عادي
ندوة الثقافة والعلوم تؤبن شاعرة الوطن

«فتاة العرب».. إبداع خالد في وجدان الإماراتيين

02:55 صباحا
قراءة 6 دقائق
دبي: عثمان حسن

نظمت ندوة الثقافة والعلوم أمس الأول، في مقرها أمسية تأبينية للشاعرة عوشة بنت خليفة السويدي «فتاة العرب»، بحضور بلال البدور، رئيس مجلس إدارة الندوة، وعلي عبيد الهاملي نائب الرئيس، ود. صلاح القاسم، وجمال الخياط، وصالحة عبيد، ومريم ثاني أعضاء مجلس الإدارة، ود. سليمان الجاسم، ود. حصة لوتاه، وفاطمة لوتاه، ونبيل قرقاش وجمع من الحضور والمهتمين.
قدمت الأمسية الدكتورة بروين حبيب، وشارك فيها: د. حامد بن محمد خليفة السويدي مؤسس ورئيس معهد أبوظبي للفنون وحفيد شقيق عوشة بنت خليفة السويدي، محمد الحبسي مدير قسم الشعر والنثر في هيئة دبي للثقافة والفنون، الشاعر محمد البريكي مدير بيت الشعر في الشارقة، الشاعر طلال سعيد الجنيبي، سليمة المزروعي مديرة بيت الشعر في جمعية الفجيرة الثقافية الاجتماعية، والشاعر سيف السعدي.
أكدت د. بروين حبيب في مستهل الأمسية على أهمية هذه المناسبة التي تؤبن فقيدة الوطن الملقبة ب «فتاة العرب»، والتي منحت وطنها ذخائر شعرية عبرت عن قيم مجتمعها، ونوهت بالكلمة التي صدرت عن سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة الاتحاد النسائي العام الرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، في حق «فتاة العرب»، حيث قالت: «لقد جاءت عوشة السويدي من بيت كرم وأصل، وأصبحت على امتداد قرن من الزمان ابنة كل بيت في الإمارات وفي الخليج العربي».
وقرأ الهاملي واحدة من القصائد التي مثلت نموذجاً من المساجلات الشعرية، وجاءت على لسان المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، حيث ناداها ب (ركن العود) وتقول كلماتها:

يا ركن عود الهوى وفنه
                           شاقني جيلك بالاوصافي
طيف رويا لي امشجنه
                         شط بك والحقك لتلافي
يعل ودك منك ومنه
                       بالتجاوب بينكم وافي
كمّ صبري يالغضي عنه
                       يا نديمي نسل لشرافي

كانت القصيدة السابقة، كما أوضح الهاملي رداً من الشيخ زايد رحمه الله على قصيدة الفقيدة التي مثلت درة من درر الشعر النبطي التي تقول كلماتها:

حد مثلي بات مشجنه
                       حلم طيف مر خطافي
واغتنم من وجدي الونه
                       يوم كل بالكرى غافي
والوفا من فني وفنه
                      بينا ما يمشي اخلافي
حيث لنه في العرب سنّة
                      خِص عند الناس لشرافي

وقدم الهاملي نموذجاً آخر، حيث أطلق عليها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، لقب «فتاة العرب» وأهداها ديوانه الشعري، وكتب في الإهداء هذه الأبيات:

أرسلت لك يا عالي الشان ديوان
                                     ديوان فيه من المثايل سِدَدْها
يحوي على لمثال من كل ما زان
                                     من كل در في عقوده نضدها
عليك مني يا اريش العين سمحان
                                     واخصكم وانت القصايد عمدها
«فتاة العرب» وانتو لها خير عنوان
                                     ومن غيركم بقْصِد معاني نشدها


وقال الهاملي: «لقد أثرت فتاة العرب الساحة الشعرية في الإمارات والخليج العربي بشعرها المتفرد، حيث لم تكن شاعرة عادية، بل قامة أدبية قلّ أن يجود الزمان بمثلها، ومثلت ظاهرة نسائية فريدة، في زمن كان الشعر فيه يكاد يكون حكراً على الرجال فتركت تراثاً شعرياً جميلاً، تميز بحس فني عال، أعادنا إلى عصور الشعر الذي يفيض حكمة، وغزلاً عفيفاً، ومساجلات غذّت الساحة الأدبية بروائع شكلت مدرسة في الشعر.
وألقى كلمة أسرة الفقيدة د. حامد السويدي، قال فيها:«لم تغادرنا رائدة الشعر النبطي الإماراتي، ولكنها ستظل بيننا قامة من قامات الشعر النبطي بما تمتلكه من قصائد وأشعار ومخيلة مبدعة جسدت تفاصيل بيئتنا المحلية بمختلف أبعادها الاجتماعية والجغرافية والسياسية، وقد توجهت بكتاباتها إلى القيادة الحكيمة في الإمارات لتمكين المرأة في مختلف المجالات، سيما أنها أثرت الحركة الشعرية النسائية الإماراتية كصوت قوي وفعال يبرز مكانة المرأة ودورها».
وألقى محمد الحبسي، كلمة جاء فيها: «أشعر بالفخر وأنا ألتقي اليوم هذا الحشد الذي اجتمع على محبة الكلمة، والشغف بالفن الراقي الذي يختزله الشعر النبطي، وأزداد فخراً لإدراكي أن حضوركم جاء عرفاناً بإحدى المواهب الفذة التي جادت بها أرض الإمارات». وأضاف:«رحلت فتاة العرب، لكن إبداعاتها تأبى إلا أن تظل خالدة في وجداننا وعقولنا، فهي الشاعرة التي علمت نفسها الكتابة، واعتمدت على ذاتها في صقل موهبتها الشعرية، لتصبح في مقدمة شعراء النبط».
ورثى الحبسي «فتاة العرب» بأبيات شعرية يقول فيها:

بنت العرب فخر وضفافي
                              ضفة أدب وقول وبراهين
رحماك يا رب الطوافي
                              ترحمها في جنات وتعين


وفي كلمة اتحاد كتاب وأدباء الإمارات استدعى الشاعر د. طلال الجنيبي أبياتا من قصيدة للشاعرة قالت فيها:

جرح في جاشي امخفنه
                            والخوافي ضربهن خافي
لي محب مني ومنه
                            حب مثل الجوهر الصافي
لي تباين قلي المنه
                            جان قدره عنديه وافي

وأوضح الجنيبي أن عوشة السويدي بدأت كتابة الشعر في سن مبكرة وأثرت الساحة الشعرية بعطاءات جليلة، إلى أن أصبحت رمزاً من رموز الشعر النبطي عموما، وشعر المساجلات خصوصاً، وختم بقوله:«ستظل الفقيدة رمزاً إماراتياً خالداً في سماء الإبداع والإمتاع والعطاء المميز، وستدوم نبراساً للأجيال القادمة، التي ستظل تتذكرها صوتاً للأصالة في الشعر وعلماً شعرياً نسائياً سيبقى عالياً خفاقاً فوق هامة المجد».
الشاعر محمد البريكي قال في كلمته:«إن القصيدة خلدت الوطن وخلدت الإنسان، لذلك نحن نحتفي بالقصيدة أكثر من تأبين الشاعرة التي ستبقى نبضاً خالدًا، فالشعراء أبناء السماء يرجعون حين يكونون طيراً في عنان السماء، لذلك ستكون كلمتي قصيدة واقتراح لتكريم الشاعرة:

قبل عزف الملحّن كان عزف القصيد
                                         وقبل صوت الحناجر كان صوت الأدب
كانت الأغنيات المبْحِره بالجديد
                                       وكان نبض القصيده هو «فتاة العرب»
وْشِعْرها نبْض يشجي بالغرام المريد
                                        أحسِبَهْ نخْل يِسقِطْ في الشعور الرطب
يا الإمارات «عوشه» نبضها بالوريد
                                        ترقص ابياتها بين السحب والمهَب
غطّت الزعفران بحرف نابض فريد
                                      وشكّلت من شعور الوجد عقد الذهَب
خلّديها لجيل وْجيلْ بعْدَهْ وليد
                                    وخلّدي للزمن «شارع فتاة العرب»».


أما سليمة المزروعي فقالت: «هي ليلة تأبينية في شكلها، ولكنها احتفاء بالكلمة التي جمعت هذا الوفاء من أناس آمنوا أن الخلود للكلمة وصاحبها».
وأضافت: «انطلقت الأغنية الشعبية في الإمارات في كلماتها، فخاطبت المجتمع بالكلمة الشفيفة والإحساس العميق والفصاحة والحصافة، فكانت رائدة الوقت وفارسة كلمته، إرث حقيقي للأدب والثقافة منذ ما يزيد عن 65 عاماً».
وقدم الشاعر سيف السعدي قراءة في قصائد الشاعرة عوشة بنت خليفة ومنها قصيدة «يا فهيم في تعابيره» ونقتطف منها:

يا فهيم ٍ في تعابيره
                      عن وداد صافي النيه
لا تخلي النفس في حيره
                      تنشد الطرشان شفجيه
كان شدو بدو لخويره
                     عندنا خود مداميه
يسكنون افغربي الديره
                      فالمطاييح الشماليه
قاعهم تصبح مغاديره
                     بالشطوط إمسوية عيّه

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"