أطفال بلا إنترنت يعني بطالة دائمة

01:54 صباحا
قراءة 3 دقائق

هنريتا فور*

نحن بحاجة إلى التأكد من أن كل طفل لديه فرصة الحصول على أفضل تعليم ممكن. ويشمل ذلك الوصول إلى الإنترنت في المدرسة. إنها خطوة حاسمة في سد الفجوة الرقمية المتزايدة وتوفير مهارات القرن الحادي والعشرين لقوة العمل المستقبلية. في عام 2011، كان ألفيس تشايدرا، البالغ من العمر 12 عاماً، يوفر 100 نيرا نيجيري كل شهر، أو ما يعادل حوالي 75 فلساً إماراتياً، لتسديد ثمن باقات الإنترنت لهاتفه الذكي لأنه أراد أن يعلم نفسه لغة التشفير ولغة جافا وغيرها من لغات العصر الرقمي. ولم يكن يُسمح له باستخدام الإنترنت في المدرسة سوى عدة مرات في الشهر.
لكن ألفيس كان محظوظاً على أية حال. فهناك حوالي 364 مليون شاب تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عاماً في جميع أنحاء العالم، لا تتوفر لهم إمكانية الوصول إلى الإنترنت في المدرسة. إنهم معزولون عن عالم المعلومات الذي يتوفر لنا كأمر مسلم به. وفي الوقت الذي يتعلم فيه أقرانهم في الأماكن الأكثر ثراء، لغات البرمجة ويدرسون كيفية إنشاء تطبيقات باستخدام الذكاء الاصطناعي، يبقى هؤلاء الأطفال متخلفين عن الركب.
والسؤال الملح هنا هو ما الذي يفعله هؤلاء الأطفال عند بلوغهم سن الرشد، في مواجهة بيئة العمل التي يتم فيها دمج المهارات الرقمية في معظم الوظائف وحتى في سبل العيش؟
ويصل 10 ملايين شاب من شباب العالم إلى سن العمل كل شهر. وإذا استمرت الفجوة الرقمية فلن يتعلم هؤلاء الشباب مهارات العمل في المستقبل. وهذا يعني أن طفرة النمو السكاني العالمية سوف تكون مصحوبة بأزمة بطالة في أوساط الشباب.
نحن بحاجة إلى التأكد من أن كل طفل لديه فرصة الحصول على أفضل تعليم ممكن. ويشمل ذلك الوصول إلى الإنترنت في المدرسة. إنها خطوة حاسمة في سد الفجوة الرقمية المتزايدة وتوفير مهارات القرن الحادي والعشرين لقوة العمل المستقبلية.
وينبغي على منظمة صندوق رعاية الطفل التابعة للأمم المتحدة «يونيسيف»، أن ترفع من درجة أهمية هذا الهدف لتخرجه من دائرة الكلام إلى دائرة الفعل. وقد خططت المنظمة عبر برنامجها الذي حمل اسم«بروجيكت كونيكت» لرسم خريطة لجميع المدارس في العالم باستخدام علم البيانات، وصور الأقمار الصناعية والتعلم الآلي. ومن خلال استخدام البيانات في اللحظة، يمكن للحكومات ومزودي خدمات الشبكات تحديد الموقع الجغرافي للمدارس التي لا تستطيع الوصول إلى الإنترنت، بحيث يمكن بعد ذلك استخدام هذه الخرائط مع شركات الخدمة لربط المدارس.
ورصد البرنامج حتى الآن أكثر من 800 ألف مدرسة في 10 دول. خلال هذه العملية تبين وجود 4 ملايين طفل يلتحقون ب 22780 مدرسة في كولومبيا و 12696 مدرسة في البرازيل، دون اتصال بالإنترنت.
باستخدام المعلومات المقدمة من البرنامج، يمكن لليونيسيف العمل مع الشركات والحكومات المحلية لتطوير استراتيجيات الاتصال. في قيرغيزستان، على سبيل المثال، تم استخدام بيانات البرنامج لتحديد ومن ثم ربط حوالي 400 مدرسة بالإنترنت، مع وجود خطط لربط 300 مدرسة أخرى من خلال عقود حكومية مع مشغلي شبكات الهاتف المحمول.
ولكن هذه مجرد بداية، وقد تتطلب بعض المجتمعات البعيدة بشكل خاص، قوة التقنيات الحديثة للحصول على فرصة الربط بالشبكة. وتوفر الأقمار الصناعية ذات المدار الأرضي المنخفض، على سبيل المثال، إمكانية اتصال بالإنترنت بتكلفة منخفضة مقارنة مع تكاليف الارتباط عن طريق الأقمار الصناعية التقليدية. وتعمل شركة «سبيس إكس» على إطلاق 7 آلاف قمر صناعي من هذا النوع. وهناك شركة أخرى اسمها «وان ويب»، تجري اختباراً على ربط ست مدارس في المناطق الريفية، وتخطط لإطلاق كوكبة من 2000 قمر صناعي خاص بها. ويتطلع مزودو خدمات الاتصالات بالأقمار الصناعية مثل «أو 3 بي» إلى ربط مختلف أجزاء العالم التي لا تتوفر فيها خدمات إنترنت، بالشبكة.
والعالم اليوم بصدد استكشاف طرق جديدة للجمع بين الشركاء الماليين العالميين وخبراء التكنولوجيا ومشغلي الشبكات لتوفير الوصول إلى الإنترنت لجميع المدارس بنفس الطريقة بغض النظر عن مكان وجودهم، بهذه الطريقة، يتمتع كل طفل بأفضل فرصة ممكنة لتحقيق أحلامه الرقمية.

* المديرة التنفيذية لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسيف»

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"