عادي
القارة القطبية عرفت الدفء والخضرة

الرياح الموسمية المنتظرة عاتية

01:48 صباحا
قراءة 3 دقائق

كانت درجة حرارة الأرض أثناء العصر الفجري (العصر الحديث السابق) قبل 56 إلى 34 مليون سنة، تزيد عما هي عليه الآن بعشر درجات مئوية، فكانت الأرض أكثر دفئاً من الوقت الحالي . وعمرت الحيوانات الاستوائية مثل التماسيح المناطق القطبية وكثرت أعدادها في هذا الجزء من العالم الذي تحول الآن إلى أرض جرداء متجمدة لحق بها الجفاف، بعد أن كانت تكسوها الخضرة، ويعمها الدفء .

وأدى اكتشاف حفريات لأنواع معينة من النباتات إلى استنتاج العلماء أن القارة القطبية الجنوبية شهدت مناخاً ساده هبوب للرياح الموسمية، وهو ما يحدث في العصر الحالي فقط في المناطق المدارية، وربما يدلل ذلك على أن الرياح الموسمية ستهب في مناطق كثيرة من عالم يعاني من ارتفاع مستمر في الحرارة .

فريديريك جاك، وزملاؤه في حديقة شيشوانغباننا النباتية الاستوائية في مينجلا بالصين، عثروا على حفريات لنباتات من إحدى الجزر القطبية الجنوبية . ولما كانت أنواع معينة من النباتات تنمو فقط في مناخات بعينها، دللت الحفريات على أن هذه المناخات سادت المكان في الماضي . وكشف جاك أن هذه النباتات شهدت مواسم متعددة من الأمطار .

وأشار جاك إلى أنه خلال العصور القديمة والعصر الفجري المتوسط، سقطت 60 في المئة من الأمطار السنوية في القارة القطبية في فصل الصيف، بكثافة بلغت 6،4 ملليمترا في اليوم الواحد . ويفترض ذلك هبوب رياح موسمية على القارة .

وكان مناخ القارة القطبية في تلك الفترة أشبه بمناخ جنوب آسيا في العصر الحالي، حيث تسقط الأمطار الغزيرة صيفاً، بينما يمر الشتاء جافاً . جيل مارتين، من مكتب الأرصاد الجوية بالمملكة المتحدة في إكستر تستبعد هبوب رياح موسمية بالقرب من قطبي الأرض، إذ تعتقد أن هبوبها ينحصر في المناطق المدارية فقط . والأمطار المصاحبة للرياح الموسمية تسببها تغيرات في اتجاه الرياح، كما أن هواء البحر المحمل بالرطوبة يهب على اليابسة في فصل الصيف، وفي الشتاء، تعود الرياح أدراجها إذ تهب في الاتجاه العكسي . ولكي يحدث ذلك، لابد أن تكون حرارة الأرض أعلى بكثير من حرارة المحيط في فصل الصيف . وفي العصر الحالي، يحدث ذلك فقط في المناطق المدارية، بيد أن جاك يرى أن الرياح الموسمية ستهب بكثرة في الأجواء الأشد حرارة، التي يمكنها أن تولد دورات جديدة للرياح الموسمية .

وليست هناك معلومات مؤكدة لدى خبراء المناخ حول مدى تأثير المناخ في آلية هبوب الرياح الموسمية، وأفضل ما لديهم هو توقعهم انحسار مرات هبوب الرياح الموسمية، ولكن لما كانت الرياح الساخنة تحمل مزيداً من الرطوبة، فالأمطار التي تصاحب الرياح الموسمية ستسقط بشكل أكثر غزارة مسببة مزيداً من الفيضانات .

وتشير مارتين إلى أن ذلك يعني أن الرياح الموسمية ستكون عاتية، بيد أن دوراتها الوليدة ستكون ضعيفة . وتطرح مارتين تساؤلاً حول إمكانية انتشار هذه الرياح . وتؤكد أن درجة حرارة الأرض في العصر الحديث لن تصل إلى مستواها في العصر الفجري، ولكن جاك يتوقع هبوب الرياح الموسمية في قارات أخرى . ولا تقتنع مارتين بتوقعاته، مشيرة إلى أن أنظمة الطقس الكبيرة مثل التيارات الهوائية القوية تحدث فقط بالقرب من قطبي الأرض، ويمكن أن تتداخل مع أي رياح موسمية متوقعة .

وتدلل أنماط المناخ التي وضعها ماثيو هوبر من جامعة بوردو، في لافاييت الغربية، بولاية إنديانا الأمريكية على أن الرياح الموسمية في العصر الفجري كانت هبت في نفس الأماكن التي شهدتها الأرض في العصر الحديث . يقول هوبر على الرغم من محاولة العلماء محاكاة هذه المناخات الحارة، فإن المعلومات التي يمكنها أن تؤكد هبوب الرياح لا تزال غير كافية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"