عادي
اعتاد إثارة الجدل بأفلامه

حسن بن جلون: «من أجل القضية» تذكير بالهمّ الفلسطيني

03:24 صباحا
قراءة 3 دقائق
القاهرة: انتصار صالح

يحرص المخرج المغربي حسن بن جلون دائماً على الانشغال بالهمّ الإنساني في أفلامه، بمعالجته موضوعات حسّاسة، مثل تجارة البشر، واستغلال المرأة، والتعذيب، وسنوات الجمر والرصاص، هجرة اليهود المغاربة. وفي فيلمه الأحدث «من أجل القضية»، الذي شهد مهرجان القاهرة السينمائي الدولي عرضه العالمي الأول، يثير المزيد من القضايا، وهذه المرة يخرج من الأسلوب الواقعي الذي طبع أغلبية أفلامه إلى كوميديا سوداء ساخرة في مناقشته لقضية الحدود. الفيلم بطولة الفلسطيني رمزي مقدسي، والفرنسية جولي دراي، ومن المغرب عبد الغني الصناك، وحسن باديدة، وأسماء بن زاكور.
في «من أجل القضية»، يناقش حسن بن جلون عدداً كبيراً من القضايا السياسية بأسلوب ساخر يراهن على ذكاء المتفرج لإدراك المغزى وراء المتناقضات الكثيرة، التي حفل بها العمل في كوميديا سياسية لاذعة تعتمد على الرمز أكثر من المباشرة.
تدور أحداث الفيلم حول «كريم» عازف العود الفلسطيني الذي يتعرف في مهجره بإسبانيا إلى فرقة أوروبية تدعوه لمشاركتها في جولة فنية بتونس والجزائر والمغرب. ويرافق مغنية الفرقة الفرنسية «سيرين» اليهودية من أصل مغربي إلى مدينة فاس لرؤية البيت الذي كانت تعيش فيه عائلتها قبل الهجرة من المغرب إلى فرنسا، ويتغير خط رحلتهما بعيداً عن باقي أعضاء الفرقة، ليعبرا وحدهما الحدود بين المغرب والجزائر ويواجهان أزمات بسبب تعنت الموظفين الذين يرون اختلافاً بين صورته في الهوية وشكله الحالي، ويقضيان يوماً وليلة يتنقلان بين جانبي الجسر الذي يربط بين الجزائر والمغرب، وتدور عليه معظم أحداث الفيلم.
وخلال هذه الرحلة يستعيد كريم ذكريات طفولته المأساوية مع قوات الاحتلال ««الإسرائيلي»»، ومعاناة أسرته حتى هجرته إلى إسبانيا، ويعري الفيلم التناقض بين التعاطف الشعبي والاهتمام بالقضية الفلسطينية مقابل استغلال أصحاب النفوذ لها.
قصة الفيلم مستوحاة من تجربة شخصية، وعن ذلك يقول ابن جلون ل«الخليج»: خلال سفري من النمسا إلى تشيكوسلوفاكيا في سبعينات القرن الماضي مع صديقة في زمن الصراع بين الرأسمالية والشيوعية، ومثل بطل فيلمي، طلب مني قص شعري، واضطررت للذهاب إلى إحدى القرى، وقمت مع صديقتي التي شاركتني الرحلة بالعديد من الأشياء غير المعتادة لنتخطى تعقيدات الحدود.
وعن سبب اختياره بطلاً فلسطينياً لفيلمه، يقول: حتى لا ننسى آلام فلسطين، في محاولة لتحريك الضمائر بالحديث عن قضيتها، فمع مشاكلنا الحالية والصراعات والاضطرابات والأزمات التي يموج بها عالمنا العربي تراجع الاهتمام بالقضية الفلسطينية، فأردت إظهارها من جديد وتسليط الضوء على الفلسطينيين، ومشكلاتهم في الداخل والخارج، بتناول يبتعد عن الخطابة وبأسلوب بسيط وساخر.
المفارقة أن فريق الفيلم نفسه واجه مشكلة لتصويره، يوضحها ابن جلون بالقول: قابلنا صعوبات كبيرة للحصول على تأشيرة لدخوله المغرب للتصوير، وكذلك للخروج من فلسطين.
ويقول عن الحضور البارز لأشعار محمود درويش في الفيلم بدءاً من أغنية قصيدته «ريتا» التي تفتتح بها أول مشاهده: الهدف وضع المتلقي في أجواء القضية، من خلال محمود درويش، أشعاره تحمل روح فلسطين، وهي أفضل تعبير عنها. ويعتبر أن اختيار فتاة يهودية لمصاحبة الشاب الفلسطيني في رحلته منح القصة قوة في مضمونها الإنساني، فهي يهودية، ولكنها ليست صهيونية، ومتعاطفة مع العرب وجنسيتها فرنسية لتمثل الغرب، وتبرز التناقض في التعامل معهما بشكل أقوى، فرغم جرأتها وسخريتها من موظفي الحدود لا يمكنهم التعرّض لها، ولا تتعرض لمضايقات، بعكس ما واجهه رفيقها الفلسطيني.
اختيار أبطال الفيلم من فلسطين وفرنسا والمغرب كان تحدياً كبيراً للمخرج حسن بن جلون، لأنه أراد، كما يقول، ممثلين جيدين بهوية محددة، فاختار البطل فلسطينياً من القدس، وبحث عن ممثلة فرنسية يهودية من أصول مغربية، فوجد جولي دراي، التي بكت عند قراءة السيناريو، وقالت إن قصة الفيلم تتطابق مع قصة عائلتها، وإنها ذهبت إلى الدار البيضاء لترى منزلها، كما هي أحداثه.
ويشير إلى أنه اختار بطلين موسيقيين للفيلم، لأن الفن والرياضة هما العنصر المشترك بين الشعوب، الذي يجمع ولا يفرق، وعابر للحدود، وأن العراقيل التي تفرق الشعوب سببها السياسة، أما الثقافة فتوحدها.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"