انضمام الإمارات إلى "مؤشرات فوتسي" يحفز أداء أسواق الأسهم

03:00 صباحا
قراءة 4 دقائق

تلعب الآراء المستقلة دوراً حيوياً في الأسواق المالية . فهي توفر حماية من الشائعات، ومن الحقائق المجتزأة والمداورات التي غالباً ما يحاط بها المستثمرون من قبل أشخاص يحاولون إجراء صفقات معهم . وتعتمد هذه الآراء الموضوعية وعدم التحيز لأي من الشركات التجارية، لذلك عادة ما يلجأ إليها المستثمرون من أصحاب الحكمة للحصول على استشارتهم والاستفادة من نصحهم .

وتعد وكالات تصنيف الائتمان، التي تضع تصنيفات محددة للسندات وغيرها من الأدوات الاستثمارية، من أفضل الجهات المعروفة بآرائها وتحليلاتها المستقلة . غير أن سمعة بعض هذه الوكالات تلطخت في العامين الماضيين، وتعرضت للوم شديد وصل إلى تحميلها وزر الأزمة المالية الأخيرة . وفي المقابل، هناك أنواع أخرى من الشركات، مثل مزودي مؤشرات فوتسي ومورغان ستانلي للأسواق الناشئة، تقدم تقييمات مستقلة حول جودة أسواق الأسهم في دول بأكملها . ولم تتعرض سمعة هذه الشركات لأية شكوك كما حصل مع وكالات التصنيف، كما أن جميع المؤسسات والجهات ذات الصلة تهتم بمتابعة البيانات السنوية لهذه الشركات، سواء ضمن الدول المعنية أو من قبل مديري المحافظ في مختلف أنحاء العالم الذين يستخدمون مؤشرات فوتسي ومورغان ستانلي لاتخاذ قرارات بشأن توجيه استثماراتهم .

ومن هنا، يعتبر القرار الذي صدر الشهر الماضي بدخول دولة الإمارات ضمن الأسواق الثانوية الناشئة في إطار سلسلة مؤشرات فوتسي للأسهم العالمية (والذي يبدأ مفعوله بعد عام)، اعترافاً دولياً مهماً بالتقدم الذي أحرزته الدولة في إطار تحسين البنية التنظيمية والتشغيلية لأسواق الأسهم . ولا شك في أن العديد من صناديق الاستثمار العالمية ستكون الآن أكثر استعداداً ورغبة في الاستثمار في دولة الإمارات، ومن المرجح أن تتزايد التدفقات المالية تبعاً لذلك، مع احتمال أن يكون لهذا القرار تأثير إيجابي في التقييم الدقيق للأسهم .

وتتصدر الإمارات دول مجلس التعاون الخليجي على قائمة تصنيفات مؤشرات فوتسي، في حين تم تصنيف البحرين وعمان وقطر كأسواق بينية، وهي فئة أدنى من الأسواق الثانوية الناشئة، بينما لم يتم تصنيف أسواق الكويت والمملكة العربية السعودية . المقارنات الدولية هي أيضا مثيرة للاهتمام، حيث لم تحظ سوى مصر والمغرب بتصنيف مرتفع كتصنيف الإمارات، ولم تسجل أي دولة عربية تصنيفاً أعلى . وقد خفضت مجموعة مؤشرات فوتسي تصنيف الأرجنتين من فئة الأسواق الثانوية الناشئة إلى الأسواق البينية، في حين أن الصين التي تم تقييمها ضمن الأسواق الثانوية الناشئة لم تتأهل هذه المرة إلى نفس الفئة .

وتوضح القائمة المرجعية الصادرة عن مجموعة فوتسي أسباب نجاح الإمارات في التأهل إلى مرتبة الأسواق الثانوية الناشئة، والخطوات المطلوبة منها لتحقيق المزيد من التقدم والانضمام إلى فئة الأسواق المتقدمة الناشئة، أو المرتبة الأعلى في التصنيف وهي فئة الأسواق المتقدمة .

وقد حققت الإمارات تقدماً ملحوظاً في عدة مجالات، (1) المراقبة الفعالة لأسواق الأسهم من قبل الهيئات التنظيمية، (2) عدم وجود أية قيود على عمليات تحويل رؤوس الأموال، (3) تعزيز البيئة التنافسية بين شركات الوساطة المالية، (4) وجود سيولة كافية لدعم استثمارات عالمية ضخمة وتعزيز الشفافية في عمليات التداول، بما في ذلك توفير معلومات حول السوق وإصدار تقارير حول عمليات التداول في الوقت المناسب .

غير أن هناك عدداً من الميزات الأخرى التي لا تزال تفصل الإمارات عن بلوغ فئات التصنيف العليا . ومن أهم هذه الميزات بحسب مجموعة فوتسي، (1) وجود سوق متطور لمشتقات الأسهم، (2) السماح بإجراء عمليات البيع السريع بالاقتراض، (3) السماح بتنفيذ عمليات التداول المباشر عبر الكاونتر، والتي يتم تنفيذها بين طرفين مباشرة بدلاً من استخدام منصة التداول في البورصة .

ولحسن الحظ، فقد خطت دولة الإمارات خطوات هامة نحو تطبيق هذه المعايير، حيث قامت إحدى أسواق الأسهم الثلاثة في الدولة، وهي بورصة ناسداك دبي بإطلاق سوق للمشتقات المالية في العام الماضي . وقد حققت السوق نمواً سريعاً هذا العام، وهناك إمكانات كبيرة لمزيد من النمو والتوسع، خاصة وأن مشتقات الأسهم توفر آلية للتحوط من تأثير الأسهم الإقليمية، وفي نفس الوقت تعتبر هذه المشتقات بحد ذاتها فرصة للاستثمار . كما تطبق ناسداك دبي نهجاً مسؤولاً بما يتعلق بعمليات البيع السريع بالاقتراض، وبموجب هذا النظام يمكن للمستثمرين بيع أسهم لا يملكونها طالما كانت مغطاة، وهذا يعني أن بإمكانهم إما اقتراض هذه الأسهم أو إجراء ترتيبات أخرى للحصول عليها، كما تعد ناسداك دبي البورصة الوحيدة في دولة الإمارات التي تسمح بإجراء عمليات تداول مباشرة عبر الكاونتر .

إذاً، فقد حققت الإمارات تقدماً كبيراً، وهي بحاجة للحفاظ على هذا الزخم للمضي قدماً . وبطبيعة الحال، ليس هناك دولة أو بورصة تحتاج إلى تلبية متطلبات فوتسي، أو أي من الشركات المماثلة، إذا كانت لا ترغب في ذلك . وفي واقع الأمر، فإن معارضي العولمة يعتقدون بضرورة إبعاد الاستثمارات الأجنبية وليس استقطابها . بيد أن هذا الموقف غير واقعي، كما تبين التجارب الخاصة التي خاضتها دولة الإمارات، بل لعلها من أكثر الدول التي استفادت من استثماراتها الكبيرة في الخارج، ومن تدفقات رؤوس الأموال الضخمة إليها، والتي ساعدت على خلق اقتصاد منتج مدعوم بمعارف ومهارات متميزة من كل أنحاء العالم . ولا شك في أن الإمارات ستحقق المزيد من الفائدة مع مواصلتها لمسيرة تعزيز آليات النفاذ إلى أسواق الأسهم وتحسين كفاءتها وفعاليتها .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"