عادي

شكوك حول الانسحاب الأمريكي من سوريا

03:15 صباحا
قراءة 3 دقائق

فينيان كانينغهام *

سارعت وسائل إعلام أمريكية، بشكل يبدو غير لائق، إلى استغلال مقتل أربعة أمريكيين في سوريا من أجل تقويض خطة الرئيس دونالد ترامب لسحب قوات بلاده من سوريا.

أفادت تقارير إعلامية بأن الهجوم الدموي الذي استهدف الأمريكيين في مدينة منبج شمال سوريا، نفذه مهاجم انتحاري. وقالت التقارير إن تنظيم «داعش» الإرهابي أعلن مسؤوليته عن الهجوم، ولكن هذا التنظيم كثيراً ما يدعي مسؤوليته عن هجمات يتبين لاحقاً أنه لم تكن له أي صلة بها.

وحسب هذه التقارير الإعلامية، فإن الأمريكيين الذين تعرضوا للهجوم في منبج كانوا يقومون بدورية روتينية في المنطقة. وتنتشر قوة أمريكية هناك بهدف دعم المقاتلين الأكراد في حملتهم ضد «داعش» ومجموعات إرهابية أخرى.

والهجوم كان عبارة عن تفجير في مطعم أسفر عن مقتل جنديين أمريكيين ومسؤولين مدنيين أمريكيين اثنين في وزارة الدفاع ( البنتاغون ). وأسفر الهجوم أيضاً عن إصابة نحو 15 شخصاً آخرين، بينهم ثلاثة عسكريين أمريكيين.

وقالت وسائل إعلام أمريكية إن التفجير أوقع أكبر عدد من الإصابات بين القوات الأمريكية في سوريا منذ أن بدأت عملياتها في هذا البلد قبل نحو أربع سنوات.

وفي أعقاب التفجير، نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» مقالاً رئيسياً على صفحتها الأولى تحت عنوان عريض يقول: «هجوم لداعش في سوريا يقتل 4 أمريكيين، ما يثير قلقاً بشأن سحب القوات» ( الأمريكية من سوريا ). وجاء في مقال الصحيفة أن «هذا الهجوم أثار دعوات وجهها جمهوريون وديمقراطيون إلى الرئيس ترامب لكي يعيد النظر في خططه لسحب القوات من سوريا».

ومن جهتها، نشرت صحيفة «واشنطن بوست» مقالاً رئيسياً تحت عنوان عريض يقول إن «مقتل 4 أمريكيين في سوريا يسلط الأضواء على سياسة ترامب». ونقلت الصحيفة عن سياسيين في واشنطن قولهم إن «سقوط قتلى أمريكيين في تفجير كان نتيجة مباشرة للإعلان المفاجئ والأخرق ( بشأن سحب القوات )».

وفي الواقع، بدا في واشنطن أن سياسيين ووسائل إعلام معارضين لقرار الانسحاب استغلوا مقتل الأمريكيين الأربعة من أجل تسجيل نقاط ضد ترامب. كما أنهم سخروا من إعلان ترامب في بيانه بشأن الانسحاب أن تنظيم «داعش» في شمال سوريا قد هزم.

وبرغم ذلك، جدد ترامب ونائبه مايك بنس التزامهما بسحب القوات الأمريكية من سوريا. كما أن بعض المسؤولين العسكريين تحدثوا إلى وسائل إعلام دفاعاً عن ترامب وقراره.

ومن الواضح أن هناك انقساماً خطيراً في واشنطن حول سياسة ترامب بشأن سوريا. إذ إن الديمقراطيين ووسائل الإعلام المؤيدة لهم يعارضون أي شيء يفعله ترامب. ولكن هناك أيضاً عناصر في الجيش وأجهزة الاستخبارات يعارضون الانسحاب من سوريا باعتباره «استسلاماً لروسيا وإيران» ( في سوريا ). وقد كان هذا أحد أسباب استقالة وزير الدفاع جيمس ماتيس عقب إعلان ترامب عن قراره.

وحيث إن الولايات المتحدة استثمرت جهوداً وأموالاً على مدى سنوات من أجل تغيير النظام في سوريا، فقد كان من المحتم أن يواجه قرار ترامب معارضة في دوائر الجيش والاستخبارات.

وهذا يثير تساؤلات حول ما إذا كان قرار ترامب بالانسحاب من سوريا سوف ينفذ فعلاً. وفي الواقع، عززت تصريحات لوزير الخارجية مايك بومبيو ومستشار الأمن القومي جون بولتون بشأن وجود «شروط» لسحب القوات الأمريكية الشكوك حول تنفيذ قرار الانسحاب. إذ إن بومبيو وبولتون تحدثا عن «ضرورة إنزال هزيمة تامة» بتنظيم «داعش»، وعن ضرورة التصدي للوجود الإيراني في سوريا.

يضاف إلى كل ذلك حملة معادية لترامب وقراره أطلقتها وسائل إعلام أمريكية رئيسية.

وحسب معلقين أمريكيين، فإن قرار إدارة ترامب بالانسحاب من سوريا كان «متسرعاً ومتهوراً».

* صحفي بريطاني يكتب حول الشؤون الدولية - موقع «استراتيجيك كلتشر»

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"