عادي

علاقة إشكالية بين الرواية والمدينة

04:54 صباحا
قراءة دقيقتين

يسعى كتاب «الرواية والمدينة نماذج من كتاب الستينيات في مصر» للدكتور حسين حمودة، إلى استكشاف ملامح العلاقة بين الرواية والمدينة، على مستوى التطورات التي صاغت الانتقالات الأساسية في مسار كلتيهما، وعلى مستوى البنية التي انتظمت عناصر تكوينيهما خلال مراحل أو حقب زمنية متعددة، وأيضاً على مستوى الكيفيات والأشكال المتنوعة التي تحقق بها التفاعل بينهما، بهذا القدر من الوضوح أو ذاك، في أفق شكّلته تغيرات العالم التاريخي الحضاري الاجتماعي، الذي بزغت فيه، ثم تنامت وازدهرت في كل منهما.

يطمح الكتاب إلى تعرف أبعاد مجموعة من الفروض التي تحيط بعلاقة الرواية/ المدينة، أو على الأقل يحاول طرح عدد من التساؤلات حول تأثير أو تأثر ممكنين بين عالم المدينة وتقنيات الفن الروائي، وتتصل هذه الفروض من جانب بإمكان ملاحظة شكل من أشكال الموازاة بين بنية المدينة وبنية الرواية؛ إذ وسم كلاًّ منهما خلال تاريخ طويل، طابعٌ من المركزية واضحٌ، ثم خلال زمن قصير نسبياً تفتّت هذه البنية المركزية للمدينة والرواية معاً، بظهور نماذج أخرى متعددة أو نموذج البنية اللامركزية في تكوين المدينة، وبتبلور شكل الرواية متعددة الأصوات التي جاوزت السرد الموحد والراوي العليم والخطاب المتجانس.

وكما يرى الكتاب فإن هذه الفروض/ التساؤلات ترتبط من جانب ثانٍ بسمات مثل التنوع والمرونة والانفتاح والحراك، التي نهض عليها تكوين كل من الرواية والمدينة، وبمعانٍ مثل التحرر والفردية أو تمزق الأواصر الجمعية التي كانت إلى هذه الدرجة أو تلك جزءاً من معالم الصلات بين ساكني المدينة، التي فككت تماسك التجمعات السابقة عليها، كما كانت في الوقت نفسه جزءاً من ملامح علاقات شخصيات الرواية التي تخطت تناول الروابط العشائرية في فنون قديمة كالملاحم.

تتعلق هذه الفروض/ التساؤلات من جانب ثالث بمدى تأثير عالم المدينة في العناصر الفنية الروائية، أولاً: على مستوى الزمن المجرد، المجزأ، والمفتت، الذي انقطع بعالم المدينة عن زمن الطبيعة المجسد، كلي الإيقاع المتصل الموسيقى الموزون، وكيف يمكن أن يكون هذا الزمن المديني ملمحاً مميزاً للعلاقات الزمنية في رواية تختلف عن رواية الريف مثلاً، وثانياً: على مستوى بروز الاحتفاء بالثقافة البصرية، وهي ثقافة مدينية بالأساس، التي تهتم بالاتصال عن طريق المرئي، أكثر مما تهتم بالاتصال عن طريق المسموع، وتبين أثر هذه الثقافة المحتمل في الاتجاه بعنصر السرد الروائي وجهة بعينها، وثالثاً: على مستوى خصوصية ما يسمى الأماكن الطبيعية الحضرية التي تمثل سلسلة من مفردات مكانية بعينها في المدينة وكيف يمكن أن تقترح هذه السلسلة صياغات خاصة لعلاقات المكان بالرواية، ورابعاً: على مستوى صياغة الراوي، من حيث الحضور أو الغياب، الأحادية أو التعدد، النزوع الفردي أو الجمعي، كلية المعرفة أو نسبيتها.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"