طائرات ال «درون».. والذكاء الاصطناعي

01:10 صباحا
قراءة 4 دقائق

د. عبد العظيم محمود حنفي *

مصطلح «الدرونبوت» يجمع بين «درون» وجزء من كلمة «روبوت» وقد أصبحت طائرات الدرونبوت الآن واحدة من الأدوات المتطورة في الحروب الحديثة.

يدخل العالم عصراً يسيطر فيه ما يسمى بالذكاء الاصطناعي «القوي» محاولًا منافسة القدرات المعرفية للإنسان من حيث خلق الفرص وإحداث المخاطر فيما يتعلق بالأمن السياسي والاقتصادي والمالي والفضاء الإلكتروني. وقد بدأت القوى الكبرى العالمية سباقاً مع الزمن بهدف تحقيق الريادة والإمساك بزمام القدرات الناجمة عن استخدامات الذكاء الاصطناعي، التي تعد مؤشراً لحاضر ومستقبل الزعامة الدولية. وقد تزايد حجم الاستثمار الدولي في مجال الذكاء الاصطناعي منذ عام 2010 بنحو 60% سنوياً، مما يجعل من الممكن زيادة حاصل الذكاء الاصطناعي للشركات.

وتشير التقديرات إلى أنه في وقت مبكر من عام 2018، تم رصد أن نسبة 20% من حجم الأعمال التجارية العالمية له علاقة بمجال الذكاء الاصطناعي، وفي عام 2020، ستتحقق 85% من حجم التفاعلات والتعاملات بين الشركات وعملاء الخدمات. ومن الممكن أن يسهم الذكاء الاصطناعي بمبلغ 12.8 تريليون يورو فى الاقتصاد العالمي في عام 2030 (7.4 تريليون بسبب بيع منتجات جديدة و5.4 نتيجة لتحسين مستوى الإنتاجية)، بافتراض زيادة قدرها 14% في الناتج المحلي الإجمالي العالمي. يبدو أن الذكاء ألاصطناعي، باعتباره واحدًا من التطورات المتقدمة خلال السنوات القادمة، يشكل القوة الجيوسياسية للمستقبل، بالتوازي مع التطور الاجتماعي، و قد يفرض تنفيذ تطبيقات الذكاء الاصطناعي في المجتمعات وفى مجال الصناعات تغيرًا ذا طابع تخريبي.

ولما كان ميدان الحروب العالمية تغير كثيراً، كما أن ميدان الحرب نفسه قد توسع وتنوّع كثيراً مما خلق العديد من المشكلات الجديدة. وأضحت بيئة الحرب بحاجة ماسة لوحدات آلية مقاتلة ومختلفة عن السابق، خاصة طائرات الدرون، أي الطائرات بدون طيار. وباعتبارها أدوات ووسائل لجمع المعلومات الاستخباراتية لا يمكن الجدال في فعالية الطائرات من دون طيار وقدراتها العالية في هذا المجال، فرغم وجود الأقمار الصناعية التي يمكنها أيضاً جمع المعلومات الاستخباراتية، إلا أنه ليس بنفس دقة الطائرات، فالأقمار الصناعية لا تستطيع التركيز بعدساتها المصورة سوى على هدف بعينه دون القدرة على تغيير حركتها، وأي مسعى في هذا الاتجاه يتطلب جهداً كبيراً، فيما الطائرة من دون طيار تتميز بالرشاقة والقدرة على التقاط صور دقيقة للأهداف، ما يعني أن الميزة العسكرية للطائرات من دون طيار على نظيرتها التقليدية لا تكمن في دقة الضربات والصواريخ الموجهة التي تطلقها بقدر ما تكمن في عدم تعريض حياة الطيار للخطر، لكن مع ذلك ذاعت الفكرة التي ترى في الطائرات من دون طيار قدراً على إصابة الهدف بدقة عالية، الأمر الذي زاد من جاذبيتها. ودفع للقيام ببحوث واسعة حول طائرات الدرون وسبل استعمالها للتدريب وفي العمليات القتالية وتحديداً في 6 مجالات، هي: القيادة والسيطرة والتحكم والحماية والمناورة والإسناد الجوي. وتركز معاهد البحوث على كيفية تحقيق الاستفادة القصوى من طائرات الدرون في العمليات القتالية.

وأضيف الآن مصطلح «الدرونبوت» هو مصطلح جديد يجمع بين كلمة «درون» وجزء من كلمة «روبوت». وقد أصبحت طائرات الدرونبوت الآن واحدة من الأدوات المتطورة في الحروب الحديثة. ومن أهم الوظائف التي يمكن أن تقوم بها طائرات الدرونبوت هي الرقابة والرصد والاستطلاع في مختلف أوقات اليوم. ومن أجل نجاح تلك الطائرات يتم تزويدها بكاميرات شديدة الفعالية وشديدة الدقة في التصوير حسب آخر ما توصلت له التقنية الرقمية الدقيقة في هذه المجالات. وتطوير التقنية الخاصة بالتحكم في طائرات الدرون، وجار الآن تطوير الجيل التالي من شبكة المعلومات والاتصالات التكتيكية لتلك الطائرات لتصبح طائرات عسكرية نظامية وليصبح بمقدورها لعب دور فعال وجوهري في المعارك الحربية. مما سيمكن الجيوش من رفع قدراتها القتالية.

وفى الوقت الحالي، فإن الدول المتقدمة تكنولوجيًا مثل الولايات المتحدة والصين وروسيا ودول الاتحاد الأوروبي، تواصل عملها من أجل تطوير الأسلحة ذات الاستقلالية الذاتية ومنها طائرات من دون طيار. والجميع يفعلون ذلك ولكن في الخفاء بالتأكيد وأعلن الجيش الأمريكي أنه يقوم بتطوير أول طائرات من دون طيار قادرة على رصد واستهداف العربات والأشخاص، مستخدمةً الذكاء الاصطناعي. وفي حين أن الطائرات المسيّرة العسكرية الحالية لا تزال تخضع لتحكم الأشخاص، سوف تقرر هذه التكنولوجيا الجديدة مَن تقتل من دون تدخل بشري تقريباً. وعندما تكتمل هذه الطائرات، فإنها ستكون بمثابة العسكرة المطلقة للذكاء الاصطناعي. كما أن أولئك الذين يدعمون تطوير طائرات عسكرية بدون طيار، يشيرون أيضاً إلى قدرتها على تجنب الأخطاء البشرية والعواطف، والتحرر من المسؤولية الأخلاقية. ولأن استخدام هذا النوع من الأسلحة يغري بالإفراط في استخدامه، ناهيك عن تساؤلات محرجة عن الاعتبارات القانونية الخاصة به، ومدى انتهاكه لسيادة الدول.علاوة على أن هناك سيناريو خطيراً يتمثل في استخدام هذا النوع من الطائرات لشن هجمات بيولوجية وكيمياوية بواسطة دول مارقة أو منظمات إرهابية.

* كاتب أكاديمي مصري

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

​كاتب مصري - أستاذ للعلوم السياسية والاقتصادية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"