عادي
صاحب القصة الحقيقية لميلاد الكيمياء الحديثة

ديمتري مندلييف«الأسطورة» مطور الجدول الدوري للعناصر

03:39 صباحا
قراءة 7 دقائق
إعداد: عثمان حسن

ديمتري مندلييف، كيميائي روسي.. مطور الجدول الدوري، أو كما يُطلق عليه «أبو الجدول الدوري»؛ ذلك المصنف الذي تأسست عليه الكيمياء الحديثة، فتطورت مع العصر كعلم.. مندلييف «الأسطورة» العلمية، من وضع برنامجاً طويل الأجل؛ لاستغلال الموارد الطبيعية الغنية في روسيا، فطبق الكيمياء على مختلف أنواع الحياة.. هو أول من أجرى بحوثاً كيميائية زراعية جدية، وأعد فكرة إدخال النظام المتري إلى روسيا.
ديمتري إيفانوفيتش مندلييف عالم روسي، كيميائي ومخترع، ولد في 8 فبراير/‏شباط عام 1834، في قرية فيرخني أريمزياني، بالقرب من توبولسك في سيبيريا.
قام بصياغة القانون الدوري، كما أنشأ نسخة منقحة، استخدمها لتصحيح خصائص بعض العناصر المكتشفة بالفعل، وأيضاً للتنبؤ بخصائص ثمانية عناصر لم تكتشف من قبل.
كان منديلييف الأصغر بين 17 شقيقاً له، منهم (14) فقط ظلوا على قيد الحياة كما سرد شقيقه بافيل، ما يعني أن الآخرين ماتوا بعد وقت قصير من ولادتهم. عاش مندلييف ظروفاً حياتية شاقة، فعانت العائلة سوءاً في أوضاعها المادية، كما أصيب والده بالعمى، وفقد منصبه التعليمي. أُجبرت والدته على العمل، فأعادت تشغيل مصنع الزجاج المهجور للعائلة، في سن ال 13، بعد وفاة والده واحتراق مصنع الزجاج، بدأ مندلييف بحضور دورات في صالة للألعاب الرياضية في توبولسك.
في عام 1849، انتقل مع والدته من سيبيريا إلى موسكو؛ بهدف حصوله على فرصة التعليم العالي. لم يقبل في الجامعة بموسكو؛ فاستقر مع والدته في سانت بطرسبرج، والتحق بالمعهد التربوي عام 1850. بعد التخرج، أصيب بمرض السل، ما تسبب في انتقاله إلى شبه جزيرة القرم على الساحل الشمالي للبحر الأسود في عام 1855، عمل أستاذاً للعلوم في سيمفيروبول للألعاب الرياضية. في عام 1857، عاد إلى سانت بطرسبرج وكان يتمتع بصحة جيدة.
بين عامي 1859 و1861، اشتغل على تحلل السوائل في الأنانبيب الشعرية، والتحليل الطيفي في هايدلبرغ. في أواخر عام 1861، نشر كتاباً مدرسياً باسم الكيمياء العضوية، حصل بموجبه على جائزة ديميدوف من أكاديمية العلوم في بطرسبرج.
أصبح أستاذاً بمعهد سانت بطرسبرج التكنولوجي، وجامعة سانت بطرسبورج الحكومية في عام 1864، و1865 على التوالي. في 1865، حصل على الدكتوراه في العلوم عن أطروحته «حول مزيج الماء مع الكحول». ثم حصل على منحة تدريس لمدة عام في 1867 بجامعة سانت بطرسبرج، بدأ في تدريس الكيمياء غير العضوية، فخلف فوسكريسينسكي لهذا المنصب. وبحلول عام 1871 قام بتحويل سانت بطرسبرج إلى مركز معترف به دولياً لأبحاث الكيمياء.
كتب في عام 1867 الكتاب المدرسي: مبادئ الكيمياء عبارة عن (مجلدين، 1868-1870)، وأنجزه بينما كان يعد كتاباً دراسياً كمقرر تعليمي في الصف الذي يقوم بالتدريس فيه، وهذا هو كتابه الأكثر أهمية، وحاول من خلاله تصنيف العناصر وفقاً لخصائصها الكيميائية، حيث لاحظ أنماطاً أدت به إلى افتراض جدوله الدوري.
في 6 مارس/‏آذار 1869 قدم عرضاً رسمياً للجمعية الكيميائية الروسية، بعنوان: التبعية بين خواص الأوزان الذرية للعناصر، والتي وصفت العناصر وفقاً للوزن الذري، موضحاً: إنه إذا رتبت العناصر، وفقاً لوزنها الذري، تظهر دورية واضحة من الخصائص؛ حيث العناصر المتشابهة في خصائصها الكيميائية إما لها أوزان ذرية مماثلة، أو تزداد أوزانها الذرية بانتظام.
يتوافق ترتيب العناصر في مجموعات حسب ترتيب أوزانها الذرية، مع ما يُسمى التكافؤات، كما تتشابه -نوعاً ما- خصائصها الكيميائية، واعتبر أن العناصر الأكثر انتشاراً لها أوزان ذرية صغيرة، وهنا، يحدد حجم الوزن الذري طبيعة العنصر، تماماً كما يحدد حجم الجزيء طبيعة الجسم المركب.

صراعات نوبل

في عام 1905، تم انتخاب منديلييف عضواً بالأكاديمية الملكية السويدية للعلوم. في العام التالي، أوصت لجنة نوبل للكيمياء بالأكاديمية بمنحه جائزة نوبل في الكيمياء لعام 1906؛ نظير اكتشافه النظام الدوري. أيد قسم الكيمياء في الأكاديمية هذه التوصية. كان من المفترض أن توافق الأكاديمية على اختيار اللجنة، وبشكل غير متوقع، اقترح عضو في لجنة نوبل، وهو بيتر كلاسون، ترشيح هنري مويسان الذي كان يفضله. وكان لسفانتي آرهينيوس، رغم أنه ليس عضواً في لجنة نوبل للكيمياء، تأثيره الكبير في الأكاديمية، فضغط أيضاً لرفض منديلييف، بحجة أن النظام الدوري كان قديماً جداً؛ بحيث لا يعترف باكتشافه في عام 1906. بحسب معاصرين، كان أرهينيوس مدفوعاً بالضغينة التي حملها ضد منديلييف؛ بسبب نقده لنظرية تفكك أرهينيوس. بعد جدال ساخن، اختارت أغلبية الأكاديمية وبفارق صوت واحد مويسان، كما أحبطت محاولات ترشيح منديلييف في عام 1907 مرة أخرى؛ بسبب المعارضة المطلقة لأرهينيوس

وفاته

في عام 1907، توفي منديلييف عن عمر يناهز 72 عاماً في سانت بطرسبرج؛ بسبب الإنفلونزا. وكانت آخر كلماته لطبيبه: «دكتور، لديك العلم، ولدي إيمان»، وهو ما ربما يكون اقتباس «جول فيرن».

إنجازات أخرى

قدم مندلييف مساهمات مهمة أخرى في الكيمياء. وصفه مؤرخ العلوم الروسي ليف شوغاييف بأنه «كيميائي عبقري، فيزيائي من الدرجة الأولى، باحث خصب في مجالات الديناميكا المائية، والأرصاد الجوية، والجيولوجيا، وفروع من التكنولوجيا الكيميائية».في محاولته لوضع تصور كيميائي للأثير، طرح فرضية أن هناك عنصرين كيميائيين خاملين لهما وزن ذري أقل من الهيدروجين. من بين هذين العنصرين المقترحين، كان يعتقد أن واحداً هو الأخف وزناً، وهو غاز منتشر بالكامل، وأثقل قليلاً ليكون عنصراً مقترحاً، هو «التاج»
في قسم آخر من الكيمياء الفيزيائية، قام بدراسة تمدد السوائل بالحرارة، ووضع صيغة مماثلة لقانون جاي-لوساك حول توحيد تمدد الغازات، بينما توقع في عام 1861 تصور توماس أندروز لدرجة حرارة الغازات الحرجة؛ من خلال تحديد نقطة الغليان المطلقة للمادة على أنها درجة الحرارة التي يصبح فيها التماسك والحرارة من التبخر مساويين للصفر؛ حيث يتغير السائل إلى بخار، بغض النظر عن الضغط والحجم.

في الكتب

«كتاب الجدول الدوري».. هذه أول مجموعة باللغة الإنجليزية من كتابات مندلييف المهمة عن القانون الدوري. تتضمن 13 ورقة عمل ومقالة، تعكس فترة التأسيس الأولى للقانون الدوري، والخلافات والتأكيدات التجريبية، ومن ثم القبول النهائي للقانون وزيادة الاعتراف الدولي بمندلييف.
بحلول فجر القرن التاسع عشر، تم تعريف «العناصر» على أنها اللبنات الأساسية للطبيعة المقاومة للتحلل بالوسائل الكيميائية. في عام 1869، نظم مندلييف مسألة تنافر العناصر في الجدول الدوري، بتعيين كل عنصر في صف، وكل صف يتوافق مع سلسلة من العناصر. ثم قام بالكشف بوضوح وبشكل مفاجئ عن الترتيب الأساسي للمادة.
قسمت المقالات ال13 إلى ثلاث مجموعات، الأولى عرفت بالتأسيس لفكرة الجدول وهي عبارة عن (ثلاث ورقات: 1869-1871)، فترة الخلافات الأولوية والتأكيدات التجريبية (خمس ورقات: 1871-1886)، الفترة الأخيرة من القبول العام للقانون والاعتراف الدولي بمندلييف (خمس ورقات: 1887-1905). الكتاب يعد مصدراً يمكن الدارسين من الوصول إليه ومراجعة الأوراق الأولية لمندلييف، والاطلاع على تاريخ تطور القانون الدوري.
«طيف الجدول الدوري».. جاء في الكتاب «ديمتري مندلييف، إنه اسم نتعرف إليه، فقط كما لو كان رجلاً متعطشاً للعلوم، كما يصوره كتاب الكيمياء في المدرسة الثانوية، وأنه منشئ جدول العناصر الدوري. حتى الآن لم يُعرف سوى القليل عن الرجل، لكن هناك ما هو شبه كامل عن حياة هذا الرجل» ألف الكتاب المؤرخ مايكل جوردن الذي قدم صورة بثلاثة أبعاد لهذا الكيميائي الفذ، منها ما يتصل بعلاقته المضطربة مع الإمبراطورية الروسية، إلى إذلاله على أيدي أكاديمية بطرسبرج للعلوم، إلى رحلته شبه الأسطورية إلى القطب الشمالي.

التحقق من العناصر

في هذا الكتاب الموسوعي والممتع، يكشف بول سترثر، الروائي الحائز جوائز ومفسر وشارح الأفكار المركبة، التاريخ الدرامي للكيمياء؛ من خلال البحث المعمق في العناصر، والكتاب يحكي قصة حياة مندلييف في القرن التاسع عشر، الذي كان نائماً على مكتبه واستيقظ بعد أن تصور الجدول الدوري في حلم - القالب الذي تأسست عليه الكيمياء الحديثة، وتلك الصياغة التي ميزت الكيمياء التي تطورت مع العصر كعلم. من الفلسفة القديمة وحتى»خيمياءط القرون الوسطى وانقسام الذرة، هذه هي القصة الحقيقية لميلاد الكيمياء، وقصة عن الدور الذي لعبه حلم رجل واحد.

حياته وأعماله

يتناول هذا الكتاب حياة وأعمال العالم الروسي العظيم ديمتري مندلييف (1834-1907)، مكتشف القانون الدوري للعناصر.
جاء في الكتاب: كان لعمل مندلييف العديد من الميزات التي تعد نموذجية في العلوم الطبيعية الروسية المتقدمة ككل. كان الرجل يمتلك رؤى واسعة وخيالاً خصباً دفعه إلى العديد من مجالات العمل العلمي.
كانت الميزة الرئيسية في تفكيره تعليقه أهمية كبرى على ضرورة ربط العمل النظري بالممارسة والحياة. وكانت جميع أعمال مندلييف مستوحاة من الرغبة في المساعدة على تطوير القوى المنتجة في بلاده، وتعزيز التقنية والعلوم في روسيا.
لقد وضع برنامجاً طويل الأجل لاستغلال الموارد الطبيعية الغنية في روسيا، وتطبيق الكيمياء على مختلف أنواع الحياة. وهو معروف بأنه البادئ بالتطبيق الواسع للكيمياء على الصناعة والزراعة الروسية.
كان هو أول من أجرى بحثاً كيميائياً زراعياً جدياً في روسيا. وأسس أول شبكة من المحطات التجريبية الزراعية. كما أشرف على عمل غرفة الأوزان والمقاييس، وقام بإعداد فكرة إدخال النظام المتري إلى روسيا.


تكريمه

على الرغم من تكريم مندلييف على نطاق واسع من قبل المنظمات العلمية في جميع أنحاء أوروبا، (ميدالية ديفي في عام 1882) من الجمعية الملكية في لندن (والتي منحته لاحقاً ميدالية كوبلي في عام 1905)، فقد استقال من جامعة سانت بطرسبرج في 17 أغسطس/آب 1890 تم انتخابه كعضو أجنبي في الجمعية في عام 1892، وفي عام 1893 وعين مديراً لمكتب الأوزان والمقاييس في الجمعية الملكية؛ وهو المنصب الذي شغله حتى وفاته.
ساعد مندلييف أيضاً في التنقيب عن النفط، وساعد في تأسيس أول مصفاة للنفط في روسيا. واعترف بأهمية البترول كمادة وسيطة للبتروكيماويات. ينسب إليه ملاحظة مفادها أن حرق البترول كوقود «سيكون أقرب إلى إطلاق موقد المطبخ مع الأوراق النقدية».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"