عادي
بحضور محمد بن راشد وباستخدام تكنولوجيا «هولوجرام»

حمدان بن محمد يضع سبعة مبادئ رئيسية لمدن المستقبل

05:28 صباحا
قراءة 11 دقيقة
دبي: «الخليج»

بحضور صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، وضع سموّ الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، رئيس المجلس التنفيذي 7 مبادئ رئيسية لمدن المستقبل، تشمل التحول الجذري في تصميم المدن، وطريقة التنقل، وطريقة العيش، وطريقة استغلال الموارد، ومفهوم تنافسية المدن، واقتصادات المدن، والحوكمة.
وأكد سموّه في جلسة رئيسية بعنوان: «7 مبادئ رئيسية لمدن المستقبل»، حضرها الفريق سموّ الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الداخلية، وسموّ الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير شؤون الرئاسة، وسموّ الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي، وعدد من الشيوخ والوزراء وكبار المسؤولين، ضمن القمة العالمية للحكومات، وخاطب فيها سموّ ولي عهد دبي، المشاركين باستخدام تكنولوجيا «هولوجرام» قائلاً إن المدن أساس التنمية الاقتصادية العالمية، وهي محطة تلاقي الثقافات والأفكار ورؤوس الأموال على مستوى العالم. 
وقال سموّه: «على مر التاريخ كانت المدن المحرك الأساسي لتطور البشرية ونشر المعرفة، وجذب أبرز المواهب والعقول، سواء كانت في روما أو غرناطة أو بغداد في عصر بيت الحكمة.. الدول هي مجموعة من المدن، ونجاح الدول يقاس بنجاح مدنٍ تتنافس عالمياً في اقتصاداتها، وجذبها للمواهب وجودة الحياة فيها». 
وأَضاف سموّه أن «مستقبل الدول والبشر والحياة مرتبط بشكل مباشر بمستقبل المدن، والحديث عن مستقبل المدن يرتبط دائماً بدبي؛ لأن الكثير من مدن العالم تنظر إلى دبي اليوم على أنها مدينة من المستقبل».
وتابع سموّه: «لدينا هدف دائم في دبي حدده لنا صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، هو أن تكون دبي متقدمة على مدن العالم ب10 سنوات على الأقل. وقد أطلق سموّه هذا الهدف من هنا، من منصة القمة العالمية للحكومات، ولتحقيق هذا الهدف، نحتاج إلى أن ندرس مدن المستقبل ونفكر كيف ستكون، ونحاول أن نرسم خريطة واضحة لهذه الرحلة».
وأكد سموّ الشيخ حمدان بن محمد، أن المستقبل ليس وجهة نصل إليها؛ بل رحلة تحسّن الحاضر الذي نعيش فيه باستمرار، وتعطينا الشغف لعمل المزيد، والطاقة لتحقيق منجزات أكبر. الرحلة نحو المستقبل عمل مستمر لتحسين حياتنا اليومية.

سبعة مبادئ لمدن المستقبل

وقال سموّه: «هناك سبعة مبادئ رئيسية وتحولات ستشهدها مدن العالم خلال السنوات القادمة، وسبل الاستعداد لها والاستفادة من الفرص التي تتيحها: الأول تحوّل جذري في تصميم المدن، فأغلب المدن التي نعيش فيها اليوم، صمّمت في بدايات القرن العشرين مع اختراع السيارات، وكان تصميمها يعتمد على 3 محاور هي: عدد السيارات التي تستوعبها شوارع المدينة، وعدد الناس الذين يعيشون في المنطقة، أو ما يعرف بالكثافة السكانية، والمناطق المخصصة للتصنيع والقطاعات ذات العائد الاقتصادي التقليدي للمدينة والدولة».
وأشار إلى أن التحدي في تصميم المدن بهذه الطريقة، هو أن أساس التصميم كان العائد على الاستثمار من مردود اقتصادي تقليدي، وفي المقابل نرى اليوم دراسات تنصح بإعادة تصميم المدن لتواكب العصر الذي نعيشه.
وقال سموّه: «بعض التحديات في التصميم الحالي، هي أن نسبة مواقف السيارات من إجمالي الأراضي في مراكز المدن تفوق 20%، والكلفة لهذه الأراضي في مدينة مثل دبي تعادل أكثر من 50 مليار درهم.
والتحدي الثاني في التصميم الحالي للمدن، هو تأثير هذه التصاميم في الأفراد والمجتمع، من ناحية عدم التلاحم والترابط المجتمعي، مشيراً إلى أنه في المستقبل ستصمم المدن على تجربة الإنسان بديلاً في المحاور الثلاثة التي كانت أساس التصميم التقليدي للمدن، وسيكون التحول في تصميم المدن لتوفير حياة أفضل للأفراد، وجذب المواهب، والتركيز على توفير 80% من احتياجات الأفراد في محيط أقل من 20 دقيقة من التنقل».

التنقل في المستقبل

وأوضح سموّ ولي عهد دبي أن «التحول الثاني يتمثل في طريقة تنقلنا في المدن، فالتنقل هو من أهم ركائز جودة الحياة في المدن، وسهولة الوصول من نقطة إلى أخرى لها تأثير في سعادة الناس. ويشير مؤشر (Moovit) للنقل العام، إلى أن متوسط الوقت الذي يأخذه الشخص للتنقل داخل مدينة من مكان سكنه إلى عمله، هو 60 دقيقة في اليوم، وقد يصل إلى أكثر من ساعتين في بعض المدن». 
وأكد سموّه أن الازدحام وصعوبة التنقل يسببان انخفاضاً في معدل السعادة لدى الناس، مشيراً إلى أن جامعة «ويست أوف إنجلاند» وجدت أن كل 20 دقيقة إضافية من التنقل، تتسبب في انخفاض معدلات سعادة الفرد بشكل يشبه انخفاض راتبه ب19%. 
وقال: «لحل مشكلة الازدحام وتأخر أفراد المجتمع في وسائل التنقل في المدن، ستركز مدن المستقبل على ابتكار مسارات جديدة في الجو وتحت الأرض، ونرى هذا في مشاريع مثل «الهايبرلوب» ومشروع التاكسي الطائر لهيئة الطرق والمواصلات في دبي، وشركة Boring Company وغيرها، فإذا حولنا 5% من وسائل النقل في المدن، من وسائل نقل تقليدية إلى ذاتية القيادة، سيخفض هذا مستوى الازدحام بنسبة 40%».
وأضاف سموّه: «في هذا السياق هناك استثمارات عالمية في النقل ذاتي القيادة، تفوق 80 مليار دولار خلال 4 سنوات الماضية فقط، لكن التحدي يكمن في وضع بنية تحتية تُمكن النظم ذاتية القيادة من العمل»، مؤكداً أن على المدن الاستثمار في تطوير بنيتها التحتية، وأن تدمج المهندسين العاملين في تطوير الطرق والبنية التحتية، مع الشركات التي تعمل في هذه المجالات المستقبلية.
وقال: «إذا كانت البنية التحتية للمدن ذكية والسيارات فيها ذاتية القيادة، فستكون المدينة شبكة تعمل لإيصال الفرد من مكان إلى آخر في أسرع وقت وبأفضل طريقة».
وأضاف أن التحول الثاني يتمثل إيصال الفرد من نقطة إلى أخرى بأسرع وقت ممكن، وبأعلى مستويات السلامة والكفاءة.

طرق العيش في المدن

وقال سموّ الشيخ حمدان بن محمد، إن التحول الثالث هو تحول في طريقة عيشنا في المدن، نتيجة لتزايد دور الذكاء الاصطناعي والواقع الافتراضي، والواقع المعزز، في حياة الأفراد، فإذا كانت الكهرباء عصب المدن في القرن العشرين، ومكنت من ظهور الآلات وأتمتة الجهد البشري في الثورة الصناعية الثانية، فإن «الكهرباء الجديدة» لمدن القرن 21 هو الذكاء الاصطناعي. 
وأكد سموّه، أن الذكاء الاصطناعي وثورة البيانات التي ستنشأ عن تطبيقات إنترنت الأشياء، وأنظمة التنقل ذاتية القيادة، ستجعل المدن أكثر تواصلاً وأمناً وذكاء وإنتاجية، مشيراً إلى أنه من المتوقع أن يزيد عدد أجهزة إنترنت الأشياء 22 ضعفاً على الأعداد الحالية، ليصل إلى 500 مليار جهاز عام 2050؛ أي أكثر من 50 جهازاً ذكياً لكل شخص على وجه الأرض. 
وأشار إلى أن هذه الزيادة ستُحدث ثورة في إنتاج البيانات التي تعتمد عليها تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي بشكل رئيسي، مؤكداً أنه بفضل الذكاء الاصطناعي ستحتاج مدن المستقبل، إلى موارد مالية وبشرية أقل لضمان الأمن والسلامة باستباقية وفاعلية، ما يعني انخفاضاً في معدلات الجريمة. 
وقال: «بفضل الذكاء الاصطناعي ستصبح مدننا أكثر ذكاء، عن طريق توفير حلول وخدمات مفصلة من القطاعين الحكومي والخاص، حسب احتياجات كل فرد، وسيقوم الواقع الافتراضي والواقع المعزز، بدمج العالم الواقعي والافتراضي لتحسين حياتنا».

موارد المستقبل

وأكد سموّ ولي عهد دبي، أن التحول الرابع سيكون في طريقة استغلالنا للموارد في المدن، فإذا كانت التكنولوجيا تغير أسلوب حياتنا داخل المدن، فهي ستغير طريقة استهلاكنا للموارد لتصبح أكثر كفاءة وصديقة للبيئة، مشيراً سموّه إلى أنه في مجال الطاقة ستتحول بيوت مدن المستقبل، إلى محطات مصغرة لإنتاج الطاقة الكهربائية، وسيصبح كل إنسان مستهلكاً ومنتجاً للطاقة في الوقت نفسه، وسيستطيع أن يزود الشبكة الكهربائية بفائض إنتاجه منها. 
وقال سموّه، إن هذا التحول لم يكن ليقع من دون 3 عوامل رئيسية، تتمثل في انخفاض كلفة وسائل إنتاج الطاقة النظيفة، مقارنة بالمصادر التقليدية التي تتطور بمفهوم قانون Moore، الذي يثبت أن التكنولوجيا تتطور كل سنتين، وتنخفض كلفتها مع تحسن أدائها، مشيراً إلى أنه في سنة 2018، كان سعر إنتاج الوات الواحد من الكهرباء من الألواح الشمسية، ربع دولار تقريباً، فيما يتوقع الخبراء أن نسبة الطاقة المنتجة من الألواح الشمسية تزيد بنسبة 16 ضعفاً، على ما كانت عليه عام 2016 بحلول عام 2040. 
وأضاف سموّه: «أعتقد أن ما يثير حماسي في موضوع مستقبل الطاقة، هو ظهور الألواح الشمسية الشفافة، في المستقبل ستكون كل نافذة في كل المباني والسيارات، منتجة للطاقة بفضل هذه التقنية».
وأشار سموّه إلى أن العامل الثاني المؤثر في محور طريقة استغلال الموارد في المدن، يتمثل في زيادة كفاءة وفاعلية القدرة الاستيعابية لتخزين الطاقة، وسيكون كل بيت قادر على تخزين الطاقة التي يحتاجها خلال 24 ساعة. والعامل الثالث هو توفر الشبكة الذكية لتوزيع الطاقة القادرة على توقع احتياجات الطاقة بدقة عالية، من خلال البيانات التحليلية وتوزيع الطاقة بكفاءة عالية، وتبادلها بين الوحدات السكنية.
وأكد سموّه أن هذه العوامل الثلاثة ستكون سبباً في تحول جذري في طريقة إنتاج وتوزيع الطاقة في المدن، من نظام مركزي إلى نظام لا مركزي مترابط، وتالياً ستصبح هيئات وشركات إنتاج الكهرباء منصات لتبادل الطاقة، تركز على حوكمة هذا السوق، كما ستؤدي تكنولوجيا البلوك تشين دوراً رئيسياً لتمكين التبادل داخل هذا النظام اللامركزي.
وقال: «إذا كانت الطاقة عنصراً مهماً في استهلاك الموارد داخل المدن، فإن توفير الغذاء عنصر آخر لا يقل أهمية، فبحلول عام 2050 سيتضاعف عدد سكان العالم ليصبح أكثر من 9 مليارات نسمة، وسينتقل أكثر من ملياري شخص من الريف للعيش في المدن». 
وأضاف سموّ الشيخ حمدان بن محمد، أن هذا النمو سيحتم علينا زيادة حجم إنتاج الغذاء العالمي بنسبة 70% في الدول المتقدمة، و100% في الدول النامية، لتلبية احتياجات السكان من الغذاء، فهناك تحد عالمي يكمن في محدودية توافر المساحات الزراعية الحالية، لمواكبة الطلب المتزايد على الغذاء. 
وقال: «هناك أيضاً تحدٍ في نمو إنتاجية المحاصيل الزراعية التي لا تواكب وتيرة النمو السكاني بشكل عام، وتزايد الهجرة نحو المدن بشكل خاص، وستؤدي مدن المستقبل دوراً رئيسياً في الإسهام في حل هذا التحدي. وأتوقع أن تكون المزارع الأفقية داخل المدن، أحد الحلول المحورية لمضاعفة المساحة المزروعة وإنتاجية المحاصيل بكفاءة عالية، في استخدام المياه والطاقة». 
وأشار إلى أن معظم احتياجات سكان المدن من الغذاء، ستُنتج داخل المدينة حسب الطلب وفي الوقت المناسب، وبالتالي ستصبح المدن سلة غذائنا.

مفهوم جديد للتنافسية

وأكد سموّه، أن التحول الخامس يتمثل في تغير مفهوم تنافسية المدن، وكيف ستنافس عالمياً، مشيراً إلى أن مدن المستقبل العالمية ستكون منصات مفتوحة لتواصل العقول، وتطوير الأفكار والابتكار. 
وقال: «معظم الابتكارات التي شكلت تاريخ البشرية، كان مركزها مدناً أو تكتلات سكانية مهمة، فمنطقتنا كانت تصدر العلم إلى جميع حضارات العالم في زمن بيت الحكمة، بسبب العقول التي كانت تجتمع فيها. وفي عصر الثورة الصناعية الرابعة وتحول الاقتصادات إلى اقتصادات معرفية، ستؤدي جاذبية المدن للمواهب والكفاءات، دوراً أكبر في تدفق رؤوس الأموال التي ستخلق بدورها مجالات اقتصادية ووظائف جديدة».
وأشار إلى مثال بسيط يتمثل في أن 132 ألف موظف (أو موهبة) في شركة Apple يخلقون قيمة مضافة تعادل نحو 90 مليار دولار سنوياً، مؤكداً أن هذه الشركة لو كانت دولة، فسيتعدى ناتجها الإجمالي الخام دولة مثل كينيا، التي يعيش فيها 49 مليون نسمة، ويمثل نحو 25% من الناتج الإجمالي لدولة مثل نيجيريا ذات 190 مليون نسمة.
وقال، إن تنافسية المدن لا تقتصر على جودة بيئة الأعمال والبنية التحتية التي أصبحت من المسلمات؛ بل تتركز في مجال استقطاب العقول والمواهب التي تشكل الميزة التنافسية الرئيسية للمدن، ولجذب هذه العقول والمواهب لا بد من التسامح والتعايش الذي كان ولا يزال وسيبقى أساس رخاء المجتمعات وازدهارها، مهما اختلف الزمان والمكان ودرجة نضج الحضارات، فلولا ثقافة التسامح والتعايش التي وصفت بها قرطبة، لما كانت منارة للعلم والحضارة في وقت كانت فيه أوروبا تغوص في ظلمات الجهل والتطرف.
وأضاف: «لولا انفتاح وادي السيليكون على قبول ثقافات متعددة، لما استطاع استقطاب أفضل العقول من الهند والصين والعالم العربي، ومن شتى بقاع العالم، لبناء مركز لتكنولوجيا المستقبل، فقوة مجتمعات مدن المستقبل، قائمة على التعايش والتسامح».
وقال: «أذكر هنا كذلك مدينة دبي مثالاً ونموذجاً للتسامح والتعايش الذي يؤسس لمستقبل أفضل.. مدينة تضم أكثر من 200 جنسية تعيش بسلام وأمان، فهي العالم في مدينة، ويبقى هذا توجهنا نحو المستقبل».

اقتصاد مدن المستقبل

وأكد سموّ الشيخ حمدان بن محمد، أن التحول السادس هو تحول في اقتصادات المدن، مشيراً إلى أن استقطاب الكفاءات والمواهب يخلق التقدم الهائل في التكنولوجيا، ويوفر فرصاً لازدهار قطاعات اقتصادية، ووظائف جديدة تمثل أساس ثروة مدن المستقبل.
وقال: «مع استمرارية وجود المجالات الاقتصادية التقليدية، تبرز أهمية المدن العالمية مستقبلاً في تميزها بشكل أكبر في ثلاثة قطاعات اقتصادية مؤثرة هي: اقتصاد البيانات، والاقتصاد التشاركي، والاقتصاد الدائري».
وأضاف: «يمثل اقتصاد البيانات مورداً اقتصادياً جديداً للمدن، يتعدى اقتصاد النفط والمعادن، فقيمة اقتصاد البيانات في دول الاتحاد الأوروبي فقط، تقدر ب 350 مليار دولار، ويعادل ذلك إنتاج نحو 19 مليون برميل من البترول الخام يومياً، أو تقريباً 60% من إنتاج دول منظمة أوبك، وتكون مدن المستقبل آبار بيانات لا تنتهي».
وتابع سموّه: «من منظور آخر تمكننا التكنولوجيا من خلق نوع جديد من الاقتصاد وهو الاقتصاد التشاركي، هذا الاقتصاد سيغير مفهومنا لاستهلاك المنتجات والخدمات، ويمكن التشارك في استغلال الأصول، من خفض تكلفة التشغيل، وتالياً تقل أهمية امتلاك الأشياء والمنتجات المعمرة، واستبدال منصات مشتركة بها، كما هي الحال في منصات التنقل مثل «أوبر» و«كريم» وAir B»and B.
وأكد أن مدن المستقبل ستكون منصات تشاركية فعالة في استغلال الأصول، ومن المتوقع أن تبلغ قيمة هذا النوع من الاقتصاد عالمياً 335 مليار دولار سنوياً، بحلول عام 2025، مشيراً إلى أن تحدي التغير المناخي يمثل فرصة لازدهار نوع آخر من الاقتصاد، هو الاقتصاد الدائري، حيث تعد المدن جزءاً رئيسياً من زيادة أثر التغير المناخي، وفي الوقت نفسه مفتاح حل لهذا التحدي. 
وقال سموّه: «يمكن الاقتصاد الدائري مدن المستقبل من مواجهة تحدي التغير المناخي عن طريق الاستغلال الأمثل للموارد الطبيعية واستهلاك الطاقة، ويمثل مجالاً خصباً للابتكار وخلق الثروة الاقتصادية، ومحدداً رئيسياً لتحسين مناخ وجودة الحياة داخل المدن». 
وأشار سموّه، إلى أن إسهام الاقتصاد الدائري في زيادة إنتاجية استغلال الموارد في أوروبا يقدر ب3% بحلول عام 2030، ويمثل هذا الرقم توفيراً في الكلفة بنحو 600 مليار يورو، و1.8 تريليون يورو في منافع اقتصادية أخرى.

الحوكمة والتشريع

وقال سموّه إن التحول السابع والأخير، تحول في الحوكمة، تحول في التشريع والعمل الحكومي، فلا يمكن تمكين نموذج حياة مستقبلي داخل المدن من دون حوكمة وقيادة مرنة، مشيراً إلى أن دور قيادة المدن يتغير، من توفير حلول وخدمات للسكان، إلى تمكين تصميم هذه الحلول بالشراكة مع القطاع الخاص والمجتمع. 
وأضاف سموّه: «عبر منصات الابتكار والعصف الذهني المجتمعي، سيتمكن السكان والقطاع الخاص من تأدية دور أكبر في تصميم الخدمات التي تناسبهم، وفي ظل ثورة البيانات، ودور إنترنت الأشياء داخل المدن، ستصبح المنهجية التقليدية لتصميم وصنع السياسات العامة غير مناسبة لمواكبة احتياجات مدن المستقبل، فسرعة التغيير في المحيط الخارجي لا تتناسب مع منهجيات وضعت في القرن العشرين، لهذا السبب سيكون صنع السياسات داخل المدن، أكثر استباقية وفاعلية». 
وقال سموّه: «سيمكِّن استخدام البيانات التحليلية والذكاء الاصطناعي في وضع السياسات، من القيام بتنبؤات دقيقة عن تحديات محتملة تؤثر في جودة حياة الناس، مثل الازدحام المروري، والكوارث الطبيعية، والتحديات الأمنية، وقياس أثر سياساتنا بطريقة أفضل أيضاً». 
وأضاف: «ستمكن المنصات المجتمعية للابتكار من تصميم حلول مبتكرة لهذه التحديات، فريادة المدن في المستقبل سترتكز على مدى مرونة تشريعاتها وانفتاحها، وجرأتها على استخدام التكنولوجيا والعبقرية المجتمعية في تصميم حلول وخدمات غير تقليدية».
وقال سموّه: «المدينة كجسم الإنسان، مدى عمرها الافتراضي رهين بجودة الحياة فيها، جسدها بنيتها التحتية، عقلها المواهب التي تحتضنها، وعصبها بنيتها الرقمية وغذاؤها اقتصادها المتنوع».
وأكد أن المستقبل ليس تكنولوجيا وأجهزة وذكاء اصطناعياً وطاقة متجددة فقط.. المستقبل هو الإنسان، وإنسان المستقبل هو نحن اليوم زائد ما نتعلمه كل يوم، وما نضيفه إلى حياتنا من معرفة وخبرة وعلاقات، وما نضيفه إلى عقولنا، وما نضيفه إلى قلوبنا من محبة وتسامح ورحمة أيضاً، ولا بدّ أن نسعى باستمرار إلى تطوير إنسان المستقبل فينا من اليوم.
وقال سموّه: «إن مستقبلنا ليس مسؤولية جهات حكومية فقط، الجميع شريك في صنع المستقبل.. كل فكرة.. كل مبادرة.. كل إضافة إيجابية يضيفها أي شخص فينا، ستؤثر في مستقبلنا جميعاً، كل بذرة نضعها اليوم ستكون شجرة في مستقبل مدننا، نحن جميعاً شركاء في هذا المستقبل».
واختتم سموّ ولي عهد دبي حديثه بالقول: «إن الاستعداد للمستقبل ليس مجرد خطة نضعها، الاستعداد للمستقبل هو عقلية نتبنّاها، وثقافة عمل في جميع مناحي حياتنا. أتمنى لكم يوماً جميلاً، ومستقبلاً يحمل لكم كل خير».

حضور كثيف للجلسة

احتشد عدد كبير من المشاركين والحضور لفعاليات القمة العالمية للحكومات، من كافة الجنسيات للظفر ونيل شرف الحضور والاستماع لجلسة سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي، التي عقدت أمس بعنوان «7 مبادئ رئيسية لمدن المستقبل»، في مشهد قلّما يتكرر في فعاليات المؤتمرات الكبرى.
ووقف الحضور في طوابير ينتظرون الدخول للإنصات إلى ولي عهد دبي، للاستفادة من الجلسة التي وضع فيها سموه 7 مبادئ رئيسية لبناء مدن المستقبل، ولكن بعد أن امتلأت القاعة الرئيسية، ومازال هناك الكثير من راغبي حضور الجلسة، الأمر الذي دفع المنظمين إلى تحويلهم إلى قاعتي ديوا وبلدية دبي لحضورها متلفزة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"