عادي
تنقسم إلى البحرية والبدوية والسهلية والجبلية

الفنون الشعبية.. تراث إماراتي أصيل وحضارة إنسانية

01:30 صباحا
قراءة 5 دقائق
يشكل تراث الشعوب الحصيلة الإنسانية لجوانب الحياة كافة ومزايا تطورها ونموها، فالتراث الشعبي لكل أمة وأي مجتمع هو ينبوع الثقافة والأصالة الذي يغذي الوعي القومي والمجتمعي لدى الفرد والجماعة في المجتمع الواحد لذا تستمد الأمم هويتها من تراثها الساري في أعماق أبنائها وأصالتها المتجذرة في قلب التاريخ.

ولدولة الإمارات تراث عريق له العديد من الأشكال والصور يظهر في العادات والتقاليد التي يتوارثها الأبناء جيلا بعد جيل ويتناقلها الخلف عن السلف بحرص واعتزاز.
وارتكزت هذه العادات على الأخلاق الإسلامية العظيمة والأعراف العربية الأصيلة، ومن العادات والتقاليد ما يتصل بأسلوبهم في الأعياد والزواج والمناسبات الدينية والوطنية والزيارات والضيافة والملبس والعلاقات الأسرية وقضاء وقت الفراغ.
وتتنوع الفنون الشعبية في الدولة من فلكلور وموسيقى وشعر ورسم بتنوع واختلاف مراحل التطور التي مر بها المجتمع كما تختلف باختلاف ظروف العيش
والحياة والعمل التي تحيط بالأفراد في بيئاتهم المختلفة والمناسبات التي تسجلها هذه الفنون.
وتنقسم الفنون الشعبية الإماراتية إلى أربعة أقسام منها البحرية و البدوية و السهلية و الجبلية وكلها فنون مختلفة عن الأخرى ومنها ما قدم بدون إيقاعات ويصعب الفصل بينها بشكل دقيق.. وهي فنون تؤدى بشكل جماعي وفي مناسبات عديدة مواكبة للعادات و التقاليد و المناسبات الوطنية و الخاصة.

وتتصل بالفنون العربية الأصيلة التي نشأت على أرض الخليج والجزيرة العربية

ونتجت عن الوجدان الجمعي التعبيري العربي - الإسلامي لأبناء هذه المنطقة منذ سنوات وتواصلت حتى أيامنا هذه.
ومع تنوع الفنون الشعبية في الإمارات تبعا لتنوع البيئات والسكان، نجد لكل بيئة ولكل مجموعة نوعاً من الفنون والملامح الحياتية وأشكالا ومبتكرات وأدوات مستمدة من البيئة.

و«الفن الشعبي» عموما هو أكثر ألوان التراث الشعبي رسوخا في الذاكرة وأكثرها ارتباطا بالمشاعر والوجدان لذا كان رديف توجهات الأفراد والجماعات وعلاقة هؤلاء الناس ببعضهم بعضا ومدى ارتباطهم واشتراكهم في ملامح حياتية واحدة أوجدتها الظروف المحيطة.

والفنان الشعبي شخص مبدع لكل ما نراه ونسمعه من موروثات شعبية لكنه يبقى مجهولا وغير معروف ولا يذكر حتى من قبل معاصريه ذلك لأن كل راو يحذف من النص أو يضيف إليه لتشويق جمهور مستمعيه أو بما تقتضيه ظروف المحيط البيئي والزمن وبذلك يشارك المجموع في تطوير الموروث الشعبي وأغانيه.

وتمثل الموسيقى الشعبية جزءا من التراث الشعبي لدولة الإمارات فالرقصات والأشعار والأهازيج والأغاني الشجية لا تمارس بدون دوافع بل ترتكز على أصالة ابن الإمارات فكل وصلة أو شَلة غنائية تمثل قصة ابن الإمارات واعتزازه المستمر بنفسه

وبيئته وتوضح ارتباطه الوثيق بتاريخه وعروبته.. كما توضح صلته بالعالم الخارجي المحيط به عبر البحار وارتحاله إلى عدد من العواصم.
ويشمل «فن الرزيف» في الإمارات أغاني الأعراس والمناسبات والاحتفالات وفنونها المصاحبة وهي أكثرها انتشاراً بين الناس لما لها من دلالة اجتماعية وفنية وغنائية.
أما «الأهازيج» فهي لون آخر من الفنون المرتبطة بالهزج والترداد وهو ما نسميه ب«التغرودة».. وفي الإمارات تتنوع الفنون والأهازيج الشعبية حسب البيئة والنمط السكاني فلكل منطقة أو موضع جغرافي ملامح حياتية وإبداعات تراثية أصيلة ظهرت من بوتقة الحياة وإرهاصاتها.

والفنون الشعبية أحد الإبداعات الجميلة التي خلفها الآباء والأجداد وأصبحت من روافد التراث الشعبي في الإمارات.

وتستمد الفنون والأهازيج الشعبية كلماتها من الذاكرة الشعبية مباشرة حيث يستلهم كل فن أصيل لشعب من الشعوب قيمته وجذوره التاريخية والفنية من الحياة الاجتماعية التي يحياها هذا الشعب.
ومن أشهر أنواع «الرزيف» في الإمارات «العيالة» حيث يحتل هذا الفن الشعبي مكان الصدارة بين كل فنون الخليج وسائر أرجاء الجزيرة العربية كلها و«العيالة» فن عربي أصيل وعريق ويتضمن رقصا وغناء جماعيا.
و تؤدى«العيالة» في كل المناسبات الاجتماعية والوطنية ويحرص المسؤولون في الدولة على إبرازها وتقديمها في المحافل الدولية والمهرجانات باعتبارها الفن المحلي الأكثر تجسيدا لتراث و خصائص الدولة..
و«العيالة» رقصة الحرب العربية أو رقصة الانتصار بعد الحرب لذلك فإن هذه الرقصة تجسد قيم الشجاعة والفروسية والبطولة والقوة العربية.
أما «الحربية» هي رزفة أهل البادية في المناطق الصحراوية وتشبه العيالة كما أنها رقصة من نوع «العرضة والعيالة والرزيف» وهي بالإضافة إلى أنها تؤدى جماعيا فإنها تقوم على جملة لحنية واحدة موزونة ولا يصاحب الحربية أي إيقاع أو آلة موسيقية في الماضي وتم إدخال عليها بعض الآلات الموسيقية كالعود والأورج.
أما أهازيج أو أشعار الحربية فغالبا ما تتسم بالطابع الحماسي غير أن تقديم هذه الرقصة في الأعراس الشعبية أدخل عليها لا حقا بعض الحب وقصائد الغزل.
ويؤدي «الحربية» جمع من الرجال في صفين متقابلين يقترب كل صف من الآخر بحركة إيقاعية بين الحين والآخر أثناء أداء الرقصة وتقوم مجموعة تحمل البنادق والعصا بأداء حركات إيقاعية بين الصفين.
و«العرضة» هي فن عربي أصيل والعرضة كالعيالة وتحاكيها إلى حد كبير إلا أن آلاتها وإيقاعاتها تختلف عن آلات وإيقاعات «العيالة» وتؤدى العرضة في نفس المناسبات التي تؤدى فيها «العيالة» وهي مشابهة من حيث نظام الإنشاد ووقوف المنشدين في صفين ونظام دخول حملة السيوف إلا أن ألحانها تؤدى ثلاثية الإيقاع والمميزات وهناك آلات خاصة تصاحب الإنشاد في العرضة وتشمل «الكاسر» و «الرحماني» والدفوف «الطارات» والآلات النحاسية.. والكاسر يشبه الدف إلى حد بعيد إلا أنه مغطى برقعة من الجلد على جانبيه.
ومن الفنون الإماراتية «فن الوهابية أو الرمسة» وهو من الفنون الأصيلة الذي ارتبط بسكان مناطق العريبي والحديبة والغب وشمل والرمس في إمارة رأس الخيمة منذ القدم .
و«الأهل» هو من الفنون العريقة في المنطقة وتوجد علاقة وثيقة بين فني «الأهل» و«العيالة» فالأهل «يمارس ويؤدى خلال ممارسة فن«العيالة»أو عقب كل وصلة من وصلاته.
ومن الفنون القديمة«الرواح» وتمارس على إيقاع نشيد يتضمن الغزل والمدح وتتكون الفرقة من الرئيس وعدد من الرجال الذين يقدر عددهم ب 50 رجلا أو أكثر ويقدم هذا الفن في جميع المناسبات الوطنية والاجتماعية.
أما» رزيف الشحوح «فيؤديه أبناء قبيلة الشحوح وتتكون الفرقة التي تؤدي هذا الفن من 60 إلى 70 رجلاً يكونون في صفين متقابلين ويتوسطهم حاملو الطبول وعددهم يتراوح بين خمسة وثمانية ويشارك عدد من لاعبي السيوف والبنادق ضمن الرقصة ويردد الجميع الأناشيد الحربية والحماسية والعاطفية.
و«الندبة»من فنون الشحوح وهي نداء خاص بهم للعزوة والتفاخر تؤديه جماعة تسمى الكبكوب وهي كلمات تردد عند قدوم الضيوف ترحيبا بهم وهي من عادات سكان الجبل ويكونون أثناء ذلك حلقة دائرية يتوسطهم النداب وهو الشخص الذي يبدأ بنداء العزوة ويردد الآخرون عزوتهم خلفه بصوت يوحي بالرجولة والقوة.
أما«التغرود»فهو فن شعبي أصيل يحوي قصائد مغناة يترنم بها الفرد ويحاول المنشد فيها أن يرفع صوته ويطرب على تغريده العذب بنفسه ومعه مجموعة من المستمعين وينشد القوم أغاني التغرودة وهم على ظهور الهجن مرتحلين من مكان إلى آخر أو مسافرين في رحلة تجارة.
و«الليوة»من الفنون الإفريقية التي ذابت في المجتمع العربي في الخليج ويبدأ هذا الفن بأن يدخل المشاركون فيه حفاة على هيئة حلقة وفي وسطهم عازف المزمار وتتشابك أيدي الرجال في الحركة متقدمين خطوتين للأمام ثم خطوتين للخلف ويدورون عكس عقارب الساعة.
وهناك أناشيد وأهازيج تقال في مناسبات عديدة معظمها اختفى وأصبح في ذاكرة كبار السن وقد كانت في يوم من الأيام تشكل جانبا مهما من الفنون والأهازيج الشعبية المتداولة بين الناس مما يدل على عمق تراث وحضارة الإمارات وأصالتها العربية.
وتركز جمعيات الفنون الشعبية في الدولة على الإعلاء من شأن المأثورات الشعبية والحرف والمهن وتعليمها للجيل الجديد الذي لا يعلم منها سوى القليل لحماية الهوية الوطنية والتذكير بالتاريخ ودلالته وتأثيره.

وتنظم إدارات الجمعيات الدورات والبرامج التدريبية التي تسهم في شرح أهم العادات والمهن التراثية التي تسهم في تربية الأبناء على الاعتزاز بالتقاليد والقيم الأصيلة ولكي ترسخ في أذهانهم ويكونون هم الوسيلة المستقبلية في تعليم الجيل الذي سيعقبهم.

وقد حققت فرق الفنون الشعبية التقليدية في الإمارات نجاحاً مرموقاً في المهرجانات العربية والدولية التي شاركت فيها. (وام)

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"