عادي
احتفالات في عواصم عالمية بذكرى الهدنة ودعوات لنبذ الانطواء والعنف والهيمنة

زعماء 70 دولة يحيون مئوية انتهاء الحرب العالمية الأولى

05:29 صباحا
قراءة 3 دقائق
أمام حشد ضم أبرز زعماء العالم، دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أمس، قادة نحو 70 دولة إلى الحفاظ على السلام، محذراً من أن «الشرور القديمة والأيديولوجيات الحديثة تهدد التعايش»، مطالباً ب«خوص معركة من أجل السلام»، ومندداً بمن يثيرون النوازع القومية، واعتبرها «خيانة للوطنية».
وجاءت كلمة الرئيس الفرنسي التي استمرت 20 دقيقة، خلال مراسم الاحتفال بمرور مئة عام على ذكرى الهدنة التي أنهت الحرب العالمية الأولى، والتي أسفرت عن مقتل 18 مليون إنسان في أحد أكبر الصراعات دموية في تاريخ البشرية.
وتحت أمطار خفيفة، وعند قوس النصر، احتشد الحضور الذين كان بينهم الرؤساء الأمريكي دونالد ترامب، والروسي فلاديمير بوتين، والتركي رجب طيب أردوغان، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، وملك المغرب محمد السادس، إضافة إلى عشرات من رؤساء الحكومات من أوروبا وإفريقيا والشرق الأوسط، ومناطق أخرى.
وبدأت الاحتفالية بقرع الأجراس في أنحاء باريس، لإحياء اللحظة التي أعلنت فيها الهدنة، وسار خلالها ماكرون وزوجته بريجيت، وميركل وملك المغرب جنباً إلى جنب في شارع الشانزليزيه الشهير، في ظل هطول الأمطار. وجلس القادة في أماكنهم، وأطلق صوت الناقور تكريماً للموتى، أعقبه الوقوف دقيقة حداد وعزف السلام الوطني الفرنسي.
وعلى مرأى من الرئيس الأمريكي، انتقد ماكرون النزعة القومية التي أعلن ترامب عن اعتناقها، وقال: إن «الوطنية هي نقيض القومية تماماً. القومية هي خيانة الوطنية»، داعياً إلى «نبذ الانطواء والعنف والهيمنة» من العالم.
وأكد ماكرون خلال كلمته أن التعاون الفرنسي الألماني وتأسيس الاتحاد الأوروبي، جسدا الأمل في أوروبا، محذراً من أن «التاريخ يهدد بالعودة لمساره المأساوي، وبتقويض تراث السلام، الذي اعتقدنا أنه تم تعميده بدماء أسلافنا». وكان ماكرون أبدى حفاوة في استقبال نظيره الأمريكي الذي انتقد مقترحه بإقامة جيش أوروبي، والذي اعتبره ترامب «إهانة» للولايات المتحدة التي تشارك في تحمل العبء الأكبر من نفقات حلف شمال الأطلسي(الناتو). وكان ماكرون دعا في حوار صحفي أوروبا إلى تبني استقلالية دفاعية بدلاً من شراء الأسلحة من الولايات المتحدة. وقال: «لا أريد رؤية الدول الأوروبية ترفع من ميزانيات الدفاع لشراء أسلحة أمريكية»، مؤكداً إنه يشاطر نظيره الأمريكي الرغبة في «تقاسم أفضل للعبء» المالي للحلف الأطلسي بين الأوروبيين والأمريكيين.
ولم تخل الاحتفالية من بعض اللحظات المثيرة، إذ اقتحمت متظاهرة من حركة «فيمن» النسائية الحواجز في شارع الشانزليزيه، وركضت نحو موكب ترامب، قبل أن يتمكن أحد رجال الشرطة من إبعادها، لتعلن الحركة مسؤوليتها عن هذا العمل الاحتجاجي. وغردت رئيستها انا شيفيشينكو على موقع «تويتر» وكتبت: «إعادة إحلال السلام العالمي مع المسؤولين عن العداء الدائر يبدو نفاقاً».
واستغل عدد من قادة العالم هذه الاحتفالية، لمناقشة قضايا حساسة مع عدد من نظرائهم، إذ التقى خلالها رئيس الوزراء «الإسرائيلي» بنيامين نتنياهو، بالرئيس الروسي بوتين، في أول لقاء بينهما، منذ توتر علاقات الدولتين، أعقاب إسقاط طائرة استطلاع روسية في سوريا في سبتمبر/أيلول الماضي، في حادث اتهمت موسكو «تل أبيب» بالتسبب فيه. وقال نتنياهو: «الحديث مع الرئيس بوتين كان جيدا وعمليا. بل أصفه بأنه مهم للغاية».
وتصافح خلال الحفل زعماء أمريكا وروسيا، اللذان تشهد علاقتهما توترات، أبرزها اتهامات بالتدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية، والأزمة الأوكرانية، التي فرضت على إثرها واشنطن عقوبات على موسكو. وأكد بوتين من جانبه، أنه أجرى أمس، محادثة «جيدة» مع نظيره الأمريكي على هامش المراسم. وانتهت مراسم اليوم بإعادة إشعال الشعلة عند قبر الجندي المجهول أسفل قوس النصر ووضع إكليل من الزهور.
ومن المقرر أن يزور ترامب المقبرة الأمريكية في باريس،بعدما تعرض إلى انتقادات حادة بسبب إلغاء زيارته لها، متذرعاً بسوء الأحوال الجوية. وأجرى ترامب محادثات مع نظيره الفرنسي قبل الاحتفالية لتبديد الخلافات بشأن الدفاع الأوروبي. لكن ترامب قرر عدم المشاركة في منتدى باريس للسلام الذي تستضيفه العاصمة الفرنسية، ويستمر حتى يوم غد الثلاثاء، ويهدف للترويج لحلول عملية للمشاكل العابرة للقارات.
وبعيداً عن العاصمة الفرنسية، وفى عدد من دول العالم، أقيمت احتفالات مماثلة، في الهند وبريطانيا، إذ انضم الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير إلى أفراد الأسرة المالكة البريطانية أمس، في لندن لإحياء ذكرى ضحايا الحرب. ووضع ولي العهد البريطاني الأمير تشارلز إكليلاً من الزهور بدلاً من والدته الملكة إليزابيث التي شاهدت الاحتفال المقام عند قبر الجندي المجهول في لندن من شرفة وزارة الخارجية.
وفي سابقة تاريخية، حذا شتاينماير حذو الأمير تشارلز في وضع إكليل من الزهور فيما وصفته الحكومة بأنها «خطوة تاريخية للمصالحة».(وكالات)
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"