عادي
عرضان برؤى جديدة في “الشارقة للمسرحيات القصيرة”

“من منا؟” تبحث في طبيعة الجريمة و”الصرير” تقارب الوحدة والانعزال

02:43 صباحا
قراءة 3 دقائق
كلباء -محمد ولد محمد سالم:
في ثالث أيام مهرجان الشارقة للمسرحيات القصيرة احتضن المركز الثقافي في كلباء مساء أمس الأول عرضين مسرحيين هما "من منا؟" للكاتب التركي عزيز نيسين، وإخراج محمد جمعة علي، و"الصرير" للكاتب العراقي يوسف العاني، وإخراج حسين الجاسم .
مخرج عرض "من منا؟" هو الشاب محمد جمعة علي، ويعتبر مفاجأة المهرجان، فهذا الفتى الذي يبلغ 16 عاماً فقط، قد حصل على عدة جوائز تمثيل وإخراج في مهرجان المسرح المدرسي، وشارك في مهرجان المسرحيات القصيرة ممثلاً، كما خضع للتدريبات التي أقيمت أثناء ورش العرض المتكامل على مدى دورتين مما أهله لأن يتصدى هذه المرة للإخراج، وقد كانت التجربة مبشرة وواعدة، ودالة على ما يمكن أن يقدمه مهرجان المسرحيات القصيرة للشباب الموهوبين .
تعلن الحكومة في عرض "من منا؟" عن مكافأة كبيرة لمن أتاها بالمجرم الفار من العدالة، حياً أو ميتاً، وتبعث إلى الشرطة والجيش وتشكيلات الأمن في كل مكان بصوره، ويخرج أهل المدينة جميعاً يبحثون عنه طمعاً في المكافأة، فيجد المجرم نفسه محاصراً قد ضيق عليه الخناق، فيلجأ إلى مخفر يحرسه شرطي، ويتعرف إليه الشرطي حالما يراه، لكنّه لا يقتله ولا يمسك به، بل يطلب منه أن يغادر ذلك المكان فورا، لكنه لا يستطيع الخروج لأنه سيموت عند أول خطوة خارج ذلك المكان، فكل شبر من الأرض محاصر، ونعرف أن الشرطي لا يريد قتله لأنه أولاً لا يحب القتل، وثانياً لن يحصل على المكافأة لأن الشرطة والجيش لا يحصلون على المكافآت عن عمل هو من صلب مهامهم .
بينما هما في ذلك السجال يشعران بأن شخصاً قادم إليهما، فيختبئ المجرم، ويدخل رجل أبتر اليدين يحمل في عنقه إناء فيه طعام وشراب، وفي حواره مع الشرطي، يخبره أنه يسعى وراء المجرم لكي يمسك به فيحصل على المكافأة، وأن خطته تقتضي أن يعطي للمجرم الطعام والشراب، ويلاطفه حتى يأنس به ويطمئن إليه، وعندما ينام المجرم يخرج هو فيبلغ الحكومة عن مكانه، وفجأة يخرج المجرم من مخبأه، ويهجم على الأبتر، ويضربه بقادوم كان يحمله معه، ثم يطلق الشرطي النار على المجرم، وينتهي العرض بصوت يقول: "من منا المجرم حقا؟" .
من السمات الجيدة في عرض محمد جمعة انسجام الممثلين وتناغم أدائهم، وقد أظهر أن لديهم طاقات تمثيلية كبيرة، وقابلة للنضج إذا ما خُدمت بالتدريب والتوجيه، ولفت الشاب ناصر خليفة الانتباه إليه بقدرته على تقمص الدور بعفوية ودون مبالغة، كما قدم خميس اليماحي وراشد خميس أداء لا بأس به، لكنّ العرض عانى مشكلة جوهرية فلم يبين ما إذا كان هذا الرجل الفار مجرماً حقيقياً أم أنه مجرد متهم، لأن مساعدة الحكومة في الإمساك بمجرم حقيقي ليس جريمة حتى ولو كان ذلك ابتغاء مكافأة، كما أن الشرطي الذي كان يمتنع عن القتل نراه فجأة يطلق النار على المجرم ولا نعرف هل ينتقم للأبتر أم أنه كان في دخليته ينوي قتل المجرم .
المسرحية الثانية هي "الصرير"، ومخرجها هو أيضا أحد الشبان الذين واكبوا المهرجان منذ أولى دوراته وانخرطوا في ورشاته، وقدم في الدورة الماضية عرضاً حاز قبول الجمهور، وفي هذه السنة عاد بطموح كبير، وقدم عرضاً لا بأس به، يدل على أن أداءه وفهمه للعملية الإخراجية في تطور مستمر .
"الصرير" هو حكاية رجل متقاعد وحيد قد فقد أهله، فلزم بيته ولم تبق له علاقة بالحياة من حوله، ولم يعد له من أنيس سوى ذلك "الصرير" الذي ينبعث من باب منزله الصدأ، هو الشيء الوحيد الذي يذكره بالحياة وبأنه ما زال يعيش، يظل يحاوره طوال اليوم، ويطلب منه ألا يتوقف، لأن في توقفه علامة على النهاية، وبينما هو على حاله تلك إذ زارته زميلة قديمة كانت تعمل معه، وربطتها به وبزوجته صداقة عميقة، فتهيج له تلك المرأة الذكريات، وتحاول أن ترتب له منزله المهمل الكثير القمامة، ثم تودعه، فيكتشف بعد ذهابها أنها عالجت الباب حتى انقطع الصرير، فيتألم لذلك ويصاب بأزمة وإحساس فظيع بالنهاية .
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"