عادي

«صندوق الزواج».. أول مشروع عالمي لدعم الأسرة

02:59 صباحا
قراءة 5 دقائق
العين: راشد النعيمي

وهب زايد المؤسس - طيب الله ثراه - نفسه لبناء وطنه وخدمة مواطنيه، وتحقيق طموحاتهم وتطلعاتهم في الحياة الكريمة الرغدة، وقاد ملحمة البناء من مرحلة الصفر، منطلقاً من رؤية ثاقبة بتسخير عوائد الثروات الطبيعية لبناء الإنسان وإقامة المدارس ونشر التعليم، وتوفير أرقى الخدمات الصحية، وأحدث المستشفيات والعيادات العلاجية في كل أرجاء الوطن، وإنجاز المئات من مشاريع البنية الأساسية العصرية والمستوطنات البشرية التي شكلت منظومة من المدن العصرية الحديثة التي حققت الاستقرار للمواطنين. لقد كان بحق رجل التنمية، ومن الزعماء القلائل الذين كرسوا حياتهم، وأعطوا بكل سخاء، وتفانوا من أجل عزة وطنهم وإسعاد شعبهم.

الاستقرار العائلي

بادر الشيخ زايد في نطاق اهتمامه بالشباب، وحرصه على توفير الاستقرار العائلي لهم، بإنشاء صندوق الزواج لدعمهم ماديا وتشجيعهم على الزواج من المواطنات، والحد من ظاهرة الزواج من أجنبيات، وقال «إن فكرة إنشاء الصندوق جاءت انطلاقا من حرصنا على الشباب وعلى الاستقرار الأسري لأفراد المجتمع لما فيه صلاح الوطن». وقد تحققت اليوم رؤيته المستقبلية الثاقبة في النجاح الذي حققته مؤسسة صندوق الزواج منذ تأسيسها عام 1993، في دعم النسيج الاجتماعي، وتعميق الانتماء والهوية الوطنية، وأسهمت في بناء خلايا المجتمع المواطن.
كما حرص المؤسس في الوقت نفسه على توجيه أبنائه الشباب، ونصحهم بالابتعاد عن الإنفاق التفاخري والاقتراض من المصارف، مؤكداً «أن على الشباب أن يسعوا إلى تحسين دخولهم بجد وإخلاص، خاصة أن مجال العمل مفتوح أمامهم، وعليهم أن يفكروا في يومهم وغدهم، لتأمين مستقبلهم ومستقبل أسرهم. إن على الشاب أن ينفق دخله بتعقل وعلى قدر حاجته الأساسية في حاضره ومستقبله، وأن يعيش في حدود إمكانياته، ولا يقترض حتى لا تتراكم عليه الديون ويصبح عاجزا عن مواجهة حياته المعيشية».
ويعبر القائد الراحل عن مشاعر أبوية حانية وهو يقول لهم بتأثر شديد «من الصعب علي أن أرى شابا مواطنا في هموم الديون». ويؤكد «إن عزة الشباب عزة للوطن وأنا حريص على معرفة احتياجاتهم حتى نوفر لهم كل شيء ونرفع مستواهم إلى الأفضل».

محاربة الإسراف

يعود الشيخ محمد بن ركاض العامري، الذي ترأس، وعلى مدار 18 سنة متواصلة، لجنة صندوق الزواج في منطقة العين بذاكرته، ليسترجع مواقف الشيخ زايد، طيب الله ثراه، وجهوده الكبيرة في تشجيع المواطنين على الزواج من مواطنات في سبيل علاج ومواجهة مشكلة الزواج من أجنبيات، وما يترتب على ذلك من مشكلات أخرى ذات صلة خاصة العنوسة، وما يترتب عليها كذلك من نتائج أخرى سلبية، مؤكداً أن هذه المواقف والمآثر لم تكن إلا انعكاساً لهذا البعد الإنساني المتأصل في وجدانه، رحمه الله.
ويشرح، كيف تعامل القائد المؤسس مع هذه القضية الاجتماعية، من منطلق إنساني بحت، ما أسهم كثيراً في التخفيف من حدتها وتهوينها، عبر متابعته المستمرة لها، ودأبه وتوجيهاته ومكرماته الكثيرة، بمنح قروض للشباب المقبلين على الزواج وتوجيهاته السديدة بخفض المهور، وتقليل نفقات الأعراس، والتخلي عن مظاهر الإسراف والبذخ في حفلات الزواج، وتحديد عدد معين من رؤوس «القعدان» التي تنحر في هذه المناسبات، فضلا عن دعم الأعراس الجماعية ورعايتها، وإنشاء سلسلة من صالات الأعراس المجهزة تغطي مختلف مناطق إمارة أبوظبي، ما كان له بالغ الأثر في التخفيف من معاناة الشباب المقبلين على الزواج، وتشجيعهم على بناء أسر صغيرة جديدة تنعم بالاستقرار.

تجربة دولية

وتشير الدكتورة ميثاء الشامسي، وزيرة الدولة، رئيسة مجلس إدارة صندوق الزواج، إلى أن الصندوق يحظى باهتمام المسؤولين، في شتى دول العالم، بوصفه تجربة فريدة، وهو ما نلاحظه دائماً خلال حضورنا في المحافل الدولية، سواء في دول أوروبا أو غيرها، وعبر المحاضرات والملتقيات التي نعرض فيها تجربة الدولة المتفردة مع الصندوق ورسالته.
وتضيف: يحظى الصندوق باهتمام الخبراء والمتخصصين من الدول العربية والعالمية، ويشاركون بآرائهم البناءة في القضايا التي يطرحها، بالتواصل والنقاشات المباشرة التي بدأناها منذ بداية العام، مع الشباب والأسر ومؤسسات المجتمع بوجه عام، عبر الموقع الإلكتروني للصندوق ومواقع التواصل، والإعلام الإلكتروني، للتعرف إلى أفكار الشباب وملاحظاتهم والعقبات التي تواجههم وأهم القضايا التي تشغلهم والتي أتولى شخصياً الرد عليهم.
وأكدت سعي مجلس إدارة الصندوق لتحقيق رؤية المؤسسة ورسالتها المتوافقة مع توجهات حكومة دولة الإمارات الرشيدة في بناء الأسرة الإماراتية وتقديم الدعم والرعاية لها، بالتطوير والتحسين في تقديم أفضل الخدمات لمتعامليه وللمستفيدين من منحة الزواج، فضلاً عن توعيتهم وتأهيلهم، عبر برامج توعوية واجتماعية.

تلاحم أسري

جاء إنشاء صندوق الزواج تتويجا للقانون الاتحادي رقم (47) لسنة 1992 مكملا ومتكاملا للسياسة الاجتماعية التي أرسى دعائمها المغفور له بإذن الله الشيخ زايد، طيب الله ثراه، حتى أصبح اليوم واحداً من أهم المؤسسات الاجتماعية المعنية بقضايا الأسرة خليجيا وعربيا. ويعتمد الصندوق على بناء أسرة إماراتية متماسكة تسهم في استقرار المجتمع وتقديم الدعم المادي والمعنوي، للارتقاء بالوعي الأسري والإسهام في إرساء الثقافة الإماراتية الرامية الى تحقيق التلاحم الأسري.
ويعمل الصندوق على تشجيع زواج المواطنين من المواطنات، والارتقاء بالوعي الأسري الهادف إلى بناء أسرة متماسكة، وضمان تقديم كل الخدمات الإدارية، وفق معايير الجودة والكفاءة والشفافية، وترسيخ ثقافة الابتكار في بيئة العمل المؤسسي، وفق قيم التميز في تقديم الخدمة والشفافية في الأداء المؤسسي، والعمل بروح الفريق الواحد. ونجح الصندوق، منذ إنشائه في الإسهام بتكوين أسر مستقرة ومتماسكة، ودعم نسيج مجتمع الإمارات، وتحقيق أهم ركائز الأمن الاجتماعي المتمثلة في بناء مواطن قادر على صيانة إنجازات ومكتسبات الوطن، والإسهام في إكمال خطط التنمية الشاملة التي بدأتها الدولة منذ أربعة عقود.
وفي ظل الدعم غير المحدود الذي يلقاه الصندوق من صاحب السموّ الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وأخيه صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وصاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وإخوانهم أصحاب السموّ أعضاء المجلس الأعلى حكام الإمارات، وضع الصندوق أهدافا استراتيجية تلائم متطلبات هذا العصر، بتشجيع زواج المواطنين من مواطنات، وزيادة الوعي الأسري بقواعد تكوين الأسرة السليمة والعمل على تحقيق الاستقرار الأسري في المجتمع، وتعزيز وتفعيل الشراكات مع القطاع الخاص والمؤسسات والهيئات المعنية بشؤون الشباب والأسرة والمجتمع، وتحقيق التميز والكفاءة المؤسسية.
ويقدم صندوق الزواج برنامج إعداد اجتماعي، يهدف إلى تأهيل الشباب المقبلين على الزواج لبناء أسرة آمنة ومستقرة، ويعد البرنامج إلزامياً للمتقدمين لمنحة الزواج التي يقدمها الصندوق.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"