عادي
الجلسة الافتتاحية تؤكد أن المثقف ضمير الأمة

زخم سياسي وفكري في اجتماعات اتحاد الكتاب العرب

02:30 صباحا
قراءة 5 دقائق
العين: راشد النعيمي
انطلقت صباح أمس في مدينة العين أعمال اجتماعات المكتب الدائم للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، بدعوة من الأمانة العامة برئاسة الشاعر حبيب الصايغ الأمين العام للاتحاد، والتي تحتضنها مدينة العين وتستمر أربعة أيام بحضور وفود من 16 دولة عربية، وتناقش ضمن برنامج أعمالها تقرير لجنة تعديل النظام الأساسي واللائحة التنفيذية للاتحاد، تحت إشراف الأمين العام، وبرئاسة الدكتور علاء عبد الهادي رئيس اتحاد كتاب مصر، وعضوية رؤساء اتحادات خمس دول.

وأشار حبيب الصايغ في كلمته خلال الجلسة الافتتاحية التي عقدت بفندق العين روتانا إلى مرور 211 يوماً منذ نهاية الاجتماع السابق في الجزائر، ليتجدد اللقاء في الإمارات الحبيبة في مدينة العين مدينة النخيل والأفياء والماء، والواحة التي طالما لجأ إليها البدو والحضر، على مرور الأيام، بحثاً عن الماء والكلأ، في مواجهة وهم السراب والظمأ.
وأضاف الصايغ: اليوم يقصد الإماراتيون والعرب مدينة العين لتلقي العلم في جامعتها العريقة، جامعة الإمارات العربية المتحدة التي ليس لها فرع آخر، ما يمنحها في بلادنا، رمزيتها الخاصة وما يمنح لقاءنا اليوم بعض رمزيته: الكتاب والأدباء والشعراء والمثقفون العرب الذين يأتون من كل مكان عربي إلى مدينة العين، نحو اللقاء أولاً، وهذا، في حد ذاته أمر مهم، وليجتمعوا على طاولة المحبة والحوار واحترام الاختلاف قبل احترام الاتفاق، وفي وعيهم، كعادتهم، اتخاذ قرارات إدارية، ومواقف ثقافية وسياسية.
وتطرق الصايغ في كلمته إلى سؤال يطرحه البعض كثيراً للأسف عن أدوار المثقف العربي كلما اجتمع الاتحاد العام، أو كلما عبر مثقف أو مبدع عن آراء متصلة بالحياة السياسية، البعض يعالج السؤال بسلبية، وكأنما يراد للمثقف العربي دور بعيد عن حراك أوطانه ومجتمعاته، دور هامشي ومنزوع الدسم، وكأن السياسة وفلسفتها ونظريتها لم تشغل المثقفين والكتاب والفلاسفة والمفكرين منذ آلاف السنين، وكأن أولئك، على اختلاف المراحل والأزمنة، لم يثيروا أو يثروا ذلك النقاش الكوني الشائق الماتع عن مفاهيم الحق والعدالة والحكم والأخلاق السياسية والحرية، فأي دور يراد للمثقف العربي اليوم، وقد وصلت السياسة وآثارها إلى مجتمعه وشارعه وبيته وقوت أهله ومستقبل أطفاله؟
وقال الصايغ: إن الثقافي هو سياسي بامتياز، فهل يصمت المثقف العربي إزاء قضيته المركزية الأولى، أقدس القضايا على الأرض مطلقاً، قضية فلسطين، وما يتعرض له شعبها كل يوم من عدوان آثم غاشم، وما تتعرض له، على يد العدو الصهيوني، ثقافتها وتراثها؟، هل يسكت المبدع العربي إزاء الإرهاب الممنهج الذي يهدد أوطاناً عربية مثل العراق وسوريا ومصر وليبيا، وهل يغض النظر عن محاولات تقسيم الأوطان وإضعاف وتفتيت الدولة الوطنية العربية؟.
وأردف الصايغ بالقول إن الكاتب ضمير أمته، وفي مدينة العين، نلتقي اليوم على المحبة، لنجدد العهود والمواثيق، ولنقول رأينا الصادق والواثق في المستجدات وما أكثرها، منذ اجتمعنا آخر مرة، ولهذا رمزيته أيضاً، في الطرف الآخر من وطننا العربي الكبير، في الجزائر العاصمة، وفي الوطن الذي قدم من شهداء الحرية والاستقلال ما ألهم ويلهم الأجيال العربية.
جدول حافل
وأوضح الصايغ أن جدول أعمال الاجتماعات حافل، فهناك ندوة عن «الثقافة في مواجهة الإرهاب»، وأشار إلى أن الغالب في هذا الموضوع مجرد كلام انطباعي الآن لابد من تأصيله وتأسيسه تأسيساً مستمراً، عبر المنهج والعلم والبحث والبيان والاستنتاج والدليل، مشيراً إلى أن المعضلة الكبرى أننا، نحن العرب، ومعنا كل العالم، نعود إلى نقطة الصفر كلما بحثنا موضوع التطرف والإرهاب، وقد نختلف حتى على الاصطلاح والتعريفات الأولية له، ولا بد من البحث العلمي الرصين، خصوصاً حين لا تكون المواجهة فقط مع التنظيمات الإرهابية الواضحة والصريحة، كتنظيم «داعش» أو «القاعدة» أو «النصرة»، وإنما أيضاً هناك أكاديميون ودعاة، و كتاب وأدباء ومثقفون وإعلاميون ينتمون، في الظاهر إلى قبيلتنا الثقافية، وهم بأصواتهم العالية المرتعشة، أو حتى بحيادهم وصمتهم ينتمون إلى تيارات الظلام والتكفير ذاتها.

وأكد الصايغ أن دور الكاتب العربي مهم وأصيل وتأسيسي وطليعي. يجب أن يكون كذلك ويستمر كذلك. ليس دور المتفرج أو الحائر وإنما دور الشريك صانع الحلم والحقيقة والقرار، وعلى الكاتب والشاعر والأديب أن يكتب أجمل وأفضل، وأن يبدع الفن، وأن يسحر ويبهر ويدهش، لكن اليقين في المقابل أيضاً أن المثقف يحب وطنه أكثر إذا كان يفهم في السياسة، ويحب حبيبته بشكل أفضل وأكثر دفئاً وأناقة إذا كان وعيه السياسي حاضراً وصاحباً.

دعوة إلى الوحدة
وألقى الشاعر مراد السوداني الأمين العام للاتحاد العام للكتاب والأدباء الفلسطينيين النائب الثاني للأمين العام للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب كلمة دعا فيها إلى الوقوف وقفة تليق بالنخب التي لابد لها أن تقول وتفعل في مواجهة الرياح الملغومة والمسمومة التي تعصف جسد الأمة، والتي تستند إلى ثقافة عميقة، وأضاف أن ما أريد للأمة من حروب واقتتال هو لتفتيت المفتت، للنيل من وحدتها، فبعد 100 عام على بلفور الذي آن لبريطانيا أن تعتذر عن خطيئتها التي لا زلنا نقطف ثمار حزنها حتى اللحظة في فلسطين وبقية أنحاء الأمة العربية التي هي أحوج إلى الوحدة وتعريف أعدائها واستعادة حلفائها ونقاط الضوء فيها على كافة المستويات، وألا تتحول النخب فيها إلى نخب مضادة.
الدكتور وجيه فانوس رئيس اتحاد الكتاب اللبنانيين نائب أمين عام اتحاد الكتاب العرب أكد خلال كلمته أن اجتماع الاتحاد الذي يعقد اليوم ليس كغيره؛ لأنه يأتي في زمن مفصلي اختلف فيه المثقفون وتباعدوا سياسياً، وفي النهاية كان الاتحاد هو الطريق الوحيد للتآلف رغم الاختلافات، حيث نعمل اليوم على مشروع لتعميق الفاعلية المؤسسية للاتحاد يصب في خانة الاستراتيجية الثقافية لنا جميعاً.
وأضاف: ثقافتنا تدعونا لمناهضة الإرهاب ومعاداة ومحاربة الغزو الصهيوني، وليكن هذا الاجتماع اجتماع الاتفاق والتأسيس لثقافة عربية واضحة الرؤى، واجتماعاً لتأكيد التنوع والاختلاف، معرباً عن أمله في بقاء الجميع متحدين مهما كان الثمن.
تعديل النظام الأساسي
فور انتهاء الجلسة الافتتاحية عقدت جلسة خاصة للجنة تعديل النظام الأساسي للاتحاد العام، تحت إشراف حبيب الصايغ، وبرئاسة اتحاد كتاب مصر، وعضوية السودان والجزائر ولبنان والكويت، وقد اعتذرت رابطة الكتاب الأردنيين عن عدم الحضور لظروف إجراء انتخابات هناك، وإعادة تشكيل هيئتها الإدارية. وسوف تنتهي اللجنة من وضع صياغة مقترحة لتعديلات النظام الأساسي، يتم عرضها على المكتب الدائم لمناقشتها، تمهيداً لإقرارها في المؤتمر العام المقبل.
كما بدأت أمس ندوة موسعة بعنوان «الثقافة العربية في مواجهة الإرهاب»، تتضمن أربع جلسات بحثية موزعة على أيام انعقاد الاجتماعات، شارك فيها باحثون من مختلف الدول العربية، بأوراق حول المحاور المختلفة للموضوع الذي يعد في طليعة الموضوعات المهمة في وطننا العربي الآن.
برنامج اليوم

يتضمن برنامج اليوم جلسة صباحية للمكتب الدائم للاتحاد، وعند السادسة مساء تتجدد جلسات ندوة «الثقافة العربية في مواجهة الإرهاب» حيث تقام الجلسة البحثية الثانية برئاسة إبراهيم البرغوثي من تونس ويشارك فيها الدكتور يوسف الحسن من الإمارات وعبد المنعم أبو القاسم من السودان والدكتور خلية أوريدة من الجزائر.
وتقام الجلسة البحثية الثالثة عند السابعة والنصف، ويديرها عدنان البرجي من لبنان بمشاركة هشام العلوي من المغرب ومعين حسن شلبية من فلسطين ومالك صقور من سوريا.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"