عادي
باستخدام روبوت آلي وتقنيات حديثة

زراعة بـ «الذكاء الاصطناعي» في الإمارات

05:04 صباحا
قراءة 7 دقائق
تحقيق : يمامة بدوان

مواكبة للتطور الذي يشهده العالم، في إنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي، بدأ مزارعون بالدولة، استخدام تقنيات حديثة وروبوت آلي، في زراعة وحصد المحصول، ليس هذا فحسب، بل وتنظيم عملية الري، بما يتناسب مع درجة حرارة الجو والتربة، وإخطار المزارع بالأمراض والآفات التي قد تهدد أي صنف من المحصول، مما يسهم في درء المخاطر، وتوفير الوقت والمال.
أيضا، أكد بعض مسؤولي المزارع الحديثة بالدولة أنه يتوجب بداية تدريب المزارعين على كيفية عمل هذه التقنيات، وشرح جدواها الاقتصادية لهم على المدى البعيد.
في المقابل، فإن خبراء الزراعة يؤكدون أهمية اللجوء لزراعة الأنسجة النباتية بالمختبرات، مما يسهم في تجنب التأثير الخارجي للتغير المناخي، كما تشدد جهات معنية على تشجيع الشركات والمزارعين على اتباع أنماط زراعية حديثة، منها الرأسية أو العمودية، وهي نوع من الزراعة تنمو فيها المحاصيل على وحدات معلقة في منشآت داخلية يتم التحكم بمناخها آلياً.
«الخليج»، تناولت أهم هذه التقنيات، والتي كانت من اختراع مواطنين إماراتيين، يستخدمونها في منازلهم ضمن مشاريع زراعية محدودة المساحة، ويعملون على توسعتها بالمستقبل، عبر دراسات حالية، فضلاً عن تجارب زراعية أخرى، تستخدم أساليب حديثة، وتعمل على توفير المنتجات طوال العام، من دون الارتباط بالموسم الشتوي كما هو الحال لدى الغالبية الآن، من خلال التحقيق الآتي:
البداية كانت مع المهندس إبراهيم يوسف العبيدلي، مؤسس «مؤسسة أرضية الإبداع للحلول المعلوماتية»، وعضو مؤسسة محمد بن راشد لتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة، الذي تمكن من ابتكار جهاز يختص بالزراعة الحديثة، يعمل على تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد، ويرتبط بإنترنت الأشياء.
ويعمل الجهاز على طباعة البيانات بتقنية ثلاثية الأبعاد، من خلال زراعتها في المساحة المحددة، حيث إنه يحدد نوع النبات المناسب للزراعة واحتياجه للمياه بالكمية والوقت المناسبين، فضلاً عن متابعة رطوبة التربة ودرجة الحرارة، كما يتيح للمستخدم رؤية محصوله بالرغم من بُعده عنه، بواسطة كاميرا مثبتة به، أيضاً إعلامه بموعد قطف الثمار، من خلال وصول رسالة تخبره بذلك.
ويجري المهندس دراسة لزيادة المساحة القابلة لطباعة الزراعة، حيث قام بالفعل في طباعة ثلاثية الأبعاد لمساحة زراعية في حديقة منزله، تبلغ 12 متراً مربعاً، لكنه يعمل على جعلها مساحة غير محدودة بالمستقبل، كما يسعى إلى تطويرها، بهدف إتاحة التقنية أمام جميع المزارعين وبتكاليف معقولة، ومراعاة سهولة الاستخدام، كذلك جعلها تعتمد على الطاقة الشمسية، وبالتالي طباعة الزراعة في أي مكان، من دون الحاجة لوجود كهرباء.
والجهاز قابل لوضعه في المدارس، بهدف تدريب الطلبة عليه، كذلك قابل للاستخدام في المنازل من قِبل الأفراد العاديين، حيث إنه عبارة عن روبوت إلكتروني، يعمل على وضع البذور وريها وتحليل خصوبة التربة، ويمكن أن يتواصل مع الآخرين عبر الأجهزة الذكية والإنترنت.

ارتفاع التكاليف

من جانبه، أوضح عيسى نجيب خوري، مدير مجموعة ميراك للاستيراد والزراعة العضوية، أن التقنيات الحديثة في الزراعة يتم استخدامها منذ سنوات بالدولة، إذ كان سابقاً يجري استخدام تقنية الهيدروبونيك لكن بشكل يدوي، إلا أنها تتم حالياً بطريقة إلكترونية، ومع ذلك تعتبر مكلفة، لكنها تعد مستقبل الزراعة الحديثة بالدولة، لمواجهة التغيرات المناخية وضيق المساحات.
والأزمة الحقيقية تكمن في التكاليف التي يتكبدها المزارع الذي يستخدم الوسائل الزراعية الحديثة، حيث إن المنتج المحلي عبر هذه الوسائل ترتفع قيمته 30% مقارنة مع بلدان المصدر في حالة استيراد ذات المنتج، لأسباب تتعلق بالشحن والمياه والطاقة، فضلاً عن الأيدي العاملة، الأمر الذي يجعل استيراد منتجات تمت زراعتها بتقنيات حديثة ذات جدوى اقتصادية أفضل للتجار والمستهلكين في آن واحد.
ولذلك ندعو الجهات المختصة إلى ضرورة دعم المزارعين الذين يستخدمون تقنيات حديثة، من أجل النهوض بمستوى الزراعة بالدولة، كي تتحول إلى الاكتفاء الذاتي طوال فصول العام، على غرار الموسم الشتوي، الذي يفيض فيه الإنتاج المحلي، وأحياناً يتم تصدير بعض المنتجات لبلدان أخرى.
ومع التزايد المستمر في أزمة نقص الرقعة الزراعية الخضراء، وانتشار الملوثات والمبيدات، ظهرت الحاجة لتبني نظم جديدة للزراعه تعتمد أكثر على الفرد لتوفير احتياجاته من الغذاء، حيث كان التحدي هو توفير احتياجات النبات من الماء والتربة والغذاء حتى في أضيق المساحات، لذا ظهرت تقنيات جديدة غير تقليدية، تساهم في صناعة طفرة في مجال الزراعة، تشمل الهيدروبونيك والأيروبونيك والأكوابونيك.

مواكبة التطور

بدوره، المهندس سمير الكاشف مدير شركة جونيار للزراعة العضوية، يؤكد أن الذكاء الاصطناعي، بات مستقبل الزراعة في العالم ككل، ودولة الإمارات تسير بخطى ثابتة في هذا الشأن، مواكبة للتطور، حيث جارٍ الدراسة والبحث للبدء باستخدام التقنيات الحديثة، التي تشكل باكورة التكنولوجيا.
وأنظمة الذكاء الاصطناعي، قد تساهم في تحديد مشاكل تضر بالمحاصيل الزراعية، مثل نمو الفطريات ونقص المياه، عند تجربتها مع محاصيل عدة، ويمكن للبرمجيات الكشف عن هذه المشاكل قبل التعرف عليها بالعين المجردة، الأمر الذي يوفر للمزارعين تحليلاً بالذكاء الاصطناعي لصور التقطت من زاوية علوية فوق المحاصيل بمئات الأمتار.
وتوقع أن يباشر العديد من المزارع المحلية في استخدام هذه التقنيات، خلال السنوات الخمس المقبلة، لكن هنالك محددات لهذه التكنولوجيا كما هو الحال عليه بالنسبة لمعظم البرمجيات القائمة على الذكاء الاصطناعي، والتي تعتمد على التدرب على بيانات معينة، ما يعني بأن تشخيصها لن يكون بالدقة ذاتها لكافة أنواع المحاصيل أو في جميع المزارع.
إن هذه التكنولوجيا تعتمد على أجهزة استشعار تقيس طول الموجات الضوئية التي لا تراها العين البشرية، ليتم تحليل هذه الأطوال للحصول على دلالة على صحة المحصول الزراعي.

تطبيقات ذكية

ولأن الذكاء الاصطناعي، أصبح مستقبل ما تشهده القطاعات كافة من أي تطور، فقد شدد الدكتور رائد أبو زعيتر، قسم هندسة الحاسوب في كلية الهندسة وتكنولوجيا المعلومات بجامعة عجمان، على أهمية إشراك هذه التقنيات الجديدة في المجال الزراعي، في ظل ارتفاع عدد السكان، وما يرافقه من زيادة كميات الغذاء التي يحتاجون إليها.
وهناك تطبيقات الذكاء الاصطناعي كثيرة، ويمكن لها المساهمة في خدمة القائمين على الزراعة، مما يسهم في خفض التكاليف والأيدي العاملة، ومنها تطبيق اكتشاف الأمراض في المحاصيل قبل الإصابة بها، مما يوفر الوقت والجهد على المزارع، كما أن الأقمار الاصطناعية وطائرات «درون»، أصبح لها دور بارز في التقاط صور للحقول، ومن خلال تحليل الصور وخوارزميات محددة، يتبين إذا كانت الحقول معرضة للإصابة بالآفات الزراعية، وبالتالي منع حدوث الإصابة، أيضاً هناك تطبيقات أخرى عبارة عن روبوت ذكي لجني المحاصيل أوتوماتيكياً، حيث يمكن عن طريق الحاسوب معرفة ما إذا كان المحصول جاهزاً لقطف ثماره، وأكثر ما يميز هذه التطبيقات، أنها تعمل على مدار الساعة من دون ملل أو تعب، كما هو الحال لدى الأيدي العاملة التي يمكنها العمل لساعات محددة فقط.
إن هناك تطبيقاً خاصاً باكتشاف الأعشاب الضارة، والعمل على التخلص منها، تجنباً لإصابة المزروعات بأي أمراض تنتقل إليها أو تحدّ من نموها، كما يمكن للذكاء الاصطناعي استخدامه في تقديم النصائح للمزارعين، من خلال ما يسمى ب «الأنظمة الخبيرة»، وهي عبارة عن توفير معلومات عن درجة ملوحة التربة ونوعها ودرجة الحرارة، مما يزيد من الإنتاجية، طالما تتم عملية الزراعة والحصد بأوقاتها المناسبة، كذلك الحال بالنسبة لنظام الري، والذي يمكن من خلاله الحد من الهدر بالمياه.
وهذه التطبيقات قابلة للاستخدام في دولة الإمارات، حيث هناك جهات تعمل على البدء بتنفيذها، للحد من التغير المناخي وتأثيره في الزراعة، كما هناك أبحاث حول زراعة النخيل، تستخدم بالفعل الذكاء الاصطناعي، وبالمستقبل سوف يتم استخدامها في شتى أنواع الزراعة.

زراعة الخلايا

أوضح الدكتور مجد جرعتلي، اختصاصي زراعة الخلايا والأنسجة النباتية، أن التقانة الحيوية الخضراء تتصدر قائمة التقنيات الزراعية الحديثة في تحديها لمشاكل التغير المناخي، الذي يشهده ويعيشه العالم، كما تتصدر قائمة كافة أنواع علوم التقانات الحيوية «البيوتكنولوجي»، وذلك من خلال تقنية «زراعة الخلايا والأنسجة النباتية»، التي تعتبر من أحدث وأهم وأشهر الاختصاصات في العلوم الزراعية المتطورة والمستخدمة حاليا، وأكثرها فائدة للبشرية جمعاء، حيث قدمت تقنية الزراعة النسيجية من خلال مختبرات زراعة الخلايا والأنسجة النباتية، ما لم تقدمه الطرق الزراعية التقليدية المتبعة سابقاً.
والمختبرات المتخصصة بزراعة الأنسجة النباتية، وفرت العديد من الفوائد، وفي مقدمتها عدم تأثرها المباشر أو غير المباشر لمشاكل التغير المناخي، الذي يلقي بظلاله الضارة والخطيرة على الإنتاج الزراعي وكمية الغلة الزراعية الناتجة في دول العالم كافة، كما شكلت مشاريع إقامة تلك المختبرات رديفاً مهماً ومساعداً في تحقيق كل من الأمن الغذائي وحماية البيئة، وذلك من خلال أدوات فعالة تعتمد على التنمية المستدامة لقطاعات الزراعة والمراعي والغابات.
وحول أهمية وفوائد الإنتاج النباتي في مختبرات زراعة الخلايا والأنسجة النباتية، ذكر أن تفوق ذلك الأسلوب من الإكثار النسيجي بالعديد من الميزات، وفي مقدمتها عدم تأثره بالتأثيرات الضارة الناتجة عن التغير المناخي، حيث يتم الإنتاج ضمن وحدة مساحة صغيرة مغلقة، بعيداً عن التأثيرات المناخية الضارة التي ألحقت الضرر الكبير بباقي أساليب الإنتاج الزراعي الشائعة.
وأهم فوائد تلك التقنية تشمل الإنتاج الهائل من الأشتال النسيجية الزراعية بمختلف أنواعها، ضمن مبنى المختبر دون التأثر بالظروف البيئية المحيطة، وتوفر أشتال وفسائل ذات إنتاجية عالية ومقاومة للظروف البيئية السيئة والصعبة، كذلك الإنتاج على مدار أشهر السنة دون انتظار مواسم الأمطار أو الفصل المناسب للإنتاج، والسرعة الفائقة في الإنتاج؛ إذ يمكن الحصول على مئات الألوف من الأشتال النسيجية بفترة زمنية قصيرة، أيضاً إنتاج أشتال وفسائل سليمة خالية من الأمراض النباتية ومقاومة للأمراض الفيروسية الفتاكة، حيث يمكن بيعها وتصديرها إلى دول العالم كافة، كذلك لا ينتج عن العمل المخبري أي نفايات غازية أوسائلة أو صلبة تضر بالإنسان أو بالبيئة أو بكافة أشكال الحياة.


تعزيز التنوع الغذائي واستدامته


أوضح المهندس سيف الشرع وكيل وزارة التغير المناخي والبيئة المساعد لقطاع المجتمعات المستدامة، والقائم بأعمال وكيل الوزارة المساعد لقطاع التنوع الغذائي، أن الوزارة عمدت إلى تشجيع الشركات والمزارعين على اتباع أنماط زراعية حديثة، منها الرأسية أو العمودية، وهي نوع من الزراعة تنمو فيها المحاصيل على وحدات معلقة في منشآت داخلية يتم التحكم بمناخها آلياً، حيث خصصت الوزارة 12 مزرعة عمودية لإحدى الشركات الرائدة في هذا المجال بالدولة، وهو حل يعد ناجعاً وسط توقعات نمو قطاع الاستثمارات الضخمة في مجال الزراعة الرأسية أو العمودية في منطقة الخليج عموماً، ليصل إلى 1.21 مليار دولار بحلول عام 2021 وبمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 26.4%.
وأضاف أن تعزيز التنوع الغذائي وضمان استدامته في الدولة، يمثل أولوية ضمن الأهداف الاستراتيجية للوزارة، ويتم التركيز في هذا الهدف على عدد من القطاعات، أهمها الإنتاج الزراعي المحلي الذي تعمل الوزارة على حمايته واستدامته لما له من أهمية اقتصادية واجتماعية وبيئية، كذلك لدوره في تحقيق التنوع والأمن الغذائي في الدولة، ومساهمته في خلق فرص عمل عديدة ضمن مراحل سلسلة الإنتاج المختلفة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"