عادي
دعا في عمّان إلى إعادة النظر في الموروث والنخب الثقافية

أدونيس: لسنا في مستوى الرؤية الإسلامية للعالم

02:55 صباحا
قراءة 3 دقائق
عمّان - ماهر عريف:

واصل الشاعر أدونيس إثارته الجدل كعادته عبر إطلاقه مجموعة آراء خلال أمسيته ضمن مهرجان الفحيص الأردني في دورته الرابعة والعشرين أمس الأول، بحضور العشرات من الأكاديميين والسياسيين، بينهم وفدٌ من البرلمان ومجلس البلديات الإيطالي وجمهور كبير في مقابل غياب الأسماء الأدبية المعروفة في الأردن.
قال أدونيس بعدما ألقى 3 قصائد، ورفض الإجابة نهائياً عن سؤال حول موقفه من مآل الوضع العربي الآني: «أفضّل الحديث فكرياً لا سياسياً». وأردف: «النقطة الأساسية أننا بحاجة ماسة إلى إعادة قراءة الموروث ولفظ تاريخ امتداح السلطة القائم على الكذب، والذي أهمل فعل اليد العربية الخلاّقة لمصلحة تمجيد غير الخلاّقين».
وأضاف صاحب «أغاني مهيار الدمشقي»: «إن الأحداث العربية منذ عام 2011 حتى اليوم فتحت الباب على مصراعيه لمُحاكمة المستوى الثقافي، وإدراك أن التاريخ الذي درسناه في الجامعات إيديولوجي تعبوي يمضي في اتجاه واحد يجب نسيانه كلّياً، وإعادة النظر في كل شيء بما في ذلك تحوّل بعض العاديين إلى نُخب تعتقد أنها مُحرّكة».
وتابع: «لا يوجود شاعر عربي كبير انطلق من فكرٍ ديني فئوي على مدى 14 قرناً جهة إحداث ثورة فكرية مؤثرة بعمق بصورة جذرية لافتة ومهمة».
واسترسل: «برهن المسلمون أنهم ليسوا في مستوى الرؤية الإسلامية للعالم وربما خسروها وأهملوا كل شيء، والمشكلة تنبع من عندنا، فنحن كسالى وتبعيون وتابعون، وإذا عبّرنا بقليلٍ من الحرية تقمعنا المؤسسة، وصرنا بلا حاضر، وبالتالي بلا مستقبل، وبالمعني الحضاري غير موجودين.. ما نملكه مجرد صفر كبير على الطاولة».
واستدرك: «أُفرّق بين الفرد العربي من طاقات ومواهب وإبداعات، وبين المؤسسات، وفي لبنان مثال واضح إذ يتصدر اللبناني طليعة العالم، لكن مؤسسات بلده في آخر الركب».
ورأى أدونيس أن «عقدة عدم التغيير» سببها «عقول من يدرّسون في الجامعات»، مشدداً على أن الحداثة ليست تطوّراً يطال المركبات والطائرات، وإنما نقلة نوعية في الفكر، و«قد كان جبران خليل جبران أحد أعمدتها رغم اتهامه بأنه لا يعرف اللغة العربية».
وقال: «نحن اليوم عائمون في الفضاء، وهناك من يريد إعادتنا إلى عصرٍ قديم لا علاقة له بالواقع، وهذا محال لكن إرادتنا المسلوبة المستسلمة تجعلنا عرضة لكل شيء طالما نصمت عن قول لا، ونعجز عن فهم ما يحدث خلف المشهد الظاهر».
ورداً على مداخلات محدودة، آثر أدونيس عدم إسداء نصيحة للجيل الجديد «لأنني مع النزول للبحر والتعلّم»، فيما أجاب عن سؤال حول ما يبحث عنه في هذه المرحلة من حياته ورحلته الثقافية الجدلية قائلاً بعدما هز رأسه: «لا أعرف».
وكان وزير الثقافة الأسبق جريس سماوي قدّم أدونيس على أنه «المُفكر الكبير المبهر والجدلي بامتياز صاحب رؤى تضع الفاحص المتأمل في مدارات استشراف المستقبل».
وبعدما أثنى أدونيس على مهرجان الفحيص معلناً دعمه إقامته سنوياً على اعتباره «حياة يومية شعبية مدنية أهلية ثقافية متنوعة» قرأ 3 نصوص قديمة كتبها في فترات مختلفة من حياته، خلاصتها رفض القمع والتشبث بالإنسانية وتقدير المرأة واستنطاق الحياة الصامتة.. وجاء في إحدى قصائده:

إنها اﻟﺤﺮب ﺗﻐﺮز ﻗﺮﻧﻴﻬﺎ ﻓﻲ رأس اﻟﻮﻗﺖ
وﻫﺎ ﻫﻲ اﻷرض ﺗﺪور - ﺗﻜﺎد أن ﺗﺴﻘﻂ
اﻟﺴّﻤﺎء ﻛﻠﻤﺔٌ ﺳﺮﻳّﺔٌ ﻓﻲ ﺟﻴﺐ ﺷُﺮﻃﻲ
إﻧﻬﺎ اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ -
ﺗﻬﺒﻂ ﺳﻠّﻢ اﻟﺘّﺎرﻳﺦ ﻣﺘﺄﺑﻄﺔً ذراع اﻟﻔﻠﻚ
ﻟﻐﺔٌ ﺗﻠﺘﻬﻢ اﻟﻠﺤﻢ واﻟﻌﻈﻢ
ﺑﺆس يرن ﻓﻲ ﺳﻤﻊ اﻷرض ﻛﺄﻧﻪ ﺟﺮس ﺑﺤﺠﻢ اﻟﻜﻮن
ﺗُﺮﺑﻲ اﻟﻜﻠﻤﺎت قطعاناً ﻣﻦ اﻟﺬّﺋﺎب
ﺗُﺴﻤﻰ اﻟﺮﺻﺎﺻﺔ رﻳﺸﺔً وﻳﺴﻤّﻰ اﻟﻘﺘﻞ ﻫﻴﻜﻼً
ﻗﻮﻟﻲ أﻳﺘﻬﺎ ﺍﻟﺮﻳﺢُ
ﻛﻴﻒ ﻧﺠﺮف ذﻟﻚ اﻟﺮﻣﻞ
اﻟﺬي ﻳﺰﺣﻒُ ﻣﻦ ﻋﻞٍ
وﻳملأ رأس اﻟﺘﺎرﻳﺦ؟
ﺣﻘﺎً
ﻻ أﺣﺪ ﻳﻔﻠﺖُ ﻣﻦ ﻏﺒﺎره
ﻏﻴﺮ أن اﻟﻌﺬاب ﻳﻮاﺻﻞُ ﺣﻔﺮَ أﻧﻐﺎﻣﻪِ
ﻓﻲ ﺟﺴﺪ اﻟﻮﻗﺖ
ﻏﻴﺮ أن ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ
ﺗﻬَﻴِِﻰْْ أﺳﺮّة أﻳّﺎﻣﻬﺎ ﻓﻲ ﻏﺮف اﻟﻤﻮت

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"