عادي

أوكرانيا بين روسيا و«الأطلسي»

04:06 صباحا
قراءة دقيقتين
دوغ باندو *

أصبح حلف الأطلسي يضم الآن 29 دولة، ولكن يجدر به ألا يضم دولاً أخرى تزيد من أعبائه ومسؤولياته، ويمكن حتى أن تجره إلى نزاع عسكري مع روسيا.
تحتدم الآن أزمة أخرى في العلاقة بين روسيا وأوكرانيا - وهذا تذكير قوي آخر بأن حلف الأطلسي يجب ألا يضم أوكرانيا إلى عضويته. والولايات المتحدة ليس لديها أي مصلحة حيوية في الذهاب إلى حرب تتعلق بمن له حق الوصول إلى بحر آزوف ( المتفرع من البحر الأسود والذي يطل على سواحل روسيا وأوكرانيا ).
وأحدث مجابهة في هذا البحر بين روسيا وأوكرانيا حدثت عندما احتجزت روسيا ثلاث سفن حربية أوكرانية لدى دخولها مضيق كيرتش الذي يصل البحر الأسود ببحر آزوف. واتهمت أوكرانيا روسيا بمنع مرور قانوني لسفنها وفرض حظر غير مشروع. ومن جهتها، اعتبرت روسيا أن السفن الأوكرانية دخلت مياهها الإقليمية بصورة غير قانونية وقامت ب «مناورات عدوانية». وخلال المواجهة، أطلق زورق حربي روسي النار على سفينة أوكرانية، مما أسفر عن إصابة عدة بحارة.
وقد أثارت هذه المواجهة احتمال اندلاع حرب، خصوصاً أن كلتا الدولتين عززت قواتها العسكرية في المنطقة. وفي حين أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لا يحتاج إلى تأجيج المشاعر القومية في بلاده لتعزيز شعبيته، فإن الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو يواجه صعوبة في تجديد ولايته في انتخابات رئاسية وشيكة، ويمكن أن يستفيد من أزمة مع روسيا. وفي الواقع، حذّر بوروشينكو من احتمال تفجر نزاع، وأعلن فرض الأحكام العرفية - ما يعني تأجيل الانتخابات الرئاسية. وفي الوقت ذاته، يناقش برلمان أوكرانيا إعلان حالة حرب مع روسيا، في حين تشهد العاصمة الأوكرانية كييف تظاهرات شعبية معادية لروسيا.
وفي هذه الأجواء، أطلقت وسائل الإعلام الأمريكية حملة ضد روسيا، ودعت إدارة الرئيس دونالد ترامب إلى دعم أوكرانيا عسكرياً.
وحتى الآن، أمكن احتواء الأزمة. ولكن الرئيس بوروشينكو يواصل دعواته للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لكي يقفا إلى جانب بلاده والتصدي لروسيا... «واتخاذ إجراءات فعالة لحماية أوكرانيا».
غير أنه يبدو من المؤكد أن الاتحاد الأوروبي لن يفعل أي شيء لتأجيج الأزمة، بل أصدر بياناً قال فيه: «نحن نحث جميع الأطراف على التصرف بأقصى ضبط نفس والعمل لنزع فتيل الأزمة فوراً».
وفي الواقع، من المؤكد أن الاتحاد الأوروبي لن يخاطر بحرب من أجل أوكرانيا، كما أنه لن يؤيد انضمامها إلى أي من الاتحاد الأوروبي وحلف الأطلسي - وذلك تجنباً لمواجهة مع روسيا، والولايات المتحدة أيضاً يبدو أنها لا ترغب في التصعيد.
ولو كانت أوكرانيا عضواً في حلف الأطلسي، لكان من المؤكد أن الرئيس بوروشينكو قد اتخذ موقفاً أكثر تشدداً بكثير في المواجهة الأخيرة مع روسيا، اعتماداً على دعم بقية أعضاء الحلف.
وعلى كل حال، الولايات المتحدة غير مهتمة في التورط في أزمة بين روسيا ودولة محاذية لحدودها.
كما أن حلف الأطلسي فقد بعضاً من أهميته بالنسبة لضمان أمن الدول الأوروبية الأعضاء نتيجة لزوال الاتحاد السوفييتي.

* كاتب سياسي وباحث في معهد «كاتو» للدراسات في واشنطن - موقع «ذي ناشيونال إنترست»

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"