عادي
حنين أحمد مرسي للإسكندرية عابر للأزمنة والأمكنة

«الشارقة للفنون» تواصل تكريم رواد التشكيل في «خيالات حوارية»

02:48 صباحا
قراءة 4 دقائق

الشارقة:محمدو لحبيب

تكريماً لجيل الرواد من الفنانين التشكيليين، ولواحد من أعرقهم، نظمت مؤسسة الشارقة للفن أمس الأول في متحف الشارقة للفنون، معرضاً استعادياً للفنان المصري أحمد مرسي تحت عنوان «خيالات حوارية»، وذلك بحضور الشيخة حور القاسمي رئيسة المؤسسة، والشيخة نوار القاسمي مديرة التطوير في المؤسسة، والشيخة نورة المعلا مدير مراكز الفنون في المؤسسة، و منال عطايا مدير إدارة متاحف الشارقة، والشيخ سلطان بن سعود القاسمي مدير مؤسسة بارجيل للفنون، و الدكتور يوسف عيدابي المستشار في دارة الدكتور سلطان القاسمي للدراسات الخليجية وجمع من المهتمين بالفن التشكيلي.
تضمن المعرض لوحات مرسي التشخيصية والفانتازية ورسوماته السريالية الكبرى، التي تمثل إضاءة على روح الشاعر الكامنة في أعماقه، تلك الروح المشغولة بالإنسان منذ بدايات صراعه مع الطبيعة لتحقيق فعل الحياة، إلى صراعه الحالي في وجه تغول التكنولوجيا.
يعمل أحمد مرسي في معظم أعماله الفنية برمزية عالية ليخلق تمثيلات شعرية لأحداث وأمكنة واقعية، تساعده على ذلك تجربته الشعرية الضاربة في عمق سنوات القرن الماضي، و من دون أن تفارقه تأثيرات الميثولوجيا والخيال واللاوعي، ولتشكل الذاكرة، ومسار الزمن، والتأمل، والعزلة، والغنائية، العناصر الأساسية في أعماله الفنية.
و قال الفنان أحمد مرسي «أسدل ديواني الشعري (موسم الهجرة إلى الزمن الآخر) الستار على عالمي الشعري، وجاء صدوره بعد كتاب (الأعمال الشعرية الكاملة) المتضمن أكثر من 1000 صفحة أما عن عالمي الآخر، وهو عالم الفنون البصرية، فإنه ورغم وصولي إلى سن السابعة و الثمانين، في 9 مارس من سنة 2017، أي بعد افتتاح هذا المعرض بأسبوع، والذي يعد أول معرض استعادي لأعمالي خارج مصر، فإنني ما زلت في صدد اكتشاف أسراري».
وتحدث الفنان أحمد مرسي للخليج بنوع من النوستالجيا عن بداياته في مدينة الإسكندرية وعن دراسته للفن بين عامي 1952-1953، وذلك في استوديو نجل الفنان الإيطالي الكبير أنطونيو بيتشي الذي كان من طلابه الفنان سيف وانلي، وانتمائه إلى زمرة الفنانين الصاعدين في الساحة الفنية آنذاك. ومشاركته وهو في أوائل العشرينات من عمره في معارض جماعية لأبرز الفنانين المصريين الحداثيين، واختياره من بين قلة قليلة من الفنانين لتقديم أعماله الفنية في حفل افتتاح متحف الفنون الجميلة في الإسكندرية.

وفي جولة سريعة في المعرض يتضح أن مدينة الإسكندرية ما زالت فضاء مرسي الحيوي بما يتخطى حدود الزمان والمكان، فهو لا يرسم الماضي ولا يستسلم لغوايته بل يجسد في لوحاته ما يطلق عليه «الروح المصرية الفريدة»، ما يستدعي 7 آلاف سنة من التقاليد والأجواء المغمورة ببحار الحاضر وعلى الرغم من إقامة مرسي في نيويورك منذ عام 1974، فإنه ما زال على صلة وثيقة ب «مدرسة الإسكندرية» التسمية التي أطلقها الروائي والناقد المصري إدوار الخراط، على مجموعة من الفنانين الأحرار المنتمين إلى جيل الأربعينات من القرن الماضي في الإسكندرية.

ضم المعرض إلى جانب ذلك تصاميم الفنان أحمد مرسي في المسرح. كما احتوى مواد أرشيفية تشمل مؤلفاته وكتاباته وذلك في استعراض يحتفي بمنجزه الفني والثقافي منذ أربعينات القرن الماضي حتى يومنا الحاضر هذا.
و قالت الشيخة نورة المعلا إن معرض خيالات حوارية هو أول معرض استعادي من هذا الحجم للفنان أحمد مرسي، صاحب

التجربة الغنية والمتنوعة فقد عاش بين الإسكندرية والقاهرة و بغداد، وحالياً هو مستقر في مدينة مانهاتن في الولايات المتحدة الأمريكية.

وأضافت إن أعمال الفنان تتنوع ما بين التجريدية والسريالية، وفيها مشاهد حية وبورتريهات، يحتوي المعرض كذلك على أعمال تجريبية منها أعمال الطباعة، وعمل واحد للنحت، ويشتمل أيضاً على قسم كامل يوثق لمقالات الفنان و أعماله الأدبية لأنه أساساً شاعر.

و شرحت مضمون عنوان المعرض «خيالات حوارية» فقالت إنه عنوان فلسفي نوعاً ما وهو يعبر عن أعمال الفنان التي هي خيالية سوريالية وفيها نوع من الحوار مع المتلقي، إن الفنان أحمد مرسي عميق الرؤية بحيث لا يرسم المشاهد الطبيعية بشكل عادي بل يضيف إليها بعداً ميتولوجياً خاصاً.
وذكرت نورة المعلا أن المعرض هو امتداد لدور مؤسسة الشارقة للفنون الفعال في دعم الفنانين في المنطقة عموماً، وكذلك في ترسيخ دور رواد الفن العربي و تكريمهم، و قالت إن دور المؤسسة مستمر في هذا المجال، حيث إنها قدمت منذ فترة قصيرة معرض الفنان المصري كمال يوسف، ومعرض مدرسة الخرطوم، و نظمت معارض شخصية لكبار الفنانين في الإمارات خلال العام الماضي، وكذلك كان لديها معرض في مدينة القاهرة، وكذلك معارض عربية عديدة متجولة.

بدوره قال الشيخ سلطان بن سعود القاسمي على هامش المعرض إن الفنان أحمد مرسي يعتبر من أهم فناني جيله وهو من الرواد المصريين، وفخر كبير لنا في الشارقة أن قامت الشيخة حور القاسمي بتكريمه في حياته وإعطائه قدره والمكانة التي يستحقها.

وأضاف الشيخ سلطان بن سعود القاسمي إننا للأسف في العالم العربي تعودنا على ألا نكرم الفنانين إلا بعد موتهم. لذلك يعتبر تكريم فنان من جيل الرواد في الإمارات، شيئاً جميلاً ورائعاً، ويعكس بعد نظر مؤسسة الشارقة للفنون.

أما عن رؤيته كمهتم بالفن التشكيلي و أحد أبرز مقتني المجموعات الفنية واللوحات التشكيلية لأعمال الفنان أحمد مرسي التي عرضت في المعرض، فقد قال إنها تعكس السريالية التجريدية وفيها الكثير من الأبعاد، و من الصعب حصر أعمال الفنان أحمد مرسي في نطاق واحد خاصة أن تاريخه الفني يرجع لأكثرمن ستين عاماً.

وفي نهاية جولة المعرض شاهد الجمهور فيلماً وثائقياً عن تجربة الفنان أحمد مرسي وأهم إضافاته إلى الحركة التشكيلية العربية المعاصرة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"