عادي

كيف تتحكم «إسرائيل» في السياسات الأمريكية؟

03:39 صباحا
قراءة 3 دقائق
فيليب جيرالدي

كثيراً ما يسألني أصدقاء ومعارف لماذا أنا أظهر هذا «الاهتمام المبالغ فيه تجاه «إسرائيل»، ويقترحون علي أن أركز بدلاً من ذلك على مسائل الأمن القومي والفساد السياسي.
المشكلة في هذا الاقتراح هي ما يُسمى «العلاقة الخاصة» بين الولايات المتحدة و«إسرائيل»؛ ذلك أن«إسرائيل»- وليس روسيا - هي الدولة الوحيدة التي يمكنها أن تتدخل في العمليات السياسية داخل الولايات المتحدة دون عاقبة أو حتى انتقاد، وهي أيضاً التهديد الخطر الوحيد لأمننا القومي؛ لأنها هي واللوبي الداخلي النافذ المناصر لها يشكلان النصيرين الرئيسيين لاستمرار دولة التدخلات العسكرية الأمريكية.
ولنأخذ كمثال بارز قرار الحرب على العراق استناداً إلى مزاعم زائفة روجت لها زمرة من أمريكيين يهود نافذين في البنتاجون ووسائل الإعلام. وأسفرت تلك الحرب عن مقتل 4424 أمريكياً ومئات آلاف العراقيين، وسوف تكلف دافعي الضرائب الأمريكيين 7 تريليونات دولار؛ عندما تنتهي الحكومة الأمريكية من دفع جميع الفواتير.
وهذه المجموعة ذاتها من المحافظين الجدد، ومعظمهم يهود، يحرضون اليوم على شن حرب ضد إيران استناداً إلى خطة تصعيد أعدتها«إسرائيل» ذاتها، ولا بد أن تكون هي أيضاً كارثية مثل حرب العراق.
وحسب مكتب التحقيقات الفدرالي ( إف بي آي، الشرطة الاتحادية الأمريكية )، فإن«إسرائيل» تدير أخطر عمليات التجسس ضد الولايات المتحدة؛ حيث كثيراً ما تسرق تكنولوجياتنا العسكرية، التي يتربح منها تجار الأسلحة «الإسرائيليون». وأبرز نجاحات«إسرائيل» في التجسس على أمريكا، تشمل أخطر جاسوس في تاريخ الولايات المتحدة؛ وهو جوناثان بولارد، الذي نقل إلى «إسرائيل» معلومات عسكرية مصنفة«سري للغاية»، بما فيها تكنولوجيا أسلحة نووية.
و«إسرائيل» تتجاهل السيادة الأمريكية. وقد تباهى رئيسا وزرائها أرييل شارون وبنيامين نتنياهو بأن «إسرائيل» تدير عملية تجسس سرية كبرى ضد العرب في الولايات المتحدة. وكثيرون في أوساط الأجهزة الاستخباراتية وقوات الأمن يشتبهون بأن«إسرائيل» حصلت مسبقاً على معلومات استخباراتية تتعلق بمؤامرة اعتداءات 11 سبتمبر/أيلول 2001؛ ولكنها لم تبلغ واشنطن بها.
والنفوذ اليهودي في أمريكا؛ من حيث المال والعلاقات مع شخصيات أمريكية نافذة، هو ما يُمكّن«إسرائيل» من أن تعمل داخل أمريكا دون محاسبة أو عاقبة، الأمر الذي يلحق ضرراً بالأمن القومي الأمريكي. وتنشط في أمريكا مئات مجموعات الضغط ( اللوبي )، وآلاف الأشخاص؛ من أجل مصالح «إسرائيل» وعلى حساب مصالح الولايات المتحدة. وبذلك تحصل«إسرائيل» على هبة سنوية أمريكية بمليارات الدولارات، لا لسبب سوى أنها «إسرائيل». وهي تستطيع أيضاً أن تحصل على أي شيء تريده من حكومة وكونجرس أمريكيين خنوعين، ومن دون أي اعتراض من وسائل إعلام رئيسية خاضعة لنفوذ اللوبي الموالي ل«إسرائيل».
و«إسرائيل»حصلت أيضاً من الولايات المتحدة على دعم سياسي مطلق في المحافل الدولية؛ مثل الأمم المتحدة، وهو ما يضر بسمعة ومصالح أمريكا. ومن أبرز الأمثلة هو أن السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي هي مدافعة متحمسة عن «إسرائيل»، في حين أن السفير الأمريكي لدى «إسرائيل»( اليهودي ) ديفيد فريدمان؛ هو نصير معلن للاستيطان «الإسرائيلي»، الذي تعارضه الولايات المتحدة من الناحية الرسمية، كما أنه مدافع معلن عن جرائم الحرب«الإسرائيلية».
وفي داخل أمريكا، تتسبب «إسرائيل» بأضرار يمكن أن تكون حتى أكثر خطورة. وعلى سبيل المثال، يسعى السيناتور ( اليهودي ) بن كاردن؛ لتقويض التعديل الأول في الدستور الأمريكي
(الذي يضمن حرية التعبير )؛ من خلال سعيه لإصدار قانون يحظر أي انتقاد ل«إسرائيل». وفي هذا الإطار، تجدر الإشارة إلى أن ولايات أمريكية كثيرة حظرت حركة المقاطعة الفلسطينية الموجهة ضد«إسرائيل».
وهناك ظاهرة خاصة بالولايات المتحدة وحدها بين ديمقراطيات العالم، وهي أن السياسيين الأمريكيين يتخوفون من تجاوز اللوبي اليهودي، فيمتنعون عن قول أي شيء سلبي بشأن«إسرائيل».
ولنقارن ذلك بالتدخلات الروتينية ل«إسرائيل» في السياسات الأمريكية؛ الأمر الذي يفسد المؤسسات الأمريكية دون أن يكلف«إسرائيل» أي شيء.
لقد كان يتعين منذ وقت طويل فضح هذا الواقع؛ إذ إن«إسرائيل» ليست سوى مصدر متاعب للولايات المتحدة.

معلق صحفي وتلفزيوني أمريكي يترأس المنظمة الأهلية «مجلس رعاية المصلحة الوطنية الأمريكية» وسبق أن عمل لدى الاستخبارات العسكرية الأمريكية. موقع «ذا أونز ريفيو»

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"