عادي

بغداد أرملة تائهة في «قل للغريبة»

01:57 صباحا
قراءة دقيقتين
أبوظبي: نجاة الفارس

«قل للغريبة يا خليج»، ديوان شعر صدر حديثاً للشاعرة ساجدة الموسوي عن دار فضاءات للنشر والتوزيع، يشتمل الديوان على 29 قصيدة، حملت العناوين الآتية: تنهدات، البحث عن المصباح، ورق العرّاف، تومضين، حبة نسيان، الحبارى، آهات امرأة عادت من بغداد، خليط من الماء والورد، قل للغريبة يا خليج، في الإمارات شوقي المرابط، قنديل عاطف، الأماني، من مدائن الاغتراب، شذاك القرنفل، تحت ريح البراري، لماذا بلادي تدمّر، أين طريقك يا بغداد، جارتنا، قمر العارفين، دمي في خيال الذئاب، وأغطيك بجفني..الخ.
جاءت لغة الديوان قوية بروح معاصرة، فالقصيدة مترابطة متماسكة مسكونة بالأسئلة، كما جاء في «ورق العرّاف» حيث تقول الشاعرة:
«ذا عصر الموت الرقمي /‏ فاحفظ رقمك /‏ واحفظ سرك» ثم تتساءل الموسوي، «ما بال الدنيا تتدنى ؟ /‏ ما بال سفائنها مثقوبة /‏ وجوارحها معطوبة؟ /‏ ما عادت بيتا وطريقا موصوفا /‏ صارت من فرط الغربة /‏ غابات»، فالغربة الثيمة الأكثر حضوراً في الديوان، وقد توفقت الشاعرة باختيار عنوانه.
تستند الموسوي في قصائدها إلى الرمز، فتستدعي شخصيات من التاريخ مثل «النمرود»، كما في قولها: «الناس جميعاً فوق المسرح أدوار/‏ يرسمها النمرود /‏ ويخرجها ظل النمرود»، ويتخلل بناء القصيدة حوار راقٍ بأسلوب شائق معبر، قال المصلح: فنصلح /‏ قال المحبط: لا نقدر فالشق يشق على الراتق /‏ قال اللاهي: مالي والدنيا /‏ قال الكسلان: وما شأني بخراب البلدان.
يلاحظ قارئ «قل للغريبة يا خليج» أن عاطفة الحزن تطغى على القصائد، لكنه حزن نبيل يسمو بعواطف القارئ ومشاعره لدرجة التطهر، كما في قصيدة «حبة نسيان» حيث تقول: «ما زال وداعك يؤلمني /‏ والغربة تأكل روحي/‏ حتى أدركت بأني أكثر أيتام العالم /‏ يتما».
وتأخذ الشاعرة من طائر الحبارى عنواناً لإحدى قصائدها كرمز، تقول شاعرتنا:
«صحوت كزهرة لوز بعاصفة ترتجف /‏ ها هو الخوف يشهر أنيابه /‏ واحتمالي رهيف/‏ أين أجنحتي ؟ أين ريشي الحرير؟» ثم تختم الشاعرة القصيدة بتناص مع الشاعر أبي القاسم الشابي في قوله: «إذا الشعب يوماً أراد الحياة» وتقول: «أحاول رغم الأسى أن أكون /‏ وربما أمتطي الشهب العاليات /‏ وأعبر كالسهم /‏ قوس الممات /‏ وحينئذ سأغني /‏ إذا الطير يوماً أراد الحياة».
نجد الصور الشعرية في ديوان: «قل للغريبة يا خليج» عديدة ومتنوعة، صوراً أصيلة ومبتكرة، كما في قصيدة «آهات امرأة عادت من بغداد»: «صارت بغدادك أرملة تائهة /‏ في ليل الطرقات /‏ الناس بها أحياء أموات /‏ والظلم توزّع في الحنفيات/‏ يشربه الناس وتطبخ منه الوجبات».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"