عادي
شهد مصادقة قادة الأديان على «بيان أبوظبي» في واحة الكرامة

سيف بن زايد: الإنسانية تلتقي على أرض الإمارات

05:34 صباحا
قراءة 7 دقائق
أبوظبي: محمد علاء

تحت رعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، شهد الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية أمس مصادقة قادة الأديان على «بيان أبوظبي» الصادر عن ملتقى «تحالف الأديان لأمن المجتمعات: كرامة الطفل في العالم الرقمي»، والذين تعهدوا بتفعيل بنوده وتحقيق أهدافه والالتزامات التي جاء بها قادة الأديان السبعة ضمن ختام فعاليات الملتقى الذي استضافته أبوظبي يومي 19 و20 نوفمبر الجاري.
كما اصطحب سموه وبحضور الشيخ خليفة بن طحنون آل نهيان مدير تنفيذي مكتب شؤون أسر الشهداء في ديوان ولي عهد أبوظبي، الضيوف في جولة في أنحاء واحة الكرامة.
ووصفت القيادات الدينية رفيعة المستوى المشاركة، ملتقى تحالف الأديان لأمن المجتمعات في أبوظبي بأنه حدث تاريخي يشكل منعطفا مهما في تعزيز العمل العالمي المشترك في سبيل خير البشرية والإنسانية جمعاء خاصة في مجالات حماية الأطفال عبر العالم الرقمي.
وجرت المصادقة على «بيان أبوظبي» في واحة الكرامة، بحضور قادة وممثلي الأديان على مستوى العالم، الذين حضروا إلى أبوظبي إعلاءً لقيم الإنسانية وفي سبيل الحفاظ على الطفل وبناء وتعزيز شخصيته، والتأكيد على التزامهم تجاه تقديم كل ما في وسعهم للتأثير في المجتمعات سواء الدينية أو غيرها، وبشكل مشترك، في سبيل تحقيق كرامة الأطفال وحمايتهم في العالم الرقمي.
شارك في المصادقة على «بيان أبوظبي» سبعة من قادة الأديان، هم: فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف رئيس مجلس حكماء المسلمين، والبطريرك برثلماوس الأول رئيس أساقفة القسطنطينية من الكنائس الأرثوذكسية الشرقية، والدكتور بهاي صاحب بهاي موهيندر سينغ رئيس مجلس إدارة جورو ناناك نيشكام سيواك جاثا، والقس كيشي مياموتو قائد مايوجيكاي، والحاخام مايكل شودريتش كبير حاخامات بولندا، بحضور قادة الأديان حول العالم، وممثلين عن مؤسسات ومنظمات وهيئات دولية تعمل في مجال حماية ورعاية الأطفال.
وجاء في نص «بيان أبوظبي»: «في ظل الإيمان الراسخ بأهمية المحافظة على الكرامة المتأصلة لدى جميع الأطفال، تعهدت القيادات الدينية والإيمانية على مستوى العالم والمشاركون في الملتقى بالتوحد من أجل وقاية الأطفال من التعرض للإساءة، والإسهام بشكل بناء في العمل على تطوير قدرات وإمكانات أطفال العالم بدنياً، واجتماعياً، ونفسياً، وروحانياً، والدعوة إلى مفهوم عالمي مفاده أن التطور في أي مجال، لا يبرر أي شكل أو نوع من الإساءة للطفل وأنه يجب مراعاة ذلك في كافة المجالات».
وأكد البيان أن البشر يولدون وهم يتمتعون بالحق في حياة كريمة لينموا ويزدهروا في بيئة مستقرة ومجتمع آمن يحترمهم ويعلي مكانتهم، فالطفل يمثل اللبنة الأساسية لبناء واستقرار المجتمعات، وسر نهضتها، وازدهارها، وتقدمها.. ومن هذا المنطلق، فإن الحفاظ على كرامة الأطفال يمكن أن يلعب دوراً محورياً في تعزيز تقدم ونهضة مجتمعاتنا والعالم الذي نعيشه، وهو أمر تكفله كافة الشرائع السماوية والقوانين والمواثيق والمعاهدات الدولية والعادات والتقاليد والأعراف الإنسانية التي أكدت جميعها على حق الطفل في عيش حياة آمنة وكريمة.
وأشار البيان إلى أنه وفي الوقت الذي تمكن فيه الجيل الناشئ في عصرنا هذا من تسخير التكنولوجيات المتطورة، بات الأطفال اليوم يمثلون أكثر من ربع مستخدمي الإنترنت على مستوى العالم بإجمالي ثلاثة مليارات نسمة، فإننا نجد أن الملايين من هؤلاء الأطفال يتعرضون للإساءة والاستغلال في العالم الرقمي من خلال الاستخدام السلبي لبعض الابتكارات التكنولوجية الحديثة التي أصبحت في كثير من الأحيان مصدراً رئيسياً للاستغلال الجنسي للطفل، والمتاجرة بطفولتهم البريئة وفي الإعلانات والمواد الإباحيَّة، وارتكاب الجرائم الإلكترونية، وتجنيد الجماعات الإرهابية للأطفال والمراهقين عبر شبكة الإنترنت.
وأكد البيان، أنه ولمواجهة هذا التحدي المعاصر، فإنه يتوجب على الجميع العمل سوياً وبشكل مشترك مع القيادات الدينية كافة، لوضع الحلول الفاعلة لهذه المشكلات وتفادي تلك المخاطر التي تستهدف الأطفال بما قد يؤثر في أمن واستقرار مجتمعاتنا، وذلك انطلاقا من الإيمان بأن حماية كرامة الأطفال هو أمر يسعى الجميع إلى تحقيقه وتوحيد الجهود والرؤى للوصول إليه على اختلاف المشارب والانتماءات الخاصة، وأن هنالك اليوم ما نحتاجه من الفرص، والوعي، والحكمة، والابتكار، والأدوات التكنولوجية، لتحقيق هذا الواجب الديني والأخلاقي والإنساني.
وتعهد المشاركون بتعزيز قيمة الحوار، من خلال دور العبادة للتأكيد على دور قادة المجتمعات في تعزيز أمن مجتمعاتهم وضمان كرامة الأطفال وحمايتهم وبخاصة في العالم الرقمي، وبناء الشراكات الفاعلة بين القيادات الدينية والإيمانية بمختلف مستوياتها بهدف معالجة تأثيرات الإساءة للطفل واستغلاله في العالم الرقمي، والعمل على إلهام القيادات الدينية والإيمانية بجميع مستوياتها ولجميع الأديان لتوحيد جهودهم الروحانية والعملية والتعليمية للتعامل بشكل متكامل مع كيفية الاستجابة لحالات إساءة معاملة الأطفال وكيفية تقديم يد العون للضحايا وعائلاتهم.
إضافة إلى ذلك، تعهد المشاركون بإطلاق الحملات والبرامج التوعوية للتأكيد على ضرورة مراعاة حق الأطفال في العيش بكرامة إنسانية وعدم تأثر ذلك بالتطورات التقنية والتكنولوجية، على أن تكون هذه الحملات بمشاركة القيادات الدينية والإيمانية والروحية والتي لها تأثيرها في المجتمع، وإعلان عام 2019 عام «كرامة الطفل وحمايته من المخاطر الناجمة عن العالم الرقمي» بهدف إلقاء الضوء على هذه القضية الخطيرة والمهمة.
كما دعا المشاركون المؤسسات العلمية والتربوية إلى تبني مقرر دراسي يتم تدريسه في مراحل التعليم الأساسي لتوعية الأطفال بمخاطر الاستخدام السلبي للتقنيات الحديثة، ومطالبة المؤسسات الحقوقية بتعقب كافة مظاهر الاستخدامات السلبية للتقنيات الحديثة وتأثيراتها الضارة في الأطفال والكشف عنها وملاحقتها قانونياً وقضائيا، فضلاً عن عقد مؤتمر سنوي يناقش بشكل دوري الجديد في هذه القضية وغيرها من القضايا الأخرى التي تتعلق بأمن المجتمعات واستقرارها وما تم تحقيقه من إنجازات في هذا الجانب وما يطرأ من تحديات، بما يسهم في تنمية الوعي المجتمعي بهذه القضايا.
وبهذه المناسبة نشر الفريق سموّ الشيخ سيف بن زايد، صورةً أثناء مصادقة القيادات الدينية والروحانية في العالم على «بيان أبوظبي»، في ختام ملتقى «تحالف الأديان لأمن المجتمعات».
وقال على «تويتر»: «برعاية سيدي الشيخ محمد بن زايد، من أمام مسجد الشيخ زايد، رمز التسامح وفي واحة الكرامة، رمز البطولات، صادَق رموز القيادات الدينية والروحانية في العالم، على «بيان أبوظبي»، في ختام ملتقى «تحالف الأديان لأمن المجتمعات»، لينطلق البيان الإنساني من أرض الإمارات مؤكداً وقفة لالتقاء الإنسانية»
وشهدت فعاليات اليوم الثاني من اعمال الملتقى جلسات متزامنة سعت إلى إيجاد حلول وآليات مشتركة ضمن ثلاثة مجالات، هي الحماية والاستجابة والشراكات الفاعلة، وذلك بحضور واسع من قادة الأديان والمتخصصين وعدد كبير من الحضور.
وألقى فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، رئيس مجلس حكماء المسلمين، أمس، الكلمة الرئيسية في ختام الملتقى، وبحضور الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الداخلية، والشيخ خليفة بن طحنون آل نهيان، مدير تنفيذي مكتب شؤون أسر الشهداء في ديوان ولي عهد أبوظبي، وعدد من الوزراء والمسؤولين.

وقال فضيلته: «ممّا لا شكّ فيه، لدى الأديان وما تعارفت عليه البشريّة قديماً وحديثاً، أنّ الأطفال هم شباب الغد وقادة المستقبل وحملة المسؤوليّة في كلّ أمّة وكلّ شعب يتطلّع إلى القوّة والتقدّم».
وأضاف: «ومن الصعب الحديث عن مدونات أنّ تعاليم الطّفل: حقوقاً وحماية ورعاية دون التذكير بسبق الإسلام في هذا المجال بتشريعات، جاءت في أكثر مناحيها أشمل وأوفى بمصلحة الطّفل وحقوقه، لا أقول ذلك من باب التّغنّي بشريعة الإسلام واهتمامها بالأطفال، من قبل أن يكونوا أجنّة في بطون أمهاتهم، وحتى بلوغهم مبلغ الرّجال والنّساء، ولكن أقوله من باب التذكير بأن التشريعات الحديثة رغم ما بذل بها من جهد مشكور ومقدور، إلا أنها لا تزال في حاجة إلى الاهتداء بما جاء في هذا الدّين الحنيف، وفي الأديان عامة في شأن حماية هذا المخلوق الضعيف».

وتابع: «ويحسب لشريعة الإسلام أنّها التفتت لقضية حقوق الطفل في أزمان موغلة في الماضي، لم يكن الوعي البشريّ فيها جاهزاً لمجرّد التفكير في موضوع كهذا، بل كانت الوحشية البشرية في تلكم الفترات تدفع الآباء دفعاً إلى وأد بناتهم ودفنهنّ في التّراب، وهم يحسبون أنّهم يحسنون صنعاً».

وأوضح: «يجمع علماء المسلمين على أن شريعة الإسلام تقوم على رعاية خمسة مقاصد، من أجلها بعث الله الرّسل وشرع الشرائع، وهي: حفظ الدّين، وحفظ النسل، وحفظ العقل، وحفظ النفس، وحفظ المال، وأن هذه المقاصد الخمسة تشكّل أسس أيّ مجتمع إنسانيّ يتطلع إلى الاستقرار والهدوء النفسيّ، وأن الشريعة الإلهية أحاطت هذه الأركان الخمسة بأحكام صارمة، أولاً: من أجل تحقيقها، وثانياً: من أجل حمايتها من كل ما يعبث بها، وفيما يتعلّق بمقصد حفظ النسل حرّم الإسلام «الزنا» وهتك الأعراض والتحرش بالنساء وقتل الأولاد ووأد البنات، وحفظ النسل هذا هو الذي يعبر عنه في مؤتمرنا اليوم بعنوان: «تكريم الطفل»، وهو نفسه ما أحاطه التشريع الإسلامي بأحكام لا يلتمس لها نظير في أيّ نظام آخر من الأنظمة القانونية أو الاجتماعية أو الفلسفية».
وأضاف: بلغ من رعاية الإسلام لحقوق الطفل أن حفظ له نصيبه في الميراث وهو جنين في بطن أمّه، وحرم الاعتداء على حياة الأجنة والمساس بها تحت أي ظرف من الظّروف، اللهم إلا ظرفاً واحداً فقط هو أن يمثّل بقاء الجنين خطراً محققاً على حياة الأمّ، ففي هذه الحالة يجوز الإجهاض؛ عملاً بالقاعدة الشرعية التي تنصّ على وجوب ارتكاب أخفّ الضررين.
من جانبها قالت ماتا أمريتانداماي، الزعيمة الروحية الهندوسية، إن على قادة الأديان مساعدة ضحايا العنف ليعودوا للحياة، وأضافت أن القادة الدينيين في موضع يسمح لهم بإرشاد الناس من خلال القيم الروحية والإنسانية، التي هي محور كل الأديان، مؤكدة استعدادها للتعاون مع كل القادة الدينيين لخدمة المجتمعات الإنسانية جميعاً.
في السياق ذاته، قدم كيشي مياموتو رئيس منظمة مايوشيكاي البوذية، شكره وتقديره إلى صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، على تنظيم الملتقى واحتضان قادة الأديان من أنحاء العالم. بدوره بدأ بهاي صاحب بهاي موهيندر سينج، الزعيم الروحي السيخي، كلمته بالترحيب بالحضور وقادة الأديان وفق تقاليد السيخ، ثم شكر صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، على تنظيم الملتقى.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"