عادي
صيغة لافتة للمكانين الإماراتي والفلسطيني

السيد يعرض مراحل تحولاته البصرية في “حبيبتي رحاب”

03:46 صباحا
قراءة 3 دقائق
دبي - محمد أبو عرب:
يقدم الفنان الفلسطيني د . عبد الكريم السيد في معرضه الذي افتتح مساء أمس الأول في ندوة الثقافة والعلوم في دبي، مسيرته التشكيلية كاملة، عبر مجموعة من اللوحات التي تكشف محطات جهده الفني، مقدماً بذلك أكثر من خمسين عملاً تسرد تجربته بصرياً منذ أواخر السبعينات وحتى اليوم .
افتتح المعرض الذي حمل عنوان "حبيبتي رحاب" رئيس مجلس إدارة ندوة الثقافة والعلوم سلطان صقر السويدي، بحضور رئيس جمعية الإمارات لحقوق الإنسان عبد الغفار حسين، ونائب رئيس مجلس إدارة الندوة بلال البدور، ومستشار مجلس دبي الاقتصادي عبد الرزاق فارس الفارس، وعدد من التشكيليين والإعلاميين .
كشف المعرض مسيرة السيد التشكيلية ومراحل تحولاته البصرية خلال أربعين عاماً من العمل في اللوحة، فظهر اشتغاله المبكر على التعبيرية بكل ما تفتحه من فضاء بصري أمام الفنان، إذ تبدى اعتماده على الطاقة اللونية ودلالة الألوان على سطح القماش في مرحلة السبعينات حتى منتصف الثمانينات فتبدى التقابل بين قيم الفاتح والغامق في مساحات العمل، محاولاً بذلك قراءة متغيرات تلك المرحلة بما اشتملت عليه من تحولات سياسية واجتماعية وثقافية على المنطقة العربية .
وينتقل بعد تلك المرحلة إلى الاشتغال على المكان بكل تجلياته البصرية، وبما يثيره من مساحات لونية شاسعة، فيقدم في أعماله التي تنتمي إلى ما بعد منتصف الثمانينات حتى أوائل التسعينات، صيغة تشكيلية لافتة للمكان الفلسطيني والإماراتي، محاولاً بذلك إنتاج هوية جغرافية جمالية تجمع بلده الأول فلسطين، وبلده الثاني الإمارات، ويشتغل ذلك كله بالزيت على القماش وبضربات السكين، مضيفاً بذلك أثراً ملموساً على سطوح تكويناته .
ومثلما تجربته كلها منسوجة في خيط الهم الفلسطيني بكل ما يشتمل عليه ذاك الفضاء من عناصر خصبه على الصعيد البصري، ينحاز في مرحلة التسعينات إلى المكان والجغرافيا الفلسطينية، فيقدم تجربة غنية يعيد فيها إنتاج الطبيعة الفلسطينية بما فيها من أشجار، وزهور، فتظهر تلك العناصر الجمالية بوصفها اختزالاً لفكرة الوطن وتعلق الفنان بأرضه الأم .
مقابل ذلك يختار السيد في الفترة نفسها تكوين النخلة ليطرح فيه معرضاً كاملاً يعيد فيه بناء الشكل الجمالي للنخلة بتحولات لونية عديدة، فلا يستند إلى المجموعة اللونية الجاهزة التي تتدرج بين الأخضر والبني، وإنما يختار مجموعة لونية مغايرة تجمع الأحمر والأزرق ودرجات الأصفر، ليشكل بذلك هوية لونية خاصة، ترافقه في معظم مسيرته التشكيلية .
في أواخر التسعينات يدخل السيد في تجربة مكثفة ومختزلة على صعيد الشكل واللون، فيخرج من الغنائية اللونية في تجاربه السابقه إلى مساحة انسانية شاسعة، يعمل فيها على الشكل البشري الحاضر بخطوط قليلة، وبمجموعة لونية لا تجمع سوى ثلاثة ألوان يغلب فيها الأبيض ودرجات الأصفر .
ويعود بعد ذلك في الأعمال التي تمثل أوائل الألفية إلى المكان الفلسطيني، لكنه في هذه التجربة يختار المعمار الفلسطيني، فيظهر جهده واضحاً في استحضار صورة البيت الكنعاني القديم الذي يمثل تراث المعمار الفلسطيني، ولا يزال حاضراً حتى اليوم في بيوت القدس القديمة، بما يتميز به من اعتماد على عمارة القباب .
تمضي تجربة السيد في عمليات حذف وإضافة على مشروع المكان الفلسطيني إلى أن يطرح في عام 2007 تجربته التي عنونها في ذاك العام ب "غربة"، إذ يرجع إلى استحضار التكوين البشري في أعماله، فيوظف المكان والطبيعة الفلسطينية إلى جانب صورة المرأة الفلسطينية بالثوب المطرز التي باتت واحدة من ملامح الحركة التشكيلية الفلسطينية لما تختزله من رموز تكثف الحالة الفلسطينية .
ويبدو السيد مهجوساً في إنتاج الهوية البصرية لتجربته، فلا يكاد متابع تجربته يستعرضها سريعاً حتى يدرك الجهد المكثف الذي يبذله في الاستقرار على الهوية اللونية، ثم التكوينية، وصولاً إلى الهوية الوطنية، إذ يختار مستويات لونية خاصة تظهر في مجمل أعماله، ويختار التكوين الذي يخدم العمل رمزياً ويضيف إلى صيغته الجمالية .
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"