على طول 3 كيلومترات، يمتد كورنيش القواسم، الذي استقطب مواطني رأس الخيمة ومقيميها والسياح، بعد أن تحول الى المتنفس الذي يجمع بين خضرة الزراعة وزرقة البحر، بوجود المطاعم العالمية، التي تقدم خدماتها في أجواء مختلفة، وبين الأشجار المحلية التي تقف شامخة أمام نسيم البحر وزرقته .
يبدأ كورنيش القواسم بنادي رأس الخيمة الدولي للرياضات البحرية، الذي تمارس فيه مختلف الرياضات البحرية في حدود الخور، وبعده تأتي سارية العلم التي يمتد طولها إلى120 متراً وتعد أطول سارية في الإمارة، دشنها صاحب السمو الشيخ سعود بن صقر القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم رأس الخيمة بمناسبة اليوم الوطني الثاني والأربعين، وأصبحت أحد أبرز المعالم ذات القيمة المعنوية والاعتبارية لإمارة رأس الخيمة حيث ترى من على بعد أميال عدة .
شهد كورنيش القواسم في عام 2009 مهرجان "ستون من ذهب لصقر العرب" الذي نظم احتفالاً بمناسبة الذكرى الستين لتولي المغفور له الشيخ صقر بن محمد القاسمي، مقاليد الحكم، وكان آخر حدث يشهده رحمه الله، كما كان من أضخم الاحتفالات التي نظمتها رأس الخيمة واشتملت على مسيرات برية وبحرية وجوية متوازية في المكان ذاته، كما اشتمل المهرجان الذي احتضنه كورنيش القواسم على أوبريت فني حمل اسم "صقر العرب" بمشاركة نخبة من أبناء الامارات إضافة الى معرض فني خاص يروي المسيرة التاريخية لحاكم رأس الخيمة السابق .
وتنظم معظم الاحتفالات الرسمية على ساحة كورنيش القواسم التي من المخطط مستقبلاً تطويرها بتوفير جميع الخدمات التي تستخدم في الاحتفالات، كما من المخطط إسناد جميع الأنشطة لجهة معينة لزيادة التنسيق بينها وتشجيع الزوار على ممارسة أو متابعة جميع الأنشطة المقامة عليها .
تقع الساحة التي تنظم عليها الفعاليات بعد سارية العلم، وتوجد خطط مستقبلية لحكومة رأس الخيمة لتأهيل المكان، ويبدأ بعد الساحة صف المطاعم، وبينها مساحات خضراء تمكن زوار الكورنيش من الجلوس عليها، وممرات على جانبيها كراسي تخول قائدي الدراجات الهوائية، والمتريضين من التمتع بالرياضة على امتداد الكورنيش .
ينتهي كورنيش القواسم في حده الآخر عند جسر رأس الخيمة الذي شيدته وزارة الأشغال العامة في بداية السبعينات والذي ربط الإمارة بجزأيها بين رأس الخيمة وما تبعها وبين المعيريض حيث الضفة الأخرى منها، وكانت "العبرة" سابقاً هي الوسيلة الوحيدة التي ينتقل الأهالي من خلالها بين ضفتي الخور، مقابل دراهم رمزية، كما كان السوق الإيراني وسوق الخضرة بين ضفتي الخور من أنشط الأسواق المحلية .
على الضفة الأخرى للخور، يقع المنال مول أحد أبرز المراكز التجارية، كذلك يقع راك مول في الحد الجنوبي من الخور، ويقابله من الضفة الأخرى فندق هيلتون، كما يقع مركز وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع على أحد ضفاف الخور، واستغل بعض الشباب أماكن مباشرة على الخور لإقامة المقاهي الشعبية بديكورات تراثية، استقطبت الكثير من السياح وزوار المنطقة .
يقول ناصر الكاس رئيس جمعية ابن ماجد للفنون الشعبية والتجديف: "كانت العبرة تنطلق من موقعين، على ضفاف الخور، الأول العودة أي الكبيرة تبدأ من سوق رأس الخيمة القديم الى منطقة الجذعة التي حل محلها هيئة الكهرباء والمياه على ضفاف الخور، والعبرة الأخرى تبدأ من فريج آل علي إلى رأس السلاب في المعيريض . وكان عدد كبير من المواطنين يعملون في العبرة، يحملون القاصدين رأس الخيمة أو المعيريض أو الجزء الآخر من رأس الخيمة من خلال قارب يسمى "المحمل" ينقل من 13 إلى 15 شخصاً، مقابل قطع نقدية رمزية، كانت آنذاك آنتين أو أربع آنات ثم نصف درهم الى أن حل الجسر محلها في بداية السبعينات وبعدها بدأت تقل إلى أن اختفت" .
ويضيف الكاس: "في الخمسينات من القرن الماضي، غرق أحد القوارب لتحميله أعداداً مضاعفة من الركاب وتوفي نحو 9 أفراد، ومازالت ذكريات العبرة عالقة في الأذهان، ويتمنى الكثير لو تعود، بخدمات أفضل واستغلالها سياحياً، حيث المناظر جميلة في المساحة بين الخور واليابسة، وتؤدي لمرافق سياحية خاصة المراكز التجارية كالمنار مول والنعيم مول ويمكن أن يصل الخور براك مول أيضاً" .
بيتر فيلكن 70 عاماً، سائح ألماني، يقول: "حضرت للإمارات 10 مرات، من بينها 4 مرات لأتزلج على المياه، حيث تتميز مياه الخور بهدوئها الذي يشبه هدوء بعض البحيرات في ألمانيا، والجو مناسب وليس بارداً، أحضر أنا وأسرتي كي يشاركوني بالمتابعة عند ممارسة هذه الرياضة التي بدأتها منذ 50 عاماً" .
حليمة راشد الشحي، تقول: "قدمت مع صديقاتي وأحضرت أبنائي، ليشاركوني استمتاعي بالمكان والجو البديع، حيث أصبح الكورنيش ملتقى الجميع، وتتوفر فيه كل مقومات المكان الترفيهي والرياضي في الوقت نفسه، إذ يمكننا أن نتريض بعد ما ننهي لقاءاتنا الاجتماعية في المطاعم" .
إيمان مصباح، أحضرت معها أسرتها لتستمع بالهواء الطلق على المسطحات الخضراء، تقول: "أحضر كل أسبوع تقريباً، فالهواء العليل مع توفر المطاعم والمتاجر يجعل المكان استراتيجياً لقضاء الإجازة، كما أنه مثالي للعب الأطفال وركوب الدراجات الهوائية وآمن من الأخطار" .
محمد العامري، كان مع أصدقائه في أحد المطاعم، يقول: "اجتماع الأصدقاء في الهواء الطلق أبرز ما يشجعنا على القدوم لكورنيش القواسم، ونتمنى أن تزداد أعداد المطاعم التي توفر خدماتها خارج الجدران" .
أحمد سالم الغافري، يقول: "قدمت لرأس الخيمة في الصباح واختار صديقي استضافتي في أحد المطاعم على الكورنيش، أعجبت بالمكان وتمشينا قبل أن نختار إحدى الطاولات الخارجية للاستمتاع بالمناظر الخلابة" .
فاهم الحبسي، من رأس الخيمة، يقول: "اخترت للقاء صديقي كورنيش القواسم كونه يجمع بين مقومات عدة تجعله الأمثل، أحضر بشكل متواصل للكورنيش وخاصة في أيام الشتاء" .
أكدت بدرية الزعابي، أن معظم الإجازات التي تقضيها في رأس الخيمة لابد أن يكون الكورنيش أحد تلك الأماكن التي تزورها باستمرار، حيث كانت تتريض مع زوجها، وأكثر ما يؤلمها أن ترى بعض المخلفات تشوه المناظر الجميلة على الكورنيش وتمنت لو أن الجهات المختصة تشدد الإجراءات على مرتادي المكان وعلى عمال النظافة، كي يبقى مثالياً لاستمتاع الأسرة .
ياسر محمد يوسف، مع أطفاله لكورنيش القواسم، يقول: "أعتبره أفضل مكان يلعب فيه الأطفال حيث تتوفر الألعاب، كقيادة الدراجات الهوائية، ويتناسب مع اختيارات الأسر .
نادي الرياضات البحرية معتمد عالمياً
عارف إبراهيم الهرنكي المدير التنفيذي لنادي رأس الخيمة الدولي للرياضات البحرية، أشار الى أن النادي يوفر مختلف الرياضات على الخور منها التزلج المائي الذي يستقطب الكثير من محبي تلك الرياضة، والتجديف الأولمبي والشراع الحديث وتجديف الكان وي والكياك، وهي الأنواع التي تمارس عالمياً، فضلاً عن توفير الألعاب الترفيهية كالويك بورد والدونت وبنانا بوت، وهي رياضيات تشبه لعبة التزلج .
وأوضح الهرنكي أن موقع النادي على الخور الهادئ الذي تحيط بأحد جوانبه أشجار المانجروف تجعله من المواقع المثالية لممارسة الرياضة البحرية، حيث تساعد تلك الأشجار على منع الأمواج، وتجعل البحر هادئ الحركة، إضافة إلى فوائدها العامة للتنوع البيولوجي، مؤكداً أن الكثير من ممارسي رياضة التزلج البحري يخصصون رحلاتهم السياحية إلى الدولة للوصول إلى خور رأس الخيمة وممارسة تلك الرياضة . كما يرتاد النادي فرق دولية عدة لتدرب أعضاءها على رياضة التزلج في الخور .
وأوضح الهرنكي أن النادي منذ تأسيسه عام ،1986 حصد الكثير من المراكز العالمية المتقدمة في الرياضات البحرية، كما يوجد فيه ملعب تعرجات السلالم الذي يعد الوحيد المعتمد والمدقق في الشرق الأوسط .
