عادي
ابنة رئيس مولدوفا السابق اختارتها «الغارديان» ضمن 7 نساء يقدن التغيير

ناتاليا: لن أعيش في جلباب أبي

04:15 صباحا
قراءة 5 دقائق
مع تفتح أزهار الربيع شهر مارس/آذار 1969 بعد شتاء طويل في مقاطعة شيشيناو التي كانت جزء من الاتحاد السوفييتي في ذلك الوقت، أبلغ المهندس الزراعي ميريسيا سينغور بأن زوجته أنجبت طفلة، اختار لها اسم (ناتاليا)، ولم يكن يدور بخلده أنه سيكون له دور كبير في تاريخ مولدوفا، التي أصبح أول رئيس لها بعد استقلالها من الاتحاد السوفييتي السابق، وأن ابنته التي أتت إلى الدنيا مع زهور الربيع ينتظرها حظ عالمـــي، بعد أن نالت نصيبها محلياً في بلادها، لحظة أن قدمتها بلادها للمنافسة على منصب الأمين العام للأمم المتحدة الشهر الماضي.
كانت حياة ناتاليا طبيعية مثل كل الأبناء في شيشيناو، تراقب باهتمام صعود نجم والدها في سلك الحزب الشيوعي بإعجاب، والذي تدرج في العمل داخل وزارة الزراعة إلى أن أصبح مدير جمعية بحوث الإنتاج حتى العام 1981، ليتفرغ بعدها للعمل الحزبي، حيث شغل منصب أمين عام لجنة الحزب الشيوعي في منطقة يدينيسكسى حتى العام 1985، الذي شهد صعوده لأعلى منصب في الجمهورية السوفيتية السابقة وقتها كأمين عام للجنة المركزية للحزب الشيوعي المولدوفي، والذي استمر فيه إلى العام 1990، ليسهم بعدها بقوة في قيادة بلاده للاستقلال عن الإمبراطورية السوفييتية، بعد تفككها في العام 1991 وليصبح أول رئيس للبلاد بالانتخاب الحر المباشر.
وعلى المسار الآخر كانت ناتاليا أكملت دراستها بنيلها ليسانس الآداب من جامعة ولاية مولدوفا، ومع تخرجها كان والدها أصبح رئيس مولدوفا الاشتراكية، ليقود أكبر معركة مع الجبهة الشعبية لمولدوفا التي كانت تطالب بالوحدة مع رومانيا، ولكن والدها نجح بعد ترشحه مستقلاً للفوز بالانتخابات في أكتوبر/‏تشرين الأول 1991، ويعلن مولودفا دولة مستقلة، وهي نفس الفترة التي شهدت انضمام ناتاليا للسلك الدبلوماسي في الجمهورية الوليدة، عندما عينت سكرتيراً ثانياً ثم سكرتيراً أولاً في إدارة المنظمات الدولية في وزارة الشؤون الخارجية، لتنقل بعدها إلى فيينا في الفترة ما بين عام 1994 إلى عام 1997، لتشغل منصــب مستشار ونائب الممثل الدائم لدى وكالات الأمم المتحدة ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا. لكن ناتاليا لم تتأثر بذلك وشقت طريقها لتشغل منصب نائب رئيس قسم الأمن الأوروبي والشؤون السياسية والعسكرية في وزارة الخارجية المولدوفية ما بين عام 1997 إلى عام 2001، وهي الفترة نفسها التي شهدت حصولها على الماجستير في الآداب، والدبلوم العالي في دراسات الحرب في كينغز كوليدج في لندن عام 1999لتقضي عاماً واحداً كوزير مفوض في السفارة المولدوفيــة في بروكسل، فضلاً عن منصب نائب رئيس بعثة مولدوفا لحلف شمال الأطلسي، وفي عام 2002، أصبحت سفير مولدوفا في النمسا وممثلها الدائم لدى منظمة الأمن والتعاون ووكالات الأمم المتحدة في فيينا.
لعبت في تلك الفترة أكبر دور دبلوماسي لها ضمن إطار منظمة الأمن والتعاون لتسوية النزاع العسكري بين بلادها وروسيا على تبعية (ترانسنيستريا) لتحصل عليها مولدوفا في الآخر، لتغادر عام 2006 إلى بروكسل وستوكهولم، وهلسنكي لتصبح سفير مولدوفا في السويد والنرويج وفنلندا. لتعود إلى بلادها عام 2009 بعد تعينها نائب وزير الخارجية والتكامل الأوروبي، لتلعب أكبر دور في تاريخ مولدوفا نحو ملف انضمامها للاتحاد الأوروبي.
كافأتها بلادها عام 2013 بتعينها وزيراً للشؤون الخارجية والتكامل الأوروبي ومنصب نائب رئيس الوزراء، وكانت مسؤولة عن رئاسة اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر أيضاً.
وفي عام 2014، اختارتها صحيفة «الغارديان» البريطانية باعتبارها واحدة من «سبع نساء في عالم السياسة الذين يقدن التغيير في كل أنحاء العالم». وزعمت أنها «يمكن أن تكون أفضل رئيس وزراء أو رئيس مولدوفا في المستقبل» لتخوض في نوفمبر عام 2014، غمار الانتخابات في بلادها ويتم انتخابها كعضو في مجلس النواب، وأصبحت عضواً في اللجنة البرلمانية للسياسة الخارجية والتكامل الأوروبي.
بعد استقالة شيريل غابيروسي من منصب رئيس الوزراء في 22 يونيو عام 2015، تولت ناتاليا المنصب بصفة مؤقتة إلى 30 يوليو2015، عندما أصبح فاليريو سترليت رئيس الوزراء، لتواصل العمل معه في وزارة الخارجية إلى يناير2016.
وفي فبراير 2016 جرى ترشيحها بشكل رسمي من قبل فلاد لبونا الممثل الدائم لمولدوفا في الأمم المتحدة كمرشحة لمنصب الأمين العام للأمم المتحدة.
وفي رسالة الترشح امتدح رئيس الوزراء المولدوفي بافل فليب مرشحته ناتاليا في رسالة بعث بها إلى الأمم المتحدة، وركز من خلالها على خبراتها الدبلوماسية وقدراتها التفاوضية التي قادت إلى تكامل بلاده مع الاتحاد الأوروبي، ومن جهة أخرى ركز في رسالته على دورها في قمة الأمم المتحدة للتنمية عام 2015 وقال «قد تبدى الاعتراف بكفاءة السيدة ناتاليا على أفضل نحو في في قيادتها للحوار العالمي الذي أجرته الأمم المتحدة بشان تعزيز القدرات، وبناء مؤسسات فعالة لتنفيذ خطة الأمم المتحدة للتنمية عام 2015، واعتماد البيان الختامي لاجتماع شيشناو الذي تلى ذلك، والذي تبين أنه يشكل إسهاماً قيماً في خريطة الطريق الإنمائية العالمية الجديدة للسنوات الـ 15 المقبلة، وقد ركزت ناتاليا على تعزيز آليات حقوق الإنسان وتمكين المرأة والمساواة بين الجنسين» وأضاف أن ناتاليا ساهمت في تعزيز التعاون مع الأمم المتحدة في مجال الطاقة وكانت شريكاً كفؤاً للمنظمة الدولية في عمليات إصلاح الأمم المتحدة وفق مفهوم وحدة العمل.
تحظى ناتاليا التي تجيد أربع لغات هي الرومانية، والألمانية، والروسية، والإنجليزية، بعلاقات جيدة مع دول الاتحاد الأوروبي، رغم أنها لم تحصل على موافقتهم لضم بلادها إلى دول الاتحاد، إلا أنهم يحفظون لها أنها من أبرمت اتفاقية التجارة الحرة مع الاتحاد، وحصلت على إعفاء التأشيرات لمواطني بلادها عند دخول دول أوروبا الغربية، وصادق برلمان بلادها على اتفاقية الانضمام إلى دول الاتحاد وهو ما يمكن أن يساعدها قليلاً.
كما أنها تحظى بدعم كبير من حلف الناتو، حيث إنها من ساهمت في دفع بلادها إلى إجراء مناورات مشتركة مع الحلف على أراضي مولدوفا، رغم أن الدستور المولدوفي ينص على الحياد التام، ويمنع الدخول في أي أحلاف عسكرية، لكن ناتاليا أثناء عملها وزيرة للخارجية انتهكت ذلك، وتم دعوتها العام الماضي للمشاركة في قمة حلف الناتو في بريطانيا، وحصلت بعد مشاركتها في لندن على تسهيلات كبيرة من الحلف لجيش بلادها، وينظر لها بعين الرضا من الدول الأعضاء في الحلف بعد تسهيلها له إقامة ثلاث قواعد عسكرية.
لكن من جهة أخرى فهي مرفوضة بشكل كبير من قبل روسيا العضو الدائم في مجلس الأمن، الذي يعتمد الترشيحات، نسبة لتاريخ المراشقات المستمرة أبان النزاع على ترانسنيستريا، المتنازع عليه مع موسكو، التي تحتفظ بقوات عسكرية في ترانس - دينستر، وهي مدينة انفصالية موالية لروسيا في مولدوفا، كما أن موسكــو لن تنســى لهــا أنهــا هــي من جلبت قوات الناتو إلى التخوم الروسية، وأنها عرابة توجيه مولدوفا نحو الغرب، لذا من المرجح أن تعارض موسكو بقوة ترشحها للمنصب، وهو ما يجعل نسبــة حظوظهــا قليلة نوعاً ما في الحصول على الموقع الأول في المنظمة الدولية في نيويورك.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"