عادي
تطبيق نظام «الكوتا» في عمليات الاستقدام

الإمارات تدرس خيارات للتعامل مع الدول الرافضة استقبال رعاياها

04:22 صباحا
قراءة 6 دقائق
متابعة :جيهان شعيب، محمد علاء وعمادالدين خليل

قال مصدر مسؤول في وزارة الموارد البشرية والتوطين: إن الوزارة تدرس خيارات عدة، تعيد بموجبها شكل التعاون والعلاقة في العمل مع الدول المرسلة للعمالة التي ترفض استقبال رعاياها العاملين في القطاع الخاص في الدولة، الذين يرغبون في العودة إلى بلدانهم، سواء بانتهاء علاقة العمل، أو الخروج في إجازة مبكرة.
وأوضح المصدر، أن خطوة الوزارة جاءت بعد عدم تجاوب عدد من الدول في استقبال رعاياها العاملين في الدولة، الذين تقدموا بطلبات للعودة إلى بلدانهم، في ظل الظروف الراهنة. ومن بين الخيارات التي تدرسها حالياً، إيقاف العمل بمذكرات التفاهم المبرمة بين الوزارة، والجهات المعنية في الدول غير المتجاوبة، فضلاً عن وضع قيود مستقبلية صارمة على استقدام العمالة من هذه الدول، من بينها تطبيق نظام «الكوتا» في عمليات الاستقدام.
وأكد المصدر، ضرورة أن تتحمل الدول المرسلة للعمالة، مسؤولياتها حيال رعاياها العاملين في دولة الإمارات، الذين يرغبون في العودة إلى بلدانهم، عبر المبادرة الإنسانية التي أطلقتها الوزارة أخيراً، بالتعاون والتنسيق مع الهيئة الاتحادية للهوية والجنسية، ووزارة الخارجية والتعاون الدولي، وهيئة الطيران المدني، والهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث، بهدف تمكين من يرغب من المقيمين العاملين في القطاع الخاص، من العودة إلى بلدانهم، خلال الإجراءات الاحترازية المتخذة في الدولة، للوقاية من فيروس «كورونا».
قرار وزارة الموارد البشرية والتوطين في تنظيم استقدام العمالة من أبناء الدول الرافضة لرجوعهم إليها في الوقت الراهن، من الأهمية والضرورة بمكان، لوجوب الحفاظ على الأمن القومي لإمارات الحكمة والوعي، وتكريساً لاستقرار مواطنيها، ومقيميها. ومثلما كانت الدولة سباقة في الإسراع بإرجاع وعودة مواطنيها إلى أرضها من الدول الخارجية، مع بداية أزمة كورونا، والظرف الراهن الصعب الذي تعيشه دول العالم أجمع، فمن الطبيعي أن يكون الموقف ذاته متخذاً من الدول الأخرى بالنسبة لمن يريد من عمالتها الموجودة في الإمارات الرجوع إليها.
حول أهمية وإيجابية القرار، قال المستشار القانوني د. يوسف الشريف: القرار مهم، مع تطور انتشار وباء فيروس كورونا المستجد، وما صاحبه من ضرورة اتخاذ دول العالم أجمع تدابير وإجراءات احترازية لحماية مواطنيها والمقيمين على أراضيها.
وقد أظهرت هذه المحنة سلوكيات مختلفة من الدول، فقد سعت بعض الدول، وفي طليعتها الإمارات نحو سلوك إنساني بالعمل الحثيث على توفير الرعاية الكاملة للمواطنين والمقيمين على أراضيها دون تفرقة، ولم تكتفِ بهذا النهج في داخل البلاد، بل شمل مواطنيها المقيمين بالخارج، فأسرعت إلى توفير كافة السبل لعودتهم إلى وطنهم من منطلق واجب قيادات الدولة الإنساني في المقام الأول والدستوري أيضاً، حيث إن دستور دولة الإمارات العربية المتحدة يوجب على الدولة رعاية مواطنيها، سواء في الداخل أو الخارج، بل والمقيمون على أراضيها، وهو ما نصت عليه المواد من 37 حتى 40 من الدستور.
وليس ذلك فحسب، بل عمت إنسانيتها أرجاء المعمورة، فراحت تقدم المساعدات الإنسانية للدول التي تم تصنيفها بأنها بلاد موبوءة كالصين وإيطاليا وفرنسا وإسبانيا وغيرها.
وفي المقابل، هذا التعامل الإنساني في احترام آدمية المواطنين في الداخل والخارج، بل ومع الأجانب المقيمين، وجدنا دولاً أخرى تضرب بكل هذه المبادئ والقيم الإنسانية والدستورية عرض الحائط، فقد أعلنت بعض الدول عدم تكفلها برعاية مواطنيها، سواء الذين في الداخل أو الخارج، على الرغم مما تتضمنه جوازاتها ودساتيرها من عبارات رنانة بصدد حقوق المواطنة في الداخل والخارج، ودولاً تسطو على مساعدات في طريقها لدول أخرى، ودولاً ترفض استقبال مواطنيها الذين ضجت بهم بعض الدول.
ولا يغيب عنا أنه في ظل انتشار هذا الوباء، وما تتخذه الدول من إجراءات وتدابير احترازية قد تضطر بعض الدول لإجلاء رعايا أجانب حماية لمواطنيها، أو مراعاة لإمكاناتها المحدودة أو لطبيعتها المناخية أو تركيبتها الجغرافية أو السكانية، وهو ما يقابله التزام على دول هؤلاء العالقين باستقبالهم، وعدم الامتناع عن قبول دخولهم أراضيها لأي سبب كان، إن هذا السلوك مخالف لمبادئ حقوق الإنسان وللمواثيق والأعراف الدولية والدساتير وحقوق المواطنة.
لذلك فإن الدول التي تسلك مثل هذه السلوكيات توقع نفسها تحت طائلة القانون الدولي الإنساني، ويجوز إجبارها على استقبال رعاياها.
وأوضح د. الشريف: المادة ال 13 فقرة 2 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لكل فرد حق مغادرة أي بلد والعودة إليها، بما في ذلك بلده. فالعودة حق من حقوق الإنسان وبالتالي لا يجوز للدولة الامتناع عن استقبال مواطنيها وحال حدوث ذلك تقع تحت طائلة القانون الدولي.


قرار حازم


قال المحامي محمد الحمادي عضو المجلس الاستشاري لإمارة الشارقة: جميع دول العالم في حالة تأهب قصوى لمواجهة هذه الجائحة التي اجتاحت العالم، وباتت تشكل خطراً على الأمن القومي للدول، وفي دولة الإمارات تتابع القيادة الرشيدة عن كثب ومن الميدان آخر المستجدات، وقد اتخذت قرارات احترازية على أعلى مستوى حفاظاً على الأمن القومي ومحاصرة هذه الجائحة، ومنعها من الانتشار، فهناك قرارات التعقيم الوطني لمدة 24 ساعة في إمارة دبي، ومن الساعة الثامنة مساء حتى السادسة صباحاً في بقية الإمارات، كما تم تدشين مراكز فحص من السيارة في جميع الإمارات، وتقليص عدد العاملين إلى 30 في المئة؜ في القطاع الخاص، وتم اعتماد العمل عن بُعد والتعليم عن بُعد، وغير ذلك من القرارات والإجراءات الاحترازية، كما أن الدولة تكفلت بإجلاء المقيمين فيها إلى بلادهم بناء على طلب منهم، وتم التنسيق مع بعض الدول لإجلاء رعاياها، لكن هناك دولاً رفضت استقبال رعاياها، في مخالفة واضحة للأعراف الدولية، ومن هنا أشيد بقرار وزارة الموارد البشرية والتوطين في إعادة النظر في العلاقات التي تربطنا مع الدول الرافضة لاستقبال رعاياها على الرغم من طلب العمالة بإجلائهم إلى بلدانهم.


موقف إيجابي


وقالت المستشارة القانونية منوهة هاشم: في ظل الظروف التي يعيشها العالم الآن من تفشي الوباء والانحدار الاقتصادي الذي شكل نقلة نوعية، لن نقول في كثير من بلاد العالم، بل في العالم بأسره، اتخذت بعض الدول إجراءات صارمة للحفاظ على الاستقرار النوعي إن صح التعبير، حيث حرصت دولة الإمارات العربية المتحدة على احتواء كل من عانى تلك الجائحة، بتوفير العلاج والرعاية الصحية لهم حتى يكرمهم المولى عز وجل بالشفاء.
كما حرصت دولتنا على توفير سبل العيش الكريم، وتوفير سبل الدعم لكل من هم على أراضيها، كذلك حرصت على توفير الدعم المادي لكثير من القطاعات، وفرضت بعض التنظيمات من بينها أن وزارة الموارد البشرية والتوطين الإماراتية، تدرس خيارات عدة، تعيد بموجبها شكل التعاون والعلاقة في مجال العمل مع الدول المرسلة للعمالة ومن بين تلك الخيارات التي تتم دراستها حالياً إيقاف العمل بمذكرات التفاهم المبرمة بين وزارة الموارد البشرية والتوطين والجهات المعنية في الدول غير المتجاوبة، فضلاً عن وضع قيود مستقبلية صارمة على استقدام العمالة من هذه الدول.


قرار مهم


وقال المحامي أحمد الزعابي: القرار مهم في الوقت الحالي، ويسهم في تعزيز أمن وأمان المجتمع، مع ضرورة أن يسمح فقط بمغادرة العمالة غير المرتبطة بمديونيات، أو عليها التزامات من أي نوع، حتى لا يتحمل صاحب العمل سداد ما عليها.


رغبة العمال


وقال المحامي محمد المرزوقي إنه دائماً وأبداً تضع الوزارة العامل نصب أعينها وهو ما يحتم على الدول التي لم تتجاوب مع رغبة عمالها وقرار الوزارة الإنساني بالإجازة المبكرة بالقيام بمسؤولياتها في ظل الظروف الراهنة مؤكداً أن غض الطرف عن استقبال هذه الدول لمواطنيها يعد تصرف غير مسؤول فدولة الإمارات تضع سلامة المواطنين والمقيمين ضمن أولوياتها مشيراً إلى أن هؤلاء العاملون من حقهم أن تنفذ رغباتهم وأن يجدوا من يحنوا عليهم في ظل هذه الظروف القاسية.


فرض القيود


وأكد سالم سعيد الحيقي المحامي والمستشار القانوني أن دراسة فرض القيود على العلاقة مع الدول غير المتجاوبة مع استقبال رعاياها في ظل هذه الظروف بشكل خاص، حق مشروع للجهات المختصة في الدولة، حيث إن عند استقدام العمالة للدولة تقوم وزارة الموارد البشرية بتنفيذ كافة التزاماتها ومن ضمن التزاماتها أيضاً إعادة العمالة إلى أوطانها في الظروف العادية.


تيسير رحلات


وقال عثمان الحسيني المحامي والمستشار القانوني إن دولة الإمارات دائما ما تبادر بأي إجراء يخدم المقيمين على أرضها وأعلنت منذ فترة عن استعدادها لتيسير رحلات خاصة لعودة المقيمين الراغبين في العودة إلى بلادهم خاصة بعد انتشار فيروس كورونا المستجد كوفيد-19، سواء بانتهاء علاقة العمل أو الخروج في إجازة مبكرة.
وأشاد بما تقوم به الوزارة حاليًا بإعادة شكل التعاون والعلاقة في مجال العمل مع الدول المرسلة للعمالة التي ترفض استقبال رعاياها العاملين في القطاع الخاص في الدولة وخاصة بعد عدم تجاوب عدد من الدول في استقبال رعاياها العاملين في الدولة الذين تقدموا بطلبات للعودة إلى بلدانهم في ظل الظروف الراهنة.
وأوضح أن دراسة إيقاف العمل بمذكرات التفاهم المبرمة بين وزارة الموارد البشرية والتوطين والجهات المعنية في الدول غير المتجاوبة ووضع قيود مستقبلية صارمة على استقدام العمالة من هذه الدول من بينها تطبيق نظام «الكوتا» في عمليات الاستقدام، أنه يأتي تأكيداً على ضرورة أن تتحمل الدول المرسلة للعمالة مسؤولياتها حيال رعاياها.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"