عادي
ممنوعون قانونياً وأخلاقياً والحذر واجب

الباعة الجائلون "رزق" مشبوه

03:16 صباحا
قراءة 4 دقائق

الباعة الجائلون ظاهرة قديمة متجددة، كشفت وجهها القبيح مؤخراً من خلال العديد من الجرائم التي ارتكبها بعضهم، ومنها سرقات وأعمال لا أخلاقية، وتلصص وتجسس على خصوصيات البيوت التي يمرون عليها، عارضين بضائعهم الرخيصة من أشرطة مدمجة، وملابس، وأغراض منزلية وخلافه . تنامي هذه الظاهرة غير الحضارية يرجع بشكل كبير إلى التعاطف معهم من قبل كثير من قاطني البنايات السكنية التي يتخذها هؤلاء الباعة سوقاً ضمنياً لمزاولة مهنتهم غير المسموح بها، وذلك لاعتبار الكثيرين لهم بأنهم من المحتاجين أو المتسولين الذين يجب التعاطف معهم وعدم ردهم، غافلين عن أنهم بمثابة خطر متنقل، فمنهم من يروج

أفلاما مخلة بالآداب العامة بما يستدرج الأبناء تحديداً إلى منزلقات مسيئة للعادات والتقاليد والأخلاقيات . وأيضا من هذه البضائع الرخيصة التي يعرضها هؤلاء ما يضر بالصحة، ويأتي على سلامتها، والى غير ذلك من الأضرار وليس المصالح من هذه البضائع التي يعتقد الفرد منا في شرائها مكسباً، من ناحية شراء الأكثر بالسعر الأقل، وفي ذلك خطأ كبير . حول عودة هذه الظاهرة إلى التنامي بصورة ملحوظة مؤخراً، بعد انحسارها نسبياً خلال الفترة الماضية، إضافة إلى دخول بعض الباعة من الجنسية الصينية لمزاولتها بعدما كانت تتركز قبلاً في أبناء الجنسية الآسيوية من الهنود والباكستانيين، يدور مضمون التحقيق الآتي:

بداية قال المستشار علي الخضر رئيس محكمة استئناف الشارقة: الحقيقة تنتشر في الشارقة قضايا كثيرة عن الباعة الجائلين الذين يمرون على البنايات السكنية لبيع الأشرطة المدمجة لقاطنيها بما يعد جريمة من جرائم المصنفات الفكرية، حيث من هؤلاء الباعة من يقوم بنسخ بعض الأفلام الأصلية على اجهزة الحاسوب، ومن ثم بيعها بأسعار زهيدة، وهذا الفعل جريمة حيازة مجرمة، وفقا للقانون الاتحادي رقم (7) لسنة 2002 في شأن حقوق المؤلف والحقوق المجاورة، والعقوبة في هذه القضايا تقديرية، فيما الخطورة تكمن في إخلالها باقتصاد الدولة، علاوة على تأثيرها السلبي في أخلاقيات الأبناء إذا كانت هذه المواد مخلة بالآداب العامة .

وهذه الظاهرة نتاج العمالة الآسيوية السائبة التي تعج بها الدولة، ما يتطلب تكثيف الرقابة الآمنية على البنايات السكنية تحديداً، وتوعية شاغليها بعدم الشراء من الباعة الجائلين، لأن بعض التوفير يسبب مشكلات لا حصر لها .

ضرورة المنع

من عجمان يرى المستشار سلطان المطروشي رئيس استئنافية عجمان، الباعة الجائلين بمثابة الخطر المتنقل، فهؤلاء يمرون على المنازل لبيع أشياء مختلفة لا طائل من ورائها، فيما يتواجد معظمهم في الدولة بصورة غير شرعية، حيث لا يمتلكون رخصاً تجارية أو مسوغات لممارسة عملهم . وبشكل عام فالبيع المتجول ممنوع لأهداف واسباب رئيسة، منها تجاوز البائع عتبة باب البيت الذي يدق بابه إلى داخله بناء على تساهل أهله، ومن ثم الاطلاع على أسرارهم، والترتيب لارتكاب جرائم مختلفة، بما يستوجب تكثيف الحملات الأمنية على هؤلاء ومنعهم من مزاولة هذا العمل وتشديد العقوبات عليهم .

أما العميد علي علوان، مدير عام شرطة عجمان، فقال: اختفت تماماً من عجمان ظاهرة الباعة الجائلين من الجنسية الآسيوية الذين كانوا يمرون على المنازل لبيع الملابس الرخيصة والأغراض المنزلية، وليست هناك ضبطيات من هذا النوع سجلتها الملفات الشرطية، فيما تعتبر هذه الظاهرة الخطيرة مخالفة صريحة للقوانين، لأن من هؤلاء الباعة، من وراؤهم أغراض معينة مثل ارتكاب السرقات والأفعال اللاأخلاقية، اضافة إلى ما في عملهم من تلصص على حرمة المساكن، عدا ذلك فقد ظهر حالياً ومنذ فترة عدد من أبناء الجنسية الصينية الذين يتجولون في العمارات السكنية عارضين للبيع على قاطنيها أشرطة مخلة بالآداب، ويتخذون من العمارات السكنية ساتراً آمنا لهم من الجهات الشرطية لإخفاء ما يقومون ببيعه حتى لا يقعوا تحت طائلة المساءلة القانونية، في حين يجب الإبلاغ عنهم فوراً، لإدانتهم بجريمة حيازة افلام خليعة .

التأثير الاجتماعي

وعن التأثير الاجتماعي لهذه الظاهرة السلبية، يقول الدكتور محمد المطوع استاذ علم الاجتماع المفروض ألا يفتح الناس أبواب بيوتهم للغرباء، ولابد من معاقبة كفلاء هؤلاء الباعة ليكونوا عبرة لغيرهم، لأن هذه ظاهرة مجتمعية شديدة السلبية تؤثر في الأخلاقيات، مما يتوجب تنظيم حملات امنية على هؤلاء الباعة في البنايات السكنية، لأن الخطورة تكمن في وقوع الأشرطة المخلة للآداب - التي يبيعونها - في أيدي المراهقين الذين قد ينحرفون بسببها .

وبالنسبة لموقف الشرع وهل يبيح التعاطف معهم باعتبارهم من المحتاجين الذين يجب مد يد المساعدة لهم من عدمه، قال الشيخ عزيز فرحان العنزي مدير مركز الدعوة والإرشاد في دبي إن الباعة الجائلين الذين يدقون ابواب الشقق السكنية لعرض بضاعتهم، فيه مخالفة شرعية من ناحيتين، الاولى ان الناس تعارفوا على ان البيع يتم من خلال الاسواق والمحال المعروفة، وانفراد هؤلاء الباعة عن نظام السوق محل ريبة، خاصة اذا كانت بضائعهم مشبوهة، وبعيدين عن الرقابة لمعرفة مدى صلاحية ما يعرضونه من عدمه، فضلا عن ان الغالبية العظمى من هؤلاء الباعة يروجون لبضائع غير جيدة وبعضها يتضمن أشياء من المحرمات والممنوعات، كما يظهر من خلال إعلان الجهات الأمنية عن القبض عليهم بين كل فترة وأخرى، والناحية الثانية فيها مخالفة لولي الأمر الذي سن القوانين والانظمة التي تضبط حياة الناس وتحافظ على آمنهم، ويقول الله عز وجل يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم، إن ولي الأمر منع الباعة المتجولين من ممارسة هذه المهنة فالواجب على الجميع ان يتكاتفوا لمحاصرة هذه الظاهرة السيئة، وألا يتعاطفوا معهم، لأن منهم في صورة متسول وهو في الواقع غير ذلك .

ومن المعلوم ان الجهات الرسمية رتبت أوضاع الناس وأصحاب الحاجات بالتوجه إلى الجمعيات الخيرية والى صناديق الزكاة، والباعة المتجولون محلهم الأسواق والدكاكين، ومنع هذه الظاهرة يتوافق مع روح الشريعة الاسلامية التي جاءت بتحصيل المصالح وتكثيرها، وبدرء المفاسد وتقليلها . وإذا تأملنا هذه الظاهرة نجدها تشتمل على مفاسد محضة أو راجحة، وأن جميع الدول والمجتمعات ترفض هذا النمط من السلوك في أحيائها ومجتمعاتها .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"