تتمتع الحياة البرية في الإمارات بتنوع هائل . ويتمثل ذلك بمجموعة واسعة من أنواع الحيوانات الصحراوية شبه المهددة بالإنقراض، كغزال الرمال ثاني أكبر أنواع الظباء التي تعيش في الدولة، ويمكن مشاهدة هذا المخلوق الجميل أحياناً في مجموعات صغيرة فوق الكثبان الرملية المحيطة بمنطقة ليوا . إضافة إلى العديد من المحميات الطبيعة الموزعة على كل الإمارات . وهو يألف المناطق قليلة العشب والوديان الرملية والمناطق المفتوحة ويتميز بقرونه المقوسة الأنيقة، ويعتبر غزال الرمال الظبي الوحيد في المنطقة الذي عادة ما يلد توأمين خلال فصلي الربيع والخريف .
يصل وزن غزال الرمال بشكل تقريبي إلى 22 كيلوجراماً، بينما يتراوح طوله بين 95 إلى 120سم، وطول قرون الذكور بين20 أو 30 سم، بينما قرن الإناث قصيرة ورفيعة . يتزين جسد هذا الحيوان بمجموعة من الألوان الزاهية، فالأبيض يتوزع على رأسه وبطنه، فيما يطغى اللون البني الفاتح على ظهره وجانبيه، وبعكس جسمه الفاتح بالكامل يغطي اللون الأسود عينيه ومنخريه وفمه . ويرى أحمد الشيخ، مختص في الحياتين البرية والبحرية في دبي، أن لون غزال الرمال ما هو إلا تكيف مع البيئة التي يفضلها وهي المناطق الرملية المفتوحة، علماً بأنه لا يعيش أبداً في الجبال . وهو النوع الوحيد بين أنواع الظباء في المنطقة من حيث وضع إناثه للتوائم، حيث تقضي الصغار أيامها الأولى في حفرة قليلة العمق أو تحت شجيرة صغيرة حتى تصبح قوية بما يكفي لتنقلها مع الكبار .
حنان مقراش، الطالبة في كلية العلوم بجامعة الإمارات، هي واحدة من المجموعة التي سنحت لهما الفرصة للتعرف إلى غزال الرمال عن قرب، حيث قامت الجامعة بإجراء بحث علمي يعتبر الأول من نوعه، ويتناول سلوك المها العربية وغزال الرمال العربي في متنزه العين للحياة البرية . تقول مقراش كنا نهدف من خلال مشروعنا للتخرج،التعرف إلى سلوك الحيوانات النادرة في حالات الأسر ومحاولة توضيح مدى استعدادها لمواجهة الحياة البرية عند إعادة إطلاقها . وتشير إلى أنها رصدت خلال هذه التجربة، العديد من الممارسات والعادات والحركات التي يقوم بها غزال الرمال ومدى نشاطه على مدار اليوم، ومنها توصلنا إلى نتائج بيانية حول الفرق بين سلوك الإناث والذكور والكبار والصغار، ففي فترة بعد الظهر على سبيل المثال يكون سلوكه غير نشط، ويركن إلى الجلوس ومضغ الطعام، وفي بعض الحالات لوحظ أن الإناث أكثر نشاطاً من الذكور . ومن السهل التمييز بينها لان ذكور غزال الرمال أكبر حجماً وافتح لوناً من الإناث، فمتوسط وزن الذكور يصل إلى 90 كجم، أما متوسط وزن الإناث يصل إلى 80 كجم .
وتضيف زميلتها، هبة اليماحي: غزال الرمال يمتلك قدرة كبيرة على الانتقال لمسافات طويلة من دون الاعتماد على مصادر المياه المباشرة، ومعظم النشاط يحدث في الصباح الباكر ووقت متأخر من المساء مع مجموعات كبيرة، بينما يستريح في الظل خلال منتصف النهار وأثناء الارتفاع الكبير في درجات الحرارة . وهذا يدل على ان هذا النوع من الغزلان اجتماعي بطبعه، وتعتمد على بعضه بعضاً في كل الوظائف اليومية . وتشير إلى أن دراسة سلوك هذا الحيوان وإجراء الدراسات عليه داخل المحميات الطبيعية أسهل من مراقبته في الصحراء، نتيجة لونه المتناسق مع بيئته الرملية الأمر الذي يجعل رؤيته وتتبعه صعباً خاصة من مسافات بعيدة .
وتوضح هنا سيف السويدي، رئيس هيئة البيئة والمحميات الطبيعية في الشارقة السمات التي تساعد غزال الرمال في سعيه الغريزي بالاحتفاظ بالطاقة الحرارية خلال الشتاء القارس، حيث يتفرد هذا النوع من بين الظباء العربية بقدرته الصارمة علي مقاومة الجفاف والحرارة والبرودة فيعوض حاجته الماسة للشرب بمضغ النباتات الصحراوية المتشربة بالندى والنباتات التي تحتفظ بالرطوبة، ولتحمل درجات الحرارة المرتفعة يلجأ إلى التبريد الانتقائي منعشاً بذلك الدم المتدفق إلى الدماغ ويتم ذلك عن طريق الأوردة المغلفة الممتدة من التجويف الأنفي حول شرايين المخ . وتشير إلى أنه من ضمن الجهود التي تبذلها الدولة في الحفاظ على التنوع البيئي، وترجمة لرؤية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة عندما وجه في عام 1998 بإنشاء مركز حماية وإكثار الحيوانات العربية المهددة بالانقراض في الشارقة بهدف إكثار تلك الحيوانات وحمايتها وإطلاقها ضمن محميات طبيعية، أطلق سموه عدداً من هذه الغزلان في محمية الحفية في مدينة كلباء، بهدف إعادة تأهيل الطبيعة البرية للمحمية التي كانت موطناً وثروة حقيقة اندثرت منذ زمن بسبب تعرضها لعملية تخريب آدمي مثل الصيد الجائر والممارسة البشرية الخاطئة . وتؤكد أن مشاركة كل فرد في المجتمع بفكره وجهده لإعمار بيئته والحفاظ عليها سيؤثر إيجاباً في الارتقاء بالشأن البيئي .
جهود الاكثار
شهد مركز حماية وإكثار الحيوانات العربية البرية المهددة بالانقراض، التابع لهيئة البيئة والمحميات الطبيعية بالشارقة، خلال العام الماضي ولادة عدد جديد من الحيوانات المهددة بالانقراض من ذوات الحوافر . كان نصيب غزال الرمال من هذه الولادات 26 غزالاً، إضافة إلى ولادة واحدة من المها العربي و26 من الوعل النوبي و10 من غزلان الجبل . وتشير التوقعات إلى أن المركز يشهد قريباً عدداً إضافياً من الولادات النادرة، تبعاً للاهتمام الكبير الذي يبذله المركز في الحفاظ على أنواع الحيوانات المهددة بالانقراض عن طريق إكثارها وتوفير العناية الصحية التي تلائم حيوانات شبة الجزيرة العربية النادرة والمهددة بالانقراض .
