عادي
التوافق بينهما ينقذنا من فخ عملية "التفريخ"

مخرجات التعليم وسوق العمل علاقة تصنع مستقبل بلد

02:00 صباحا
قراءة 8 دقائق

توافق مخرجات التعليم مع متطلبات سوق العمل قضية تؤرق جميع العاملين في قطاع التعليم على مستوى الدولة، لكن البعض يرى أن إمارة أبوظبي، لديها إحصاءات دقيقة بواقع السوق والمتوقع حتى ،2030 وهو أمر مهم، فالقائمون على التعليم يعلمون ماذا يريدون ومن ثم يوجهون دعوة للطلاب للالتحاق بالبرامج التي تطرحها المؤسسات الجامعية في مختلف المجالات، لذلك فإن مخرجات التعليم في مجتمعنا متوافقة إلى حد كبير من سوق العمل، لأن هناك تنمية مستمرة للموارد البشرية كالمعلمين أو المشرفين الأكاديميين، وتطوير وتحديث المناهج وتبني أساليب التقويم المتطورة، وتحديث الهياكل التنظيمية لإحداث التجديد التعليمي المطلوب .

المقياس الحقيقي للنجاح يتوقف على قدرة الجامعات على إيجاد أعمال لخريجيها تتناسب مع طموحاتهم العملية وقدرتهم على النجاح والمنافسة المستمرة، فالجامعات والمعاهد التعليمية تقوم بعملية تقييم المخرجات وإيجاد مدى التوافق بينها وبين متطلبات سوق العمل على أرض الواقع، وهناك جهات كثيرة تستطيع المساهمة مع الجامعات في دفع عملية التعليم للأمام وإثراء المخرجات التعليمية بما يحقق مواكبتها لمتغيرات سوق العمل، ومن بين هذه الجهات وزارات العمل، والتخطيط، والتنمية الاقتصادية، إضافة إلى وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، كذلك فإن المؤسسات المختلفة، بما فيها الغرف التجارية وقطاعات الإنتاج والخدمات المختلفة بشقيها العام والخاص، يمكن أن يقوموا بدور مهم لدعم أهداف الجامعة ودفع العملية التعليمة لخدمة متطلبات سوق العمل .

الخليج التقت عدداً من العاملين والمهتمين في قطاع التعليم، حيث تطرقوا إلى مدى التوافق بين مخرجات التعليم وسوق العمل في المجتمع .

تقول الدكتورة فاطمة حمد المزروعي، أديبة وقاصة، عضوة المجلس الوطني سابقاً: هناك سؤال لابد أن يطرح أولاً هو: ما الهدف من التعليم؟ هل لنخرج موظفين يعملون في قطاعات شتى؟ إن اليابان في السنوات الأخيرة ابتعدت عن ربط التعليم بسوق العمل كهدف وحيد وأساسي، لابد من أن يحقق التعليم هدف كل إنسان وطموحه، وأن يطور لياقته النفسية وكيف يواجه صعوبات الحياة حين يكون بعيداً عن بيته الدافئ وكرسي الدراسة، ليحقق نجاحه الشخصي، ويخدم مجتمعه بعلمه وعمله، من دون أن يغيب سوق العمل عن أذهان من يصمم السياسة التعليمية كأحد الأهداف الأساسية، وليس هدفاً وحيداً .

والأمر الآخر الذي يغيب عن أذهان الآخرين هو سوق العمل الفعلي، فالكل يتحدثون عنه في ظل غياب المعلومات الدقيقة والإحصاءات، فما واقع سوق العمل حالياً؟ وكيف سيتطور مستقبلاً؟ وما الذي يواجهه؟ وأستثني من هذا إمارة أبوظبي، لأن لديها إحصاءات دقيقة بواقع السوق والمتوقع حتى 2030 وهو أمر مهم، فهم يعلمون ماذا يريدون؟ ومن ثم يوجهون دعوة للطلاب للالتحاق بالبرامج التي تطرحها المؤسسات الجامعية في مختلف المجالات، لتلتقي الرغبة الشخصية والدافع من قبل الطالب بطموحات أبوظبي، وهذا يتم من خلال التخطيط طويل المدى، ومن ثم مؤسسات المجتمع حين تنخرط في معاينة سوق العمل وتطويره، للقضاء على كل السلبيات التي حدثت في الماضي، فنجاح الدول مقرون دائماً بالخطط التنموية بعيدة المدى .

مقياس النجاح

يذكر الدكتور نبيل إبراهيم، مدير جامعة أبوظبي، أن الجامعات الرائدة في مجتمعنا وكذلك في المجتمعات الأخرى تتميز باهتمامها الدائم بمخرجات العملية التعليمية، وهناك جانبان أساسيان يجب أن يتوافرا في برامج هذه الجامعات، أولاً: قدرة المخرجات العامة لهذه البرامج على إنتاج خريج قادر على تحمل المسؤولية كمواطن صالح وبنّاء وقادر على النجاح في الحياة العامة بصرف النظر عن نوع التخصص الذي ينهجه الطالب في دراسته، ثانياً: مخرجات تطبيقية تبني قدرات الطالب العلمية والعملية، وتؤهله للنجاح والتفوق في مجالات العمل التخصصي، وهذا الجانب يتطلب مواكبة مستمرة من قبل الجامعة لسوق العمل، وتطوير البرامج الدراسية بصفة مستمرة لتتماشى مع سوق العمل .

وأضاف: نريد أن ننوه إلى أن المقياس الحقيقي للنجاح يتوقف على قدرة الجامعة على إيجاد أعمال لخريجيها تتناسب مع طموحاتهم العملية وقدرتهم على النجاح والمنافسة المستمرة، وفي جامعة أبوظبي تفتخر الجامعة بأن معدل توظيف الخريجين قد تجاوز 94% خلال ستة أشهر من تاريخ التخرج وهذه نسبة ممتازة إذا ما قورنت بكثير من الجامعات العالمية .

وأشار إلى أنه يجب أن تكون مخرجات التعليم متوافقة مع سوق العمل ومواكبة له، والمسؤولية في الأساس تقع على عاتق الجامعة وقدرتها على وضع خطط استراتيجية، ومتابعة المتغيرات في سوق العمل، ثم وضع برامج تضمن تأهيل الطلاب لفرص العمل المختلفة، ويمكن أن يقوم الطلبة بدور في هذا المجال من خلال مشاركتهم المستمرة في استبيانات الآراء وفهم متطلبات العمل ثم اختيار التخصص المناسب الذي يناسب قدرات الطالب، وفي الوقت نفسه يحقق له القدرة والميّزة التنافسية للحصول على عمل يتناسب مع طموحاته .

وأوضح الدكتور نبيل إبراهيم أن هناك خطوات عدة تقوم بها جامعة أبوظبي للتأكد من أن مخرجات التعليم بها تتوافق مع سوق العمل، منها القيام بدراسات مستمرة لسوق العمل من خلال البيانات المتوافرة سواء كانت حكومية أو غير حكومية وذلك لفهم المتغيرات في السوق المحلي والإقليمي والعالمي، وإشراك الشركات والمؤسسات المختلفة في مجالس استشارية على مستوى الكليات المختلفة للاستفادة من آرائهم في وضع برامج تتناسب ومتطلبات السوق، وإثرائها بما هو جديد في المجال العملي، والتواصل مع الخريجين وكذلك جهات العمل لتقييم أداء الخريجين والاستفادة المستمرة من النتائج في تطوير البرامج الدراسية، والمساهمة المستمرة في المؤتمرات المحلية والعالمية للاستدلال على آخر التطورات ومؤشرات أسواق العمل المحلية والعالمية والاستفادة منها في خطة الجامعة لطرح برامج جديدة أو تطوير البرامج الحالية .

وأضاف أن هناك جهات كثيرة تستطيع المساهمة مع الجامعة في دفع عملية التعليم للأمام وإثراء المخرجات التعليمية بما يحقق مواكبتها لمتغيرات سوق العمل ومن بين هذه الجهات وزارات العمل والتخطيط والتنمية الاقتصادية، إضافة إلى وزارة التعليم العالي والبحث العلمي كذلك فإن المؤسسات المختلفة بما فيها الغرف التجارية وقطاعات الإنتاج والخدمات المختلفة بشقيها العام والخاص يمكن أن تقوم بدور مهم لدعم أهداف الجامعة ودفع العملية التعليمة لخدمة متطلبات سوق العمل .

حاجات المجتمع

يقول الدكتور عبدالله أبو لبدة، نائب الرئيس للشؤون الأكاديمية في جامعة العين للعلوم والتكنولوجيا في مجتمع نامٍ ومتطور مثل مجتمع دولة الإمارات نجد أن سوق العمل يعكس الديناميكية النشطة للمتغيرات الديموغرافية والمهنية، بحيث تظل متطلبات سوق العمل في وتيرة تسارع مع مخرجات التعليم، حيث إن الأخيرة تتم صياغتها بناءً على حاجات المجتمع وضروراته، وبالتالي فإن التطابق الكامل بين مخرجات التعليم وسوق العمل ليس موجوداً على أرض الواقع، أما درجة التوافق فإنها تزداد على ضوء توافر الأبحاث ومجالات التطوير في الدولة .

وأضاف أنه يجب على الهيئات التعليمية في الدولة التي تخطط للبرامج التعليمية وتطرحها للمتعلمين، أن تظل في حركة تحديثية وتطويرية نشطة، بحيث ترصد حاجات المتعلمين من خلال آليات جمع المعلومات، سواء كانت استبيانات موجهة لأصحاب الأعمال أو الآباء أو المتعلمين أنفسهم، وكذلك من خلال أخذ آراء المختصين ذوي الاطلاع على آخر المستجدات في معايير المنظمات المهنية العالمية، وكذلك استخدام آليات ضمان جودة البرامج، وبطبيعة الحال فإن للطلبة دوراً مهماً في نجاح المخرجات التعليمية فمشاركتهم ضرورية على مستوى التخطيط والتصميم كما أنها ضرورية على مستوى التطبيق والتقييم .

وأوضح أن الجامعات هي بيت الخبرة حيث توكل إليها مهام التخطيط للمخرجات كما يوكل إليها التطبيق من خلال البرامج التعليمية التي تطرحها للمتعلمين، وبطبيعة الحال فإن الجامعات والمعاهد التعليمية تقوم بعملية تقييم المخرجات وإيجاد مدى التوافق بين المخرجات ومتطلبات سوق العمل على أرض الواقع .

تنمية مستمرة

ويرى الدكتور هاني النجار، أستاذ جامعي، أن مخرجات التعليم في مجتمعنا متوافقة، إلى حد كبير، وسوق العمل، لأن هناك تنمية مستمرة للموارد البشرية كالمعلمين أو المشرفين الأكاديميين، وتطوير وتحديث المناهج وتبني أساليب التقويم المتطورة، وتحديث الهياكل التنظيمية لإحداث التجديد التعليمي المطلوب .

وأضاف أن مخرجات التعليم متوافقة وسوق العمل، نتيجة تحسين نوعية الخدمات المتمثلة في المخرجات، ورفع مستوى الأداء عند العاملين في المؤسسة التعليمية، والعمل على تحسين وتطوير طرق وأساليب العمل، لذا يجب على الطلبة أن يكونوا مزودين بالمعارف والمهارات والكفايات التي تساعدهم على الاندماج بفاعلية في عالم العمل وتحقيق الذات، وأن يكونوا قادرين على التكيف مع ما يستجد من أحداث وتغيرات في عالم العمل .

وأوضح أن الخطوات التي يجب أن تقدمها الجامعات، حتى يكون هناك توافق بين مخرجات التعليم وسوق العمل، هي أن تلعب الدور المنوط بها في إنتاج المعرفة عن طريق البحث العلمي في المجالات ذات الأولوية بالنسبة إلى النمو الاقتصادي والاجتماعي محلياً وعالمياً في المجالات التي تعدّ استراتيجية، وأن يتناول البحث العلمي مجالات تتيح الاستباق وتقوي القدرة على المنافسة، وتشكل إسهاماً في إنماء الثقافة الإنسانية، وعلى جميع مؤسسات الدولة أن تسهم في هذا التوافق .

مهنة أخرى

تقول الكاتبة والإعلامية مريم الملا، لا أعتقد أن مخرجات التعليم في مجتمعنا تتماشى مع سوق العمل والسبب في ذلك عدم وجود دراسة قبل دخول الجامعة أو اختيار متطلبات سوق العمل، وإنما تلعب ميول الطالب والأهل دوراً كبيراً في اختيار التخصص فمثلاً اعتدنا منذ سنوات طويلة أن تكون مهنة الطبيب أو الصيدلي أو المهندس هي الأفضل من دون نقاش فقلائل هم أو هن من يدرسون رغبة منهم ويكاد يعد على أصابع اليد من يبحث في متطلبات سوق العمل، لهذا نجد الخريجين والخريجات بلا عمل بسبب تخصصاتهم غير المطلوبة في سوق العمل أو يضطرون إلى ركن التخصص جانباً والعمل بمهنة أخرى .

وتضيف أنه لابد أن تكون هناك دراسة فعلية قبل البدء بأي شيء، فمجرد أن يحصل الطالب على شهادة الثانوية عليه اللجوء إلى ذوي الخبرات في الجامعة نفسها لأنهم على اطلاع كامل بمتطلبات سوق العمل، وأيضاً عليه الاستماع إلى نصائح من سبقوه في الجامعات (طلاب) من تخرجوا قبله والتحقوا بميدان العمل .

نوعية المناهج

وتعتقد آمال مطيع، معلمة لغة عربية، أن مخرجات التعليم في مجتمعنا متوافقة مع سوق العمل بنسبة غير كافية، ويعود ذلك لأن المنهج وضع بطريقة تمنع الطالب من اكتساب المهارات أو المعارف التي تؤهله للعمل والإنتاج في ما بعد، كما تعيق المعلم عن استخدام مهاراته في تحسين مخرجات الطالب، وأعتقد أن طول المنهج أو المناهج التي تتغير من فترة إلى أخرى السبب الحقيقي لهذه المشكلة، ويمكن أن تكون مخرجات التعليم متوافقة مع سوق العمل عن طريق تحسين البرامج التربوية التي تؤهل الطلبة إلى سوق العمل وحبذا لو كان ذلك في عمر مبكر، ثم إمداد الطلاب بما يحتاجونه من مهارات تؤهلهم لاقتحام سوق العمل بما يتناسب مع ما يحبون .

الكفاءة

يقول أيمن صالح السامرائي، طالب جامعي، ماجستير، إن كنا نعتقد أن مخرجات التعليم متوافقة مع سوق العمل فمن المفترض أننا لا نعاني نقصاً في الكوادر والموظفين في جميع التخصصات على الصعيدين الحكومي والخاص، طبعاً ما أقصده هو من حيث الأداء والكفاءة، وإن كنا نعتقد أنها لا تتوافق مع سوق العمل فمن المفترض أن يكون هناك نقص كبير من حيث الكفاءة والأداء، ومن الصعب أن نقول إن مخرجات التعليم لا تتوافق مع متطلبات سوق العمل فهي تتوافق ولكن ليس بدرجة كبيرة .

وأضاف أنه في البداية يجب أن يكون النظر في التخصص نفسه، فلكل تخصص جانبان عملي ونظري، فمنذ البداية يتعرف الطالب من خلال مخرجات التعليم إلى المهارات التي سوف يدرسها في تخصصه، ويركز على ماهية الجانب العملي في هذا التخصص، فهو لا يستطيع أن يركز على النظري من دون العملي ولا العكس، فهما مرتبطان ارتباطاً وثيقاً، ودور الطالب أن ينمي قدراته ويكيف نفسه ويحاول الجمع والتوفيق بين ما يدرسه نظرياً وما يطبقه عملياً .

وذكر أيمن السامرائي، أن هناك الكثير من الجهات والمؤسسات في المجتمع يمكن أن تسهم في توافق مخرجات التعليم مع سوق العمل، فعلى سبيل المثال وزارة الصحة تقع على عاتقها مسؤولية كبيرة في تدريب الطلبة الذين يدرسون الطب، ففي دراستهم يطبقون في مستشفيات ومراكز طبية، ووزارة الصحة في ذلك الجانب أيضاً عليها مسؤولية كبيرة من خلال الاطلاع على البرنامج الذي وضع للطالب نفسه هل يناسبه في سوق العمل؟ وكيف يمكن تعديل ذلك من خلال الاستعانة بخبراء من وزارتي الصحة والتعليم العالي وغير ذلك .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"