عادي

تاريخ الفتوات في مصر

03:14 صباحا
قراءة دقيقتين

منذ زمن بعيد كان لكل حي في القاهرة فتوة، فهناك فتوة الجمالية، وفتوة الناصرية، وفتوة بولاق، أما الحسينية فكانت حي الفتوات وفي الإسكندرية يسمون الفتوة «أبو أحمد» أو «أبو الأحمدات» وكان لهؤلاء الفتوات قوة وصولة، وكانوا حكومة داخل الحكومة، كان فتوة كل حي يعتبر نفسه مسؤولاً عن حيه وصاحب الكلمة فيه، ولا يرضى إلا أن يعترف له أهل الحي بهذه المكانة بينهم، فإذا أقيم فرح أو نصب مهرجان، أو مشت في الطريق زفة عروس، فلا يمكن أن يكون ذلك إلا بعد استئذانه والإذعان لحمايته، ولابد أن يكون هو المقدم في ذلك، وإلا طارت الكراسي فوق الرؤوس وانقلبت الدكك رأساً على عقب وتحوّل الحفل إلى معركة عنيفة تشج فيها الجباه، وتبقر البطون، ويقع من الضحايا ما لا يحصى عدداً من الأبرياء الذين ساقهم سوء الحظ إلى هذا الحفل.

يوضح سيد صديق عبد الفتاح في كتابه «تاريخ فتوات مصر» أن هؤلاء الفتوات كانت لهم محامد ومكارم لا تجحد، فكانوا يجيرون الضعيف إذا احتمى بهم، وينتصفون للمظلوم إذا التجأ إليهم، وكان الواحد منهم لا يضن بتقديم روحه في سبيل حق هضمه حاكم، أو اغتصبه غاصب، مادام أصحاب الحق قد انتدبوه لذلك، فكان هذا ما جعل لأولئك الفتوات مكانة في المجتمع، وخاصة في عصر كثرت فيه المظالم، وكانت القوة عماد المصالح وقضاء الأمور، ولم تكن هناك علاقة منظمة للحقوق، وفي المهمات الخطيرة والأمور التي تمس مصالح الشعب، كان من الطبيعي أن يتصدر هؤلاء الفتوات للدفاع عن هذه المصالح ليبرروا سطوتهم بين الناس، وقد شاركوا في كثير من المواقف الوطنية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"