عادي
عامر الصايغ مدير المشروع في حوار مع «الخليج» :

5 أيام وأيادي الإمارات تلامس الفضاء بـ «خليفة سات»

04:10 صباحا
قراءة 8 دقائق
تحقيق: يمامة بدوان

أكد المهندس عامر الصايغ، مدير إدارة تطوير أنظمة الفضاء، ومدير مشروع «خليفة سات» في مركز محمد بن راشد للفضاء، الاستعداد التام لإطلاق القمر الصناعي «خليفة سات» أول قمر صناعي يصنّع بأيادٍ إماراتية،
من المحطة الأرضية في مركز تانيجاشيما الفضائي، على متن الصاروخ (H-IIA) يوم 29 أكتوبر/‏ تشرين الأول، في تمام الثامنة صباحاً، بتوقيت الإمارات، الواحدة ظهراً بتوقيت اليابان، ليبدأ العمل في مداره خمس سنوات، بالشراكة مع شركة ميتسوبيشي للصناعات الثقيلة المحدودة، ومنظمة استكشاف الفضاء اليابانية (جاكسا).
وقال في حوار مع «الخليج» إن المشروع يكفينا فخراً أنه يحمل اسم صاحب السموّ الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، كما أنه ومع إطلاقه إلى الفضاء، سيحمل طموحات الوالد المؤسس المغفور له، بإذن الله، الشيخ زايد، طيب الله ثراه.
وأوضح أن وقت الإطلاق يستغرق عادة من 15إلى 20 دقيقة، حيث عمل فريق المهندسين على تقليل احتماليات أي فشل، وصنع سيناريوهات مختلفة، لمواجهة وإيجاد حلول قبل حدوث الفشل، كذلك تدريب الفريق الموجود في المحطة الأرضية للتعامل مع هذه السيناريوهات. وفي ما يأتي الحوار كاملاً:
مع العد العكسي لإطلاق القمر الصناعي «خليفة سات» من اليابان إلى الفضاء، يوم 29 الشهر الجاري، ما آخر استعداداتكم لذلك؟ وهل تأكدتم من جاهزية القمر وإجراء الاختبارات التجريبية عليه؟
- أجرينا تجارب الإطلاق للقمر مع بداية العام الجاري، وأرسلناه مؤخراً إلى اليابان، وهناك أجرينا التجارب النهائية، وتشمل تشغيل القمر، والأنظمة فيه، والتأكد أنها تعمل بالشكل المطلوب والمتوافق مع توقعاتنا، قبل تركيب القمر على صاروخ الإطلاق، وهذا يتضمن الناحية الميكانيكية التي تشمل تثبيت القمر الصناعي على قمر الإطلاق، كذلك تركيب الوصلات الكهربائية بين «خليفة سات» وقمر الإطلاق، التي تمكننا في الوقت الحالي وحتى لحظة الإطلاق، من متابعة حالة القمر بشكل دائم وهو على الأرض.
كما يشكل «خليفة سات» مصدر إلهام للأجيال الإماراتية، فهو أول قمر صناعي يصنّع على أرض الدولة، ويعد باكورة إنتاج قطاع التقنيات المتقدمة في الإمارات، وصمّمه وصنّعه فريق كبير من نخبة المهندسين الإماراتيين، ويعد تجسيداً لخطط مركز محمد بن راشد للفضاء الهادفة إلى تأهيل جيل من العلماء والمهندسين الإماراتيين الذين سيسهمون بخبراتهم في إطلاق مشاريع فضائية طموحة خلال العقد المقبل، كذلك يعد هذا القمر مصدر إلهام للكثير من المهندسين الإماراتيين الواعدين، ويشكل المشروع أيضاً انعكاساً لاستراتيجية مركز محمد بن راشد للفضاء في تشجيع الابتكار، وتحفيز التقدم التكنولوجي في دولة الإمارات.

محاكاة دقيقة

في تمام الثامنة صباحاً، بتوقيت الإمارات، الواحدة ظهراً بتوقيت اليابان، ولمدة خمس سنوات، ستكون دولة الإمارات قد حققت إنجازاً يُضاف إلى رصيدها، ما المرحلة المقبلة لكم في هذا الشأن؟ هل هناك مشاريع جديدة ستبدأون العمل عليها؟
- هناك الكثير من التوقعات من الشركاء والمستخدمين للصور الفضائية عبر «خليفة سات»، حيث إننا ولمدة خمسة أيام بعد أطلاق القمر الصناعي، سيكون لدينا عمل مكثف، ومتابعة حالة القمر، وإجراء الاختبارات الفضائية، والتأكد من سلامة جميع الأنظمة في الفضاء، مثل إعادة المعايرة للحساسات الموجودة على القمر، خاصة أننا قمنا بهذه العملية، بمحاكاة دقيقة على الأرض، لكن في الفضاء ومع اختلاف البيئة عن مثيلتها الموجودة في الأرض، علينا التأكد من إعادة المعايرة، كذلك البدء بالتقاط الصور الفضائية مع مراقبة جميع الأنظمة على «خليفة سات»، وتحليل النتائج، للتأكد من عمل القمر الصناعي بالشكل السليم، ما يعد الإثبات النهائي لنجاح القمر في عمله للسنوات المقبلة.
كما سينقل إطلاق «خليفة سات» على الهواء مباشرة، عبر منصات مركز محمد بن راشد للفضاء الإلكترونية، ومنها «يوتيوب»، و«تويتر»، ما يمنح سكان الدولة فرصة لمتابعة إطلاقه مباشرة.

استثمار العقول

يعد «خليفة سات» اختباراً حقيقياً، لكونكم نجحتم في تصميم أول قمر صناعي وتصنيعه بأيد وطنية، وعلى أرض الإمارات، كيف يمكن بهذا الإنجاز استثمار طاقات الشباب وعقولهم في مكانها الصحيح؟
- يمتاز هذا المشروع بأنه وطني 100%، وبه بني قطاع الصناعات الفضائية في الدولة، كما أننا عبر العمل مع شركاء داخل الدولة، تمكنّا من تطوير قمر صناعي بهذه القدرات، ما يفسح المجال أمام الكثير من المشاريع الفضائية، حيث إن معدل أعمار المهندسين الذين عملوا على «خليفة سات» تراوح بين 27 و28 سنة، وهذا دليل على استثمارات طاقات الشباب المواطنين بشكل صحيح، إذ إن نقل المعرفة في البداية، كان بيننا وبين شركاء من خارج الدولة، لكن حالياً يحدث بالفعل داخل مركز محمد بن راشد للفضاء، وتالياً هناك سهولة وسرعة في تزايد عدد المهندسين والمشاريع الفضائية، بشكل متواز؛ فعلى سبيل المثال عمل في مشروع «دبي سات1» ثمانية مهندسين، ثم ارتفع عددهم في مشروع «دبي سات2» إلى 21، إلا أنه قفز إلى أكثر من 70 مهندساً في «خليفة سات، وأكثر من ذلك العدد يعمل حالياً في «مسبار الأمل»، وهذا دليل على توجه الشباب المواطن للتخصص في علوم الفضاء المختلفة، كي يقدموا أفضل ما لديهم، ويردوا الجميل إلى دولة تطمح إلى التميز في جميع القطاعات.
كما يعد «خليفة سات» اختباراً حقيقياً للعنصر البشري بالدولة، لكوننا تمكنا من تصميم أول قمر صناعي، وتصنيعه بأيد وطنية، وعلى أرض الإمارات، ما يؤكد أن ثقة القيادة الرشيدة بطاقات شباب وشابات الدولة وعقولهم في مكانها، فضلاً عن أن ذلك يضع الإمارات في مصاف الدول المتقدمة، والقادرة على تصنيع أقمار صناعية أسوة بالدول الأخرى.

تحول تاريخي

يعد يوم 29 أكتوبر حاسماً ونقطة تحول في تاريخ الدولة، كيف تتنظرون هذا الوقت؟
- بدأ العمل على «خليفة سات» منذ 12 عاماً، مع تأسيس مركز محمد بن راشد للفضاء في عام 2006، للاستعداد للبدء بتأسيس قطاع الفضاء والتقنيات المتقدمة بإنشاء مؤسسة الإمارات للعلوم والتقنية المتقدمة «إياست» التي دمجت مع المركز عقب مرسوم أصدره صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، عام 2015، وحدد المرسوم مسؤوليات المركز بعدة نقاط، تمثلت في دعم المشاريع التكنولوجية والأبحاث العلمية المتقدمة في دولة الإمارات، ودعم توجهات الحكومة لبناء اقتصاد قائم على المعرفة.

مخططات هندسية

ما الوقت الذي يستغرقه إطلاق القمر الصناعي؟ وهل تعتقدون أن عملكم على مدى 12 عاماً والمتعلق بتصميم «خليفة سات» وتصنيعه، يُختصر في هذا الوقت الحاسم؟
- وقت الإطلاق يستغرق عادة من 15-20 دقيقة، الأمر الذي يعني أن عمل 12 عاماً على تصميم وتصنيع «خليفة سات» يُختصر في هذا الوقت الحاسم، يعقبه الانتظار لمدة ساعتين إلى حين وصوله للمدار الفضائي، كما تم توثيق جميع المخططات الهندسية والتصاميم العلمية، التي ستمكن فريق العمل من تصنيع قمر آخر، في حالة فشل الإطلاق.

استمرارية القدرات

بعد الانتهاء من عمل المهندسين والفنيين على «خليفة سات» هل سيواصلون عملهم في مسبار الأمل، أم هناك خطط ومشاريع مستقبلية سيعملون عليها؟
- «خليفة سات» يمثل استمرارية للعمل والقدرات، حيث سيواصل المهندسون العمل في «مسبار الأمل» ومشاريع أخرى بدأنا بها، وسيعلن عنها في الوقت المناسب، حيث إنها تمثل استمرارية لقدرات المركز في تطوير تقنيات الأقمار الصناعية.

وثائق علمية

سجّلت خمس براءات اختراع ووثائق عملية خاصة بالقمر الصناعي «خليفة سات»، ما تفاصيلها؟ وهل هناك المزيد؟
- عمل أكثر من 70 مهندساً إماراتياً، أغلبهم مهندسون جدد، بفعالية في مشروع «خليفة سات»، حيث إنه يتميز عن بقية الأقمار الصناعية الأخرى بمزايا عدة، أهمها الوزن، والقدرات التي تجعله أفضل من غيره، وكذلك هناك خمس وثائق علمية مسجلة «براءة اختراع»، طوّرت بالمركز، إحدها الكاميرا التي ستوفر صوراً بدقة 70 سم، ونظام تحديد المواقع، كذلك طوّر التواصل مع المحطة الأرضية في ما يتعلق بسرعة تنزيل الصور، فضلاً عن تطوير قدرات حركة القمر في الفضاء، ما يسهّل وصول الصور للمستخدمين، ويسرعه.

أيقونة متطورة

يعد «خليفة سات» أيقونة هندسية فائقة التطور، ما التخصصات التي سيرصدها؟ وما الجهات المستفيدة من ذلك؟
- «خليفة سات» إضافة نوعية في تصنيع الأقمار الصناعية المتخصصة في رصد الأرض، وتوفير المعلومات والبيانات التي تهدف إلى خدمة البشرية، ويمتاز بسرعته الفائقة لتوصيل المعلومات إلى المحطة الأرضية، ما يسرّع الاستجابة في حالات الطوارئ، كما سيقدّم «خليفة سات» خدمات قيّمة إلى الجهات الحكومية في الدولة والجامعات؛ تتمثّل في توفير صور عالية الجودة، ودراسات بيئية على التربة وجودة المياه، والتحقق من تسرّب النفط، ومراقبة تلوّث الأراضي، وغيرها من الجوانب البيئية. كذلك سيكون له دور كبير في الإسهام في الحد من أضرار الكوارث البيئية في العالم، عن طريق تقديم تقارير تحليلية لمساحة الأماكن المتأثرة بالكارثة، وصور حيّة للأماكن الآمنة.
وسيوفّر الصور مجاناً للجهات والمؤسسات الحكومية والتعليمية بالدولة، بينما ستوفر مقابل مبالغ مادية للقطاع الخاص بحسب سياسة المركز.

ميزات ومقارنة

ما ميزات «خليفة سات» مقارنة بالقمر «دبي سات 2» كذلك بالأقمار العالمية الأخرى؟
- يمتاز «خليفة سات» عن بقية الأقمار العالمية بأنه يحافظ على القدرات ذاتها في الصور الملتقطة عبر أقمار أخرى أكبر حجماً، وأكثر كلفة، وتعقيداً في التصميم، بينما يمتاز عن «دبي سات2» بأن وزن «خليفة سات» يبلغ 330 كيلو غراماً، مقارنة ب310 كيلو غرامات وزن «دبي سات 2»، حيث يبلغ طوله مترين، كما أن «خليفة سات» مزود بنظام تصوير متطور جداً، يعمل مكبراً عالي الدقة يمكنه من الوصول إلى دقة تصوير تصل إلى 70 سم من على بعد 600 كيلومتر فوق سطح الكرة الأرضية.
كما أن استخدامات الأقمار الفضائية السابقة بحكم جودة الصور كانت تتمكن من «الاكتشاف»، أما خليفة سات» فإنه سيتمكن من «التمييز».

خطط مستقبلية

هل لديكم تطلعات في المستقبل بتأسيس قواعد لإطلاق الأقمار الصناعية من الدولة؟
- قطاع الفضاء في الدولة والعالم ينمو بشكل كبير، وهناك الكثير من المؤسسات العالمية تنظر إلى الإمارات أنها دولة تأخذ قطاع الفضاء بتواتر كبير محققة قفزات نوعية، خاصة أننا نتحدث عن أول دولة عربية تُصنع أول مسبار سيصل للمريخ، وهي أول دولة أرسلت رائدي فضاء للوصول للمحطة الدولية للفضاء، الأمر الذي يعطينا حافزاً لأن تكون تقنيات إطلاق الأقمار الصناعية على أرض الدولة بالمستقبل، وذلك ضمن خطط يُعلن عنها من جهات قيادية.

دمج القمر الصناعي «ماي سات 1» بمركبة الإطلاق

شارك فريق من الطلبة وأعضاء هيئة التدريس بجامعة خليفة في إنجاح عملية دمج القمر الصناعي المُصَغّر «ماي سات 1» بمركبة الإطلاق التموينية، المتوجهة في وقت لاحق إلى محطة الفضاء الدولية.
وتم تطوير «ماي سات 1» من قبل طلبة برنامج ماجستير نظم وتقنيات الفضاء بالجامعة في مرافق مختبر الياه سات للفضاء، وهو القمر الأول للمختبر الذي تم تأسيسه بتعاون الجامعة وشركة «نورثروب جرومان»، بهدف توفير منصة مبتكرة للبحوث المستقبلية في مجال تقنيات الفضاء في دولة الإمارات.

نقل «القمر» في 4 أيام

أوضحت المهندسة أسماء أهلي، نائب مدير المشروع- سلسلة الإمداد الهندسي، أن نقل القمر الصناعي «خليفة سات» من دبي إلى جزيرة تانيجاشيما اليابانية استغرق أربعة أيام، أي ما يعادل 96 ساعة، حيث واجهت الفريق تحديات، تمثلت في توفير البيئة الملائمة والمشابهة لمثيلتها التي صنّع فيها بدبي، مع أخذ عوامل مثل درجة الحرارة، والرطوبة، والاهتزاز في الحسبان، ومن أجل ذلك صنّعن حاوية خاصة لنقل القمر الصناعي، عبر الجو، والبحر، والبر، وتعمل على تأمين بيئة مشابهة وضعها فريق الجودة.

ضمان جودة «القمر»

قالت منى الحمادي، مهندسة أولى ضمان الجودة بمركز محمد بن راشد للفضاء، إن عملها في المشروع تمثل في ضمان جودة القمر الصناعي، بكل مراحله، وشملت التصاميم الأولية، وشراء القطع الإلكترونية، والفحوص النهائية، والتجميع والتركيب، كذلك الإطلاق، حيث نقدم معايير للجودة نستند فيها إلى معايير عالمية، عقب مقارنتها بأهداف المشروع، ومن ثم تطبيقها، فعلى سبيل المثال فإن التحكم في الغرفة النظيفة يتضمن التحكم في درجة الحرارة، والرطوبة، والضغط الجوي، وعدد الذرات والجزيئات، في ظل أن «خليفة سات» منتج حساس جداً، وتالياً فهو معرض للتأثر بعوامل التلوث البيئي والتغيرات بدرجة الحرارة والرطوبة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"