عادي
تسبب السرطانات وتفتك بالكائنات البحرية

الأكياس البلاستيكية.. سموم نتجرّعها وتضرّ بيئتنا

04:31 صباحا
قراءة 7 دقائق
تحقيق: رانيا الغزاوي

أكد عدد من المتخصصين في الجهات والمؤسسات البيئية، خطورة الأكياس البلاستيكية، لتسببها في نفوق الكائنات الحية، من المواشي والكائنات البحرية، إلى جانب أنها تشكل تهديداً كبيرًا للبيئة والإنسان والحيوان، كونها غير قابلة للتحلل، كما أن حرقها والتخلص غير الصحيح منها، يؤديان، على سبيل المثال، إلى انبعاث غازات سامة خطرة، تؤثر في صحة الإنسان مسببة أمراضاً سرطانية، ما دفع جهات الاختصاص إلى تكثيف جهودها في تنظيم الحملات التي تستهدف الجهات الحكومية والقطاع الخاص، وتجار التجزئة والمطاعم، وكذلك الجمهور العام، لرفع مستوى وعيهم بأهمية التقليل من استخدام البلاستيك، وتمكينهم من العثور على بدائل أفضل لحماية البيئة.. جهود حثيثة تبذل لتوعية المجتمع بخفض استهلاك المواد البلاستيكية التي تمثل نفاياتها تهديداً للبيئة، حيث تبتلعها الحيوانات البحرية، وبعضها الآخر ينفق، فأكثر من مليون كائن بحري ينفق سنويا، نتيجة الاختناق بالمخلفات البلاستيكية وغيرها من النفايات البحرية، فيما تمتص الأسماك والكائنات البحرية الناجية، السموم الموجودة فيها، وتنقلها إلى الإنسان، عبر سلسلة المواد الغذائية، وقد تنتقل الجزيئات الدقيقة، عبر أنظمة معالجة المياه، لتلوث مياه الشرب، ما يصعد من حجم المشكلة.
سيف الشرع، وكيل الوزارة المساعد لقطاع المجتمعات المستدامة، بوزارة التغير المناخي والبيئة، قال إن استهلاك الدولة من الأكياس البلاستيكية، يبلغ نحو ‬11 ملياراً و‬600 مليون كيس سنوياً، بسبب زيادة استهلاك الفرد لها بشكل مستمر، من دون البحث عن بدائل، فضلا عن التخلص منها بطريقة غير صحيحة، كما أنها رخيصة الثمن، وسهلة الإنتاج والحمل، وتستطيع احتواء كميات كبيرة من السلع، وتستخدم مرة أخرى أكياساً للقمامة المنزلية أو أكياساً للمواد الغذائية، مشيرا إلى أن الوزارة تسعى، ضمن استراتيجيتها، إلى تحقيق الاستدامة في القطاعات التي تقطع ضمن اختصاصها، إلى خفض معدل الإنتاج الفردي للنفايات في الدولة، ومعالجة 75% من النفايات الصلبة، وعلى رأسها المخلفات البلاستيكية بحلول 2021، وتمثل الأكياس البلاستيكية، واحدة من النفايات الأكثر تهديداً للبيئة، وخصوصاً البحرية؛ فوفقًا للدراسات العالمية، من المتوقع أن يتجاوز حجمها في المحيطات في العالم، إجمالي حجم الأسماك التي تعيش فيها، حيث سيصل وزنها إلى 6.3 مليار طن، ما يستدعي من أفراد المجتمع تعزيز الجهود لمواجهة هذا التهديد العام لبيئتنا واستدامة مواردها وعناصرها.
وأشار إلى أن الوزارة تحرص على تنظيم المبادرات الخاصة بالتوعية بمخاطر الأكياس البلاستيكية، غير القابلة للتحلل، والتحول إلى الأكياس البديلة الأكثر أماناً، وضرورة الاهتمام بتقليل استهلاك الأكياس البلاستيكية، بكل أنواعها في إطار مفهوم الشراء المستدام، ولذلك تعمل الوزارة، ضمن خططها، على تنظيم الكثير من الأنشطة والفعاليات التثقيفية، وتنفيذ عدد من الورش والمحاضرات التثقيفية في الدولة، تشمل طلاب المدارس وموظفي القطاع الحكومي والخاص.
وأضاف: «ينفذ عدد من حملات تنظيف البيئة البرية والبحرية، بالتعاون مع السلطات المحلية، ما يوجد نوعاً من التوازن الذي يصب في مصلحة البيئة، وتجمع خلال هذه الحملات، نفايات الأكياس البلاستيكية التي قد تتغذى عليها كثير من الكائنات الحية. لافتاً إلى أن الوزارة أطلقت مؤخرا مبادرة لمكافحة التلوث البلاستيكي، تحت شعار «التغلب على التلوث البلاستيكي» واستهدفت مؤسسات القطاع الخاص، كما استضافت خلالها الوزارة، بالتعاون مع سفارة جمهورية الهند في دولة الإمارات، احتفالية خاصة بمقر الوزارة في دبي، تعهدت خلالها مجموعة من المؤسسات ومجموعات الأعمال الخاصة الكبرى في الدولة، بخفض استهلاكها في دورة عمل كاملة في الإمارات».

آثارها البيئية

وأوضحت خنساء البلوكي، مدير إدارة التوعية البيئية بالإنابة، في هيئة البيئة في أبوظبي، أن الأكياس البلاستيكية تعد أحد أخطر الملوثات البيئية لكوكب الأرض، لحاجتها إلى سنوات عدة لتتحلل، ما يشوه المظهر الجمالي للبيئة، حيث تظل لوقت طويل إذا لم تجمع وتزال، كما تسبب خللاً بيئياً جسيماً، نتيجة المواد السامة التي تخلفها في التربة وتلويثها البحار والبحيرات. وبحسب دراسات عالمية، فإن مخلفات المواد البلاستيكية غير القابلة للتحلل، ومن ضمنها الأكياس البلاستيكية تقدر سنويا ب 8 ملايين طن في المحيطات، ما يؤثر سلبا في الإنسان والحيوان والبيئة، حيث تبتلعها الحيوانات البحرية وبعضها الآخر ينفق، فيما تمتص الأسماك والكائنات البحرية الناجية، السموم الموجودة فيها، وتنقلها إلى الإنسان، عبر سلسلة المواد الغذائية.
وأضافت: «تتحول النفايات البلاستيكية إلى مشكلة، عندما ينتهي بها الأمر، نفايات في مياه البحار والمحيطات، حيث إن البلاستيك لا يتحلل طبيعياً، لكنه يتفكك ويتحول إلى مواد بلاستيكية مجهرية، باتت الآن منتشرة في المحيطات وقد تنتقل الجزيئات الدقيقة عبر أنظمة معالجة المياه لتلوث في مياه الشرب التي نتناولها، ويتخلص سنويا، من 5 إلى 13 مليون طن متري من البلاستيك في البيئة البحرية، حيث تشير الإحصاءات إلى أن نحو 50% من السلاحف البحرية و60% من الطيور البحرية في العالم، تبتلع النفايات البلاستيكية، ومن ضمنها الأكياس، وأن أكثر من مليون كائن بحري يموت سنويا، نتيجة لاختناقه بها، كونها لا تتحلل وتبقى بصورتها. كما كشف عدد من الأبحاث أن هذه الكائنات تحتفظ ببعض منها في أحشائها، وتلتف الشعاب المرجانية، ما يحرمها من ضوء الشمس، ومن التيارات المائية المتجددة الداخلة إليها والخارجة منها، وتحمل لها الطعام والأوكسجين».

خطة توعوية

وأشارت إلى الجهود التي تبذلها الهيئة لمواجهة قضية استهلاك الأكياس البلاستيكية، حيث وضعت خطة توعوية لعام 2018، تستهدف الجهات الحكومية والقطاع الخاص وتجار التجزئة والمطاعم، وكذلك الجمهور العام، لرفع مستوى وعيهم بأهمية التقليل من استخدامها، وتمكينهم من العثور على أكياس بديلة، لحماية البيئة. وتحدثت عن المخاطر التي تسببها، قائلة: «تشكل الأكياس البلاستيكية تهديداً كبيراً للبيئة، منذ اللحظة الأولى من إنتاجها إلى إلقائها في أكوام القمامة».

بدائل آمنة

ويحرص جهاز أبوظبي للرقابة الغذائية، على القيام بدوره الرقابي، بإصدار التعميمات التي تسعى إلى خفض استهلاك الأكياس البلاستيكية، في المنشآت الغذائية والمطاعم ومحال بيع الوجبات السريعة، والمقاهي والكافتيريات، واختيار البدائل الآمنة على صحة المستهلكين، فضلاً عن منع تقديم المأكولات الساخنة في العبوات البلاستيكية، لما يمثله من خطورة على المستهلكين، نظراً لتفاعل المواد الداخلة في صناعة تلك الأكياس مع المأكولات.
وأوضح المهندس ثامر القاسمي، المتحدث الرسمي باسم الجهاز، أن وضع الخبز الساخن فيها، يعد أمراً خطراً، حيث يؤدي إلى تجمع بخار الماء على سطح الخبز، ما يسرع في عملية نمو الأعفان عليه، فضلا عن زيادة احتمال إطلاق وهجرة بعض المواد من هذه الأكياس إلى الخبز بداخلها، كالمواد الملونة المضافة إليها، وهي مواد ضارة لا يجوز احتواء الخبز عليها، داعيا إلى ترك الخبز، بين 10 و15 دقيقة حتى يبرد، ومن ثم تعبئته بغلاف من الورق، قبل وضعه مباشرة في الأكياس البلاستيكية من الصنف المخصص للتلامس مع الأغذية.
وأكد أن الجهاز يشترط بأن تكون جميع المواد المستعملة في تعبئة الأغذية وتغليفها، من الصنف المخصص للتلامس مع الأغذية.

أمراض السرطان

فيما أوضح الدكتور أمين المنهالي، استشاري أمراض الأنف والأذن والحنجرة بمستشفى المفرق في أبوظبي، أن حرق المخلفات والأكياس البلاستيكية، في مكبات القمامة، ينتج عنه انبعاث غازات سامة خطرة، ومنها مركبات «الديوكسين»، وهي مادة محرمة دوليا، حذرت منها منظمة الصحة العالمية، كونها لا تتحلل في البيئة، ويسبب استنشاقها في زيادة خطر الإصابة بأمراض السرطان، والحساسية، والتهاب الجهاز التنفسي المزمن.

أكياس التسوق

وأكد محمد جمعة بالرقاد، مدير إدارة الشؤون الإدارية في تعاونية الاتحاد، أن كل أكياس التسوق التي تستخدم، قابلة للتحلل وإعادة التدوير، بما يأتي ضمن توجهات الدولة في مجال البيئة، مشيراً إلى أن التعاونية، تشترط قبل التعاقد مع موردي أكياس التسوق البلاستيكية لفروعها، حصولهم على التراخيص والتصاريح المطلوبة من الجهات المعنية، إلى جانب شهادة مطابقة المواصفات والمقاييس الصادرة عن هيئة الإمارات للمواصفات والمقاييس، ومسجلة حسب الأصول، موضحًا أن التعاونية توفر أكياس تسوق (للاستخدام أكثر من مرة)، كما أنها تجري حاليا دراسة تهدف إلى خفض استهلاك أكياس التسوق، مع ضمان الاستمرار في سعادة المتسوقين.

التخلص الآمن

وأوضح المهندس محمد الدحي، رئيس قسم المشاريع بالإنابة في «تدوير»، أن «تدوير» تعمل على توفير الحاويات الخضراء والمخصصة للمواد القابلة للتدوير، ومن ضمنها مخلفات الأكياس البلاستيكية، للتخلص الآمن منها، حيث تفرغ جميع الحاويات الخضراء، بصورة مفصولة عن الحاويات السوداء التي ترسل إلى محطات المعالجة، مشيراً إلى أن الأكياس البلاستيكية مواد كيميائية مصنعة حراريا من رقائق مرنة وأنسجة محبوكة، ويعد الإقبال عليها كبيرا، لأن كلفة إنتاجها منخفضة، فضلا عن خفة أوزانها.
وأشار إلى استقبال النفايات الصلبة في محطة فرز النفايات بمدينة العين، حيث يصل إليها، 1000 طن من النفايات الصلبة يومياَ، وتفرز المواد القابلة للتدوير كالورق والكرتون والمعادن، والنفايات البلاستيكية.
ولفت إلى أن «تدوير» يضم أكبر مصنع إعادة تدوير للنفايات البلاستيكية المستعملة في الدولة، ويقع في مدينة العين، وتبلغ طاقته الإنتاجية، عند تشغيله بالكامل 50 طنا يومياً.

رزان المبارك: 8 ملايين طن من البلاستيك في المحيطات

أولى مجلس شباب هيئة البيئة أبوظبي اهتمامًا بموضوع التغلب على «التلوث البلاستيكي»، وقرر اختيار موضوع «الأكياس البلاستيكية»، ليكون على رأس أولوياته، للحد من تأثيرها الضار في الإنسان والحيوان والبيئة بشكل عام.
وقالت رزان خليفة المبارك، الأمينة العامة لهيئة البيئة: يواجه العالم الكثير من التحديات بسبب التأثير الجسيم للبلاستيك في بيئتنا، ويجب أن نسعى للحد من آثاره ومنعها. مشيرة إلى أن العالم يستخدم 500 مليار كيس من البلاستيك سنويا، في حين تستهلك دولة الإمارات، وحدها، أكثر من 13 مليار كيس سنوياً.
وأضافت في كل عام، ينتهي المطاف بما لا يقل عن 8 ملايين طن من البلاستيك في المحيطات، حيث تبتلعها بعض الحيوانات البحرية، والبعض الآخر ينفق حين يقع في شراك معدات وشباك الصيد المهجورة، والحيوانات الناجية، تمتص السموم الموجودة في المواد البلاستيكية، وتنقلها عبر سلسلة المواد الغذائية، كما تتسبب الأكياس البلاستيكية في نفوق الحيوانات في البيئة البرية، نتيجة الاختناق الناتج عن أكلها عند مصادفتها في الصحراء، كذلك فإنه من المعروف أن البلاستيك لا يتحلل طبيعياً، ولكنه يتفكك ويتحول إلى مواد بلاستيكية مجهرية باتت الآن تنتشر في المحيطات، وقد تنتقل الجزيئات الدقيقة عبر أنظمة معالجة المياه، مما يؤدي إلى تلوث مياه الشرب التي نتناولها.

تحول 6.3 مليار طن من البلاستيك إلى نفايات

الدكتورة باربرا اركابيال، طبيبة بيطرية قالت: يتخلص سنوياً من 5 إلى 13 مليون طن متري، من البلاستيك في البيئة البحرية، حيث تشير الإحصاءات إلى أن نحو 50% من السلاحف البحرية في العالم، تبتلع النفايات البلاستيكية أو غيرها من النفايات البحرية، كما أن نحو 60% من الطيور البحرية، تبتلع نفايات بلاستيكية، ومن المرجح أنها تحتفظ ببعضها في أحشائها، وأكثر من مليون كائن بحري تنفق سنويا، لاختناقها بالمخلفات البلاستيكية وغيرها من النفايات البحرية، وقد عثر على 10 % من الحيوانات النافقة على الشواطئ، في مختلف أنحاء العالم، بسبب اختناقها بالأكياس البلاستيكية.
وأضافت، منذ أن بدأ إنتاج المواد البلاستيكية في خمسينات القرن الماضي، أنتجت 8.3 مليار طن متري من البلاستيك، في مختلف إنحاء العالم، تحولت 6.3 مليار طن منها إلى نفايات.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"