عادي
«فرسان العلم» تسطر ملحمة وطنية مطرزة بالمجد

محمد بن راشد: علمنا مزروع في القلب

04:32 صباحا
قراءة 7 دقائق
دبي: «الخليج»

يدرك صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي رعاه الله، أهمية العلم للإمارات من حيث هو يجسد هوية وانتماء وملاحم بطولية عز نظيرها.
فها هي قصيدته الجديدة «فرسان العلم» تمثل واحدة من القصائد التي تجسد تلك المعاني، وسموه بإدراكه ما يحمله العلم من رمزية، ومن خلال ما عايشه شخصيا منذ تأسيس دولة الإمارات، وما فيها من فصول مطرزة بالمجد والفخار، ومنذ أن وضع أركانها المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، إنما يعي تماما ما يقول، فهو يصدر عن تجربة وحب ومراس وهاجس وطني عظيم، يرمز له علم الدولة، هذا الذي يرتفع به الفوارس والجنود، ليظل خفاقا في الأعالي، وهم يستميتون في الدفاع عن الحمى بأغلى ما يملكون، وهو تقديم أرواحهم فدى العلم، برمزيته العالية للوطن الخالد في نفوس أبنائه وفي نفوس قاطني دولة الإمارات بوصفها من الدول الأولى في تجسيد رمز التعايش والمحبة والسلام.
يبدأ سموه القصيدة بمفردة «العلم»، وفي هذا الاستهلال تأكيد على أهمية المفردة، بنسبتها إلى الوطن، ونسبتها أيضا إلى المؤسس الخالد في وجدان أبنائه المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله، حيث يقول:

العَلَمْ لي كانْ زايدْ رافعنِّهْ
                                  هوُ أمانتنا نعيشْ ونرفعَهْ
بالدّما لهْ نفتدي ونذودْ عنِّهْ
                                  وفي القلوبْ وفي المشاعرْ نزرَعَهْ

هو العلم بما يحمل من مدلولات عظيمة، يستوطن قلوب قادة وحكام الإمارات، فيقدمون المثل على تقدير هذا الرمز، ويرسخونه في قلوب المواطنين، وفي ذلك تحقيق لعدة أمور من بينها على سبيل المثال، غرس القيم الوطنية التي تعزز أهمية العلم، وهو دور توعوي ومسؤولية كبيرة تجاه القضايا المصيرية وتجاه مسيرة البناء والنهضة والتنمية الشاملة.
تتجه قصيدة سموه كما يشير معناها، إلى فرسان العلم، وهم الجنود في الميدان، وعلى جبهات القتال، هؤلاء الذين يبدعون صورا شتى بفعالهم التي تشرف الوطن، هي بكل تأكيد صورة ناصعة البياض، يصدح صوتها في الجهات الأربع، كناية عن ما قدمته من مآثر ستبقى خالدة في ذاكرة الأجيال من بعدهم.
لا شك أن ما يقدمه فرسان العلم، بوصفهم أصحاب إرادة حديدية صلبة لا تلين، وبوصفهم يضطلعون بمهمة نبيلة للدفاع عن الوطن، إنما هو في الحقيقة فعل يرتقي إلى «العزيمة» والعزيمة كما يراها سموه إنما تليق بالرجال، والعزيمة بمعناها اللغوي تشير إلى توطين النفس على الفعل والتصميم عليه، وفي العزيمة ثبات على المبدأ، وفيها إصرار على مغالبة النفس والروح، سيما وأن الفعل يستحق مثل هذا الإصرار، لما فيه من عاليات النبل والشرف، هذا الفعل يخيف الأعداء ويفت من عضدهم، فيخيب ظنهم بالظفر وتلاحقهم الهزيمة وتشتت شملهم، وهم يجابهون مثل تلك الصور الملحمية والأسطورية، التي يشاهدها الأعداء عياناً، ويختبرونها في المعركة، وهي فعال لشدة سطوعها، تصبح متداولة على ألسنة الخصم، وها هو بعد أن اختبرها في الميدان، يسمع عنها فتثير فيه الرعب مرة أخرى، وترده خائبا محطما، فتصبح مثلا يحتذى.
يقول سموه:

مِنْ عزايمنا المعادي خابِ ظنِّهْ
                                  فعْلنا يشوفَهْ قبِلْ مايسمَعَهْ
حولْ رايتنا قلوبٍ مطمئنِّهْ
                                  صادقَهْ حولْ العَلَمْ متجمِّعَهْ
مِنْ ذكَّرَّنَا بشَرْ ياويلهْ لأنِّهْ
                                  نقطَعَهْ شرَّهْ وراسِهْ نقطَعَهْ

في القصيدة تأكيد على روح الانتماء، وتأكيد على تعزيز قيمة حب الوطن، حيث يحقق فرسان العلم، مثل هذه المعاني، فيجمعون قلوب الشعب على محبة العلم، بما يرمز إليه من قيم عليا تستحق الالتفاف حولها والحدب عليها، فهي بكل تأكيد راية شامخة تخفق بالعز والمجد وارتياد الآفاق. وفي الالتفاف حول هذه الراية الخفاقة بمعانيها الدالة، يحقق الوطن أمانيه بالعز والفخار والنصر على الأعداء.
ومثل هذه الصورة المشرفة من الملاحم البطولية لها مثال ناصع منذ تأسيس الدولة، وبانيها المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الذي قدم نموذجا لا يضاهى في الوحدة، والتلاحم خلف الصف الذي لا تشوبه شائبة، ولا تزعزعه أية قوة عابثة.
تؤكد قصيدة «فرسان العلم» على المعاني التي أشرنا إليها، وهي تعكس نبض التاريخ وسيرة المجد وسناه. وهي من جهة أخرى، إنما تعمق المشاعر الوجدانية، هذه المشاعر التي تهتف لوطن بكل جوارحها، وكل إصرارها على صناعة المجد، حيث العلم يستحق منا الذود عنه بما يشير إليه ولاء وانتماء وفخر وسؤدد وروح وثابة لا تلين.
يقول سموه:

صفِّنا واحدْ أبَدْ ماجَتْهِ هَنِّهْ
                                  مِنْ سنَةْ سبعينْ ماحَدْ زعزَعَهْ
تسمَعْ لتاريخنا حنِّهْ ورنِّهْ
                                  سيرَةْ المجدْ وسناهْ ومطلعَهْ
والعَلَمْ الأرواحْ في الشِّدِّهْ فدَنِّهْ
                                  رمزنا الخالدْ ومَجدِهْ نصنَعَهْ
إرفعوهْ وحيُّوْا قلوبٍ حمنِّهْ
                                  وكلِّنا في وقتْ واحدْ نرفَعَهْ


العلم.. أمانة

في قصيدته الجديدة «فرسان العَلم» يواصل صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، التغني بعالم المثل والأخلاق النبيلة التي طالما حث عليها في قصائده السابقة كلها، والشكل الجديد الذي تتنزل فيه تلك الأخلاق السامية التي دعا ويدعو لها سموه، هو حب الوطن والافتخار به والذود عن علمه والتعبير عن الاستعداد لفداه بالغالي والنفيس.
ليست هذه الثيمة أبداً بغريبة على سموه المنشغل دوماً بوطنه وتنميته ورعايته، ودفعه لمعانقة ذرى المجد والتطور، واختراق آفاق المستقبل وصناعة المستقبل في الحاضر، مسابقاً بذلك الأمم ومتفوقاً عليها.
يبتدئ سموه قصيدته الجميلة بنبرة ذكية تعيد السامع والمتلقي إلى عهد التأسيس، وإلى شخصية الأب المؤسس المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وإلى ذلك الجهد العبقري غير المسبوق في كل المنطقة، والذي بذله من أجل توحيد الإمارات تحت علم واحد، وفي حمى وطن واحد، فيقول:
العَلَمْ لي كانْ زايدْ رافعنِّهْ
هوُ أمانتنا نعيشْ ونرفعَهْ
ويؤكد سموه في ذاك البيت قيمة الجهد الذي بذله الوالد المؤسس، وضرورة أن يتم تثمين ذلك بالسير على نفس نهجه، والحرص على أن يظل العلم الذي رفعه منذ عقود مرفوعاً بنفس الشموخ.
ويسترسل سموه في التأكيد على قيم الولاء لهذا الوطن ولعلمه حين يقول:

بالدًّما لهْ نفتدي ونذودْ عنِّهْ
                                  وفي القلوبْ وفي المشاعرْ نزرَعَهْ
للوطَنْ منِّهْ ولهذا الرَّمزِ منِّهْ
                                  في يَدْ القايدْ وشعَبِهْ يتبَعَهْ

يؤكد سموه بعد ذلك بأنه هو وإخوانه من حكام الإمارات، وأولياء عهودهم وكل الشعب الإماراتي، فرسان لهذا العلم الذي يجسد الوطن، ويتغنى بمناقبهم وبقوتهم في التصدي للأعداء، الذين باتوا يرهبون هذا الوطن القوي ولا يجرؤون على التفكير في الاعتداء عليه، لوحدة أبنائه وتماسكهم خلف علمهم وذودهم عنه بكل غالٍ ونفيس فيقول:

نحنْ فرسانْ العلَمْ أهلْ الأعنِّهْ
                                  سامعهْ عنَّا الجهاتْ الأربَعَهْ
مِنْ عزايمنا المعادي خابِ ظنِّهْ
                                  فعْلنا يشوفَهْ قبِلْ مايسمَعَهْ
حولْ رايتنا قلوبٍ مطمئنِّهْ
                                  صادقَهْ حولْ العَلَمْ متجمِّعَهْ
مِنْ ذكَّرَّنَا بشَرْ ياويلهْ لأنِّهْ
                                  نقطَعَهْ شرَّهْ وراسِهْ نقطَعَهْ

يتحدث سموه في الأبيات اللاحقة عن الاتحاد الإماراتي الذي بدأ في مطلع سبعينات القرن الماضي، ومن يوم وجوده وحتى الآن لم يستطع أحد كائناً من كان أن يزعزعه؛ لتضافر عوامل الوحدة بين الأشقاء، ولحرص كل واحد منهم على المحافظة على الوطن ووحدته وتماسكه وازدهاره ومنجزاته، التي تتوالى منذ ذلك التاريخ وحتى الآن، فيقول:

صفِّنا واحدْ أبَدْ ماجَتْهِ هَنِّهْ
                                  مِنْ سنَةْ سبعينْ ماحَدْ زعزَعَهْ

يتغنى سموه ويفتخر في البيت الآتي بتاريخه وتاريخ شعبه الإماراتي، وسيرة مجده السني التي باتت معروفة وواضحة للعالم كله فيقول:

تسمَعْ لتاريخنا حنِّهْ ورنِّهْ
                                  سيرَةْ المجدْ وسناهْ ومطلعَهْ

ثم يعود سموه إلى التنويه والتنبيه إلى رمزية العلم الخالدة بالنسبة للوطن، وارتباط الدفاع عنه وبذل الأرواح في سبيله بمعاني الوطنية الحقة، حيث يقول:

والعَلَمْ الأرواحْ في الشِّدِّهْ فدَنِّهْ
                                  رمزنا الخالدْ ومَجدِهْ نصنَعَهْ
إرفعوهْ وحيّوْا قلوبٍ حمنِّهْ
                                  وكلِّنا في وقتْ واحدْ نرفَعَهْ

وفي ذينك البيتين اللذين كانا ختام القصيدة يتبدى إبداع شعري فائق من سموه، فالقارئ قد يبدأ مباشرة من عند البيت الأخير التالي:

إرفعوه وحيوا قلوب حمنه
                                  وكلنا في وقت واحد نرفعه

لينتقل بسلاسة ودون أي انفصام في المعنى إلى البيت الأول في القصيدة وهو:

العلم لي كان زايد رافعنه
                                  هو أمانتنا نعيش ونرفعه

وكأن القصيدة جزء واحد يكتمل آخره بأوله، ويرتبطان بإبداع شعري متميز، ليستطيع القارئ أن يعيدها مرات ومرات وهو لا ينفك تحت العلم وفي أفق تغني صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم به وبما يمثله من صورة ورمز للوطن ووحدته وازدهاره واستمرار تقدمه.

المحرر الثقافي

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"