تثبيت معدلات الريبو ليس تيسيراً كمياً

02:37 صباحا
قراءة 4 دقائق
برايان تشاباتا *
الإجراء الذي اتخذه بنك نيويورك بالمسارعة إلى إبرام صفقات شراء تستمر حتى العاشر من أكتوبر / تشرين الأول، يمثل استخدام أكبر قدر من القوة النارية لضبط حركة السيولة مرحلياً.
بهذا العنوان المكون من ست كلمات لخص كبير الاقتصاديين في مجموعة «جي بي مورجان»، مايكل فيرولي، رد فعل وول ستريت تجاه الضغوط المستمرة منذ أكثر من أسبوع في أسواق التمويل، وتعليقات رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول حول كيفية تعامله وزملائه في المجلس مع ذلك.
ففي مؤتمره الصحفي الذي عقده بعد قرار البنك المركزي بشأن سعر الفائدة، قال باول: إنه «من المحتمل أننا سوف نحتاج إلى تعزيز النمو العضوي للميزانية العمومية في وقت أبكر مما كنا نعتقد». ومن بين الحلول الأكثر ترجيحاً لكبح جماح معدلات الفائدة على القروض قصيرة الأجل التي خرجت عن السيطرة مؤخراً، تسخير أدوات السوق المفتوحة التقليدية.
ومن الطبيعي أن يفهم البعض عبارة «نمو الميزانية العمومية» على أنها عودة إلى برامج التيسير الكمي - مقياس ما بعد الأزمة لشراء سندات الخزانة أو غيرها من الأوراق المالية لضخ السيولة في النظام المالي. وغالباً ما يجري تداول عبارة «التيسير الكمي الأبدي» في إطار انتقادات تدخل البنوك المركزية ودورها الدائم في دعم الأسواق المالية. وانتهز منتقدو الاحتياطي الفيدرالي كلمات باول لتأكيد أن مثل هذا التيسير الكمي غير المحدود، بات قاب قوسين أو أدنى.
لكن استراتيجيي البنوك الكبرى في وول ستريت حرصوا على تجنب هذا النوع من الحلول على الفور. وقال هؤلاء: إن الفارق الرئيسي في معادلة «النمو العضوي» في الميزانية العمومية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي مقابل استئناف برامج التيسير الكمي، هو أن الأول تفرضه الزيادة في الطلب على قروض البنك المركزي، أي حجم سندات الخزانة التي بين أيدي الناس. فقد ارتفع الطلب على العملة الأمريكية بمقدار 100 مليار دولار سنوياً مؤخراً، و من المرجح أن يتحرك مجلس الاحتياطي الفيدرالي لتعويض هذا الطلب المتزايد بزيادة حجم الأصول، وهذا لا علاقة له بالتيسير الكمي. وهو ما فعله البنك المركزي في معظم السنوات بين 1914 و2007.
ويتوقع الخبراء الاستراتيجيون في مجموعة «بنك أوف أمريكا» أن يكون الاحتياطي الفيدرالي أكثر جرأة. وجاء في معرض تعليقهم على ما يجري أنه من المهم التمييز بين التيسير الكمي وغيره من أدوات ضبط السيولة في الأسواق. ويرى هؤلاء أن البنك المركزي سيحتاج إلى شراء نحو 150 مليار دولار من الأصول سنوياً بسبب الطلب على أوعيته، ولكي يتجنب تكرار ضغوط التمويل الأخيرة وترميم حيازاته من العملات الاحتياطية، وتوفير وسادة مالية كافية. وقد يضطر حسب رأيهم لشراء 250 مليار دولار أخرى.
وهذه ليست واحدة من ألاعيب وول ستريت للتقليل من أهمية استئناف بنك الاحتياطي الفيدرالي زيادة الميزانية العمومية. فقد كان مجلس الاحتياطي الفيدرالي واضحاً على موقعه الشبكي عند الحديث عن حاجته إلى اللجوء إلى أدوات السوق المفتوحة التقليدية لتلبية الطلب على أوعيته.
وقد زاد حجم الأوراق المالية التي يصدرها الاحتياطي الفيدرالي مع مرور الوقت. وفي حالة عدم اتخاذ أي إجراء إضافي من جانب المجلس، فإن تلك الزيادة من شأنها أن تقلل من كمية العملات الاحتياطية التي تحتفظ بها مؤسسات الإيداع، وترفع سعر الفائدة على الأرصدة الفيدرالية فوق الحد المستهدف الذي حددته لجنة الأسواق المفتوحة التابعة للمجلس. وللحيلولة دون الوصول إلى هذه النهاية غير المرغوب فيها، يشارك مجلس الاحتياطي الفيدرالي في عمليات السوق المفتوحة لتعويض الانخفاض في احتياطياته من العملات.
وهذا بالضبط ما حدث مؤخراً عندما ارتفع معدل الفائدة على الأموال النشطة إلى 2.3٪، وهو أعلى من الحد المعلن البالغ 2.25٪، إذ جاء الإجراء الوقائي الذي اتخذه الاحتياطي الفيدرالي، كما كان الحال دائماً، أي اللجوء إلى شراء الأصول طبقاً لما قاله باول.
وقال بيل دودلي رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي السابق في نيويورك: إن مجلس الاحتياطي الفيدرالي قد يركز على إصدارات قصيرة الأجل مثل سندات الخزانة، لتأكيد أن خطته تختلف عن التيسير الكمي لمرحلة ما بعد الأزمة. والإجراء الذي اتخذه بنك نيويورك مؤخرا، حيث سارع إلى إبرام صفقات شراء تستمر حتى العاشر من أكتوبر / تشرين الأول، يمثل استخدام أكبر قدر من القوة النارية لضبط حركة السيولة مرحلياً، بينما يدرس المجلس خيارات السياسة على المدى الأطول بحيث ينقل جزءاً من الشدة إلى الأسواق.
وبصرف النظر عن الافتقار إلى الفوارق الدقيقة بين ما يجري وبين استئناف برنامج التيسير الكمي، فإنه من غير الواضح ما هو الضرر الذي سيحدث إذا لجأ بعض المستثمرين لتحقيق الحد الأدنى من التوازن في عمليات الشراء الروتينية لعروض التيسير الكمي. فربما ترتفع أسعار الأصول عالية المخاطر أكثر مما ينبغي، وربما ترتفع عوائد سندات الخزانة وأسعار الذهب في ظل توقعات تسارع التضخم. لكن أياً من هذه التبعات لن تكون سيئة للغاية.

* (بلومبيرج)

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"