عادي

مهمة الجنرال ديزيه في صعيد مصر

01:30 صباحا
قراءة دقيقتين
القاهرة: «الخليج»

تعتبر الحملة الفرنسية أول غزوة أجنبية في تاريخ مصر الحديث، وإذا اعتبرنا أن مصر في ذلك الوقت كانت ولاية عثمانية، فإن الحملة الفرنسية تعتبر بمثابة أول تعدٍ أوروبي على بلد شرقي إسلامي من بلاد الدولة العثمانية، وهنا يمكن القول إن المسألة المصرية تعتبر بداية طور جديد من أطوار الضغط الأوروبي حتى ذلك التاريخ على الولايات العثمانية في أوروبا، ثم أخذ يتجه نحو الشرق، ويقع على ولايات الدولة الإسلامية، وكانت الحملة الفرنسية على مصر بداية هذا الطور في المسألة الشرقية، وبداية دخول عناصر جديدة أخذت تشارك في الضغط على الدولة العثمانية.

الحملة الفرنسية لا يمكن دراستها إلا بربطها بحوادث التاريخ الأوروبي في أواخر القرن الثامن عشر، في الوقت الذي كانت فيه الحرب قائمة بين الجمهورية الفرنسية ودول التحالف الأول، وانتصرت فرنسا في القارة، ولم يبق من أعدائها سوى النمسا وإنجلترا، انتصر نابليون على النمسا، وأصبحت فرنسا وبريطانيا في المواجهة، ورأى الفرنسيون أن الأصوب أن يهاجموا بريطانيا العظمى في المناطق الضعيفة من ممتلكاتها فيما وراء البحار، وطرحت فكرة غزو مصر على بساط البحث.

يشير نبيل السيد الطوخي في كتابه «حكاية ثورة الصعيد» إلى أن المقاومة المصرية للحملة الفرنسية شكلت عاملاً مهماً من عوامل فشلها في تحقيق أهدافها الاستراتيجية، وعلى رأسها تأسيس مستعمرة فرنسية في مصر تكون قاعدة لإمبراطورية فرنسية على غرار الإمبراطورية البريطانية.

كان مراد بك قد فر إلى الصعيد بعد هزيمته في موقعة إمبابة في 21 يوليو 1798 آخذاً معه ما تبقى من جنوده، وكان عددهم يبلغ ثلاثة آلاف، فأرسل نابليون الجنرال ديزيه على رأس حملة إلى الصعيد لمطاردة مراد بك وأتباعه والقضاء على قوته لأن وجود قوة معادية في الصعيد يهدد سلطة الحكومة المركزية، ويكون بمثابة المقاومة الأهلية، ويعطل الملاحة في النيل، ويحبس الغلال عن الوجه البحري، لذا، فإن إخضاع الصعيد كان من أهم المقاصد التي وجه إليها نابليون اهتمامه.

دلت وقائع الصعيد على أن المقاومة التي لقيها الجيش الفرنسي في أنحائه كانت أشد ما أصاب الفرنسيين في مصر، وواجهت الحملة في الصعيد ثلاث قوى مجتمعة وهي الأهالي من أبناء الصعيد، والمماليك، وعرب الحجاز، واجتمعت هذه القوى ووقفت بكل شجاعة ضد الحملة الفرنسية في صعيد مصر، وبالتالي لم تكن مهمة الجنرال ديزيه سهلة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"