عادي
مخرجات وكاتبات ومنتجات ومصورات

المرأة السينمائية.. رائدات مجهولات

04:21 صباحا
قراءة 4 دقائق
محمد رُضا

سادت سطوة ذكورية ملحوظة في السينما العربية خلال الأربعينات والخمسينات والستينات والسبعينات من القرن الماضي، لكن بعد هذه العقود الثلاثة ازداد عدد المخرجات اللواتي وقفن وراء الكاميرا، عطيات الأبنودي في السينما المصرية ، وفي لبنان رندة الشهال وجوسلين صعب، مي المصري في السينما الفلسطينية، وآسيا جبار بالجزائر. وتمدد هذا الوضع لاحقاً، فازداد عدد المخرجات في السنوات الخمس عشرة الأخيرة، ومنهن هالة لطفي وهالة القوصي وهيفاء المنصور ونجوم الغانم ونادين لبكي وكوثر بن هنية ومريام بن مبارك وياسمين شويخة، وسواهن.
بينما انتشر حضور المرأة كمخرجة عالمياً منذ أكثر من 30 سنة، بأسماء مثل لاريسا شيبتكو، أجنييس فاردا، باربرا كوبل، مرجريت فون تروتا، أنجليكا هولاند، وسواهن كثيرات.
بينما كان عدد النساء العاملات في السينما بتخصصات: الإخراج، الإنتاج، الكتابة، والتصوير، قبل عشرينات القرن الماضي أعلى من السنوات اللاحقة،
أمَّت لويس وَبر العمل السينمائي، عندما قامت بإخراج أفلام لحساب شركة اسمها «ركس» كانت من بين شركات نيويورك التي تأسست في السنوات الباكرة من القرن الماضي، ثم انضوت. ‫كانت أفلام وبر من أول الأعمال التي يمكن تسميتها بالدراما الاجتماعية، واشتغلت على أكثر من 160 فيلماً بين كتابة، وإخراج، وإنتاج، من بينها 138 فيلماً من إخراجها.
ومن فرنسا إلى نيويورك وبعدها إلى هوليوود، انطلقت كذلك مخرجة تعتبر إحدى الأوائل بين الرائدات، نسبة لأسبقية عملها في السينما، اسمها أليس جي، فرنسية المولد، والتحقت بالفرع الرئيسي لشركة «جومون» في باريس خلال منتصف العقد الأول من القرن العشرين، قبل أن تترك فرنسا إلى الولايات المتحدة قبيل سنة 1910. ومع حلول ذلك العام أسست شركة باسم Solax وبدأت الإنتاج سريعاً.
الفيلم الأول لجي في أمريكا كان «تضحية طفل»، من بطولة ماجدا فوي.وما بين 1910 و1913 انتجت شركة «سولاكس» 325 فيلماً، من بينها 35 فيلماً من إخراج جي نفسها.

كشافة أماكن تصوير

المرأة الثالثة هي جين جونتيير. في العام 1907 تم تأسيس شركة إنتاج صغيرة باسم «كالِم» وكانت جين من أول العاملين فيها.
عملت في الإنتاج أولاً. وكان ما يطلق عليها «كشافة أماكن تصوير»، أي كانت تستطلع الأماكن الصالحة للتصوير تبعاً للسيناريو الذي سيتم التصوير بمقتضاه. كذلك كتبت سيناريوهات، ومثلت. وفي سنة 1910 قامت بالسفر إلى إيرلندا، حيث أشرفت على إنجاز نحو 50 فيلماً. وكتبت وانتجت وقامت بالبطولة النسائية، كما شاركت سيدني أولكوت إخراج فيلم «من المهد إلى اللحد» الذي تم تصوير معظمه سنة 1912 في القدس.
جرنيير أصبحت لاحقاً الناقدة السينمائية لصحيفة «كانساس سيتي بوست»، وهذه كانت بالفعل المرة الأولى التي ينكب فيها مخرج سينمائي ما، على كتابة النقد الدرامي في الصحافة اليومية.
والواقع أن مهنة الكتابة فتحت الطريق أمام الكثيرين للعمل في السينما خلال تلك العصور، أمثال بيولا ماري ديكس، التي كانت كاتبة مسرحية، ثم انقلبت سينمائية بعد العام 1916، وهو العام الذي ذهبت فيه لزيارة والدة المخرج سيسيل ب. ديميل في لوس أنجلوس فقررت البقاء والعمل في هوليوود. وهناك مارلون فيبرانكس، وآن بوشينز، اللتان كانتا في مطلع دربيهما للكتابة المسرحية، عندما حوّلتا اتجاهيهما إلى السينما، واشتغلتا فيها من منتصف العشرية الثانية في القرن الماضي.
من ناحيتها، اهتمت الكاتبة جيني ماكفرسون بالمسرح الاستعراضي في البداية، ثم اتجهت إلى الإخراج السينمائي مرة واحدة لحساب شركة بيوجراف. والتقطتها شركة يونيفرسال بعض الوقت، ومنحتها قسم إنتاج خاص بها، لكن عندما استغرق عملها على أحد الأفلام أسبوعاً إضافياً، فسخت الشركة العقد معها إذ كانت الأولوية آنذاك إنهاء التصوير فيما لا يزيد على أسبوع، أو عشرة أيام، لكون الأفلام قصيرة . أكملت ماكفرسون طريقها كممثلة في 146 فيلماً، وكاتبة ل 63 فيلماً، حتى وفاتها سنة 1946.
وإذا ما استثنينا الكم، فإن دوروثي أزنر، هي إحدى الرائدات في الإخراج، ولو متأخرة عن زميلاتها، وكانت سكرتيرة تطبع السيناريوهات، ووجدت أنها تريد أن تلتحق بالعمل السينمائي
فبدأت في غرفة المونتاج في سنة 1919 وتبعت ذلك بكتابة نحو 20 فيلماً، وإخراج عشرين فيلماً وتوفيت في سنة 1979.

خارج هوليوود

عرفت السينمات العالمية خارج هوليوود انخراطاً مماثلاً للمرأة في بواكير التاريخ السينمائي. وفي روسيا القيصرية، وما بعد الثورة عليها، برزت أسماء عدّة لمخرجات وكاتبات، منهن نوتيا دانيلوفا، وفيرا إيلي، وأولجا فيشنفسكيا، وتاتيانا تولستايا.
ولعل أبرزهن عملاً وأثراً أولجا رحمنوفا، التي ولدت سنة 1871، وتوفيت في 23 ديسمبر/‏‏‏‏ كانون الأول عام 1943، بعد حياة حافلة عمدت فيها إلى الإخراج، والتمثيل، وكتابة السيناريوهات، وتعليم التمثيل، كذلك نشرت مواهبها في هذه الجوانب إلى المسرح، فكتبت وأخرجت مسرحيات عدّة.
ومثل كثيرات غيرها في أواخر القرن التاسع عشر، اتجهت رحمنوفا إلى السينما بعد تجربتها المسرحية. ودرست المسرح والدراما في بلدة أوديسا في أوكرانيا، حيث وُلدت.
وفي مطلع العقد الأول من القرن العشرين غادرت إلى موسكو، حيث احترفت المسرح، ثم مثلت أوّل أدوارها السينمائية سنة 1915. وفي العام التالي مثلت تحت إدارة المخرج إيفيني باور في فيلم «حياة لحياة».
وكممثلة، اشتركت رحمنوفا في العديد من أفلام تلك الفترة من بينها الأفلام التي كتبتها أو أخرجتها، وغالباً في أدوار الأم.
وفي «فصل حب» ذاته لعبت دور أم عمياء تعزف آلة «الهارب»، بينما لعبت ابنتها ناتاليا سوكولوفا دور ابنتها في الفيلم، وهي التي درست في معهد والدتها في موسكو واستفادت من خبرتها.
الطريق لم تكن سهلة في مجتمعات أقل انفتاحاً لفكرة قيام المرأة بمهام رجالية، والمخرجة اليابانية تازوكو ساكاني مثال على ذلك. أحبت السينما وبدأت العمل في نظام الاستوديوهات اليابانية، التي تشبه الأمريكية، كمساعدة في شؤون الإنتاج.
وفي عام 1929 اقترحت على الاستوديو الذي تعمل فيه القيام بمهام مساعد للمخرج كنجي ميزوجوتشي، الذي كان بصدد إخراج فيلم عنوانه «زوجة أجنبي». وبعد تردد منحت هذه الفرصة.
ولا يمكن أن نتجاهل المخرجة الألمانية لوتي رينيجير، التي يكفي أنها كانت أول من أخرج فيلم رسوم متحركة غير قصير، في سنة 1926، وهو فيلم مذهل، ما زال متوفراً على الإنترنت إلى اليوم.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"