عادي
في كلمته الافتتاحية للقمة العالمية للحكومات

محمد القرقاوي: الخيال سلعة المستقبل

05:48 صباحا
قراءة 5 دقائق
تغطية: سيد زكي

أكد محمد عبدالله القرقاوي، وزير شؤون مجلس الوزراء والمستقبل رئيس القمة العالمية للحكومات، أن «من يملك المعلومة يملك المستقبل.. وأن من يملك المعلومة يستطيع أن يقدم خدمة أفضل.. ويطور الحياة بشكل أكبر».
وقال، في كلمته الافتتاحية لفعاليات الدورة السابعة للقمة العالمية للحكومات.
وتحدث القرقاوي، عن ثلاثة تحولات كبرى ستتسارع خلال الفترة القادمة وستكون تأثيراتها شاملة، شارحاً تأثيرات التحولات العظمى على كل القطاعات؛ حيث ستغير حياة البشرية بشكل أكبر خلال الفترات المقبلة.
وقال القرقاوي إن أهم سلعة في المستقبل هي الخيال والأفكار، فما يميز الإنسان هو التخيل سواء للمستقبل أو للعمل أو الحياة، مؤكداً أن من يملك الخيال والأفكار يملك المستقبل، والحروب الاقتصادية المستقبلية، ستكون حروب أفكار، كما أن الفرق بين الإنسان والذكاء الاصطناعي هو القدرة على التخيل التي يمتلكها الإنسان.

تراجع دور الحكومات

وأشار إلى أن «الحكومات ستشهد تراجعاً في دورها وربما انسحاب الحكومات بشكل كامل عن قيادة التغيير في المجتمعات الإنسانية».. وقال إن «الحكومات ظلت بشكلها الحالي عبر مئات السنين هي الأداة الرئيسية لتطوير المجتمعات، وقيادة عجلة النمو، وتحسين حياة البشر».. مضيفاً أن «الحكومات كانت تتمتع بهياكل تنظيمية معينة، وأدوار ثابتة، وخدمات متعارف عليها، محاولة خلق البيئة الأمثل لتطوير المجتمعات وتحقيق النمو والرفاه والحياة الكريمة للإنسان».
وأكد أن المعادلة بدأت اليوم في التغير بشكل متسارع، ولا بد من طرح أسئلة عدة بهذا الخصوص.
وأوضح وزير شؤون مجلس الوزراء والمستقبل، أن «هناك تحدياً كبيراً أمام الحكومات التي لم تغير منهجياتها في العمل وأساليبها؛ حيث إن هناك قطاعاً كبيراً سيتحول إلى الشركات الخاصة، واليوم ينافس القطاع الخاص، الحكومات في مجالات كثيرة»، مؤكداً أن الشركات اليوم تنافس الحكومات في قطاعات كثيرة.
واعتبر أن السؤال الأول الذي يتطلب الإجابة عنه هو: «من يقود التغيير اليوم؟»، خصوصاً أن الحكومات لا تقود التغييرات في المجتمعات الإنسانية اليوم، ولا تؤثر فيها، بل فقط تحاول الاستجابة لها، وأحياناً بشكل متأخر.
ولفت القرقاوي إلى أن كل القطاعات الكبرى تتحكم بها الشركات لا الحكومات، ضارباً الأمثلة في قطاعات مثل التقنية التي يصل حجم إنفاق البحث والتطوير في شركات مثل أمازون في عام واحد فقط 22 مليار دولار، وفي جوجل 16 مليار دولار، وفي هواوي 15 مليار دولار.. كما تحدث عن قطاع الطب والصحة، وشبكات وأدوات النقل وحتى قطاع الفضاء.
أما السؤال الثاني الذي أشار إليه القرقاوي في كلمته فهو: «من يملك المعلومة اليوم؟»؛ حيث قارن بين عمل الحكومات في هذا الإطار والتي كانت تحتفظ بالبيانات في مبان، تعتبرها ثروات وطنية، مقارنة بعمل الشركات الكبرى اليوم التي تحتفظ بسجلات حياة: كيف نعيش، وأين نعيش، وماذا نقرأ، ومن نعرف، وأين نسافر، وأين نأكل، ومن نحب، وماذا نحب، مؤكداً أن هذه البيانات تشمل حتى الآراء السياسية والأنماط الاستهلاكية.
وأضاف: «من يملك المعلومة يستطيع أن يقدم خدمة أفضل، ويطور الحياة بشكل أكبر.. من يملك المعلومة يملك المستقبل».
وقال إن الحكومات بشكلها القديم لا تستطيع التأثير في صنع المستقبل.. لا بد أن تعيد الحكومات النظر في هياكلها، وفي وظائفها، وفي تفاعلها مع المجتمع، وأيضاً في خدماتها.. مضيفاً: «لا بد أن تتحول الحكومات من إدارة الخدمات إلى قيادة التغيير، ولا بد أن تتحول الحكومات من الهياكل الجامدة إلى المنصات المفتوحة».
وقال: «تحدثنا فقط عن التطوير والبحث، فإن القطاع الخاص عالمياً يصرف أضعاف ما تصرفه الحكومات إذا ما قارنا بالستينات والسبعينات؛ حيث إن شركة أمازون -على سبيل المثال- تصرف على التطوير 22 مليار دولار، وتصرف جوجل 16 مليار دولار.
وأشار إلى أن ما تصرفه شركات القطاع الخاص في الولايات المتحدة الأمريكية يبلغ 340 مليار دولار في قطاع التطوير والبحث، بينما تصرف الحكومة ما يقارب 54 مليار دولار سنوياً، فيما يبلغ الإنفاق لتطوير القطاع الطبي أكثر من 150 مليار دولار من قبل الشركات، فيما يستحوذ القطاع الخاص حالياً على تطوير قطاع النقل في مشاريع عملاقة مثل مشاريع الهايبر لوب.
وقال القرقاوي إن الحكومات أمام خيارين؛ إما أن تعيد صياغة نفسها بما يتناسب مع عصرها، أو تخاطر بتراجع دورها وقوتها وخروجها من دائرة الفعل ودائرة التغيير الإيجابي، وأن تكون خارج السباق وخارج السياق.
وقال في كلمته إن «الخيال هي الموهبة الأهم والسلعة الأعظم، وعليها سيكون التنافس، ومن خلالها سيتم خلق القيمة، ومن يملكها سيملك اقتصاد المستقبل».
وأوضح أن عام 2030، سيكون حجم الاقتصاد القائم على التخيل والأفكار حوالي 80.5 تريليون دولار؛ لذا لا بد من أن نُعلّم أبناءنا على الخيال والابتكار والتصميم من أجل تحويل الخيال إلى واقع.
وبيّن أن المغفور له، بإذن الله، القائد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وإخوانه المؤسسين، قبل تأسيس دولة الإمارات، تخيلوا كيف ستكون دولة الإمارات العربية المتحدة، ثم قاموا بتصميمها وتنفيذ هذا التصميم، وأكد أن أهم سلعة في المستقبل هي الخيال والأفكار، فما يميز الإنسان هو التخيل سواء للمستقبل أو للعمل أو الحياة.
وأشار إلى أن 45% من الوظائف ستختفي خلال السنوات القادمة، وأغلب هذه الوظائف هي الوظائف التي تعتمد على المنطق أو الروتين أو القوة البدنية، لافتاً إلى أن الوظائف الوحيدة التي ستحقق نمواً خلال العقود القادمة هي التي تعتمد على الخيال والإبداع، وذلك حسب آخر الدراسات.
وأوضح أن «حجم القطاع الاقتصادي المتعلق بالخيال والإبداع بلغ في 2015 أكثر من 2.2 تريليون دولار»، مضيفاً أن وظائف المستقبل ستعتمد على مواهب الخيال والإبداع.
وأكد، أن المئة عام القادمة تحتاج إلى تعليم يحفز الخيال، وينمي الإبداع، ويغرس روح البحث والابتكار، لا إلى تعليم يعتمد على التلقين.
وشدد على أن «الأفكار ستكون هي السلعة الأهم»، موضحاً أننا «ننتقل اليوم من عصر المعلومات إلى عصر الخيال، ومن اقتصاد المعرفة إلى اقتصاد الإبداع».
وقال إن «الأفكار لن تحمل جنسية معينة، ولن تحدها حدود.. ستهاجر أفضل الأفكار، وأصحابها يعيشون في بلادهم».. مشيراً إلى أن «اليوم يمكن بناء الاقتصاد بأفكار شباب يعيشون في بلد آخر».
وأعطى القرقاوي، مثالاً من الولايات المتحدة؛ حيث قال إن حجم سوق المواهب في الولايات المتحدة يبلغ 57 مليون موهبة يعرضون مواهبهم في الفضاء الرقمي؛ حيث أضافوا إلى الاقتصاد الأمريكي 1.4 تريليون في العام 2017 وحده.. ومن المتوقع أن تتجاوز القوة العاملة في سوق المواهب المفتوحة هناك أكثر من 50% من القوة العاملة في العام 2027.

الترابط على مستوى جديد

أكد القرقاوي، أن أحد أهم الأسباب الرئيسية للرفاه الذي تعيشه الشعوب هو الترابط عبر شبكة واحدة والتواصل الدائم، وانتقال الخدمات والأفكار والمعرفة بين الناس.
وقال: «الترابط في المستقبل القريب، سيكون بين 30 مليار جهاز مع الأنترنت؛ حيث تستطيع هذه الأجهزة التحدث مع بعضها وتبادل المعلومات، والعمل معا أيضاً لإنجاز مهام محددة».
وذكر أن «تقنية 5G توفر خلال 15 عاماً فقط فرصاً اقتصادية بقيمة 12 تريليون دولار، وهي أكبر من السوق الاستهلاكية للصين واليابان وألمانيا وبريطانيا وفرنسا مجتمعة في العام 2016».
إلى ذلك، وفي موضوع التواصل على مستوى جديد، قال القرقاوي: «الوصول للأنترنت أيضاً سيكون متاحاً مجاناً لجميع البشر خلال سنوات قليلة، بما يخلق فرصاً هائلة ويضيف من 2 إلى 3 مليارات من البشر للشبكة، بما يخلق أسواقاً جديدة».
وشدد على أن «تواصل البشر هو مصدر قوتهم اقتصادياً ونهضتهم علمياً وحضارياً، وكلما زادت نقاط الاتصال وقنوات التواصل، زادت القوة».
وقال: «التحولات كثيرة، والمتغيرات لا تتوقف، والحقيقة الثابتة الوحيدة أن سرعة التغيير أكبر بكثير مما كنا نتوقع قبل سنوات بسيطة»، مضيفاً: «الحكومات التي تريد البقاء في إطار المنافسة لا بد أن تفهم وتستوعب وتواكب كل هذه المتغيرات، وهذه هي رسالة القمة العالمية للحكومات».
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"