عادي
قمم خالدة

ماري كوري إنجازاتها ألهمت علماء المستقبل

04:12 صباحا
قراءة 7 دقائق
إعداد: عثمان حسن

ماري سكلودوفسكا كوري، أول من دشنت علم النشاط الإشعاعي، واشتهرت باكتشاف العنصرين المشعين «البولونيوم والراديوم»، وأول امرأة تفوز بجائزتي نوبل في الفيزياء والكيمياء، شكل اكتشافها للراديوم عتبة لتغيير أساسي في فهمنا للمادة والطاقة..

إنجازاتها لم تؤثر فقط في تطور العلوم الأساسية، لكنها بشرت أيضاً بحقبة جديدة في البحث والعلاج الطبي.

ولدت ماري كوري، باسم ماري سكلودوفسكا في وارسو في 7 نوفمبر 1867، وهي ابنة معلم لمادتي الرياضيات والفيزياء في إحدى المدارس الثانوية، حصلت على تعليم عام في المدارس المحلية، وبعض التدريب العلمي من والدها.

وانخرطت في منظمة طلابية ثورية، ووجدت أنه من الحكمة مغادرة وارسو؛ حيث كان جزءاً من بولندا يخضع لسيطرة الاتحاد السوفييتي، كما كانت كراكو البولندية حينذاك تحت الاحتلال النمساوي، ذهبت إلى باريس لمواصلة دراستها في جامعة السوربون؛ حيث حصلت على ترخيص ممارسة الفيزياء والعلوم الرياضية. التقت بيير كوري، أستاذ في كلية الفيزياء في عام 1894 وفي العام التالي تزوجا.

وخلفت زوجها كرئيس لمختبر الفيزياء في جامعة السوربون، وحصلت على درجة الدكتوراه في العلوم عام 1903، وبعد وفاة زوجها المأساوية بعام، شغلت منصب أستاذ الفيزياء العامة في كلية العلوم، وهي المرة الأولى التي تشغل فيها امرأة هذا المنصب، كما تم تعيينها مديرة لمعمل كوري في معهد الراديوم بجامعة باريس، عام 1914.

واكتشاف هنري بيكريل، للنشاط الإشعاعي في عام 1896 ألهم الزوجين لإجراء مزيد من الأبحاث التي أدت إلى عزل البولونيوم، الذي سمي على اسم بلدها بولندا.

وطورت كوري، وسائل عدة لفصل الراديوم عن المخلفات المشعة بكميات كافية، مما سمح بدراسات دقيقة لخصائصه، واكتشاف ميزاته العلاجية بشكل خاص.

وعملت بنشاط كبير على عنصر الراديوم لتخفيف معاناة الناس خلال الحرب العالمية الأولى، وبمساعدة ابنتها، إيرين، كرست نفسها شخصياً لهذا العمل العلاجي. واحتفظت بحماسها للعلم طوال حياتها، وفعلت الكثير لإنشاء مختبر للنشاط الإشعاعي في مدينتها وارسو.. في عام 1929 قدم لها الرئيس الأمريكي هوفر، هدية بقيمة 50000 دولار، تبرعاً من أصدقاء العلوم في الولايات المتحدة، لشراء الراديوم واستخدامه في مختبر وارسو.

تنعكس أعمال كوري في العديد من الجوائز الممنوحة لها، وقد حصلت على العديد من الدرجات العلمية الفخرية في العلوم والطب والقانون في جميع أنحاء العالم.

وتوفيت في عام 1934 بعد تعرضها لإشعاعات الراديوم.

ماري وبيير

تقاسمت مع زوجها بيير نصف جائزة نوبل للفيزياء في عام 1903، وفي عام 1911 حصلت على جائزة نوبل الثانية في الكيمياء، تقديراً لعملها في النشاط الإشعاعي، كما استلمت بالاشتراك مع زوجها، ميدالية ديفي للجمعية الملكية في عام 1903، وفي عام 1921 أهداها الرئيس الأمريكي هاردينغ بالنيابة عن نساء أمريكا غراماً واحداً من الراديوم تقديراً لإنجازاتها العلمية.

تحدي العقبات

هو كتاب ضمن سلسلة القصص الملهمة لأشخاص مذهلين ممن أحدثوا تغييراً في العالم، وذلك على الرغم من كل العقبات التي مورست ضدهم. في الكتاب سرد عن ممتع عن تواضع هذه الشخصيات، وإصرارها على قبول التحدي ومجابهة كل الصعوبات التي اعترضت طريقها، ومن هؤلاء ماري كوري التي يصف الكتاب إنجازاتها العلمية المهمة، واكتشافها للراديوم، وقدرتها على علاج السرطان، لقد نجحت كوري في عملها في وقت لم يكن يُنظر فيه إلى العلم والبحث كمهن مناسبة للنساء.

العالم الداخلي لماري كوري

من خلال المقابلات العائلية، والرسائل، والمصنفات التي تم إغلاقها لأكثر من ستين عاماً، تكتب باربرا جولدسميث في هذا الكتاب عن ماري كوري بعيداً عن كونها امرأة أسطورة، فتكشف عن كونها امرأة طبيعية، ناضلت بإصرار للموازنة بين حياتها العائلية، وبين شغفها للعلوم، في مجتمع كان يرفض المرأة.

وفي الكتاب وصف لامرأة ذات حساسية خاصة وهادئة، لكنها مهووسة بالعلوم، امرأة كشفت عن عبقرية نادرة، دفعت ثمناً باهظاً، لكنها في المقابل حققت نجاحاً علمياً مذهلاً.

الإشعاع خاصية ذرية

ربما لا توجد امرأة عالمة، حققت من الشهرة مثل الذي حصل مع ماري كوري، لقد أحرزت واحدة من أهم الإنجازات النظرية في القرن العشرين عندما افترضت أن الإشعاع كان في الأصل عبارة عن خاصية ذرية، أكثر من كونه خاصية كيماوية، وهو مؤشر مهم في فهم بنية المادة. فماري كوري لم تصغ مصطلح النشاط الإشعاعي فحسب، بل توجت أبحاثها المضنية بعزل عنصرين جديدين «البولونيوم والراديوم».

سيرة حياة

كتاب ل «مارلين أوغيلفي» وهي مؤرخة في مجال العلوم، يبحث في حياة ماري كوري، ليس فقط كعالمة متخصصة، ولكن أيضاً كامرأة تميزت حياتها بالتعقيد، تصف مؤلفة الكتاب مسيرة كوري منذ سنواتها الأولى في بولندا؛ حيث وُلدت باسم ماريا سكلودوفسكا؛ مروراً بزواجها من بيير كوري وتعاونها معه؛ ثم تعيينها كأول أستاذة بجامعة السوربون بعد وفاته المفاجئة؛ والعمل العلمي الذي أدى إلى الاعتراف بها من قبل لجنة جائزة نوبل.

وتناقش المؤلفة بنوع من التفصيل الجدل العاصف الذي أحاط بماري كوري، عندما نسب المنتقدون إنجازاتها العلمية لزوجها الراحل، وأخيراً، يصف الكتاب أعمال ماري كوري في تأسيس معاهد الراديوم لدراسة الإشعاع، وإنشاء وحدات الأشعة السينية المتنقلة خلال الحرب العالمية الأولى، مروراً بوفاتها في عام 1934.

وبعد مرور عام على وفاتها، نشر ألبرت آينشتاين تحية إجلال لها، واصفاً حدسها العلمي ومثابرتها العنيدة، إن حياة ماري كوري بحسب «أوغيلفي» هي عبارة عن قصة لامرأة شجاعة، ستستمر في إلهام علماء المستقبل.

ماري كوري وابنتها

هو كتاب للمختصة في العلوم «شيللي إيملينج»، نُشر على نطاق، بعنوان «ماري كوري وابنتها» ويعتمد على رسائل شخصية كانت بحوزة ابنتيها «إيف وإيرين» وتروي فيه مدى تأثير كوري في بناتها، وحثهن على اختيار ما يرينه مناسباً لهن.

تتتبع إيرين خطى والدتها في العلوم، فكان لها دور أساسي في اكتشاف الانشطار النووي، أما إيف فعملت مراسلة أجنبية، وتنقلت في بعثات إنسانية. ويرصد الكتاب كذلك جانباً من حياة ماري كوري بعد الحرب العالمية الثانية، ولجوئها إلى أمريكا طلباً للمساعدة. قليل من الناس يعرفون صداقة كوري الوثيقة مع الصحفية الأمريكية ميسي ميلوني، التي رتبت لماري وإيف وإيرين جولات التحدث في جميع أنحاء البلاد.

جماهير غفيرة من النساء الأمريكيات شغفوا حباً بماري، التي وثقت صداقتها معهن، وكانت أمريكا من المحطات التي أثرت في حياة ماري، الكتاب يعرض لقصة مشوقة وغنية، عن المرأة الأشهر في مجال العلوم، والتي مزقت غطاء الأسطورة، فكشفت عن مربية وصديقة، وامرأة حقيقية ووالدة كذلك.

إخفاقات ونجاحات

يحكي الكتاب عن إنجازات ماري الكوري العلمية، وبالرغم من شهرتها، فقد ظلت معزولة عن محيطها الاجتماعي، وتستقي المؤلفة «سوزان كوين» من وثائق الأسرة، وما عثرت عليه من بعض المجلات الخاصة القصة الإنسانية الكاملة لكوري، حين كانت شابة عنيدة في السادسة عشرة من عمرها، تدرس العلوم في الليل أثناء عملها كمربية، مروراً بشراكتها العلمية مع بيير كوري، وزواجها منه، في الكتاب سيرة من الإخفاقات والنجاحات، من رفضها من قبل الأكاديمية الفرنسية، حزنها الذي لا يطاق على وفاة بيير المفاجئة والبشعة، وانكفائها في علاقة غرامية مع زميل متزوج، مما تسبب بفضيحة كادت تكلفها جائزة نوبل الثانية.

في هذا العمل تقدم سوزان كوين، صورة كاملة الأبعاد عن ماري كوري من خلال سرد يبرز تقلبات حياتها في أبعادها الإنسانية المختلفة، مروراً بتسليط الضوء عليها كعبقرية فذة في مجال العلوم.

عقل منفتح

يصف هذا الكتاب التأثير الكبير لوالد ماري كوري الذي كان مدرساً لمادتي الرياضيات والفيزياء على تعليم ماري، ففي سنواتها المبكرة كانت طالبة استثنائية لها ذاكرة مذهلة، وكثيراً ما كانت تنهمك في الدراسة من دون طعام وحتى نوم، قادها عقلها المنفتح إلى باريس للدراسة وإجراء الأبحاث، وهناك قابلت زوج المستقبل بيير كوري في الجامعة، وهو الذي فتن بموهبتها ورحب بالعمل معها. فانشغلا طويلاً بدراسة المواد المشعة، أدت أبحاثهما إلى اكتشاف الراديوم، وبعد وفاة زوجها، تقضي ماري وقتاً أكبر في العمل، وفي عشرينات القرن الماضي، جمعت الأموال لإجراء مزيد من البحوث على عنصر الراديوم، بعد وفاتها في عام 1934 بإثر الإشعاع، كان قد مر وقت طويل حتى عرف الناس خطورة مادة الراديوم على الإنسان.

«شجاعة المعرفة»

هو فيلم سينمائي أنتج عام 2006 ويتحدث عن حياة ماري كوري.. كتبت نصه أندريا ستول وماري نويل، وهو من إخراج ماري نويل.

حصل الفيلم على جائزة أفضل ممثلة من الأكاديمية البولندية للأفلام.

صنف الفيلم بأنه نوع من السيرة الذاتية لأول امرأة تفوز بجائزة نوبل، وهو يصور إنجازاتها العلمية وصراعها الأسطوري ضد المؤسسة الأكاديمية الذكورية، وصمودها بالرغم من عواصف الفضيحة التي لحقتها جراء علاقتها مع زميل متزوج.

صور الفيلم في ألمانيا، وترجم إلى اللغات الإنجليزية والفرنسية والألمانية والبولندية.

النشاط الإشعاعي

كانت ماري كوري، حاضرة في الصحافة الغربية، بوصفها عالمة استثنائية، وأول امرأة تفوز بجائزة نوبل في مجالين علميين مختلفين «الفيزياء والكيمياء» في عام 1903 لاكتشافها للإشعاع، مع بيير وبيكلير، ثم في عام 1911 لاكتشافها عنصري الراديوم والبولونيوم، وبوصفها كذلك أول من صاغت مصطلح «النشاط الإشعاعي».

ومن الطريف أيضاً، اهتمام الصحافة بتسليط الضوء على ردائها الأسود، وهي تجري الأبحاث في معملها، فتصفه أحياناً بالفستان الأسود الطويل، ذي الدعائم الأساسية، ذات المظهر الإشعاعي.

في إحدى الصور تظهر ماري كوري في مختبرها في عام 1910، وفي الثانية في عام 1920.. ومن التعليقات التي أوردتها الصحافة «كاهنة باللباس الأسود»، كما تم وصف القوارير الزجاجية التي تستخدمها، كما لو أنها تمثل في هيئتها تلك، نوعاً من الطراز الغريب، الذي كان يستدعي مخيلة القراء في تشبيهات تمزج بين الدعابة والتقدير الكبير.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"