عادي

«فلاكا».. مخدر جديد يقود ضحاياه إلى الهلوسة

05:45 صباحا
قراءة 9 دقائق
تحقيق: جيهان شعيب

لا شك أن الشباب هم الورقة الرابحة لمستقبل أية دولة تطمح لغد قوي مدعوم بسواعد أبنائها، وفكرهم الواعي، وأفكارهم الواعدة، فالشباب هم الرهان غير الخاسر في أي معترك حياتي، ولأي مجتمع ينتظر نهوضاً، ورقياً، وتطوراً، وتميزاً، وتفرداً على مستوى خدماته، وأركانه، وجوانبه كافة.
ولأنهم الغد المشرق المنبئ بالخير، فلابد من تحصينهم ضد أي منزلقات خطرة، أو أفخاخ قد تنصب لهم في الظلام، فتعرضهم إلى ما لا يحمد عقباه من مخاطر، وأضرار، ونكبات غير متوقعه.
سالف القول بأكمله يتركز في الخطر الداهم المسمى «فلاكا» وهو أقراص مخدرة، أو حبوب هلوسة جديدة، من احدث أنواع الكيماويات المصنعة في الصين، ينتشر في الدول الغربية، والمتاجرون به يطلبونه عن طريق الإنترنت نظراً لترويجه عبر شبكته، ويتم إرساله لطالبيه من خلال البريد، فيما يقضي ومنذ اللحظة الأولى على إدراك متعاطيه بأفعاله وتصرفاته، وعلى إحساسه بالألم، كما يؤدي إلى تغييبه تماماً عن الواقع، ويأخذ به إلى أن يصبح قاتلا عدوانيا، شرسا، غير مدركاً ما يرتكبه من أعمال عنيفة، وغريبة، وجنونية، ووحشية، وغير متوقعة على الإطلاق، فضلاً عن تحويله المتعاطي إلى مخلوق مدمر «زومبي» خارج عن السيطرة، والمعقولية، كأن يقفز في زجاج سيارة أثناء سيرها، أو ينام أمام سيارة مسرعه قادمة، أو يسير على سطح قطار، أو ينزع ملابسه بالكامل، ويقدم على قتل أي شخص يقابله بالصدفة في المكان الذي قد يكون متواجدا فيه!
«فلاكا» لا وجود له في الدولة إلى الآن، في ضوء تأكيد الجهات المعنية بذلك، وفي ظل تشديدها على انه لا توجد أية حالة تم ضبطها أو رصدها، إلا أن ذلك لا يعني أن نرتكن إلى الاطمئنان، والهدوء، والتسليم بأننا في مأمن منه، أو انه أبعد ما يكون عن حدودنا، وأسواقنا، دونما الأخذ بالاحتياط والذي هو واجب تجاه جميع الظواهر السلبية، حيث - وبالطبع- لن يطرق هذا المخدر أو غيره من الآفات المدمرة الأبواب للاستئذان بالدخول، إذ قد تتسلل إلينا في غفلة منا، بما يترتب الاستعداد لمواجهتها، والإسراع بسد منافذنا والتدقيق عليها للوقوف كحائط صد دون نفاذها من خلالها، والوصول لأبنائنا -لأقدر الله بذلك-.
الخطر الجديد يعد حرباً غير تقليدية تستهدف الشباب، لتفتك بهم، بما يستلزم بحسم وإصرار الانتباه فورا وبشكل جدي، وحازم، لوضع تدابير احترازية مدروسة وموضوعية، لمواجهة مشددة لهذه الكارثة المدمرة، التي باتت قاب قوسين أو ادنى من القدوم إلى منطقة الشرق الأوسط، ولعل التشديدات التي يجب وضعها من قبل الجهات المعنية، تحمي الدولة من وصولها إليها.
حول بنود المواجهة الأمنية الواجبة لهذا المخدر المدمر وغيره، والتحصين اللازم للأبناء من قبل الأسر، يدور التحقيق الآتي:
استهل عبيد الطنيجي سفير النوايا الحسنة في الأمم المتحدة الحديث قائلاً: لا شك أن الدولة تتصدى لكل الظواهر السلبية التي تبحث لنفسها عن مكان فيها، وتعمل أجهزتها المختلفة بجهد حثيث على حماية الشباب، وتجنيبهم السقوط في براثن أي من الآفات الذاهبة بالعقول، كما لا تألوا جهدا في الحفاظ على مكتسباتها ومقدراتها.
ومن المؤكد أن مخدر «فلاكا» لا يوجد في الدولة، ولم يجد لنفسه مدخلاً إلى أراضيها، إلا أن الأمر بالفعل يحتاج إلى توخي الحذر، وبناء جسور من الاستعداد المدروس للتصدي لأي محاولة تعمل على جلبه، بغية إيذاء سواعد الوطن الشابة، والإتيان على عقولها.
ومن الضرورة بمكان تشديد الإجراءات على منافذ الدولة، والاحتراس لكل ما يتم إدخاله من خلالها، وعلى الأسر الانتباه للأبناء، والوقوف على أية أعراض غريبة قد تظهر عليهم، ومتابعة تصرفاتهم، وتنبيههم للخطورة البالغة الناجمة عن تعاطي أية مواد مخدرة، أو مؤثرة على العقل.

التدابير المهمة

أما المحامي عبد الرحمن الفردان خبير مكافحة المخدرات في الأمم المتحدة الحديث فأكد أن مخدر «فلاكا» منتشر بين طلبة الجامعات في بعض الدول الغربية، وتعاطيه يصل بالفرد إلى حد القتل والتنكيل، سواء بأقرب أصدقائه، أو زملاء عمله، أو حتى زوجته دونما سبب محدد، أو حتى قتل نفسه بوحشية، كأن يطلب المتعاطي من صديقه قيادة السيارة على سرعة 200 كيلو متر في الساعة ومن ثم يقفز منها لينتهي به الأمر إلى أشلاء مبعثرة.
وقال: بالفعل ورد لعلمنا أن متعاطي هذا المخدر يقومون بأفعال شديدة الدموية والبشاعة، فإن لم يرتكبوها في حق غيرهم، لا يتوانون عن إلحاقها بأنفسهم بصورة غير مألوفة، وشديدة العنف والقسوة، وتتعدى جميع صور ارتكاب جريمة الانتحار على اختلافها، فيما إذا ساقت الأقدار احدهم للتواجد بالقرب من متعاطي هذا المخدر، فمن المؤكد انه سيفقد حياته على يديه.وفي الحقيقة لابد من وضع بعض التدابير المدروسة للحيلولة دون تسلل هذا المخدر إلى الدولة عبر منافذها المختلفة، ومن الضرورة بمكان توعية الشباب بخطورة السقوط في براثن هذه المادة المدمرة والفتاكة بالعقول والأجساد، فإن كنا نعتبر المواد المخدرة والمؤثرات العقلية مدمرة للعقل، فلا وجه للمقارنة بينها وبين المخدر الجديد «فلاكا»، الذي يذهب تماماً بالعقول، ويدفع متعاطيه لارتكاب جرائم شديدة الوحشية والأذى.

مراقبو مدارس

ومن قبل لجهات المعنية بالشباب، وعن الكيفية المطلوبة من الأسر لتحصين الأبناء دون الانزلاق في براثن هذا المخدر، أو غيره، قال محمد سلطان الخاصوني الكتبي رئيس لجنة التربية والتعليم والشباب والثقافة والإعلام في المجلس استشاري في الشارقة: المخدرات أصبحت آفة العصر، وانتشرت انتشارا كبيرا وسريعا بين شبابنا وأبنائنا في المدارس، والبيوت، والمقاهي، والأندية، والكثير من أماكن تواجد الشباب، بدليل ضبط كميات كبيرة في منافذ الدخول بشتى أنواعها، بالرغم من القوانين والأنظمة الصارمة التي سنتها الدولة.
والتصدي للمخدرات بشكل عام تتطلب متابعة الأبناء من خلال تفعيل دور الأسرة في مراقبة أبنائها، وتوجيههم لاختيار الصحبة الصالحة، وتوعيتهم من مخاطر وسائل التواصل الاجتماعي، وتقوية الوازع الديني لديهم، إلى جانب التواصل المستمر بين المدرسة والبيت، وتعزيز دور مجلس أولياء الأمور في مراقبة الطلاب، بتعيين مراقبين في المدارس، وتحديث كاميرات المراقبة الموجودة فيها، وتوعية الشباب من خلال المحاضرات.

تكثيف التوعية

ويشير محمد راشد رشود الحمودي نائب رئيس مجلس أولياء الأمور في مدينة دبا الحصن إلى ان «فلاكا» مخدر منتشر بالتحديد في الولايات المتحدة الأمريكية حسب ما قرأ عنه، كما أنه رخيص الثمن عن المخدرات الأخرى، بما أدى لإقبال الشباب الغربي -الذي يسعى خلف هذه الآفات الضارة- عليه، قائلا: هذا النوع من المخدر يعتبر مادة سامة، تؤدي إلى حدوث اضطرابات في القلب، وتزيد من السلوك العدواني العنيف، والهذيان، ما يؤدي بمتعاطيها للركض في الشوارع، وتمزيق ملابسهم ظناً منهم أن النيران تشب في أجسامهم بسبب ارتفاع الحرارة، أو أن هناك أناساً أو حيوانات ضارية تطاردهم لقتلهم، وبشكل عام هذا النوع من المخدر يسبب الجنون ومن ثم الوفاة.
وبالرغم من أن الجهات الأمنية في دولتنا الحبيبة واعية ومدركة لمثل هذه المخدرات، إلا أننا أيضا نطالبهم بأخذ الحيطة والحذر لمنع تسلل ودخول هذه الآفة، وغيرها إلى الدولة عبر منافذها المختلفة، ولابد من تكثيف جهود التوعية عبر وسائل الإعلام المختلفة، المسموعة، والمرئية والمسموعة، بعقد ندوات ومحاضرات توعية وتحذير.

المشاركة الإيجابية

وقال سيف محمد بن رويجدة الكتبي عضو المجلس البلدي في إمارة الشارقة، وعضو مجلس أولياء أمور المنطقة الوسطى: الأبناء هم أمانه في أعناق الآباء، لذلك يسعون لتربيتهم تربيه سليمة تجنبهم الانزلاق في الأفعال السلبية المرفوضة، التي تدمر طاقاتهم، وقدراتهم، وتضعف منظومة القيم لديهم، لاسيما تعاطي المخدرات، التي يعد الأكثر عرضه لها منهم ضعاف الشخصية، ومن يعانون من مشكلات اجتماعيه، ويفتقرون إلى القدرة في التعامل معها.
ومن أساليب توجيه الشباب ووقايتهم من التعرض لهذه الظواهر الخطرة، تعزيز فرصهم في المشاركة الإيجابية في خدمه أنفسهم، وأسرهم، ووطنهم، وتنميه قيمهم المجتمعية، وإبراز صفاتهم الحسنه، وعلى الأسر أن تكون قدوة للأبناء في السلوك والمعاملة، ومن الضروري تعاون الهيئات الحكومية في الدولة من اجل منع إنتاجها، وتجارتها، واستهلاكها، ومن الضروري تدريب العاملين في أجهزه الأمن على احدث أساليب وطرق ووسائل المكافحة، والتصدي، وأيضاً والمعالجة.

غرس المبادئ

وأكد التربوي علي مصبح الكتبي العضو السابق في «استشاري» الشارقة أن التربية من المهام الصعبة التي تواجه الآباء والأمهات، بسبب الأوضاع الحالية في كل أنحاء العالم من تفشي الجريمة والعنف، فضلا عن الانفتاح على الثقافات المختلفة، قائلا: هذه التحديات تصعب مهمة الآباء في تربية أبناء يتحلون بمكارم الأخلاق من النزاهة، والتهذيب، والأمانة، وجميع القيم الفاضلة التي يتمنى الأب والأم أن يتمتع بها الأبناء.
ولكن الاحترام، والرعاية، والمحبة، والتوجيه، يمكن أن يجعل الأبناء مسؤولين وناجحين عند الكبر، شريطة أن تعمل الأسر على منحهم حباً غير مشروط، وتوفر الرعاية اللازمة لهم، التي من شأنها أن تزيد من ثقتهم بأنفسهم، وترسخ لديهم قيم الاعتداد بالذات، إلى جانب الاهتمام بإشراكهم في المناشط الإيجابية التي توفرها الدولة لهم، و كذلك على المؤسسات المعنية بالاستقرار الأسري العمل بشكل أكبر على غرس المبادئ التربوية السليمة في المجتمع.

زيارات للمصحات

ويرى عيسى الذباحي النائب السابق لرئيس المجلس البلدي في كلباء: حماية أبنائنا من الانزلاق في براثن المخدرات يتطلب من جميع الجهات القيام بجهود كبيرة حيث يقع على الأسرة عبء كبير في تنشئة الأبناء بصورة اجتماعية سليمة، من خلال تشجيعهم على التمسك بالقيم والعادات السليمة، على أن يكون الوالدان القدوة الحسنة لهم في ذلك، مع التواصل معهم، ومراقبتهم، وإبعادهم عن رفاق السوء، ونصحهم، وتوفير البيئة المناسبة لهم في ضوء أسرة متماسكة ومترابطة الجوانب الحياتية.
وعلى المدرسة تقديم النصح والإرشاد للطلاب بخطورة آفة المخدرات، وتصحيح الأفكار المرتبطة بها، من خلال تضمين المقررات الدراسية آثارها السلبية، والنتائج المترتبة عليها، وتنظيم زيارات للطلاب إلى مصحات علاج المدمنين للوقوف على عواقب تعاطيها، وكذلك تفعيل دور الأخصائي الاجتماعي، للاكتشاف المبكر للحالات التي تعاني اضطرابات نفسية، ومحاولة معرفة أسبابها، وعلاجها.

خالد المدفع: «صيف بلادي» يحصن الشباب من المخاطر

ذكر خالد عيسى المدفع الأمين العام المساعد للهيئة العامة لرعاية الشباب والرياضة رئيس اللجنة العليا المنظمة للبرنامج الوطني للأنشطة الصيفية، أن برنامج «صيف بلادي» يهدف إلى تعزيز دور الشباب، وبناء ثقافة وقائية ضد كل ما يحيط بهم وبالمجتمع ككل من مخاطر، وتهديدات خصوصاً المخدرات، والمؤثرات العقلية، من خلال عدد من البرامج والأنشطة التي تعمل على استثمار جميع القدرات، والمواهب، كهدف رئيس للبرامج الرامية لتوحيد الجهود الوطنية في سبيل بناء أجيال واعية، لديها القدرة على التعامل مع التحديات، والمخاطر الراهنة والمستقبلية، بالإضافة إلى تكثيف برامج التوعية على مستوى الدولة من خلال برامج هادفة تشمل جميع الأعمار، لوضع الآفة في بؤرة الاهتمام المجتمعي، وهي خطوة بلا شك من أهم الخطوات الرافدة لمكافحة المخدرات، والتي تقوم على مبدأ رفع المناعة المجتمعية، لتقف الشرائح المتوقع استهدافها في وجه الاصطياد السهل، ولا تصبح لقمة سائغة في أفواه الباحثين عن تحطيمهم.
وتطرق المدفع إلى رؤية البرنامج الوطني صيف بلادي الرامية إلى احتواء الشباب، وتوجيههم وفق رؤى واستراتيجيات تعمل على انعكاس الفائدة المرجوة عليهم، وعلى وطنهم، في ظل المتغيرات التي يشهدها العالم من آثار سلبية باتت تهدد الشباب وتفتك بهم.
وأشار إلى أن البرنامج يحقق بعداً اجتماعياً من خلال التركيز على مبدأين هما المشاركة والتلاحم المجتمعي، وبهما يمكن تحقيق الكثير في مواجهة التحديات التي يواجهها الشباب، ومن بينها تحدي وقت الفراغ خلال الإجازة الصيفية، وتحدي الغزو الفكري الذي يتم مواجهته عبر توفر أساس قوي لمحاصرة الأفكار، والإيديولوجيات والتيارات الفكرية، قائلاً انه بهذه البرامج يمكن توجيه الشباب لخدمة مصلحة الوطن، وإعداد جيل يمكن التعويل عليه في حمل أمانة الوطن».
وأوضح المدفع أن الثناء العالمي الكبير على خطوات دولة الإمارات نحو أمن المجتمعات دليل قاطع على الجهود المبذولة في مكافحة المخدرات، والتقدير الكبير لإستراتيجيتها في منع انتشار الآفة، وتكثيف الجهود وتعاضدها في قطع الأوكسجين عن المروجين، ومحاصرتهم حتى لا يجدوا لهم حياة في بيع الموت للآخرين، متمنيا التوفيق للشباب، ومهيبا بهم وضع مصلحة الوطن نصب أعينهم، وعدم الانجراف نحو التيارات والأفكار التي تدعو إلى الانحراف والتطرف.

إضاءة واجبة

تقول بعض المعلومات الواردة في احد التقارير الفرنسية عن مخدر «فلاكا» انه موجود منذ سنوات الستينات، وأعيد تقديمه بشكل جديد، ويسبب تعاطيه في ارتفاع درجة حرارة الجسم إلى نحو 40.5 درجة مئوية وأكثر، ويرى جيمس هال عالم الأوبئة في جامعة جنوب شرق نوفا أن المخدر شديد السمية، يدوم فترة طويلة، بينما أشار موقع «ديلي دوت» الأمريكي إلى أن المخدر يجعل مستخدميه يشعرون بأنهم أصحاب قوى خارقة، ويقومون بأفعال مرعبة.
و«فلاكا» مصنوع من مادة تسمى «pvp» وهي مركب من مادة الكاثنيون، المعروفة بأملاح الاستحمام، وهي مادة نشطة.
ومن بعض أعراضه أن ضحاياه يمزقون ملابسهم، ظنا منهم أن النيران شبت بأجسادهم، أو أن حيوانات ضارية تجري وراءهم، كما ينزعون إلى العدوانية والعنف، ويرتفع لديهم مستوى الأدرينالين، فيما وبمجرد تقييد المتعاطي يمكن أن يموت فجأة إذا لم يتم الإسراع بإسعافه.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"