عادي
رحلة ألم ومخاطر خارج حسابات الشركات

السرطان والثلاسيميا والإعاقات و«النفسية» أمراض بلا تأمين صحي

04:35 صباحا
قراءة 7 دقائق
إيمان عبد الله آل علي

آلام المرضى لا تنتهي، ورحلة معاناتهم مستمرة مع المرض، فضلاً عن كل ذلك كُلف باهظة للعلاج، هذه هي معاناة المصابين بالأمراض التي لا يغطيها التأمين الصحي، ليستعدوا لمرحلة شاقة ومصيرية بعد أن أصبحوا خارج حسابات شركات التأمين، خاصة المصابين بالسرطان والثلاسيميا والإعاقات والأمراض النفسية، ومن هم بحاجة إلى العلاج الطبيعي.
الكل معرضون للمرض، وكلفة العلاج باهظة، ومن لا يشمل مرضه مظلة التأمين سيعاني كثيراً، ويجد نفسه أمام مخاطر مالية، وقد يضطر عدد كبير منهم إلى خسارة كل المدخرات التي واكبوا على جمعها في سنوات العمل الطوال بسبب الإصابة بمرض لا يغطيه التأمين. ووفقاً لأرقام «زيوريخ إنترناشونال لايف»، فإن أكثر من ثلاثة أرباع سكان دولة الإمارات (76 في المئة) «لا يحظون بتغطية تأمينية كافية» وأن «85 في المئة من النساء لا يتمتعن بتغطية تأمينية للأمراض الخطرة».
أكدت أمل الشملان، رئيسة شعبة العلاج الطبيعي ب«جمعية الإمارات الطبية»، أن مرضى الرباط الصليبي يعانون كثيراً بسبب التأمين الصحي، فالمصاب بحاجة إلى علاج طبيعي لمدة 6 أشهر، في حين تقتصر تغطية التأمين على 12 جلسة فقط، مما يضطر المريض أن يوقف العلاج أو يتوجه لأخصائي المدربين الرياضيين الذي لا يعلم البروتوكول العلاجي الصحيح ولا طريقة العلاج وبالتالي العملية لا تنجح.
وأشارت إلى أن تكلفة إعادة العملية أعلى بكثير من تغطية قيمة الجلسات التي تستمر لمدة ستة أشهر.
وقالت الشملان إن التأمين لا يغطي مرضى الجلطات الدماغية بشكل كلي، حيث يحتاج المريض بالجلطة الدماغية إلى فترة علاج طويلة في حين لا يغطي التأمين سوى 12 جلسة علاج طبيعي فقط.
وأكدت نعيمة صالح، عضو مجلس إدارة جمعية الإمارات الطبية نائب رئيس شعبة العلاج الطبيعي بالجمعية، أن التأمين لا يغطي إعاقات الأطفال كالشلل الدماغي والإعاقة التي تلازم الأطفال منذ الولادة، وشركات قليلة فقط تغطي جزءاً من التكلفة، وهؤلاء بحاجة إلى تغطية شاملة من التأمين، لأن علاجهم مستمر وبتكلفة عالية، ورغم أن العلاج مجاني للأغلبية، لكن قوائم الانتظار تدفع المرضى للتوجه إلى القطاع الخاص.
وحول الأمراض النفسية أكدت الدكتورة خولة أحمد استشارية الطب النفسي، أن الأمراض النفسية تتزايد في ظل ضغوط الحياة والعمل وتزايد عدد السكان، ويعد القلق والاكتئاب أكثر الأمراض النفسية انتشاراً، إضافة لاضطراب التكيف مع الحياة، ومن ثم الاضطراب الوجداني، وبعدها الانفصام، وبعدها الإدمان.
وأوضحت أن الجهات التي تقدّم الخدمات النفسية متوفرة وسهل الوصول إليها، لكن بعض شركات التأمين لا تغطي الجانب النفسي، ومن المفترض تغطية الصحة النفسية تأمينياً، لأن الصحة النفسية جزء لا يتجزأ من الصحة العامة، فإذا تعب المريض نفسياً فسيؤثر ذلك في دراسته وعمله وأدائه وأسرته، ومن حقه الحصول على العلاج.
وأضافت: أصبح لدينا ثقافة كبرى بأهمية العلاج النفسي، وهناك حملات التوعية في الجهات الحكومية والمدارس والمراكز، لكن ما زالت هناك فئة تعتقد أن الأمراض النفسية من المعيبات، و30% من الناس يشعرون أن العلاج النفسي وصمة عار، ويبقى الوضع اليوم أفضل عن الوضع قبل 20 عاماً.
وأكدت خالدة خماس عضو مجلس الإدارة المديرة التنفيذية لجمعية الإمارات للثلاسيما، أن هناك بطاقات خاصة لمرضى الثلاسيميا من المقيمين في بعض المستشفيات، وكانوا يتلقون العلاج والرعاية مجاناً طوال السنوات الماضية، وفعلياً مرض الثلاسيميا هو مرض لا تشمله مظلة التأمين وكل شركات التأمين لا تغطيه، وتقييم قيمة العلاج حسب عمر المريض ونوعية الأدوية المستخدمة، وتتراوح التكلفة ما بين 200 إلى 300 ألف درهم سنوياً.
سامر الحلاق الرئيس الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط لشركة أسترازينيكا: لدينا أدوية لمرضى سرطان الرئة والمبايض والثدي وسرطان الدم، أحدثها لعلاج سرطان الرئة، ويعمل على جهاز المناعة للسيطرة على الورم، والدعم الذي نقدمه لمرضى السرطان يتمثل في الدعم بنشر التوعية على مستوى المجتمع والمرضى والأطباء، ونعمل على التثقيف الطبي للأطباء وإطلاعهم على أحدث التقنيات في علاج الأورام، ونعمل مع الهيئات الصحية لوضع حلول لتخفيف الأعباء المالية على المرضى غير القادرين على دفع التكلفة، ولدينا برنامج رعاية بالتعاون مع وزارة الصحة والهيئات الصحية والجهات الخيرية لمساندة مرضى السرطان غير قادرين على الدفع.
وأكد أن شركات التأمين تغطي مرض السرطان وكل شركة لديها خطة معينة وبدرجات مختلفة، وتتراوح بين شركة وأخرى، ومرضى السرطان بحاجة إلى تأمين شامل، ومبادرة بسمة الخاصة بهيئة الصحة تهدف لتغطية شاملة لمرضى السرطان، وتعد تلك المبادرة نموذجاً إيجابياً لدعم المرضى الذين لا يشملهم التأمين الصحي.
د. سيبا باركاش «مستشفى زليخة» أكد أن هناك ضغطاً من المستشفيات على شركات التأمين لتغطية تكلفة علاج مرضى السرطان، خاصة أن الرسوم عالية في المراحل المتقدمة في العلاجات، كالعلاج الكيميائي والعلاج الإشعاعي، أما مرحلة الفحوص فليس الأمر مكلفاً، ونعمل في مجموعة مستشفيات زليخة بالتواصل مع شركات التأمين لتغطية العلاجات كاملة.
وقال: لدى مجموعة مستشفيات زليخة، مستشفى في الهند يتبع المجموعة وهو مستشفى تخصصي، ومن يكون بحاجة إلى العلاج الإشعاعي يحوّل إلى الهند فالعلاج أرخص، وبالعموم توجد صعوبة مع شركات التأمين ونحاول معالجة الأمر، وفعلياً مرضى السرطان بحاجة إلى التغطية التأمينية ليتمكنوا من إكمال رحلة العلاج.
وأكد د. كريم المصري، استشاري أورام نساء في مستشفى المدينة، أن معظم الحالات باتت تغطى من قبل التأمين الصحي، ففي أبوظبي يحصل المرضى على التغطية العلاجية ضمن باقات التأمين، وهناك تحسن ملحوظ في الباقات التأمينية، وعلاج السرطان مكلف جداً والأدوية مكلفة، ويجب أن يكون هناك توازن، خاصة أن شركات التأمين تعتمد على الأرباح.
وقال: في الإمارات توجد الجمعيات الخيرية التي تتكفل بتغطية العلاجات، ومساعدة الحالات التي تكون بحاجة إلى المساعدة، والوضع لدينا أفضل، وبحاجة إلى تعديل النظام التأميني بشكل أكبر لتشمل التغطية التأمينية الجميع، وتكلفة مريض السرطان تختلف من حالة إلى أخرى، ومن نوعية السرطان، والمرحلة.
أكد الدكتور صبوح قسيس «مختص الجراحة العصبية والعمود الفقري»، أن بعض شركات التأمين ترفض تغطية الفحوص، لتوفر المبالغ المالية وتماطل في الموافقة، في المقابل هناك شركات تأمين سهلة في التعامل وتتجاوب بشكل سريع مع الحالات المرضية، وبعض منها يطلب تقارير مفصلة للموافقة على تغطية الفحوص، وهذا الأمر من حقها. وأشار إلى أن هناك جراحات معينة ترفض بحجة أن تلك الجراحات ما زالت في طور التجارب، وهذا غير صحيح، ويثبت الطبيب بدوره أن تلك العمليات تجرى منذ سنوات وأثبتت فعاليتها.
أكد د. هاني محمد مختص أول أمراض الدم والأورام في مستشفى دبي، أن مرضى السرطان بحاجة إلى تأمين صحي، خاصة أن بعض الأدوية تعتبر غالية، والعلاج مكلف، وحسب الحالات التي تصلنا فالمريض يعالج من دون تقصير، سواء كان مواطناً أو مقيماً، ومن لديه تأمين أو من ليس لديه تأمين.
وقال إن التأمين الصحي بات ضرورة، وما زال هناك بعض العلاجات والأدوية لا يشملها التأمين الصحي، ويعاني المصابون بتلك الأمراض العديد من الصعوبات للحصول على العلاج المطلوب في الوقت المناسب، وخاصة أصحاب الدخل المحدود.
وتحدثت أميمة تيلفا عن تجربتها قائلة: أصبت بالسرطان وتعالجت بفضل الباقة التأمينية التي كنت أملكها آنذاك والخاصة بالهند، مما دفعني للسفر إلى الهند والخضوع للعلاج، وحالياً لدي تأمين صحي في الدولة يغطي كافة العلاجات الخاصة بي.
وقالت إن علاجات السرطان مكلفة، والمقارنة بين العلاج في الإمارات والهند، فهناك فارق كبير، فمحلول واحد للسرطان في الهند يصل إلى 3000 درهم، وفي الإمارات 12 ألف درهم، والسفر للعلاج في الخارج ليس متاحاً للجميع، ونحرص ضمن المجموعات الداعمة لمرضى السرطان أن ندرس آلية لجعل الأدوية الجديدة متاحة للمرضى بسعر منخفض، خاصة أن الكلفة عالية، ويجب إيجاد حلول، فهناك أشخاص يخشون الفحص والعلاج، لأنهم مدركون أن تكلفة العلاج باهظة.
لميا راشي من لبنان أصيبت بالسرطان وتعالجت، وقالت: البعض ليس لديهم تأمين صحي، والبعض الآخر لديه تأمين بسيط لا يغطي العلاجات، وما زلنا نعاني، فهناك مرضى ليس لديهم تأمين ولا يستطيعون إكمال رحلة العلاج، لأن شركات التأمين لا تغطي، فالمحلول قد يكلف 12 ألف درهم، وناهيك عن العلاج الكيميائي والإشعاعي، وهذا يجعل البعض لا يكمل العلاج، ويتوقف لفترة، وآخرون لا يبدؤون العلاج من الأساس، وبالتالي الحالة تنتكس، وتتأخر فرصة شفائهم، وهناك مبادرات سمعنا عنها خاصة بمرضى السرطان، وهذا حلم إن حدث فستغير حياة المرضى، وتعطيهم فرصاً أكبر لحياة أفضل.
وأكدت أن كلفة العلاج من أكبر المشاكل، خاصة أن الأسعار مرتفعة في الدولة، لكني لم أشعر بالكلفة لأن التأمين غطى علاجي.
وقال دنكان كريرار، مدير حلول الشركات، مجموعة نيكزس، وهي أكبر شركات توريد/‏ وساطة بوالص التأمين الصحي، إن التمتع بالرعاية الصحية، من المبادئ والعناصر الرئيسية لكل اقتصاد ناجح، وضمان قدرة الجميع على التمتع بالرعاية الطبية عندما يحتاجون إليها هو مسؤولية اجتماعية وأخلاقية على حد سواء. وتقع مسؤولية المساعدة على تحقيق ضمان استدامة هذا النظام على عاتق الأطراف المعنية في المجتمع، بما في ذلك الجهات التنظيمية والتشريعية، ووسطاء التأمين، وشركات التأمين، وشركات توريد خدمات الرعاية الصحية، وأصحاب العمل، بل وحتى أصحاب بوالص التأمين أنفسهم.
وأضاف: تلبية توقعات العملاء من أكبر التحديات، فهناك تناقض كبير بين ما يدفعه العملاء والفوائد التي يتوقّعون التمتع بها. وعلى الرغم من أن هذا الواقع يتغير بوتيرة بطيئة إلا أن كثيراً من الأشخاص يسلطون اهتمامهم بشكل كامل على قيمة قسط التأمين خلال مرحلة شراء البوليصة، ومن ثم ينتقل اهتمامهم بشكل طبيعي إلى الفوائد التي سيحصلون عليها عندما يبدأ العميل أو المستخدم النهائي فعلاً باستخدام بوليصة التأمين. وقد تؤدي الزيادة المتنامية في قيمة قسط التأمين إلى إحداث فوارق ملحوظة من حيث الفوائد وشبكة مزودي الخدمات الصحية على حد سواء. لكن في نهاية المطاف، ما نحاول شرحه للعملاء هو أنهم يستثمرون أموالهم من أجل الحفاظ على صحتهم، والشعور بالطمأنينة.

«بسمة» أمل مبادرة دبي لعلاج السرطان

أطلقت هيئة الصحة في دبي مؤخراً، مبادرة «بسمة» لعلاج السرطان، وهي مبادرة غير مسبوقة عالمياً، لارتباطها بمرض السرطان، الذي لا يشمله أي تأمين صحي عالمياً، حيث تفتح المبادرة نوافذ الأمل للمرضى من خلال تكفل التأمين الصحي بتكلفة العلاج، بداية من الفحص المبكر وحتى مثول المريض للشفاء، وذلك من خلال مستويات متقدمة من الرعاية الطبية والاجتماعية والنفسية المميزة.
وتهدف المبادرة التي تحمل الكثير من الأبعاد الإنسانية، إلى التخفيف من الأعباء الاجتماعية والاقتصادية الواقعة على المريض وأسرته، إلى جانب توفير باقات من الخدمات الطبية والعناية الصحية الشاملة والمتكاملة، فضلاً عن خدمات الإرشاد النفسي والاجتماعي.
وتركز المبادرة في مرحلتها الأولى على أهم 3 أنواع من السرطان، وهي: «سرطان الثدي، وعنق الرحم، والقولون»، حيث سيتكفل التأمين الصحي بإجراء الفحوص الدورية للمستهدفين في مختلف المستشفيات والمراكز الصحية الحكومية والخاصة، وفي حالة اكتشاف أية إصابات سيتم تحويلها مباشرة للعلاج في مستشفى دبي، حيث سيغطي التأمين الصحي جميع مراحل العلاج، وهذا ما يميز المبادرة ويجعلها فريدة من نوعها (عالمياً)، إلى جانب تميز المبادرة أيضاً بتغطية تكاليف الفحص والكشف المبكر عن المرض، وتفرد المبادرة بنظام موحد ومتكامل لكل مريض.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"