عادي

«الجريمة الكاملة» لمونديال «قطر» و«الفيفا»

03:00 صباحا
قراءة 12 دقيقة
القاهرة: «الخليج»، إبراهيم ربيع

هذا الانطباع المبدئي الموجز مهم، قبل رواية تفاصيل القصة في أغرب دراما كروية شهدها تاريخ اللعبة، وبهذا الحجم من علامات الاستفهام والتعجب. والذي طرح أسئلة عديدة في الشارع المصري والعربي بين عامة الناس وليس الخبراء والمتخصصين فقط أبرزها: لماذا طاردت أمريكا الفاسدين في الفيفا ولم تقترب من ملف قطر؟ ولماذا يصمت الفيفا بإدارته الجديدة وهو يعرف الحقيقة؟ ولماذا تركوا قطر تقطع أشواطاً كبيرة في بلوغ الجريمة الكاملة؟ لماذا تتحمل كرة القدم ومسابقات أوروبا تغيير موعد المونديال من الصيف إلى الشتاء؟ لماذا يذهب تنظيم المونديال لدولة بلا مقومات استضافة أو ملف جاهز؟ ولماذا تحمس ساركوزي الرئيس الفرنسي السابق، لمقايضة قطر بشراء نادي باريس سان جيرمان مقابل وضع بلاتيني رئيس الاتحاد الأوروبي السابق كرأس حربة لمساندة الملف القطري؟ وكيف تنظم الدوحة المونديال وهي ملاحقة بتهمة رعاية الإرهاب وغير متوافقة مع محيطها وبيئتها في المنطقة؟ وهل المصالح السياسية والاقتصادية أقوى وأكبر من تصحيح خطأ فادح؟ هل تحولت لجنة كرة القدم إلى مافيا عالمية كل شيء معروض فيها للبيع والشراء والتآمر؟
في هذا التقرير اخترنا مجموعة من أصحاب الاختصاص قدر الإمكان بعد أن فوجئنا أن كثيرين لا يريدون التعليق لأنهم متخوفون من تغيير المواقف في الأزمة السياسية الحالية، ومن ثم تبدل الأحوال ومحاسبة هؤلاء على آرائهم.. تقريباً الشخصيات المسؤولة مباشرة في المؤسسات والأجهزة الرياضية فضّلوا الصمت إلى حين اتضاح الرؤية وحتى من تكلم كان متردداً ورؤيته ضبابية خلاف رجل الشارع العادي المتحرر من قيود المصالح والحسابات.
البداية
كيف بدأت القصة؟ المؤكد أنها بدأت قبل الإعلان الرسمي يوم 2 ديسمبر/كانون الأول 2010 كانت إرادة قطر أن تنظم كأس العالم في سياق طموحها الجامح نحو الظهور والبروز في المجتمع الدولي من خلال قاعدتين رئيسيتين، هما الإعلام والرياضة وصولاً في النهاية إلى نفوذ سياسي مدعم بالاقتصاد، مهدت الدوحة الأرض قبل عام 2010 للإمساك بمصالح مشتركة مع الدول المؤثرة وممارسة لعبة الشراء المعهودة بأعلى مستوياتها وبلا سقف لكي لا تواجه صعوبات حقيقية في اقتناص المونديال رقم 22 حتى لو ستصرف عليه 500 مليون دولار أسبوعياً، كما يحدث الآن في تجهيز البنية التحتية التي تشمل ما بين 8 إلى 12 ملعباً وما يخدمها من إنشاءات وطرق ومرافق وأنفاق و«كباري»، وكانت مستعدة لتفعل المستحيل حتى ما هو خيالي لكي تصل إلى مبتغاها لدرجة التلميح والإشارة إلى إمكانية تكييف الشوارع!
ولم يكن العالم وقتها بل قبل أيام من التصويت، يعرف أن قطر فعلاً كانت قد مهدت الطريق وأنها فائزة لا محالة، وأن أميرها سوف يذهب بكل أفراد الأسرة الحاكمة إلى الفيفا للاحتفال بالفوز واحتضان جوزيف بلاتر بحرارة. كانت مفاجأة مذهلة لكل الذين لم يعرفوا بتحركات الشوارع الخلفية. في 4 جولات تصويت في هذا اليوم تقدمت قطر على كبريات الدول، في الجولة الأولى حصلت على 11 صوتاً مقابل 3 لأمريكا و4 لكوريا الجنوبية و3 لليابان وواحد لأستراليا، وفي الجولة الثانية حصلت على
10 أصوات مقابل 5 لأمريكا و5 لكوريا و2 لليابان بينما خرجت أستراليا وفي الجولة الثالثة 11 مقابل 6 لأمريكا و5 لكوريا بينما خرجت اليابان ولحقت بأستراليا وفي الجولة الرابعة حصلت على 14 صوتا مقابل 8 لأمريكا بينما لحقت كوريا بالخارجين.
أولاً: الهمس واللمز
بعد أيام قليلة بدأ الهمس واللمز على دور أموال الغاز والبترول، لكنه ظل في حدود ضيقة وتلميحات إعلامية وشظايا طائرة هنا وهناك عن شراء حق التنظيم، وكانت هناك بقايا ثقة ولو محدودة جداً في شفافية دولة كرة القدم الكائنة في سويسرا، حتى مع تصاعد نغمة الشك في بلاتر وحاشيته وسيطرتهما الكاملة الشاملة على مقدرات اللعبة في الكرة الأرضية.
وبينما بدأت الاحتفالات في الدوحة، كانت علامات الاستفهام والتعجب تتطاير في الأجواء العالمية، وظل مصدرها هؤلاء الذين لم تشملهم «الإكراميات» القطرية الذين تكلموا بتحفظ أو سربوا أخباراً أو دفعوا وسائل إعلام للنبش في ملف مشبوه. وبطبيعة الحال كان أعضاء اللجنة التنفيذية الذين ذهب بعضهم إلى السجون بإرادة أمريكية حديث الصباح والمساء، فيما يخص تلقي الأموال وترسية المزاد على القطريين، واتسعت مساحات الكلام والإشارات حتى وصلت إلى البرلمان البريطاني وأروقة ألمانية معنية بتفاصيل محددة. ليجد الفيفا نفسه مضطراً إلى الحركة ولو بالمظهر، لا بالمضمون للإيحاء بأن المنظمة العالمية الكروية مازالت حريصة على الشفافية، لكن في النهاية لم يكن التظاهر بالاهتمام كافياً لصنع حالة من الملاحقة والتحقيق الجدّي في ظل مشاركة مع قطر في إخفاء الأدلة والأوراق الثبوتية، بما يؤدي في النهاية إلى ما أسميناه بالجريمة الكاملة.
انطلاق الفضائح
ولم يكن غريباً في ظل الرضا الأمريكي بالهزيمة في سباق تنظيم المونديال، أن تخرج صحيفة يديعيوت أحرونوت «الإسرائيلية» بتقرير يشير إلى وجود وثيقة سرية تم إبرامها بين أمريكا وقطر قبل التصويت المونديالي، تبتعد من خلالها الولايات المتحدة عن المنافسة الحقيقية وتتنازل للقطريين عن حق الاستضافة مقابل مصالح اقتصادية ضخمة، تخدم الشركات الأمريكية في مشاريع التجهيز والبنية التحتية، إضافة إلى عدد هائل من اتفاقات الاستثمار في النفط والغاز. علاوة على استخدام قطر أداة سياسية خصوصاً مع إرهاصات الربيع العربي وتعقد الأوضاع في المنطقة وأهمية وجود «وجه» عربي ينفّذ الأجندة الأمريكية.
إذن تطور الهمس واللمز إلى أصوات مسموعة ربما ترتقي مستقبلاً لأصوات عالية ثم صارخة ثم نافذة ومؤثرة في اتجاه التغيير، أي أن منحنى الضغط يتصاعد على أرض الواقع ليكون كل شيء جائزاً حتى مع نظرة البعض التشاؤمية في استحالة تعديل الأمر الواقع، ومعروف للجميع تبني جريدة «بيلد» الألمانية لسياسة ملاحقة الحالة القطرية وما نشرته مؤخراً من نصوص إدانة دونها المحقق الأمريكي مايكل جارسيا في تقرير مطول كان الفيفا قد أخفاه واضطر مع مبادرة جريدة «بيلد» أن ينشر التقرير كاملاً لكنه - كالعادة - أبقى على ضبابية الرؤية والهروب من التحقيقات الحاسمة رغم الإشارة الواضحة إلى مراسلات إلكترونية من عضو سابق في اللجنة التنفيذية إلى مسؤولين قطريين يشكرهم على إكرامية آلاف الدولارات، بينما كان مدهشاً اكتشاف تحويل مليوني دولار لطفلة (10 سنوات) ابنة عضو آخر، في اللجنة التنفيذية وقبلها سفريات مدعمة بالأموال لأعضاء آخرين إلى ريو دي جانيرو؛ بل طالت أصابع الاتهام ساندرو روسيل رئيس نادي برشلونة السابق الذي كان وسيطاً في تقديم الإكراميات التي وصلت إحداها إلى أكثر من مليوني دولار لرئيس
اتحاد البرازيل السابق، كما طالت رئيس ريال مدريد فلورنتينو بيريز الذي حصل على جزء من كعكة العمل في الإنشاءات القطرية كصاحب شركة بناء، كل هذا وغيره نشرته وسائل الإعلام وعرفه العالم ولا داعي للاستغراق فيه، بعد أن استقر في ضمير البشر على وجه الأرض فساد الملف القطري، لأن المهم الآن عند مكافحة الفساد هو استثمار هذه الأجواء المحاصرة للملف القطري والبحث عن خطوات واقعية جديدة للتأثير والتغيير.
تعدد المتاعب
ومن زاوية أخرى، لا تواجه قطر متاعب في اتجاه واحد بل في عدة اتجاهات، وهنا يأتي ذكر الرشاوى المتكررة من الاتحاد الدولي للنقابات بعد تكرار تضرر وموت عمال أجانب من دول آسيوية وإفريقية يعانون ما يشبه السخرة في أعمال الإنشاءات ونظير أجور زهيدة وتحت ظروف شديدة السوء في الإعاشة والإقامة والطقس والسلامة المهنية، وهذا ما دفع اتحاد النقابات إلى سحب التنظيم من قطر؛ بل وانضم إلى قافلة المتحدثين عن شراء الأصوات بالأموال، هذه زاوية مهمة في حزمة الزوايا التي تطارد محاولات هروب الدوحة من المأزق. وتطرق كثيرون إلى موقف عربي صريح يتجاوز حرج أن الدولة المنظمة عربية من قاعدة أن ضرر استضافتها للحدث أشمل وأعم وأكبر بعد دخول مخاوف الإرهاب والهواجس الأمنية على الخط. فمساحة قطر أضيق من أن ينحصر حدث فيه جغرافياً بكل تأثيراته وهناك عشرات الآلاف سوف يتدفقون وتمتد حركتهم وتنقلاتهم إلى باقي دول المنطقة التي لا ذنب لها في تعقيدات أمنية من المفترض أن لها أولوية لدى الفيفا في إسناد التنظيم لأي دولة، هذه رؤية إضافية تنتظر التنفيذ وتمثل عبئاً على الفيفا الذي سبق أن منع إقامة مناسبات كروية، في مناطق عديدة من العالم لمجرد وجود توتر أمني أو سياسي.
كيف نسحب التنظيم
ولابد أن يخرج البعض عن التفاصيل ويوجه سؤالاً سهلاً، ما هي إذن خطوات سحب التنظيم؟ وهل هي ممكنة في الحالة القطرية؟ على ضوء الموقف المائع حتى الآن من الفيفا؟ والإجابة سهلة أيضاً وهي أن الفيفا يستطيع سحب التنظيم من قطر، إذا امتلك الإرادة الحقيقية ويبقى أن يظهر دليل مؤكد وهو سيظهر في وقت ما. ورغم عدم وجود بند في اللائحة، يتيح السحب على خلفية فساد فإن التصرف أكثر سهولة، من خلال بند الظروف الطارئة التي تولدت من الموقف العام الحالي في المنطقة. وإذا كان الرهان على أمريكا؛ فإن أعضاء من الكونجرس خرجوا عن النص الأمريكي وتحدثوا كثيراً عن دعم الدوحة للإرهاب. وأيضاً يحق لرئيس الاتحاد الدولي أن يبادر بالدعوة لعقد اجتماع استثنائي لجميع أعضاء الفيفا لسحب الاستضافة مادام الوقت كافياً وتتبقى سنوات على الحدث.
وربما يقابل ذلك أن يخرج البعض الآخر ويقول إن هناك صعوبات يخشاها الفيفا، متمثلة في احتمالات اندفاع قطر إلى المحاكم الدولية للملاحقة القضائية وطلب تعويضات لما صرفته من مليارات لن تستطيع ميزانية الاتحاد الدولي تحملها، إلاّ أن هذا مردود عليه، بأن نص الظروف الطارئة كفيل بحماية الفيفا إذا أضيفت له شواهد الفساد وتكرار الحديث عنه في كل أنحاء العالم، مدعما في الوقت نفسه بزخم ردود الفعل تجاه التعامل مع العمال وربما يخشى الفيفا على موارده المالية الآتية من قطر التي اشترت حقوق بث المباريات حتى عام 2022 عن طريقة شبكة «BIEN» وشراكة شركة الطيران القطرية لبطولات الفيفا حتى هذا التاريخ المذكور، وأيضاً هي أشياء هامشية يمكن تعويضها وحلها استناداً إلى ثبوت الظروف الطارئة وفساد الملف من الأصل والخوف على أرواح رواد المونديال ونجومه وجماهيره في ظل وجود رموز التطرف الملاحقين دولياً وعربياً في الدوحة.
الخبراء يحددون
وأخيرا ننزل مباشرة إلى الميدان مع الوسط الرياضي المصري، نستكشف رأيه من خلال مجموعة مختارة تراعي تنوع التخصصات والعلاقة مع المؤسسات الدولية والقارية.
ضمت أحمد شوبير الإعلامي الشهير ومرتضي منصور رئيس نادي الزمالك وطه إسماعيل المعني كثيراً بالكرة العالمية، من خلال عمله كخبير دولي وإفريقي ود. كمال درويش العميد السابق لكلية التربية الرياضية والرئيس السابق للزمالك والمهندس محمد فرج عامر رئيس لجنة الشباب والرياضة بمجلس النواب المصري ورئيس نادي سموحة ود. أشرف صبحي مساعد وزير الرياضة سابقا وأستاذ إدارة الأعمال الرياضية بجامعة حلوان والخبير في مجال الرياضة والاستثمار، والذي سبق له العمل في عدة جهات رياضية دولية ومصطفى عزام وكيل الوزارة للاستثمار الرياضية المدير الفني لمكتب وزير الرياضة الأسبق حسن صقر وعضو الجمعية الأوروبية للإدارة الرياضية حالياً والتي لها علاقة بسلوك الفيفا والرئيس الحالي للجنة التطوير والاستثمار باتحاد الكرة المصري وأيمن يونس نجم الزمالك السابق صاحب أنشطة تسويقية وإعلامية كثيرة في حقل الكرة.
ماذا قالوا؟
مرتضي منصور: ما بُني على باطل فهو باطل.. وعندما نرى الأمير السابق وزوجته في مقر الفيفا يوم التصويت والإعلان، فهذا يعني أنهم في قطر كانوا واثقين من الفوز، ويعرفون جيداً أنه تحقق بعد تحركاتهم المشبوهة قبل أن يعلن بلاتر النتيجة، النتيجة الطبيعية لما يتكشف حالياً من حالات فساد حدثت أن يتم سحب التنظيم( لو الفيفا مؤسسة محترمة تقدر قيمة اللعبة ونزاهتها) مضاف إلى ذلك ما تكشّف من رعاية قطر للإرهاب وآخرها حوادث برشلونة التي نفذها إرهابيون جاؤوا من عندهم!
المال وحالة التلبس
أحمد شوبير: صحيح سلاح المال أقوى من الجميع ومن أي شيء. والعلاقات المرتبطة بمصالح اقتصادية أيضاً أقوى من المحاولات الحالية، وقد قلنا كل شيء بالنسبة لشراء أصوات اللجنة التنفيذية وشراء الاستضافة، إلا أن كل شيء وارد في حالة الدليل القاطع ودقته لن يستطيع الفيفا الهروب من مسؤولياته. وللأسف الثقة في مؤسسة كرة القدم مفقودة من زمان وكنا نتوقع التغيير بعد إزاحة بلاتر ورجاله في إطار ثورة تصحيح وتطوير إلا أن انفانتينو والإدارة الجديدة لم يفعلا شيئاً في هذا الصدد.
أيمن يونس: هناك يقين بأن قطر اشترت تنظيم المونديال بطريقة غير مشروعة، والمهم أن تتم ترجمة هذا اليقين إلى آليات تنفيذ بحالات «تلبس» واضحة لأن فكرة السحب شديدة الصعوبة لأن المسألة لا تتوقف عندها؛ بل هناك شخصيات سوف تدخل السجن، ومنظومة الفساد التي كسبت تنظيم مونديال 2022 معقدة ومتشابكة، وتحتاج تشكيل
لجنة متفرغة تتولى مهمة إدارة آليات حرمان قطر من الاستضافة حماية لكرة القدم بشكل عام بعد أن تأكدنا جميعاً وتأكد معنا العالم أن انتزاع التنظيم من دول كبيرة جاهزة لم يكن بعمل نظيف، وقد شاهدنا كيف كانت السعادة بادية على وجوه من شاركوا في العملية الفاسدة وهم يستقبلون إعلان بلاتر فوز قطر. كانوا سعداء لأنهم كسبوا الملايين لابد أن يكون الاتحاد الدولي جاداً وحاسماً وعلى مستوى المسؤولية تجاه اللعبة الشعبية الأولى في العالم ويعلن إعادة التحقيق في سباق الملفات بين قطر والدول الأخرى، والأزمة الحالية في منطقة الخليج ستساعد على إقناع الفيفا بخطورة المغامرة بإقامة المونديال في قطر، واعتقد أن الوقت كافٍ جداً لمواصلة الضغط لأن الفيفا ربما لا يتخذ قراراً حاسماً إلا قبل المونديال بسنتين مثلاً، وهناك فكرة أخرى أن يتم اللجوء إلى المحكمة الدولية وتجاوز الفيفا، إذا لم يكن جاداً في مواجهة الاتهامات.
الصمت الأمريكي!
الكابتن طه إسماعيل: فتوة العالم كله، وأعني أمريكا صمتت حيال الملف القطري، رغم أنها تحركت بضراوة تجاه ملفات الفساد الأخرى، وعموماً كل العمليات الانتخابية أو المنافسات المرتبطة بملفات تنظيم بطولات لا تخلو من شراء أصوات إلاّ أن الحالة التي نحن بصددها فاقت التوقعات، لأن الدول المتنافسة مبدئياً بينها فوارق كبيرة لم يكن لها اعتبار، صحيح أن رئيس الفيفا تكلم عن طلب عربي بسحب التنظيم من الدوحة إلا أن ذلك لم يتضح رسمياً والغريب أن الكلام عن هذا الملف تكرر كثيراً دون حركة من الفيفا لأنه يتعامل مع تقارير مكتوبة من لجانه ولا يتوقف كثيراً عند الأحاديث الإعلامية. هناك إحساس عام بعدم سلامة ملف التنظيم. وهناك اعتراض كبير على طريقة التعامل مع عمال الإنشاءات وتم تحذير الجهات المسؤولة عن طريق جمعيات حقوق الإنسان والمؤسسات العمالية الدولية. صحيح أن الفيفا يهمه في المقام الأول الدليل القاطع إلا أنه في الوقت نفسه، يجب أن يتفاعل مع ما هو متاح من معلومات ويبادر بالتحقيق ويعلن النتيجة سلباً أو إيجاباً، والمؤكد أن الأزمة الحالية في منطقة الخليج لها تأثير في موقف الفيفا إذا أراد أن يدرس المخاطر المحتملة.
صعود وهبوط
د. كمال درويش: إثارة الموضوع تأخذ منحنيات متدنية تتصاعد مرة وتهبط مرة، وأرى أن الناس تنتظر موقفاً أمريكياً لأن أمريكا كانت منافسة لكن من واقع الأزمة الخليجية ليس وارداً الآن أن نرى منها موقفاً، وأعتقد أن الزاوية الأخطر هي التهديدات الأمنية بعد ثبوت ضلوع قطر في دعم الإرهاب، مطلوب توحيد رؤية عربية ضاغطة يمتد تأثيرها إلى الخارج والمفروض أن إدارة الفيفا التي منحت قطر التنظيم تتم محاكمتها وملاحقة فسادها دون الاقتراب من الملف القطري، وهو ما يجب على المطالبين بتصحيح الأوضاع التركيز عليه، فبالتأكيد هناك علاقة من أي نوع، بين كل حالات الفساد، وإذا كانت مستندات شراء الأصوات غير متاحة فإن مستندات دعم الإرهاب متاحة جداً وحاسمة.
فساد مستمر
المهندس محمد فرج عامر: الحديث عن فساد الملف القطري لم ينقطع، والفيفا يعرف كذلك أن الملف فاسد وعامر بالرشاوى وشراء الأصوات ولكن لا يتحرك، ومطلوب منا أن نجعله يتحرك معنا، وأكيد سينتهي التحرك على شيء ما يكشف الحقيقة كاملة وحتى الآن ردود فعل الفيفا محبطة رغم زخم الحديث الدولي عن الشبهات، والإصرار على الملاحقة هو الذي سيحقق الهدف في النهاية، لكن بخطوات مدروسة وتنسيق بين الدول التي لا تريد كرة قدم مشبوهة وفاسدة.
التحايل مستحيل
د. أشرف صبحي: الآن في معظم أنحاء العالم تحقيقات ومحاولات جادة للكشف عن الحقيقة ولا يشترط أن نعرفها جميعاً، هناك ما يتم بحثه سراً وهناك بالتأكيد اتصالات وأشخاص يريدون كرة قدم نظيفة، ومادامت أوروبا بدأت تشك وتشكك، فإن وقت كشف الحقيقة قادم. صحيح هناك نقطة ضعف في ارتباط ملف 2022 بملف 2018 لأن التصويت كان على الاثنين، ولا يمكن أن يلغي دورتين إلا أن المخالفات المثبتة يستحيل التحايل عليها أو اختلاق الأعذار لها، والبحث وراء التحويلات البنكية ليست مسألة صعبة ويجب التركيز عليها، وأعتقد أن التسريبات لم تبدأ الآن فقط؛ بل بدأت من سنوات وكون أنها تشغل العالم حالياً بكثافة؛ فهذا مؤشر جيد للتصعيد والتأثير والضغط والحكاية ليست مقصورة على مخالفات فقط أو أزمة سياسية في منطقة ستكون ملتحمة بالمونديال؛ بل المنطق نفسه غير مقنع ويثير الشكوك، لأنه غير مقبول عقلاً ومنطقاً أن تفوز قطر على دول كبيرة في إمكاناتها التنظيمية وجاهزة، هل الذين اختاروا قطر كانوا طبيعيين بحيث يفضلونها عن هذه الدول، هل هذا طبيعي؟! مستحيل ورأيي الشخصي أن حسم هذا الموضوع لن يتم إلاّ بعد مونديال 2018 لأن الفيفا لا يريد أن يشوش على تنظيم روسيا، وحالياً أرى أن قطر لن تنظم المونديال وبنسبة 60% وال40% الباقية يمكن قطع المسافات فيها، خصوصاً أن تغيير التوقيت إلى الشتاء، سوف يضرب المسابقات الأوروبية في الصميم ويثير موجة احتجاجات واسعة في العالم، وتساؤلات عن السر في هذه التضحية الكبيرة من أجل قطر. ومادام الاتحاد الأوروبي يتكلم ولا يسكت فإنه من الطبيعي أن يمتد الصخب إلى الفيفا في وقت ما. ومن هنا ليس بعيداً أن يكون السحب قريباً.
اقتناع الفيفا
د. مصطفى عزام: إذا لم يكن الفيفا مقتنعاً بما يدور حوله؛ فلن يحدث شيء وهو ما يدفعنا للاقتناع خاصة مع انتشار الشكوك في العالم كله، حتى أصبح على حدود قطر.
والحكومات مؤثرة في هذا الشأن ويجب أن تشارك المؤسسات الرياضية في الوصول إلى هدفها خصوصاً أن الكونجرس الآن هو الذي يقرر وليس لجنة تضم عدداً محدوداً من الأشخاص، يجب أن تتحرك القضية دولياً ولا تنحصر محلياً والوقت يسمح بحدوث ذلك دون عجلة من أمرنا.
الإعلام وحده لن يحل المشكلة؛ بل هو وسيلة مهمة تفتح آفاق التحرك السري الممنهج أو حتى التحرك العلني، فكثيراً ما تحدّث الناس عن شبهات في بطولات كأس عالم سابقة واقتصر الأمر على الكلام، خصوصاً في منافسة المغرب لجنوب إفريقيا، والتحرك الجماعي المنسق والمرتب والمركز وحده الذي سيحسم القضية وأرى أنه سيحدث يوماً ما.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"