عادي
عرض ل«دبي الأهلي» في أيام الشارقة المسرحية

«خفيف الروح».. معاناة الإنسان بين التشرد والاستقرار

04:11 صباحا
قراءة دقيقتين
الشارقة: محمد ولد محمد سالم
استضافت خشبة معهد الشارقة للفنون المسرحية مساء أمس الأول عرض «خفيف الروح» من تأليف وإخراج جمال مطر لمسرح دبي الأهلي، ومثل فيها كل من جمال السميطي وطلال محمود، وهي إحدى مسرحيات المسابقة الرسمية لأيام الشارقة المسرحية ، ويشكل العرض عودة جديدة لمطر بعد انقطاع طويل عن الخشبة، التي عرفته ممثلاً ومؤلفاً ومخرجاً، ترك بصمة واضحة في تاريخ المسرح الإماراتي، من خلال مسرحيات مثل (جميلة، قبر الولي، غاب القطو، وراعي البوم عبرني، حلم السعادة، عنتر وعبلة، دار الهوى دار، بياض الثلج، قدري غاب عني ورحل)، ولا شك أن عودته بادرة مهمة تحيي ما انقطع في مسيرته الفنية، وتشكل إضافة مستأنفة إلى الأيام وإلى الساحة المسرحية المحلية، كما كانت عودة ناجي الحاي في العام الماضي.
يفتتح العرض بدخول رجل نحيف من الجانب الأيمن من الخشبة، وهو يقود دراجة، ثم يركنها، ويتجه إلى أقصى الجانب الأيسر حيث يوجد كرسي، ويحوم حوله منادياً «اخرج يا مسماري»، عندها يدخل رجل بدين من الجانب الأيسر، ويمسك بصاحب الدراجة من الخلف، ويسأله بحدة: من أنت؟ لتبدأ أحداث المسرحية في التسلسل، فنعرف أن صاحب الدراجة هو ماسح أحذية يبحث عن مسمار ليصلح به النعل الطبي لمدير البنك، والرجل البدين هو حارس ليلي للبنك، والكرسي كرسيه الذي يجلس عليه، وعندما يكتشف الحارس أمر ماسح الأحذية، يتوسل إليه أن يتوسط له عند مدير البنك، لينقل نوبة عمله إلى النهار، فقد سئم من سهر الليل، والمبيت بعيدا عن زوجته وأولاده الذين لا يلتقي بهم، لأنهم يذهبون إلى المدرسة في النهار، عندما يعود لبيته، وهو يشعر بالتعاسة، حيث لا يتمتع بالليل مثل بقية الناس الطبيعيين.
تتبادل الشخصيتان على سرد حياتهما ومعاناتهما، فماسح الأحذية هو أيضا صاحب حكاية، فقد بدأ صيادا واستمر طويلا حتى سئم من تلك المهنة، ثم تركها ليعمل في مقهى يرتاده مثقفون كان يصغي لأحاديثهم، ويتعلم منهم الأفكار، ثم سئم من ذلك العمل والروتين الدائم، لينتقل إلى مسح الأحذية، وقد وجد في تلك المهنة متعة كبيرة لأنها تسمح له بالتنقل الدائم، وتجعله يقابل كل أصناف البشر، وطبقات المجتمع، ويستمع إلى أحاديثهم، حتى إنهم يبوحون له بأسرارهم، وهو يستمتع بذلك ويتعجب كيف أنهم وهم شخصيات تبدو عليها علامات الأهمية والأبهة ينزلون إلى مستواه هو ليحدثوه بمشكلاتهم، وأسرار حياتهم، ويكتشف بذلك تمزق ذواتهم.
ماذا يريد جمال مطر أن يقول لنا من خلال هذا العرض؟ هل القضية هي في المعاناة الاجتماعية والنفسية لذلك الحارس الليلي الذي لا يلتقي بأولاده، ولا يعيش حياة طبيعية مع زوجته، أم هي درس في التنمية البشرية حول ضرورة التغيير، وامتلاك الطموح للارتقاء بالذات إلى مستوى معيشي أفضل، أم هي مقابلة بين حياة التيه والتشرد وبين حياة الروتين والاستقرار؟
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"