«النوم الأبيض» لجنى نصر الله.. مستويات متعددة من السرد

صدر مؤخراً عن دار رياض الريس للكتب والنشر في بيروت رواية جديدة للكاتبة اللبنانية جنى نصرالله بعنوان «النوم الأبيض» وجاءت في 285 صفحة من القطع الكبير.
تتميز هذه الرواية بسردها السلس الواقعي الذي يشتغل على الشخصية الروائية في أكثر من مستوى سردي، بين المخاطب والمتكلم والضمير الجمعي، ومثل هذا الاستخدام الذي أصبح شائعاً في الرواية العربية الجديدة، يمعن غالباً في أعماق الشخصية الرئيسية، وهي هنا، شخصية متماهية مع شخصية المؤلفة ذاتها، ومثل هذا التقاطع أو التماهي المقصود، هو في نهاية المطاف جزء لا يتجزأ من ذاكرة السرد، حيث يقدم هذا الأسلوب بالتناوب مع شخصيتي المؤلفة والبطلة في الرواية الكثير من التفاصيل مع الواقع الحديث جداً بالنسبة للكاتبة، التي تطل من خلالها على وقائع تبدو للآخرين بسيطة ولكنها أي هذه الأحداث تنجح في دفع القارئ لمتابعة الرواية حتى آخرها، لاسيما مع ذلك البحث السيكولوجي الذي اهتمت به الكاتبة أثناء سردها لمتن الرواية.
والرواية بحسب ما كتب عنها، ذات شخصيات متشبثة بوقعها حتى النهاية، وهي نافذة على الواقع المزري والمؤلم الذي نعيشه، خصوصاً في ظل التشظي والكبت والواقع المأساوي الذي ينعكس في مخيلة الشخصية الرئيسية في هذا العمل، بمهارة فائقة من الكاتبة التي حاولت تقديم ما يشبه البوح ولنقل الكشف لا سيما والرواية تضيء على أمكنة وأسماء حقيقية في الواقع.
تقول المؤلفة في الرواية: «لم تجد البطلة أي حرج في العبث بذاكرة الكاتبة، تختار منها ما تشاء وتعيد توليفه بما يتناسب وشخصيتها، تتبناها كما لو أنها عاشتها فعلاً، تنتقي الأحداث التي تخدم هواجسها وتسقط عليها كوابيس عمرها، تعيد صياغة معانيها وتحليلها ومقارنة مشاعرها بين الماضي والحاضر، ولكن ماذا تريد البطلة من ذاكرة الكاتبة؟ لماذا تصر على اقتحامها دائماً والاستعانة بأحداثها؟ ألا يفترض أن تكون لها ذاكرتها الخاصة؟»..