عادي
تضم أطول نفق مزدوج في عمق الجبال طوله 2600 متر

وادي الحلو.. مقومات طبيعية خلابة وخدمات متكاملة

05:07 صباحا
قراءة 5 دقائق

تحقيق: محمد صبري

تعد منطقة وادي الحلو التابعة لإمارة الشارقة، نموذجاً فريداً لقرية جمعت بين التراث والحداثة، والأصالة والتطور العمراني والسياحي، الأمر الذي جعل منها منطقة جذب سياحي للكثيرين من سكان الدولة وزوارها، بفضل جمال طبيعتها الخلابة وخصوصيتها الفريدة، إضافة إلى مميزات موقعها، إذ تتسم بجغرافية حيوية، تقع المنطقة وسط جبال صخرية سوداء، بين مدينة كلباء ومنطقة حتا، ومع توجهات الدولة في الحفاظ على الحياة البرية والطبيعة البيئية برعاية صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، واهتمام وحرص صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم إمارة الشارقة، أصبح الوادي نموذجاً يجسد اهتمام حكومة الشارقة بالحفاظ على مكونات الوديان وطبيعة قاطنيها، من دون حرمانهم من مقومات الحضارة واحتياجات العصر.
على مجرى الوادي القديم في المنطقة التي تشكل الحزام الجبلي لمدن الشارقة شرقي البلاد، ومع جفاف فيض مائه المتدفق في عصور مضت بسبب التغيرات المناخية، فقد بقيت تربته الخصبة محصورة بين شواهد الجبال الشاهقة، مستظلة بسلاسل من أشجار النخيل وبساتين الرمان، وبأنواع كثيرة من الفاكهة والخضراوات، المستمدة حياتها من ينابيع المياه الحلوة من بطن ذاك الوادي، ليبقى اسم المكان ومذاق مائه على مر الزمان دلالة على اسمه وادي الحلو. وتعود تسمية الوادي الموجود في قرية «وادي الحلو» ب «الحلو»، لمياهه العذبة والينابيع التي كانت تجري فيه قبل تحولات المناخ، حيث كانت المنطقة تتميز بطبيعتها الخضراء وبمزارعها ووديانها، ولم يكن يتجاوز عدد سكانها، آنذاك، 200 نسمة، جميعهم من قبيلة المزروعي، وعن تاريخ المنطقة الممتد لخمسة آلاف عام توضح الحصى والرسوم على بعض الأحجار صحة هذا الكلام بل وتؤكد أن تاريخ المنطقة يرجع لأكثر من ذلك.

اهتمام الحاكم

لم يكن هذا الوادي مجرد نقطة صغيرة على خريطة الإمارة، بعد أن نال اهتمام صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، فشيد على أرضه المساكن الحديثة، وشق الأنفاق والطرق بطول الجبال من حوله، لتصل سكانه بمحيطه الإقليمي، وأنشئت مكاتب الدوائر الخدمية الحكومية كافة، إلى جانب منشآت رياضية وصحية وأمنية، ومدارس وأندية، جعلت الحياة في بطن الوادي حلماً جميلاً، وما تحقق منه فاق المتوقع من سكان الوادي الذين عانوا من قبل صعوبة الحياة والعزلة المفروضة عليهم بفعل جغرافيا المنطقة من جبال ووديان وسهول.
ومع تطوير الوادي ودعماً للمنظومة البيئية وحفاظاً على مهنة الأجداد في جمع العسل الجبلي قامت حكومة الشارقة بغرس 20 ألف شجرة سدر ليستفيد منها الإنسان والحيوان.

نفق الوادي

تمكنت حكومة الشارقة بتوجيهات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي من إنشاء نفق وادي الحلو حيث يعتبر الأكبر على مستوى الدولة والشرق الأوسط، حيث يبلغ طوله 2600 متر ليسجل أطول نفق جبلي.
وقام بافتتاحه صاحب السمو حاكم الشارقة ليسهل على أهل المنطقة الاتصال والارتباط بباقي المدن حيث تبعد مدينة الشارقة عن مدينة كلباء حوالي 75 كم، وكانت المدة الزمنية المستغرقة في الوصول عدة ساعات، بل ومن المستحيل الوصول إذا كانت هناك أمطار وسيول لوعورة الطريق، لكن بعد افتتاح هذا النفق عام 2002 أصبح بالإمكان الوصول في زمن لا يتخطى ال25 دقيقة.

محمية طبيعية

تقع محمية وادي الحلو على طريق الشارقة كلباء وقد تم إعلانها كمحمية طبيعية في عام 2007 حيث تقدر مساحتها الإجمالية ب 3 كم مربع.
تعتبر محمية وادي الحلو بيئة برية ذات منحدرات جبلية ووديان، وتشتهر بوجود أشجار السدر فيها، وتعتبر ملجأ لأنواع مختلفة من الطيور والسحالي والقوارض ونحل العسل وأسماك المياه العذبة.
وقد تم إعلانها كمحمية طبيعية بهدف حماية البيئة الجبلية والوديان، والمحافظة على الموارد الفيزيائية والحيوية مثل الطيور والزواحف والقوارض وأسماك المياه العذبة، تكمن أهميتها البيئية في احتوائها على تنوع حيوي كبير في الكائنات الحية التي تقطنها ولقد تم تسجيل 216 نوعاً نباتياً بالمنطقة منها 147 نوعاً قد سجل تواجدها في البيئات الطبيعية و111 نوعاً تم تسجيلها في المزارع النشطة كما سجلت الدراسة 6 نباتات نادرة لم يتم تسجيل أي منها في الدولة غير مرة واحدة أو مرتين.
«الخليج» زارت المنطقة لرصد ما تحقق على أرض وادي الحلو من إنجازات ومرافق وخدمات عصرية شكلت أركاناً متكاملة لمقومات الحداثة والتطور التي تشهدها الدولة على كافة مناحي الحياة، أصبح أهالي وادي الحلو الذين عانوا في الماضي من عزلة الزمان والمكان يتمتعون بكافة المرافق الحيوية وأفرع للمؤسسات الحكومية تغنيهم مشقة الانتقال لمدينة كلباء لقضاء مصالحهم، وفي خلال الجولة سوف نرصد المطالب المنشودة من سكان الوادي لاستكمال ما تم إنجازه على أرض الوادي.

شكر وعرفان

ففي البداية توجه سالم خميس المزروعي بأسمى آيات الشكر والعرفان لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة على جهود سموه المبذولة في تخطيط وتطوير منطقة وادي الحلو والتي تعد من المناطق الوعرة ذات التضاريس الجغرافية القاسية التي تعوق أي محاولة للتنمية أو التواصل مع محيطها الإقليمي، وفى رصد لبداية حركة النهضة والعمران في المناطق شديدة القسوة والمحاطة بالجبال وداخل الوديان، قال: في بداية العام 95 بدأ التخطيط لإنشاء شبكة طرق حديثة للربط بين المدن والقرى لتسهيل حركة المواطنين واختصار الوقت ورفع حجم المعاناة وكسر حاجز العزلة عن سكان هذه المناطق النائية والتي ساعدت الشركات على الوصول لهذه المناطق لإقامة مشاريع التنمية داخل الوادي وإنشاء 80 منزلاً على أحدث التصاميم المعمارية وإقامة 3 صروح تعليمية تشمل جميع المراحل الدراسية بجانب مدرسة لرياض الأطفال. وأشار إلى وجود أفرع لأغلب المرافق الخدمية والأبنية الحكومية مثل فرع لمبنى بلدية كلباء ونقطة شرطة وعيادة صحية مع تطوير شبكة الطرق الداخلية لتحوز منطقة وادي الحلو بذلك أهم طريق يربط بين مدن الإمارة في الساحلين الشرقي والغربي بين خليج عمان والخليج العربي عبر أطول نفق جبلي في الشرق الأوسط مروراً بمنطقة وادي الحلو.
وأضاف أن منطقة وادي الحلو وما تمتلكه من مقومات طبيعية جعل الدولة تقوم بإنشاء مركز لرصد الزلازل متصل بمركز الأبحاث بالمدينة الجامعية في الشارقة، كما تم إنشاء ناد للفتيات ومركز للطفل إضافة إلى 3 حدائق عامة بجانب إقامة مبنى تجاري يشمل جميع الخدمات لسكان المنطقة، مشيراً إلى اعتزام الحكومة الاتحادية ممثلة في وزارتي تطوير البنية التحتية والتغير المناخي والبيئة إنشاء سد وادي الحلو للمحافظة على مياه الأمطار وزيادة منسوب المياه الجوفية.

الحياة الكريمة

من جهته أشاد خالد الغيلي عضو المجلس الاستشاري بمساعي صاحب السمو حاكم الشارقة وحرصه الدائم على توفير الحياة الكريمة لأبنائه المواطنين من خلال توفير نسيج مجتمعي ومناخ معاشي قوي وسليم مع إنشاء بنى تحتية قوية وخدمات مستدامة ذات مواصفات عالمية، الأمر الذي يتضح جلياً في انتهاج حكومة الشارقة للعديد من المشروعات الطموحة والمؤثرة في الواقع الخدمي والتي حولت «وادي الحلو» من منطقة نائية معزولة إلى شبه مدينة متكاملة الخدمات بشكل فاق طموح وتصور مواطنيها ما يعد تحدياً للمكان وتطويعاً لجغرافية المنطقة.
وأشار إلى ضرورة استكمال باقي الخدمات البسيطة لجعل «وادي الحلو» منطقة مركزية تخدم محيطها الإقليمي، بإنشاء وحدة إطفاء مصغرة والمخصص لها قطعة أرض بالفعل داخل الوادي وأيضاً مركز للتسوق يلبي احتياجات سكان المنطقة يشمل سوقاً للخضر والفاكهة والأسماك واللحوم الطازجة، وتخصيص صراف آلي يُمكن الأهالي وسكان المنطقة من سحب أموالهم.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"