذهب إلى أبعد من ذلك وأسرع على الجبهات الأخرى.
إن الأولوية الأولى.. والأكثر إلحاحاً هي تهدئة التوترات وبدء حوار إقليمي حول السلام والأمن.

نريد جيراناً عاديين. إن معاهدات عدم انتشار الأسلحة النووية الفعالة والقابلة للتنفيذ ومعاهدات عدم التدخل في شؤون الآخرين هي الهدف. ولكن مع انخفاض سقف التوقعات وارتفاع سقف المخاطر، فإن التقدم المتواضع في قضايا مثل المساعدة الإنسانية ومواجهة كوفيد-19، من شأنه أن يعزز بناء الثقة.
إن دعم الولايات المتحدة ومشاركتها لمثل هذا الجهد أمر بالغ الأهمية. فقد دعا الرئيس ترامب إلى محادثات جديدة العام المقبل، وأوضح نائب الرئيس السابق جو بايدن أنه سيواصل العمل على مبادرة جديدة أيضاً. يجب أن تشارك دول الخليج مباشرة في أي حوار ويجب أن تكون الأجندة شاملة.

الأولوية الثانية.. هي توسيع مجتمع التعايش السلمي.

لقد أدت المقاومة الدائمة والتطرف الطائفي إلى انتشار جائحة قاتلة من الفوضى والفتنة على مدى عقود. نحن في الإمارات، نحاول أن نكون قدوة من نوع مختلف. نحن ملتزمون بمبادئ الإسلام الحقيقية - الوسطية والاندماج والسلام. لقد استضفنا أول زيارة قام بها البابا لشبه الجزيرة العربية العام الماضي. نحن نبني بيتاً للعائلة الإبراهيمية عبر الأديان في أبوظبي، حيث المسجد والكنيسة والكنيس في نفس المجمع.

الأولوية الثالثة هي بناء محرك قوي للتبادل الاقتصادي والثقافي يولد الفرص والتفاهم بين جميع دول المنطقة.

وتعتبر المنطقة الممتدة من شبه الجزيرة العربية عبر الخليج إلى البحر الأحمر عبر قناة السويس إلى شرق البحر الأبيض المتوسط ​​، ملتقى طرق العالم. يجب على دولة الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل استخدام اقتصاداتهما المتقدمة وبنيتهما التحتية والأسواق الكبيرة وصناديق الاستثمار والمؤسسات التعليمية ورأس المال البشري، لضمان استفادة الأردنيين والمصريين والفلسطينيين وغيرهم.
وتحقيق التقدم على صعيد الدولة الفلسطينية هدف مركزي أيضاً. فقد أوقف الاتفاق الإماراتي الإسرائيلي ضم الضفة الغربية. ويجب على القيادة الفلسطينية أن تستغل هذه اللحظة لإعادة رسم استراتيجيتها والاستعداد لإعادة الانخراط في مفاوضات مثمرة. وكما هو الحال دائماً، سوف يحصلون على الدعم الكامل من الإمارات العربية المتحدة. هذا الدعم صار به وزن أفضل من خلال العلاقات المباشرة مع إسرائيل. ولن تنفصل وتيرة ونطاق التطبيع عن التقدم على صعيد تأمين الحقوق الفلسطينية والدولة الفلسطينية.
أخيراً، يدل التطبيع على أهمية دور أمريكا والتحولات التي تجري في الشرق الأوسط. والتطبيع يحدث فقط تحت تأثير الدبلوماسية الأمريكية وإعادة التأكيد على التزامات الولايات المتحدة الأمنية. في الوقت نفسه، تحقق الولايات المتحدة مكاسب من خلال التخلص من عبء الاستقرار الإقليمي الذي سيبقى على عاتق فريق أقوى من الشركاء الإقليميين الموثوقين الذين لديهم الاستعداد لتحمل العبء.
وفي عام صعب وفي منطقة صعبة، تشكل اتفاقية السلام نقطة انطلاق مشرقة لمستقبل الشرق الأوسط. تنطلق معها دولة الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل من بداية نشطة للتعاون بشأن مواجهة فيروس كورونا وتطوير تقنيات الفضاء والطاقة والاستثمار والأمن الغذائي.
الشباب الإماراتي يتعلم اللغة العبرية. وستبدأ الجامعات الإماراتية في قبول الطلاب الإسرائيليين. وستبدأ الرحلات المنتظمة بين البلدين في العام المقبل. وسوف تحمل هذه الخطوة وآلاف الخطوات الصغيرة والكبيرة الأخرى، رسالة «بيس» و«شالوم» و«السلام» إلى جميع أنحاء المنطقة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"